وجهة النظر فی روایات الأصوات العربیة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

وجهة النظر فی روایات الأصوات العربیة - نسخه متنی

محمد نجیب التلاوی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

وفي رواية (يحدث في مصر الآن) نلتقي الروائي والطبيب والضابط والفلاح الأجير والتومرجي.. وكلهم يمثلون وظائف مدنية وسلطوية استطاع الروائي بهذه الأصوات أن يبرز فكرته الأساسية وانتقاداته المباشرة لاستثمار السلطة في التزييف والسطو.وهي الفكرة نفسها بتنفيذ آخر في روايته الأخرى (الحرب في بر مصر). ونجح في تحقيق اللاتجانس بين أصواته الروائية(مصري/ العمدة/ الخفير/ الضابط..).

أما في (الزيني بركات) فاللاتجانس لم يكن بين المهام الوظيفية لـ(الشيخ/ السلطان/ الطالب/ المحتسب/ رئيس البصاصين…)، وإنما كان اللاتجانس بشكل كلي وعام بين ممثلي السلطة وممثلي الشعب وهو جوهر الصراع ـ كما سنرى ـ .

وتحقق (اللاتجانس) بين الأصوات الروائية في هذه الروايات قد ساعد بشكل مباشر على إيجاد مسوغات قوية للصراع والاختلاف ومن ثم ساعد على إيجاد وجهات نظر مختلفة وقوية، بل وساعد على ظهور الصوت الثاني والثالث وقل وجود الراوي، لأن الأصوات انتزعت هذه المهمة من المؤلف منذ أوجد أصواته على هذا النحو القوي المتضاد.

وظهور الأصوات المتضادة بوجهات نظرها المختلفة ظهوراً تعاقبياً قد أحدث بدوره ما يمكن تسميته بالتبادلات السردية لأن كل صوت كان مختلفاً عن سابقه ولاحقه، ولأن الأصوات لا تسعى لإثبات رؤية أحادية وإنما لإقرار وجهات نظر متباينة.

ويمكن أن نستشهد بنموذج واحد على توافر (التبادلات السردية) التي أوجدها (اللاتجانس) بين الأصوات الروائية… ونستشهد هنا برواية (الزيني بركات).

في رواية (الزيني بركات) مجموعة من التعارضات الثنائية بمستويات مختلفة أذكر منها (الشتاء والصيف، المماليك والعثمانيون، الزيني وزكريا، الفوانيس والظلام..) ومن ثم بدأ الصراع سلطوياً بين (الزيني وزكريا بن راضي) ثم تحول الصراع الطبيعي بين السلطة ممثلة في (السلطان/ المحتسب ونائبه (الزيني وزكريا بن راضي/ البصاصون) والشعب ممثلاً في (الشيخ أبو السعود/ سعيد الجهيني + عامة الشعب..). وفي السرادقات التي أقامها المؤلف قد حرص على أن ينتقل من صوت سلطوى إلى صوت شعبي في تبادل سردي مقصود لإبراز المواجهة الضعيفة بين السلطة والشعب وهذا الضعف الشعبي هو الذي زاد السلطة طمعاً ولا سيما بعد تصالح وتعاون (الزيني وزكريا) فزاد القمع والتجبر وقبض على (سعيد الجهيني) وزاد السلب للإنسان المصري آنذاك حتى سلبت أبسط مقوماته وحقوقه الإنسانية وهو أمر يشي بمقدمات الهزيمة ضد العثمانيين، لأن الهزيمة أصبحت حتمية تارخية فرضتها الممارسات القمعية للسلطة، وقد نفذت الأصوات بتبادل ظهورها هذه الغاية.

وتلاحظ التبادلات السردية كانت أولاً داخل السلطة بين (الزيني بركات) و(زكريا بن راضى) فتناوبا الظهور المباشر وغير المباشر وكانت التبادلات السردية هنا قوية وتستمد قوتها من قوة الصوتين (زكريا والزيني).

ثم تحولت التبادلات السردية بين السلطة بأصواتها والشعب بأصواته وتناوبت الأصوات السلطوية الظهور مع الأصوات الشعبية إلا أن التبادلات السردية هنا لم تحظ بقوة لأن المواجهة لم تكن متكافئة بين السلطة والشعب.

أما اللاتجانس بين الأصوات الروائية فلم يتحقق بالدرجة المطلوبة من التباين بين الأصوات في روايات أصوات أخر منها (السنيورة/ المسافات/ تحريك القلب/ الكهف السحري)، ويبدو أن السبب العام هو وجود الراوي، فوجود الراوي لم يعط للأصوات قوتها المطلوبة، وفي بعض الروايات مثل (المسافات) تحكم الراوي في أصواته تحكماً لم يسمح لهم بالاستقلال والحرية، وكانت الغاية هي الوصول إلى وجهة نظر كلية، ومن ثم كانت الأصوات وسيلة لهذا الوصول، وليست غاية في حد ذاتها حتى تعلي من وجهات نظرها الداخلية، فضلاً عن أن الراوي قد صبغ الأصوات بصبغة واحدة وآمال واحدة في مكان واحد ولذلك جاءت أصواتهم متشابهة.

وتحكم الراوي في الأصوات قد أضعفها لأن حديثه عن الصوت لم يخلص للصوت فقط وإنما تحرك به أفقياً ليتحدث عن شخصيات أخرى مما جعل ظهور أصواته في دفقاته السردية ظهوراً غير مكتمل، وكانت الأصوات جاهلة وضعيفة ومغروسة في جو أسطوري ملؤه الخرافات، ولذلك أعتقد أن الراوي هنا وسلطته القوية المتحكمة قد أضعفت الأصوات وسوت بينها تسوية أذابت اللاتجانس فتأثرت الرواية هنا تأثراً سلبياً ومالت بنيتها نحو التقليدية التي تتبنى فكرة واحدة وهو أمر يختلف عن غاية الأصوات التي تعلن وجهات نظر دونما حسم يذيب الفروق الفكرية أو الطبقية الكائنة في الرواية. ولذلك كانت الأصوات في هذه الرواية بعداً شكلياً فقط لأنها لم تفرض نفسها على التكنيك الروائي الذي مال نحو التقليدية البنائية.

/ 102