رحلة المدرسیّة والمدرسة السیّارة فی نهج الهدی نسخه متنی
لطفا منتظر باشید ...
عمانوئيل: هذا الأمر الذي تصفه والخارق للعادة والذي يعجز عنه البشر بقواهم البشرية المجعولة ليس له لسان ناطق يقول به ويشهد أن المدعي هو رسول من الله أو نبيه. فكيف يكون حجة وشاهدا على النبوة والرسالة ودليلا قطعيا على ذلك؟الشيخ: إذا كان مدعي النبوة والرسالة على، ما ذكرناه من السلامة من الموانع عن صدق دعوته وكان على ما وصفناه من ظهور الصلاح وكل ما يقتضي الوثوق بقوله والاقبال على دعواه بالوثوق والاقبال المبنيين على الظاهر فإنه عند ظهور كرامته بظهور المعجز على يده يحصل العلم اليقين بصدقه للنفوس السليمة الجارية على مرتكزات الفطرة ودلائل العقل القيمة فتطمئن النفوس الحرة ويثبت اليقين بصدق دعوته وعصمته.فإن دلائل الفطرة والعقل ترشدهم إلى أن إظهار المعجز على يده إنما هو لأجل كرامته على الله والعناية الخاصة من الله به من حيث سلامة ضميره وموافقة باطنه لظاهره في الصدق والصلاح. وإنه لو كان فاسد الباطن يكذب على الله بدعوى النبوة والرسالة ويريد أن يخدع الناس بهذه الدعوة الكبيرة لكان من أشد المزورين الذين يظهرون الصلاح والصدق ويضمرون الغدر والافتراء ولو كان على هذه الحال لما أظهر الله عنايته الخاصة به وأظهر المعجز على يده فإن إظهار المعجز على يده يكون من أقبح أنواع الاغراء بالجهل وإلقاء العباد الطالبين للرشد بهلكة الضلال ومن أقبح الاشتراك مع المدلس في تدليسه وذلك ممتنع ومستحيل على جلال الله القدوس.وتتأكد جهة الامتناع والاستحالة في ذلك بأن الذين نعرفهم من الأنبياء والرسل قد احتجوا بأن معجزاتهم إنما هي من الله عناية بهم وتصديقا لدعواهم ودعوتهم ودلالة على استقامتهم في هداهم إذن فكيف يشاركهم الله القدوس على عمل الضلال والتدليس لو كانوا كاذبين.فهذا هو الوجه في شهادة المعجز على صدق النبي والرسول في دعواه ودعوته وعلى استقامته في هداه وعصمته.