وهو يمارس دور الراوي التقليدي فيقوم بالوصف ويقدم الأصوات ويربط ويعرض.. ويمارس بعض السلطات الدكتاتورية على الأصوات لأنه الراوي العارف بكل شيء هنا فيتمكن من السرادقات الروائية ويحدثنا من زوايا رؤيوية مختلفة (من الخلف/ من الأمام/ الآنية) وهو أمر مكنه من أصواته تمكناً خارجياً وداخلياً حتى أنه نطق بالإنابة عن الأصوات عبر الضمير (هو). وعلى الرغم من هذه الهيمنة إلا أن الراوي ظل حيادياً بين الأصوات الروائية فلم يغلب صوتاً على صوت وإنما احتفظ للأصوات بمرجعيتها التاريخية واستقلاليتها الفنية بقدرة غيرية لم تسع لإذابة الفروق وإنما سعت لإعلاء اللاتجانس بين الأصوات الروائية لأن هذا ارتبط بالصراع الروائي بمستوياته بشكل مباشر ثم حفظ للأصوات وجهات نظرها الجزئية. وكان الراويان قد وثقا روايتهما على المستوى المرجعي والتخيلي بالرسائل والتقارير والنداءات، وهي وسائل توثيقية من ناحية ووسائل تعزز التنازل القصدي للسمت الشفوي وذلك لتجسيد درجة المشابهة المرجعية الممكنة على المستويين الوظيفي والواقعي.