وجهة النظر فی روایات الأصوات العربیة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

وجهة النظر فی روایات الأصوات العربیة - نسخه متنی

محمد نجیب التلاوی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

وكما تولى (عامر وجدي) دور الفصل الصفر الخاص بمهام الراوي قام أيضاً بدور الراوي لما أتاح له الروائي فرصة الظهور الثانية في نهاية الرواية فقام (عامر وجدي) بتقديم (لحظة التنوير) ـ بالمفهوم التقليدي ـ حيث حدد لنا ما آلت إليه كل شخصية من شخصيات البنسيون (انتحر سرحان البحيري/ وزهرة قررت الذهاب بعيداً عن البنسيون وعن القرية/ وحسني علام اشترى الملهي الليلي/ وطلبه مرزوق يتأهب لمغادرة مصر…).

وإذا كان (عامر وجدي) قد قام بدور الراوي في بداية الرواية ونهايتها فإنه أيضاً قام بدور الراوي وسط أحداث الرواية عندما قام بحواراته المجدية مع الأصوات بدور فني يتمثل في إبراز التعليلات المركبة

Over Jusifications للعالم المأهول داخل البنسيون وخارج البنسيون وأصبح راوياً بدرجة مراقب فعال ومشارك ـ حسب تقسيمات المنظرين ـ .

ثم كان (عامر وجدي) صوتاً روائياً يعبر عن مصري معتدل المزاج أكسبه كبر السن وقاراً ورزانة فهو دائم الدعاء لزهرة (رمز مصر) وكان يردد لها دائماً: "يحفظك الله يازهرة"… وقد توج رزانته ببعد إيماني حيث أكثر من تلاوة القرآن وكأنه يستعد للموت بقناعة وبدون خوف.

ويعد (عامر وجدي) راوياً على طريقة (رواية الأصوات) حيث أصبح الراوي متلبساً في أحد الأصوات الروائية لأداء المهمة. وهو وضع جديد نسبياً فرضته طبيعة رواية الأصوات يشبه وضعية (الراوي المشارك) لكنها مشاركة صوت لأصوات لها استقلاليتها…

وفي رواية (تحريك القلب)، يقدم لنا (عبده جبير) نموذجاً آخر للراوي المستقل بعيداً عن الأصوات، وأصبحت مهمته القيام بالدفع الرأسي لتطور أحداث وإرهاصات السقوط للبيت، ولم يقدم ذلك مرة واحدة، وإنما قدم الراوي المتلبس مع الروائي هذه المهمة الرأسية عبر فترات ومع كل فترة يتركنا مع الأصوات ليسجل كل صوت رد فعله إزاء هذه الإرهاصات، ولما كثرت مظاهر السقوط استحالت الأصوات إلى آذان مصغية وأوتار مشدودة فالأم مع أول صوت يخترق سكون الليل تفر هاربة من البيت، ولما خرجت اكتشفت أن القطة تعبث بالمخلفات.

وكان من الطبيعي مع شكل ومكان الراوي ألا تستقل الأصوات بخطوط طولية ممتدة كأكثر روايات الأصوات، وإنما ظهرت الأصوات بخطوط متقطعة مع فترات ظهور الراوي الواصف لمراحل إرهاصات السقوط… وكلما اقترب السقوط كلما كثر الرعب والقلق وكلما حرص الراوي على قصار الجمل المساعدة على التوتر والسرعة يقول: (لقد مضى النهار.. وتقادم الليل… وانطفأت أضواء الحجرات.. واختفت الأصوات. ثم عاد الضوء الخفيف مرةأخرى.. وانفتحت النوافذ.."

ويبدو أن الراوي نفسه قد عايش وطأة السقوط فعبر عن سرعة تلاحق الأحداث بأن جمع شخوصه وأصواته في شبه وهم حواري قصير.. وكأنه كناية عن إحساس ضاغط بالزمن.. وكأن هذه الحوارات هي اللحن الجنائزي الذي يرثي حالهم إبان السقوط وبداية الضياع.

وكانت المشاهد الأفقية التي اعترضت الأصوات والتي عبر فيها الراوي عن إرهاصات السقوط وتطوراته تمثل وظيفة إدراكية محفزة، بينما احتفظت الأصوات بردود أفعالها بوظيفة انفعالية أشعلها الراوي بالتبادلات السردية بينه وبين الأصوات فتناوبت الوظائف الظهور(إدراكية/ انفعالية/ إدراكية/ انفعالية…). حتى كان السقوط. وقد حرص الروائي في وظيفته الإدراكية على التطور المرحلي الراصد لإرهاصات السقوط.

والراوي هنا حفظ للأصوات استقلالها النسبي ولم يسقط من ذاته على الأصوات، ولم يتدخل في تقديم الأصوات حتى في الفصل الصفر ترك (الأم) أحد الأصوات تقدم أبناءها (الأصوات)، قالت الأم: "لم يعد سواي في الردهة.. خرجت سالي إلى مكتب المدير لتفض الخطابات. تدق على الآلة الكاتبة. إنها في أسبوعها والدماء توجعها. خرج وضاح يحمل كل مادرس من التاريخ إلى الجبال المترعة بالجفاف. خرج صيام ليفتح الدكان لأبيه… خرجت سمراء إلى البوتيك….

إننا إذن أمام راوٍ مختلف عن صورة الراوي الشعبي، ومختلف عن الراوي التقليدي الممسك بخيوط الحكي.. إننا أمام الراوي الحيادي الذي يمارس مهمة دفع الحدث دونما تدخل في أمر الأصوات فاحتفظ لنفسه بقدرة غيرية تناسب رواية الأصوات وتحفظ للأصوات عدم تجانسها وهذا هو النموذج الثاني لشكل الراوي المناسب لرواية الأصوات والذي كان ظهوره محدوداً وحياديته مطلقة مما مكن الأصوات من استقلاليتها لأن الراوي لم يمارس فاعلية الموجه لوجهة النظر وإنما احتفظ بوجهات النظر للأصوات بحجمها الطبيعي وهو أشبه بالراوي من الخارج واكتفى بمهمة دفع الحدث الروائي تاركاً ردود الأفعال للأصوات دونما تدخل منه.

وفي رواية (الزيني بركات) نلتقي بالراوي المتعدد، وهو نموذج فريد في روايات الأصوات حيث يأتي الرواة درجات فيما يشبه الدوائر المتداخلة على هذا النحو:

/ 102