وجهة النظر فی روایات الأصوات العربیة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

وجهة النظر فی روایات الأصوات العربیة - نسخه متنی

محمد نجیب التلاوی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

ومن الملاحظ في رواية (الحرب في بر مصر) أن (العمدة والمتعهد)، هما أكثر الأصوات توجهاً للمروي له، بل وتودداً إليه في محاولة لاستمالته أو لتبرير موقفهما التلفيقي غير المقنع. بينما نلاحظ أن (الضابط) و(صديق مصري) هما أقل الأصوات توجهاً إلى المروي له لأنهما ليسا في موقف الدفاع وإن كان صوتهما قد تحول إلى السؤال المهم عن أهمية الحرب في بر مصر قبل الحرب مع إسرائيل.

وأكثر الأصوات الروائية في روايات الأصوات تبدأ دائماً بـ(أنا) وتلاحظ هذه في أصوات رواية (ميرامار/ الرجل الذي فقد ظله/ الحرب في بر مصر/ يحدث الآن في مصر/ أصوات/….)، وهذا يستتبع بدوره وجود (المروي له) عبر العمق التخيلي لـ(أنا) في خطابها لـ(أنت وأنتم). ولذلك فتحديد (المروي له) في روايات الأصوات من الأمور البارزة التي لا تحتاج إلى إثبات أو عناء فالأصوات تعلن عمن تروي لهم أو عمن تروي له وجهة نظرها.

وإذا كان (المروي له) موجوداً بشكل أساسي في روايات الأصوات فما حجم هذا الوجود وهل له فاعلية أم هو مجرد استكمال لحيلة روائية فرضتها طبيعة الأصوات وأنا السارد.

في الحقيقة قد تمتع (المروي له) بوظائف فنية مؤثرة في أكثر روايات الأصوات العربية في مصر، وأول هذه الوظائف المؤثرة أن (المروي له) كان هو الممثل للجانب الأخلاقي في المحاكم للصوت والدافع لتأزمه، واستشهد هنا بصوتين أحدهما صوت (يوسف) في رواية (الرجل الذي فقد ظله). فيوسف في الرواية لم يبدأ (الأنا) بداية عادية وإنما بداية متفجرة ثائرة بعد موت (ناجي) وكأن حقيقة الموت أقلقته وأخرجته عن هدوئه فانفجر قائلاً: "….أنايوسف"، عندما أهمس باسمي بيني وبين نفسي يخيل إلي أني أردد اسم شخص آخر لا أعرفه، شخص غريب عني، لا أحبه ولا أكرهه ولكنه يزاحمني…" وعندما يزاحمه (ضميره ـ المروي له) يدفعه إلى الاعتراف… نعم.. أنا الرجل الذي فقد ظله إننا نبدأ في الموت منذ أن نبدأ في الحياة.. نبدأ الخسارة منذ الكسب، نشرع في رحلة الضياع في نفس اللحظة التي نشرع في رحلة الوصول..".. وهذا البوح لـ(المروي له) الممثل للجانب الأخلاقي هو الدافع الأساسي لهذه المحاكمة التي تدفعه إلى اجترار الذكريات فيعيد الحكي (من وجهة نظره الخاصة) ولنعرف بأن (يوسف الطفل)، مازال قائماً يطارده إنه (الوعي الكامن) ـ كما أسماه لوكاش ـ وهو وعي مكتسب حال فهمنا أو محاكاتنا للحقائق الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، ولذلك (فيوسف) لم يعرض للذات وإنما نقد الذات… انتقدها عندما افتقد الظل بممارسات مناقضة لطبيعته، بممارسات كانت شاذة تعبر عن التحول القيمي من (يوسف) الطفل الذي يمثل (المروي له) بكل معطياته القيمية إلى (يوسف) الوصولي وقد أتاح هذا إشاعة النسبي في المطلق، وانتصر التحول السلبي على الثبات الإيجابي.. وهو أمر قد ساعد على عدم إيجاد نهاية تسكن هذا الصراع بين يوسف الصوت (الراوي) ويوسف (المروي له) وأصبحنا معه في انتظار مشبع بالحيرة…"، ومنفتح على التحولات والتوقعات.

إذن فـ(المروي له) قد مثل الجانب الإيجابي المفتقد في شخصية وصوت (يوسف) ولم يكن حديثه مجرد حكي بقدر ماهو بوح واعتراف لـ(المروي له) الذي دفعه إلى ردود الأفعال الشاذة والغريبة منذ أن فقد ظله..".

أما الصوت الآخر فهو صوت (منصور باهي) في (ميرامار) فهو صورة مشابهة لـ(يوسف) فعلى الرغم من الحوارات التي ملأت أرجاء البنسيون عن الثورة إلا أن (منصور باهي) جعل صوته أقرب إلى البوح الذاتي لـ(المروي له) وهو ضميره الممثل لجانب المبادئ والمثل التي اقتنع بها.. ولما خان هذه المثل والقيم واستجاب لأخيه الضابط وابتعد عن رفاقه ونجا من الاعتقال قد ازداد تأزمه… وقد سمحت له ثقافته وفكره التقدمي أن يستنطق ذاته ويعتصرها ليستخرج ماتبقى من ذكريات ممزوجة بألم الواقع المرير لإحساسه بالهروب وخيانة المبادئ.. وكان (المروي له) هو ذاته متشكلة في بعض عناصر خارجية لإثبات براءته فاستطلع صورته بشكل غير مباشر عند (زهرة) فقالت له: "حب الخائن نجس مثله" ثم استطلع رأي زميل له ثم رأي (درية)، ولكنه في النهاية يعترف بحقيقته "… إني ضعيف إذعاني لأخي ضعف لا شك فيه" وازداد (منصور باهي) تأزماً عندما وطد علاقته بزوجة أستاذه ورفيقه (درية)، فشعر بأنه خائن بل تحققت الخيانة فزاد تأزمه ومن ثم بوحه.

/ 102