رحلة المدرسیّة والمدرسة السیّارة فی نهج الهدی نسخه متنی
لطفا منتظر باشید ...
أما الجهة الأولى: فإنها ترجع إلى قطع النعمة عن المظلوم حسبما تقتضيه الحكم. وقد تبين أن الإله قد جعل نعمه محدودة بالتأثيرات المقدرة في هذا العالم وأن تحديد النعم وقطعها ليس من الشر في شئ ولا يعده شرا إلا من تلاعب بشعوره كفران النعمة وفساد الأخلاق والمبادئ الأهوائية.من ذا الذب يوجب على الإله إدامة نعمه والمحاماة عن دوامها. أي مبدأ معقول وأي أدب مستقيم وأي شعور حر يوجب ذلك؟الإله العالم هو واهب النعم ابتداء وتفضلا وهو محددها فلا شر في تحديدها سواء كان ذلك التحديد لحكمة معلومة من معلوماتنا القليلة أو مجهولة من مجهولاتنا الكثيرة الكبيرة أم قلنا بجهلنا وغرورنا إن تحديد النعمة لا لمحض أن لا يتمرد المتمرد بهواه مع وضوح الحجة له وتتابع المواعظ والارشاد والزواجر عليه.أفلا يكفي المتمرد ما يتضح له في بديهيات إدراكه وفطريات وجدانه من حسن اختياره للصلاح والأعمال الصالحة وما في ذلك من الفوائد العظيمة وما يتضح له من قبح اختياره للأعمال الردية وضرر نتائجها السيئة مع زاجر العقل والأنبياء والكتب الإلهية والوعاظ وتهديد الشريعة بتأديبها فهل بعد قيام الحجة بهذه الأمور يبقى للتمرد أهلية لشئ من العناية. فكيف يتحكم إذن إبيقورس وأتباعه على الإله بأن يعتني بهذا المتمرد الخسيس ويحابيه بإلجاء الانسان وسلب اختياره وحرية قدرته وإرادته بحيث يسد على الصالح بل على المتمرد أيضا باب النعمة والرحمة واللطف.