وجهة النظر فی روایات الأصوات العربیة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

وجهة النظر فی روایات الأصوات العربیة - نسخه متنی

محمد نجیب التلاوی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

ومن المفترض بداية أن الروائي مختف تماماً في رواية الأصوات.

إلا أنني في الحقيقة لم أجده مختفياً دائماً وهو ماجعلني أفترض وجود ثلاث حالات لتحديد موقع الروائي:

ـ الاختفاء.

ـ حالة الالتباس.

ـ الظهور المباشر.

في حالة الاختفاء التام يرتفع المستوى الفني لرواية الأصوات بصفة عامة لأن هذا معناه ـ بداية ـ أن الروائي يمتلك القدرة الغيرية التي مكنته من تجاوز ذاته لاستعراض الآخر (الأصوات). واختفاء الروائي هو الهدف المعلن لوجهة النظر منذ مطلع هذا القرن للمنظرين أملاً في تجاوز الكثير من البناءات التقليدية.. وكانت أبرز ميزة لرواية الأصوات أن تأتي الأصوات على الروائي فلا تظهره، وتعنى الرواية بظهور الأصوات بحجمها الطبيعي فعندما يختفي الروائي يفسح مجال الظهور والاستقلال للأصوات وهو الوضع الطبيعي لرواية الأصوات.

وقد جاءت أكثر روايات الأصوات المتميزة لا تعلن عن مكان مؤلفها لأن الروائي احتفظ بمساحة كبيرة بين الوجه والقناع وهذا مانجده في رواية فتحي غانم (الرجل الذي فقد ظله). حيث قدم أربع شخصيات لتحدثنا كل شخصية عن ذاتها إزاء أحداث بعينها… واختفى الروائي بحيدة فنية جيدة زادت من نجاح رواية الأصوات هنا. ونجد هذا الاختفاء أيضاً في رواية (ميرامار) ورواية (أصوات) ورواية (الحرب في بر مصر) حتى أن بعض الأصوات تردد (….. لأنه ليس لنا مؤلف يقدمنا…).

أما عن اختفاء الروائي في (ميرامار) فجاء اختفاء غير تام إذ منح (نجيب محفوظ) أحد الأصوات الروائية وهو (عامر وجدي) بعض مهام المؤلف والراوي المشارك واعتمد عليه اعتماداً أساسياً في تقديم الأصوات الروائية ومحاورتها، ولا نستطيع أن نقول إننا هنا أمام حالة التباس لأن مسافة كبيرة تفصلنا بين (عامر وجدي) و(نجيب محفوظ).

أما حالة الالتباس بين المؤلف والراوي في موقع وسط بين الظهور المباشر والاختفاء التام وفيها يتولى المؤلف مع الراوي الإمساك بزمام السرد والقبض عليه قبضة قد تصل حد خنق الأصوات وتقديمها من خلاله وتحت رقابته فلا يعطي للصوت حرية، وإنما يتولى هو وصف الصوت وتقديمه وقلما يعطيه فرصة الظهور اللهم إلا في الحوارات الخارجية. وينطبق هذا الالتباس بهذه الكيفية على رواية (المسافات) (لإبراهيم عبد المجيد) كمؤلف لم يكتف بالتنظيم، ولم يكتف بتحويل الأصوات إلى شكول متبانية تسعى لإعلان وجهة نظره وإنما وجدناه يبالغ فلا يتحدث الصوت عن نفسه وإنما من خلال (التباس)، وإذا حاكمنا حالة الظهور هنا محاكمة ماينبغي أن تكون عليه رواية الأصوات لقلنا أن تكنيك الأصوات هناجاء ضعيفاً، أولاً لأن الأصوات لم تمتلك حرية التعبير عن نفسها بقدر من الاستقلال بعيداً عن المؤلف، وثانياً أنه انتقى أصوات لا تنبئ عن شخصية قوية أو مستقلة وإنما هي شخصيات ضعيفة وانهزامية وغارقة في الجهل والأساطير، ولعل هذا مايسر على المؤلف تقديم روايته ليعلن بها وجهة نظر كلية طاغية في غيبة وجهات النظر الجزئية. ومن ثم نستطيع القول بأن مؤلف هذه الرواية لم يحتفظ من تكنيك رواية الأصوات إلا بالشكل فقط (أصوات….)، أما التنفيذ فاتجه به نحو رواية تقليدية، وتسبب ظهور المؤلف ملتبساً بروايته في هذا الضعف لتنفيذ تكنيك رواية الأصوات وقبضته الشديدة جعلتنا على سطح الأحداث ولما نتعمق داخلها لأن المؤلف لم يعط الصوت فرصة التعبير الكامل عن نفسه حتى يطلعنا على داخله…

وجاءت رواية (الكهف السحري) لطه وادي صورة أخرى لظهور المؤلف ملتبساً مع روايته وقد بدأ بالفصل الصفر ثم تابع أصواته… وإن كانت هذه الرواية قد تقدمت خطوة عن رواية (المسافات) لأن الروائي لم يحكم قبضته على الأصوات وإنما خلى بيننا وبين الأصوات الأمر الذي أتاح لنا أن نعرف داخل الشخصية وخارجها وهو أمر لم يتحقق في رواية (المسافات) إذن فقبضة الروائي هنا لم تكن حديدية… وإنما قام المؤلف بدور (التهميش الدلالي) وترك للأصوات حرية تامة للتعبير.. وعلى الرغم من هذه الحرية إلا أنها لم تستطع أن تخفي الروائي في روايته وفي مواقفه الرومانسية العاشقة التي وصلت حد الهيام والتصوف.

وتأتي رواية (تحريك القلب) لعبده جبير صورة أخرى لحالة الالتباس بين المؤلف والراوي بهندسة بناء الأصوات، وإذا كان المؤلف هنا قد منح أصواته حرية تامة فإنه احتفظ لنفسه بالقوة الدافعة للأحداث، والتي تتمثل في تقطيعه للامتداد الرأسي لأصواته ليتدخل بقطاع عرضي واصف لإرهاصات سقوط البيت ليزيد من الوقع النفسي لقرب السقوط ثم يعود ليختفي ويترك أصواته تتحدث عن مخاوفها وآمالها كلما اقترب البيت من السقوط. وظهور المؤلف لتنسيق الهندسة البنائية للأصوات كان ظهوراً موفقاً وله فاعلية بنائية… واحتفظ بالتطور الوئيد والمخيف لنفسه، وترك للأصوات رصد مشاعرها وأحاسيسها الداخلية وخططها الخارجية لمواجهة السقوط ومابعد السقوط للبيت.

/ 102