نسبة ظهور الأصوات في الرواية وحجم تواجدها - وجهة النظر فی روایات الأصوات العربیة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

وجهة النظر فی روایات الأصوات العربیة - نسخه متنی

محمد نجیب التلاوی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

نسبة ظهور الأصوات في الرواية وحجم تواجدها

ومن الملاحظ هنا أن الأصوات لم تمتد امتداداً كاملاً مثل (ميرامار/ الرجل الذي فقد ظله..) وإنما كان ظهورها مرحلياً، وهو بناء يختلف -نسبياً- عن الخطوط الممتدة من البداية إلى النهاية، وهذا يعني أن الروائي عني بالأحداث الروائية بالدرجة الأولى، جاءت الأصوات لإجلائها، بينما في (ميرمار) -مثلاً- كانت الأصوات بامتدادها الكامل أساسية ومن خلالها نستشف الأحداث، مما يجعل الأحداث الروائية ثانية بعد الأصوات على عكس هذه الرواية.

وعلى الرغم من الأدوار القصيرة للأصوات إلا أنها أظهرت وجهات النظر المأمولة والمنتظرة من الأصوات لأنها أصوات حفلت بالأساسين (القوة واللاتجانس).

وفي هذه المجموعة من الروايات التي اختفى فيها الراوي نلاحظ تشابهاً بنائياً يسمح للأصوات باحتلال الأهمية الأولى عبر استقلاليتها وحريتها وامتدادها الرأسي غير المنقطع (نستثني أصوات) وتنطلق الأصوات من نقطة واحدة لتنتهي عند نقطة، بعينها في مكان واحد وزمن قصير موحد مما ساعد على الترهين وفاعلية الحوارات التي ولدت وجهات النظر.

والأمر الآخر أن هذه الروايات حفلت بأصوات قوية ناضجة وذات توجهات فكرية وانتماءات فكرية وانتماءات ثقافية وطبقية (نستثني السنيورة) مما ساعد على إبراز وجهات النظر وتوحدت هذه الروايات في تثبيت فكرة مركزية تسمح للأصوات بالتحلق حولها، وهذه الفكرة هي الرابط بين اللاتجانس الصوتي، وقد تأتي هذه الفكرة مجردة مثل الوصولية في (الرجل الذي فقد ظله) أو تأتي في صورة شخصية دالة مثل (مصري) في (الحرب في بر مصر) و(زهرة) في (ميرمار)، و(السنيورة) في (السينورة)، و(سيمون) في (أصوات).

وتحلق الأصوات حول فكرة بعينها لايعني التكرار في عرض الأحداث، لأن كل صوت يحكي من وجهة نظره الخاصة، ولذلك فالأصوات يسدد بعضها لبعض، ويتمم بعضها لبعض تفاصيل الأحداث فضلاً عن تميز كل حكي بوجهة نظر خاصة تحول دون التكرار الدوري للحكي المتشابه، لأن الأصوات تمثل تعدداً لزوايا النظر المختلفة حول الفكرة الواحدة. ولو كانت الفكرة مستقرة في شخصية -كما رأينا- فالشخصية لاتستقل بصوت.. وإلا أجهضت قدرات الأصوات الأخرى، ولحجمت وجهات النظر حولها.

وهذه هي الصورة البنائية الأولى التي يختفي فيها الراوي وهي صورة نموذجية لما هو متوقع من الهيكل البنائي لرواية الأصوات، لكنها لم تكن الصورة الوحيدة..

واختفاء الراوي هنا مكن للأصوات اقتسامهم لمساحة الامتداد الروائي وكل بتأثيره الخاص.. وتلاحظ مثلاً في رواية (الرجل الذي فقد ظله) أن الشخصية الأولى (مبروكة) ظهرت بنسبة 23.5% لأنها الصوت المؤسس لمحورية (يوسف) حيث فصلت في نشأته وبدايته.. ولأنها مثلت طبقة مهمة في المجتمع آنذاك. أما صوت (سامية) فجاء بنسبة 29.5% لأنه رافق (يوسف) في رحلة تطلعاته وقفزاته وهي الفترة الأهم بينما اكتفى صوت (ناجي) بنسبة 12.5% لأنه يمثل مرحلة وظيفية مكنت ليوسف أما يوسف الصوت فاحتكر ثلث الرواية 35.1% أولاً لأنه محور الأحقاد وآخراً لأنه صوت جاء ليجيب عن استفهامات ويسدد ثغرات تركتها الأصوات قبله حتى أننا لو ضممنا صوت مبروكة إلى يوسف لاتضحت أكثر التفاصيل وهو أمر يهمش صوت (ناجي) إلى حد بعيد.

ويبقى السؤال هل هذه النسب مقصودة على مستوى التركيب المجتمعي؟ لو استثنينا صوت (سامية) لكان لنا الحق في أن نبحث عن جدوى هذا السؤال. لكن مانريده هنا أن نسبة الأصوات جاءت متفاوتة تفاوتاً يناسب -على نحو ما- حجم التفاوت الطبقي داخل المجتمع المصري قبيل الثورة.

وفي رواية (الحرب في بر مصر) تتقارب نسب الظهور للأصوات في مجتمع اشتراكي تتساوى فيه الفئات -ظاهرياً- لذلك جاءت النسب متقاربة (المتعهد 15.7% -العمدة 13.7% -الخفير 16.9% -الضابط 15% -المحقق 16.4%..) أما صوت الصديق فجاء شاذاً (22.3%) لأنه مثل الوجه الآخر لـ (مصري) وهو البعد المحوري للرواية.

وفي رواية (ميرامار) تتقارب النسب أيضاً بين الأصوات التي تحلقت حول مصر (زهرة) ورغبتهم في تقييم الثورة المصرية.. ولم يشذ عن هذه الأصوات إلا صوت (عامر وجدي) الذي ظهر بنسبة مضاعفة ليس لأنه يمثل طبقة كبيرة، ولكن لغاية فنية حيث إن (عامر وجدي) قام مقام الراوي المشارك في هذه الرواية فهو الذي سبق إلى البنسيون وهو الذي قدم رواية (الأصوات) ثم هو آخر من بقي وقام بدور المسكن والمعرف بحركية كل صوت داخل الرواية.. وكان هذا السبب كافياً لأن يتضاعف حجم وجوده داخل الرواية.

أما رواية (أصوات) فطريقة تقديمها في دفقات معنونة (عودة الغائب /دوامات الدراويش/ مذكرات المنسي/ الحصار) قد حددت نسبة ظهور الأصوات ولذلك وجدنا النسبة الكبرى في الظهور قد احتكرها صوت (محمود المنسي) على الرغم من أنه ليس شخصية مشاركة ولامؤثرة في الأصوات الروائية الأساسية، ولكنه احتكر هذه النسبة لسبب فني يذكرنا بنسبة (عامر وجدي) في (ميرامار) حيث قام المنسي بعرض مذكراته عندما رافق الشخصية المحورية (سيمون) فقام بدور الراوي لمساحة تحرك (سيمون) داخل وخارج (الدراويش) فالنسبة الحقيقية ليست له بقدر ماهي لسيمون.

/ 102