وهو يمثل شاهد عيان للمشاهد الخارجية وهو راو يعزز الترهين السردي لأنه يرى ويتكلم بل ويعلق ويستعين على روايته بالتوثيق التاريخي باليوم والشهر والسنة. فهو يبدأ الرواية بتسجيل مشاهداته "في أحوال القاهرة في القرن السادس عشر 922هـ/1517 ميلادية" ويصف مظاهر التغيير في القاهرة لأنه كان بها قبل عشر سنوات ولاحظ (الخوف الذي يعتصر الناس/ وجود حرب/ تولي الزيني بركات لحسبة القاهرة). ثم يعاود الرحالة الإيطالي ظهوره في السرادق الرابع ليعرفنا بحركية التاريخ وليوثق الأحداث بمرجعية تاريخية تتوازى مع المرجعية التخيلية فينقل عن ابن إياس وصفه لخروج السلطان لملاقاة العثمانيين. ثم يظهر الرحالة الإيطالي خارج السرادقات في مقتطفه الأخير من مذكراته فيعلن هزيمة السلطان ويعلن أن (خاير بك) أعاد تعيين الزيني بركات محتسباً للقاهرة فأعلن الزيني بركات عن عملة التداول الجديدة وهي العملة العثمانية لتحل محل العملة المملوكية. إذن فالرحالة الإيطالي هو راو يحمل سمت المرجعية التاريخية التوثيقية وليعلن عن دور محدود له إذ أن حكيه كان خارج السرادقات التي سنجد فيها مستويين آخرين للرواية الداخلية… وقد تنازل الرحالة الإيطالي عن السمت الشفوي وغلب التحريري الموثق في روايته على الرغم من كونه شاهد عيان يستدعي الأحداث بفعل التذكر مما أعطاه مساحة في حرية الاستدعاء إلا أن هذه الحرية تكبلت بتغلبيه للمرجعية التاريخية فدار في فلك العقلي والتعليلي.