وجهة النظر فی روایات الأصوات العربیة نسخه متنی
لطفا منتظر باشید ...
على مستوى المضمار الأول نجد روايتي (الزيني بركات/ الكهف السحري) أما الرواية الأولى (الزيني بركات) فتعتمد على بعد المعادل الموضوعي للحدث التاريخي فترمز به للحاضر، وأما الرواية الأخرى (الكهف السحري) فتأتي بتعبير مباشر عن معايشة واقعية. في رواية (الزيني بركات) نلتقي بصراع سلطوي ثم بصراع بين السلطة والشعب. أما عن السلطة الأولى فهي السلطة السياسية الحاكمة وقد مثلها بفاعلية أصوات (علي بن أبي الجود/ زكريا بن راضي/ الزيني بركات)، وأما السلطة الدينية فمثلها صوت (الشيخ أبو السعود). أما عن الشعب فمثله (سعيد الجهيني). ولما اعتمدت القضية في عرضها على الأصوات فمثل هذا في حد ذاته معالجة مختلفة لأنه سمح بتعميق القول وبإبراز وجهات النظر على المستويين الشعبي والسلطوي. وعلى المستوى السلطوي نلتقي بثلاثة أصوات تمثل اتجاهات سلطوية مختلفة. فالشيخ (مسعود) صوت يمثل السلطة الدينية القوية، وقوتها مستمدة من تغلغل البعد الإيماني في نفوس الشعب كله، ولذلك يخشاه الجميع، وامتلك القدرة على إبعاد المرهب (علي بن أبي الجود)، ثم بارك تعيين (الزيني بركات) وأقره، ولما اكتشف ألاعيبه وكذبه عزله ومهد لمحاكمته.. . إلا أن العثمانيين انتصروا ودخلوا البلاد فتغيرت موازين القوى، وإذا بالشيخ (مسعود) يهرب إلى الصعيد، وهو حدث لم ننسجم معه لأن العثمانيين تزيوا بالزي الإسلامي فلم يكن هناك مبرر لهروب (الشيخ مسعود) كالمماليك إلى الصعيد. فضلاً عن أن ربط الدين والسلطة الدينية بالعوارض الاجتماعية والسياسية أمر غير مقنع... ويأتي صوت (علي بن أبي الجود) ليمثل نوعاً آخر من السلطة السياسية الغاشمة لأنه بالغ في القهر والظلم، فجمع الأموال وأعلن عن ثرائه الفاحش وأكثر من القتل والتعذيب، ولما أعلن بفعله عن تجبره وثرائه كانت نهايته... وتمت محاكمته بالقتل رقصاً في شوارع القاهرة.. وهو ممثل للسلطة الغاشمة التي ينقصها الدهاء والاحتياط. ثم نجد صوت (الزيني بركات) جاء ليمثل السلطة السياسية الفاسدة المخادعة التي تظهر خلاف ما تبطن. وأفعاله كثيرة في هذا المجال.. فهو متسلق إلى السلطة.. متبدل تبعاً لمقادير الأمور فكان محتسباً مع المماليك ثم هو محتسب مع العثمانيين! على الرغم من العداء بين الفريقين. وقد أظهر براعة في خداع الحاكم والمحكوم معاً، فهو يظهر العدل والتقوى ثم هو يبقي على (زكريا بن راضي) كَيَدٍ يبطش بها، وهو يدعي النزاهة والشرف، ثم هو يجمع المال في الصعيد لنفسه سراً... وكثرة مناورته جعلته بؤرة أساسية حتى أن أكثر الأصوات كانت تحركاتها مجرد ردود أفعال لما يقوم به (الزيني بركات)، فزكريا بن راضي -مثلاً- تحول إلى متابع ثم منفذ لأوامر (الزيني بركات) على الرغم من قوة (زكريا بن راضي).