البعد الفكري والفني لوجهة النظر - وجهة النظر فی روایات الأصوات العربیة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

وجهة النظر فی روایات الأصوات العربیة - نسخه متنی

محمد نجیب التلاوی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

البعد الفكري والفني لوجهة النظر

كيف تعرض الرواية وجهة النظر؟ كان هذا السؤال هو المفجر لـ (وجهة النظر) بعد أن مل الروائيون والنقاد من الطرق التقليدية المحدودة التي تعرض بها الرواية والتي يقدم بها السرد الروائي، والتي لم تزد عن الـ (أنا) أو (هو) فإما أن تعرض الرواية بالأنا المتكلم أو بضمير الغائب، وفي كل نجد السارد أو الراوي عليماً بكل شيء عن الأحداث وشخوصها ويوحي لنا بمعرفة ما يعرضه وما لم يعرضه علينا.

وتلك القبضة الحديدية للراوي /الكاتب فجرت التفكير- في وقت باكر- من أجل وسائل عرض مغايرة تقلص دور الراوي/ الكاتب العارف بكل شيء. وقد قدم (أرسطو رأيه ثم تبعه بعد وقت طويل (فلوبير).. ثم توج (هنري جيمس) الرغبة في إطلاقه لمصطلح (وجهة النظر) الذي شاع وانتشر وحقق هدفه المنشود مع تطور السرد الروائي منذ مطلع هذا القرن في أوربا.

لكن اختفاء الراوي/ الكاتب السلطوي، وإحلال الأصوات مكانه قد فجر بدوره التساؤل الثاني وهو: مَنْ صاحب وجهة النظر مع الوضعية الجديدة للراوي أو الرواة؟

لقد كان تحديد (وجهة النظر) مع الرواية التقليدية أمراً سهلاً وميسوراً وذلك لعدم وجود مسافة بين الوجه والقناع وإنما كان هناك الالتباس التام بين المؤلف والراوي، ولا سيما أن الروائي نفسه يظهر في (الأنا) أو يستتر في (هو) وفي الحالتين كان الروائي العارف بكل شيء هو الصاحب الشرعي الأوحد لوجهة النظر الروائية.

أما بعد تطور السرد الروائي والقول بالخطاب الروائي.. وبعد أن تفجرت نتائج وجهة النظر واختفى الكاتب/ الراوي العارف بكل شيء، فإن الأمر جد مختلف لأن الروائي تنازل بطواعية عن دور العارف بكل شيء، وقدر لشخوصه حجم الحرية المتنامية داخل الرواية والتي تسمح عندئذ بالرأي والرأي الآخر، ومن ثم لم يعد يسعى الروائي إلى نظرة أحادية أو إلى موقف بعينه تجاه قضية تحلقت حولها شخصيات وساهمت في صنعها أصوات، لم يعد هناك البطل الأوحد المسيطر على الأحداث، لأن مفهوم البطولة الفردية قد ذاب تحت وطأة الجمعية ومع اختفاء الراوي العارف بكل شيء.

وإزاء هذه النقلة الفنية النوعية كنتيجة لـ (وجهة النظر) المطورة للبناء الفني للرواية أصبحنا نعيد طرح السؤال بالتفصيل: مَنْ صاحب وجهة النظر…؟ هل هو المؤلف؟ أم هو الراوي؟ أم هي الشخصيات والأصوات داخل الرواية.

إننا الآن نستبعد اختصار وجهة النظر كلها لنلقيها للمؤلف، لأن الرواية منذ نداءات (فلوبير) ثم (هنري جيمس) ابتعدت بالفعل الروائي عن المؤلف لتخليص الرواية من التوجيهات الأخلاقية المباشرة والتي كانت قد وصلت حد الوعظ المباشر، ولأن إرجاع الخصائص الدلالية جميعها إلى المؤلف الذي تخترق وجهة نظره كل وسائل التعبير لم يعد مقبولاً، إنني لا أنكر حجم تواجد المؤلف مع تطور السرد الروائي ولكني أقول بأنه لم يعد وحده هو المهيمن على وجهة النظر، تماماً كما أنه لم يعد صاحب السرد الأوحد، ولم يعد هو فقط العارف بكل شيء… لأن هذه الأمور السلطوية كلها للمؤلف قد ذابت بفعل التوزيع الأوركسترالى للوسائل الفنية في بناء السرد الروائي، وتأتي الدراسات الأسلوبية الحديثة لتعضد هذا الرأي حيث لا تعتمد الدراسات الأسلوبية لغة المؤلف كبؤرة أحادية في النص الروائي.

وعندما نسأل أيهما أسبق نص الكتابة أم كتابة النص؟ في الرواية التقليدية الأسبقية للروائي نفسه، وهو أمر يعلي من شان الروائي، إذ كان النص الروائي الناجح وقتئذ هو المالك لذاته العارف بوجهة نظره الفكرية قبل التكوين النصي، لأن هذا كان بدافع ارتباط طبيعي بين ذات المؤلف وواقعه عبر فكر محض أو موقف فلسفي، ولكن وجهة النظر بعد التكوين الفني تصبح مرتبطة براوي النص وهو ارتباط لم يزد عن بعد فردي، وكان الروائي نفسه هو المحقق لخصوصية وجهة النظر في البناء التقليدي.

/ 102