وجهة النظر فی روایات الأصوات العربیة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

وجهة النظر فی روایات الأصوات العربیة - نسخه متنی

محمد نجیب التلاوی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

وهنا تحرك (المروي له) ليؤثر على سلبياته، وينتصر لإيجابياته فأعلن الانتصار لذاته أولاً عندما رفض زواجه من (درية) .."… وباختفائها هويتُ إلى الحضيض… ورغم شقائي المؤكد فقد داخلني ارتياح غامض وثانياً عندما اعتدى على (سرحان البحيري) لما خان (زهرة) وقال له: " ـ .. أعني أنك وغد… وبصقت في وجهه وأنا أصرخ: على وجهك ووجه كل وغاد وخائن" بل إنه يفكر في قتل (سرحان البحيري) لأنه صورة مجسدة لخيانته هو لمبادئه ومثله، وقال: "لا حياة لي إلا بقتلك".

إن (المروي له) هنا مثل لصوت (منصور باهي) البعد الأخلاقي.. وقد أثر عليه تاثيراً إيجابياً عندما حوله إلى إنسان سوي وأعاد إليه اتزانه عندما استعاد بعض مبادئه المفتقدة.

لقد ظل (يوسف) في (الرجل الذي فقد ظله) منقسماً على نفسه وموزعاً الولاء بين ذاته وبين (المروي له) ـ البعد الأخلاقي ذو النشأة الأولى ـ بينما انتصر المروي له لـ(منصور باهي) في (ميرامار) لأنه أخرجه من صمته وهروبه وواجه نفسه بشجاعة فتغير. وكانت الحوارات الداخلية للصوتين مع (المروي له)، هي المحركة للفعل ورد الفعل ـ ولذلك جاء (المروي له) مؤثراً بقدر مايحمل من بعد أخلاقي ملتزم.

وفي رواية (الكهف السحري) جاء (المروي له) بمهمة أخرى وهي مهمة التوسط بين القارئ والراوي لإيضاح الجوانب الغامضة في الرواية. وفي هذه الرواية تعرف أن (إبراهيم) طالب جامعي متفوق، أعجب (بعبير) وبادلته الإعجاب، وفجأة قبض عليه واعتقل دونما معرفة للسبب… وعبثاً حاول الوالد فعرف فقط أنه سجين سياسي… وتفهم ذلك كله من خلال الأصوات، لكن السبب المباشر لاعتقال إبراهيم كان بعيد المنال عن الأصوات (إبراهيم/ الأب/ الأم…) وهنا يتوجه الراوي إلى (المروي له) ليوضح له أن سبب الاعتقال كانت وشاية كاذبة من صديق له في الجامعة أراد أن يبعده عن (عبير) لأنه منّى نفسه بها…..

أما في رواية (المسافات) فقد أذاب الراوي استقلالية الأصوات بسلطته القوية… مما جعل الأصوات موجودة من خلال الراوي الأمر الذي وحد الرؤية مع توحد الراوي.. ومن الطبيعي أن نجد أنفسنا أمام (مروي له)، واحد في الرواية. وقد لعب دور المحفز للراوي لاستكمال الجو الأسطوري الذي تدثرت به هذه الرواية وقد صاحب (المروي له) الراوي إلا في مناطق قليلة برز فيها الحوار الخارجي للأصوات والذي استثمر للتهميش الدلالي. وكان الراوي الأوحد قد تحرك بروايته لـ(المروي له) من أجل وجهة نظر كلية تعتمد على التأويل… ولقوتها ذابت وجهات نظر الأصوات الداخلية في الرواية.

لقد كان لطبيعة الحوار والمنولوج في رواية الأصوات دورها الواضح في إبراز دور (المروي له) مع الأصوات الروائية التي كانت تتحرك على مستوى الذات داخلياً وعلى مستوى العلاقات الخارجية، وكان لـ(المروي له) أثره الواضح في أكثر روايات الأصوات ـ كما رأينا ـ فلعب دور التوسط بين الراوي والقراء لإيضاح بعض جوانب الغموض كما رأينا في رواية (الكهف السحري)، وجعل السرد أكثر طبيعية ومشابهة للواقع كما رأينا في رواية (يحدث في مصر الآن)، وأحياناً أخرى ظهر (المروي له) ممثلاًًٌ للبعد الأخلاقي والجانب الالتزامي كما رأينا في روايتي (ميرامار) و(الرجل الذي فقد ظله) فضلاً عن دور (المروي له) في تشخيص الراوي نفسه ودفع السرد نحو التطور كما هو متوافر في أكثر روايات الأصوات… وجاء (المروي له) متنوعاً بتنوع موقع الأصوات الروائية وتوجهاتها في الحديث ووجهة النظر.

إن دراسة الراوي ووجهة النظر تظل ناقصة إن لم نختبر دور (المروي له) في رواية الأصوات وذلك لنتمكن من فهم مختلف آليات ودلالات السرد الروائي، لاسيما في البعد الداخلي، ولقياس مسافة التأثير بين (الراوي) و(المروي له) وتحديد حجم التضاد المحفز أو الالتباس السلبي.. وفي كل الحالات كان لـ(المروي له) دوره البارز، وتأثيره القوي على المسار الروائي في رواية الأصوات.

/ 102