هي معادلة متخيلة لأنها بنت خيال مركب بدأ من الروائي الذي افترض (راوياً) أو سارداً ومنحه صلاحيات.. فلما بدأ الراوي في خطابه وروايته فبالتبعية برز المروي له وهو ناتج خيالي إذن فهذه المعادلة تعد داخلية قياساً بالمعادلة الأولى (الكاتب….) فهي معادلة خارجية. إذن فالكاتب الروائي ليس هو الراوي أو (الصوت/ السارد). والمروي له ليس هو (القارئ) وهذا يعني أن الكاتب لا يتماهى في الرواي ولاسيما في رواية الأصوات التي تعد نوعاً من (المحكي ذي التبئير الداخلي المتعدد Recit afocalisation internc multiple)،لأن الأصوات افتراض داخلي أوجده الكاتب/ الروائي، والأصوات تقوم بالحكي للقضية نفسها أكثر من مرة وكل صوت بمنظوره الخاص. والمروي له على هذا النحو شأن داخلي فهو الذي يتلقى خطاب الراوي أو خطابات الأصوات، وهو يتوازى مع مايسمى بزمن الخطاب وهو زمن الكتابة والنص وهو آني وداخلي ويتمتع بالترهين السردي والمروي له لا يمكن رؤيته عبر (زمن القص) لأنه زمن قبلي خارجي… ولا يمكن تحديده مع (زمن النص) لأنه زمن القراءة وهو بعدي وخارجي ومتعلق بالقارئ الحقيقي لا بالمروي له لأنه زمن تلقي النص، وهو زمن مفتوح، لأن النص يتلقى في أزمنة عديدة ومختلفة (التلقي المفتوح). والاهتمام بـ(المروي له) في النقد لم يحظ بنصيب وافر حتى الآن، إذ أن النقاد والروائيين منذ قال (هنري جيمس) و(وجهة النظر) وقد انصب الاهتمام الإبداعي والتنظير النقدي على الراوي بأوضاعه المختلفة وكانت هذه خطوة نقدية مهمة تجاوز بها النقد نظرته التقليدية التي كانت منصبة على دراسة الرواية من خلال الكاتب نفسه، الأمر الذي لم يساعد على تحليل دقيق للخطاب الروائي… ومنذ الاهتمام بالراوي بدأت العناية بتحليل داخلي للخطاب الروائي. ومنذ السبعينيات بدأ الاهتمام بـ(المروي له) ولاسيما مع (جيرالد برينس)وكان هذا يعني مزيداً من العمق التحليلي داخل الخطاب الروائي وعندما نتوقف هنا للبحث عن (المروي له) في رواية الأصوات العربية في مصر فإننا لا نهدف إلى إثبات وجود (المروي له) أو لكشف طريقة تحديده في الرواية… وإنما بالإضافة إلى هذا نسعى لغاية أخرى وهي الكشف عن أهمية (المروي له) ودوره في بناء رواية الأصوات بخاصة. هناك بعض الأعمال قد حدد شكلها (المروي له) بشكل مباشر ونتذكر على سبيل المثال (ألف ليلة وليلة) فشهريار الملك هو (المروي له) والذي مارس دوره المميز في التشخيص، وكان بقسوته وتهديده لشهرزاد قوة دافعة على الحكي، ثم إن حالته النفسية هي التي فرضت موضوعات بعينها لارتشاف العظات والعبر. وكانت أعمال (طه حسين) القصصية قد حفلت بخطاب مباشر لـ (المروي عليه) وكانت عاهة (طه حسين) سبباً مباشراً في هذا الأمر بالإضافة إلى خصوصية فهمه لحرية الفنان وقد برز ذلك بشكل مكثف في مجموعته (المعذبون في الأرض) ثم في رواية (ماوراء النهر).