وجهة النظر فی روایات الأصوات العربیة نسخه متنی
لطفا منتظر باشید ...
وإذا كنا قد لاحظنا تنوع موقع الروائي في رواية الأصوات فوجدنا الروائي الذي يحرص على الاختفاء التام والآخر الذي يحرص على الظهور والثالث الذي يحدث الالتباس بالراوي بمالا يسمح بمسافة بين الوجه والقناع، وهذا معناه أن رواية الأصوات لا تقتصر على مكان واحد للمؤلف، وأن تنوع موقع الروائي مجرد أوضاع فنية قد تتسبب في وجود مستويات غيرية للأصوات، ولذلك فالمهم هنا هو قدرة الروائي الإبداعية وليس موقع الروائي من روايته بالدرجة الأولى. وإن كان هذا لا يمنع من أن نسجل أنه كلما اختفى الروائي كلما كان ذلك أفضل له ولروايته… وإذا ظهر فغالباً ما تأتي رواية الأصوات محملة بكثير من الهنات الفنية كما لاحظنا ذلك في رواية (يحدث في مصر الآن). أما حالة الالتباس التي تقضي على المسافة بين الوجه (المؤلف) والقناع(الراوي) فقد لاحظنا أيضاً أن الالتباس بين الروائي وبين أحد أصواته الروائية غير موجود في نماذج الأصوات التي تطبق عليها وقلنا بأن ذلك لو وجد فإنه سيؤثر تأثيراً سلبياً على رواية الأصوات لأنه سيخلق أصواتاً ثانوية وأخرى أساسية مما سيؤثر على كفاءة الأصوات بوجهات نظرها من ناحية ومن ناحية أخرى فإن الرواية عندئذٍ ستتجه إلى توحد الرؤية مما سيغيب بالتبعية اللاتجانس الذي ينبغي تواجده في رواية الأصوات. ومن هذا العرض نفهم أن اختفاء الروائي من روايته سيرفع من القدرات الفنية لرواية الأصوات. وهذا الاختفاء صعب المراس إلا على الروائي المتمكن والذي قد لا يعنينا موقعه قدر ماتعنينا قدراته الإبداعية في إحياء اللاتجانس وتأكيد (غيرية الصوت الروائي). وحجم اختفاء الروائي لا يعني تجاهله والتسليم الكامل بلعبته الشكلية التنفيذية. لأن الروائي هو مانح الرواية بشكلها ومضمونها وأصواتها.. وكان من المهم أن نبدأ من الروائي وألا نتجاهله ككثير من المنظرين للراوي وللسرد الروائي، لأن روائي الأصوات يتمتع بقدرة غيرية تمكنه من تجاوز ذاته وإخفائها من أجل إظهار أصواته، ثم هو الذي يختار القضية بأصواتها اللامتجانسة… وهو المنظم لظهور الأصوات وهو المحدد لمكانه ومكان الراوي.. وكان من الطبيعي أن نتحقق من هذه الإمكانات كلها التي يتمتع بها روائيو الأصوات، ولنكشف عن الفروق الكائنة بينهم وبين روائيي الروايات الأخرى.