وجهة النظر فی روایات الأصوات العربیة نسخه متنی
لطفا منتظر باشید ...
ومعنى ذلك أن (المروي عليه)، يؤدي سلسلة من الوظائف الفنية سنحاول أن نجليها في روايات الأصوات.علماً بأننا لن نعتمد على الضمير في تحديد (المروي له)، لأن الضمائر في السرد الروائي تتبادل مواقعها ـ كما هو معروف ـ فهي في حركية تصعب مهمة اعتمادها كوسيلة للتحديد إذ لا تتصف بالثبات. والأمر في رواية الأصوات سهل ميسور وذلك لاعتماد الاصوات في الحكي على (الأنا) وحديث الأنا في عمقه الروائي هو خطاب (الأنت) حتى لو كان هذا (الأنت) هو المتكلم نفسه كما في (المنولوج) القليل في روايات الأصوات، ومن ثم فلن نجد صعوبة في تحديد (المروي له) مع تعدد الرواة في رواية الأصوات. ولكن الخصوصية البنائية لبعض روايات الأصوات تفرض علينا التوقف مع بعض الروايات ذات البناء الخاص الذي يتنوع فيه مكان الراوي والرواة فيتنوع بتنوع مواقعهم (المروي له). في رواية (الزيني بركات) يمكننا تحديد (المروي له) عندما نستعيد الرواة وهم في ثلاث طبقات متداخلة بشكل دائري. الراوي الأول وهو الرحالة الإيطالي ومذكراته التي يعتمد فيها على شهادة العيان والمرجعية التاريخية يتوجه بها إلى (المروي له) الأوروبي أو المثقف الذي يعنى بالدرس السسسيولوجي والتاريخي. وأما الراوي الثاني فهو الراوي المؤطر للأحداث ويتحد مع الراوي الثالث وهم (الأصوات) في توصيل رسالة إلى الشعب مؤداها أن الوضع الكائن بكل سلبياته هو الذي أوجد الهزيمة والتي كانت متوقعة لمقدماتها الداخلية التي عنيت بها الرواية، والشعب هنا هو الشعب المصري على المستوى المملوكي (المتخيل) وعلى المستوى المعاصر (التأويلي). وفي رواية (ميرامار) نجد (المروي له) بارزاً مع صوت وغير بارز مع صوت آخر إذ أن (المروي له) يتقلص ويندر وجوده مع مسرحة الأحداث والحوادث والحوارات الخارجية، ويزيد حجمه كلما قلت الحوارات الخارجية وزادت الحوارات الداخلية ولذلك نجده بشكل حاد ومهم مع صوت (منصور باهي) بينما يندر وجوده مع (حسني علام) فسطحيته لم تسمح إلا بوجود نادر كلما انطلق بسيارته معبراً عن استهتاره وقال(فركيكو) وهناك شخصيات أخر لم يتوفر معها (المروي له) لأن المؤلف لم يفرد لهم حديثاً مستقلاً كالأصوات الأخرى مثل (زهرة) و(ماريانا) و(طلبة مرزوق). وتلاحظ أن (المروي له) قد أثر في بعض الأصوات ولم يؤثر في أصوات أخرى لعدم وجود مبررات لفاعليته. وفي رواية (يحدث في مصر الآن) يحرص الراوي/ الروائي (متلبساً) على استحضار (المروي له) وجعل من وجوده أكبر دافع للحكي، وقد أثر المروي عليه تأثيراً اضطره إلى التهميش والتوثيق والتعليل والتدخل بالاستطرادات، وهذا كله قد جعل من وجوده (المروي له) مبرراً قوياً لاستكمال الإيهام بواقعية الأحداث التي أعلنها منذ تحديد (الآن) في عنوان روايته . وكان الروائي /الراوي قد صرح في بداية الرواية بوجود دور كبير وفاعل لـ(المروي له) إلا أننا ما إن تقدمنا في الرواية حتى نسي الروائي/ الراوي ماوعد به واستأثر بالحكي مكتفياً بالوجود عبر البعد التخيلي لـ(المروي له). وبصفة عامة فإن تولي الأصوات للحكي بضمير المتكلم أوجد بالتبعية وجوداً فنياً متخيلاً لـ(المروي له) وقد جاء مباشراً في بعض الروايات مثل رواية (الحرب في بر مصر) فكل صوت يشعرنا بوطأة (المروي له) فصديق مصري يتوجه إلى (المروي لهم)، فيقول:"لم أجد من يقدمني لكم، فليس لنا في هذه الرواية مؤلف…" أما المتعهد فيقول: "أعتقد أن العمدة قد حكى لكم حكاية فصلي… ومن يكتب لكم هذا الفصل من الرواية هو مدرس ابتدائي سابق". ونلاحظ في توجه الخطاب إشارة قوية ومباشرة إلى (المروي له).