ب-الحوار والمنولوج - وجهة النظر فی روایات الأصوات العربیة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

وجهة النظر فی روایات الأصوات العربیة - نسخه متنی

محمد نجیب التلاوی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

ب-الحوار والمنولوج

الحقيقة تتولد بالحوار، والخاصية الحوارية في رواية الأصوات وسيلة أساسية لتقديم الحقيقة، والحقيقة الواقعية بخاصة التي تحتفظ للواقع بقوامه المليء بالتناقضات والتفاوتات الفكرية والطبقية والاقتصادية..، ولم يكن غريباً أن يسمى (سقراط) نفسه بـ (القابلة) لأنه كان يستدرج الناس إلى الحوار والجدل فيولد منهم الحقيقة.

والتكنيك الفني لرواية الأصوات يرى أن الصوت الروائي ليس بطلاً بتعبير الكلاسيين، وإنما هو وجهة نظر تجاه نفسه وواقعه، فهو جزء من كل ينتمي إليه، يتفاعل معه ومن ثم يتحاور معه، فالحوار أساس في الأصوات وبدونه تتيبس وتجمد أو تنغلق على ذاتها الأصوات بطريقة الرومانسيين أو بطريقة تيار الوعي.. لكن الصوت واستخدامه لـ (الأنا) السردية لا يعني الانغلاق على الذات وإنما يعنى الانعتاق ليكتشف الصوت وعيه بذاته ووعيه بالآخرين، والروائي في رواية الأصوات لا يحفل بتصوير تفصيل الممارسات الحياتية للصوت لأنه يركز ويهتم بردود أفعاله، لأن ردود الأفعال تمثل خلاصة لدرجة وعي الصوت بذاته وبالآخر، ومن ثم فنحن النقاد بالتبعية علينا ألا نحفل بالبحث عن ملامح الواقع في حركية الصوت قدر عنايتنا بالبحث عن الدلالة المحركة لرد فعل الصوت تجاه ذاته وتجاه الآخر أو كما قال (ديستوفسكي): "إنني أبحث عن الإنسان داخل الإنسان..".

ووعي الصوت بذاته وبالآخر كاف للانعتاق من دائرة الأنا. وكاف لتفتيق شرنقة المنولوجية للتعبير عن الذات والآخر عبر الحوار. والصوت الروائي كنموذج اجتماعي ليس جديداً، وإنما الجديد هنا هو البحث عن الإنسان داخل الإنسان.. فالصوت هنا حر ودائم الحركة والحوار، وليس مجرد نموذج اجتماعي مقتطع من واقعه لإتمام رؤية أحادية كما نجد في الرواية التقليدية ومع رواية الأصوات "لا يجوز تحويل الإنسان الحي إلى موضوع أبكم، لإدراك غيابي يجري تنفيذه.

ولاكتشاف وعي الصوت بذاته وبالآخر كان لا بد من التغلغل الحواري، لأن ممارسة الصوت للوعي الحواري هو الذي سيكشف عن نفسه وعن رد فعله تجاه الآخر.. ومنهما معاً نستخلص وجهة النظر الجزئية استخلاصاً من صوت متحرك لا من نموذج جامد.

وفي رواية الأصوات تدور الأحداث حول طرائق الكشف عن الشخصية داخل الحياة نفسها وذلك من خلال الطبيعة الحوارية التي سترتفع بدورها فوق تقليدية التناول الروائي الذي كان يعنى بالدرجة الأولى بالتصوير والتجسيد..، ولذلك كان الطابع الحواري الدراماتيكي هو الأنسب لرواية الأصوات للكشف عن أغوارها.. ثم إن تعددية المواقف والرؤى الأيديولوجية المتعادلة النفوذ المختلفة اتجاهاتها ستكون هي المولدة للحوار، لأن وجهة النظر للصوت الروائي لا تتحدد من خلال موقف حواري منغلق.. وإنما تتحدد من خلال انفعال الصوت بالقوى الإدراكية من حوله .. وبالتعامل مع الآخرين.

ومثالنا هنا من رواية (الكهف السحري) لطه وادي، حيث إن شخصية (إبراهيم) كصوت قد وصلت بالتعاقب التراكمي للأحداث السيئة (القبض عليه /دخول السجن/ موت الأم/ فشله في حبه الجامعي/..) إلى درجة من المنولوجية الطاغية التي هيأتها له الأحداث، إلا أن صوت (إبراهيم) لم ينغلق على ذاته وإنما كان يعمل من أجل الآخرين.. ثم بالحوار اقتحمت (كريمة) عالمه وغيرت بالحوار والحب طبيعة التساؤل داخله.. فبدأ يعيد التفكير في نفسه وتوج ذلك بزواجه من محاورته (كريمة).

والحوار في رواية الأصوات ليس مقدمة للحدث وإنما هو الحدث ذاته، ولذلك فالحوار ليس وسيلة لمسرحة الأحداث ولإخفاء الروائي، وإنما أصبح الحوار غاية نستطيع به اكتشاف حجم التباين واللاتجانس بين الأصوات الروائية لأنه يكشف عن مستويات التفكير المختلفة، ويكشف عن جوانب التمايز بين الأصوات الروائية، ثم إن الحوار يعزز الترهين السردي، والترهين السردي هو المغذي لفاعلية الأحداث الروائية - في رواية الأصوات- وحركيتها بدلاً من الانغلاق الاستلابي للمنولوج، ثم إن الحوار يمثل رؤية متجددة تذيب سطوة التوجه القيمي الأحادي.

إذن فرواية الأصوات وما تمتلكه من علاقات حوارية بين الأصوات تمثل جهداً جماعياً تجاه موقف محدد أمكن الاسترشاد به حوارياً بين الأصوات الروائية، وفي ضوء العلاقات الحوارية نقبل من الحداثيين مفهوم (الكلمة المزدوجة الصوت) التي تتولد من خلال ظروف العلاقات الحوارية، وهي رؤية نقدية تمثل (ما بعد علم اللغة).

/ 102