وجهة النظر فی روایات الأصوات العربیة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

وجهة النظر فی روایات الأصوات العربیة - نسخه متنی

محمد نجیب التلاوی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

ارتضوا الوهم وعاشوا بالآمال الزائفة بدلاً من معرفة الحقيقة التي قد

تزيدهم شقاء على شقائهم.

إن تآزر الأصوات إعلان عن غفلة عامة.. وإن اكتشاف (سيدنا) للحقيقة لهو بريق أمل يعلن أن العلم والمعرفة هما الطريق الصحيح الذي يقود إلى الحقيقة وبه تتحقق الفائدة، وهذا الاجتهاد هو محض تأويل وتفسير، لأن الأصوات التي لم تبرز وجهات نظرها الداخلية واكتفت بإثارة الاستفهامات التي تثير القلق، وتعلق النهاية، فلا تعلن عن رؤية أحادية، وهو أمر يختلف -إلى حد ما- عن تناول رواية تقليدية هذا الموضوع.

والأصوات مع الترهين السردي، واللاتجانس تساعد على تناول الموضوع من أكثر من زاوية، ولأنها لاتكتفي بطرح رؤية واحدة، وإنما بطرح رؤيات، ومن ثم فرواية الأصوات لاتنغلق على وصف ومتابعة صوت واحد لأنها لاتعترف بالبطولة الفردية، إنها أقرب إلى التأثير أيضاً لأنها تحاكي الواقع بمتناقضاته، لأننا لم نعد نرى رأياً واحداً وبطلاً واحداً.. فرواية الأصوات تمثل التحول الحضاري بمنظور فني لأنها تعبر عنه بدقة بالغة، ولاتعلن نهاية سرطانية، وإنما تكتفي بوجهات النظر، والانفتاح على التأويل والترميز بشكل فني جيد. وهذا مامكن رواية الأصوات من التميز في طرح موضوعات وفي كيفية معالجتها روائياً. إلا أن هذه الرواية لم تستثمر الإمكانات الفنية القوية والمؤثرة للأصوات ومن ثم جاء تميزها في الطرح محدوداً.

ومع نجاحات رواية الأصوات وتميزها في معالجات موضوعاتها المطروحة تلاحظ أن روايات الأصوات لم تخضع جميعها لطريقة واحدة على الرغم من الانتماء العام لتكنيك الأصوات، وهذا يدل على أن درس رواية الأصوات بتنظير وجهة النظر غير كاف، لأن (وجهة النظر) تمثل تنظيراً سكونياً لايتناسب مع حركية الأداء الروائي العامد إلى الاستعانة بأكثر من شكل فني أحياناً، وقلما نجد رواية من الروايات الجديدة تخضع بحرفية لتنظير ماعبر تحليل وظائفي دقيق.

وعلى الرغم من استعانتنا بالتنظيرات اللاحقة لوجهة النظر إلا أننا في التطبيق وجدنا شكولاً فنية تزاوجت لإنتاج تجربة واحدة، ومن ثم فالوقوف مع الراوي فقط -بكل تنظيراته المسرفة بداية من وجهة النظر- قد يمكننا من تحديد مكانه ووسائله وآلياته، لكنه لن يمكننا من القبض على طابع الفكر المفهومي في روايته. ولذلك كانت وجهة النظر منطلقاً نقدياً قربنا بعلمية دقيقة من الدينامية الفكرية للنص الروائي وآليات التنفيذ الروائي بشكل أقرب إلى البحث البنائي النشوئي الصاعد مع المعطيات الخاصة لكل تجربة روائية. وهو أمر أبعدنا عن الاعتماد على النوايا الشعورية للروائي لاسيما أن روائي الأصوات لايعلن رؤية أحادية، ولا يفرض نهاية سرطانية، ومن ثم اعتمدنا على الدلالة الموضوعية ومن قبلها على التوثيق الفني والنصي، وهو مسلك مكننا من إحكام القبضة على وسيلتنا النقدية (وجهة النظر).. لكن التشكيل الفني والبنائي لرواية الأصوات جاء مختلفاً من تجربة روائية لأخرى، وهو أمر يحتاج إلى وقفة أخرى للإلمام بتكنيك روايات الأصوات من خلال (وجهة النظر)، لاسيما وأن اختلاف موقع الراوي والروائي جعلنا أمام أكثر من وسيلة فنية وشكل فني في تجربة روائية واحدة. وهو أمر يشذ عن حرفية التنظير التجريدي.

كنا قد توقفنا مع الخصوصية البنائية لرواية الأصوات، والصورة البنائية النموذجية التي تساعد على نجاح رواية الأصوات، وكان ذلك عبر رؤية تنظيرية اعتمدت على نموذج روائي استقى مادته من محاولات (ديستوفسكي). إلا أنني لاحظت في الجانب التطبيقي أن هناك فارقاً كبيراً بين التنظير والتطبيق في تنفيذ رواية الأصوات العربية في مصر -موضوع الدراسة التطبيقية- لأنها لم تأت على نسق بنائي واحد مما يشير -بداية- إلى أن الاعتماد على البعد التنظيري فقط أمر فيه كثير من المراوغة، لأن مسافة كبيرة تفصل بين التنظير والتطبيق.

وعلى سبيل المثال فرواية الأصوات العربية في مصر لم تنغلق على تكنيك الأصوات وإنما انفتحت لتستفيد من آليات روائية تستمد قوامها من الرواية التقليدية، ومن الرواية الوثائقية، بل ومن رواية تيار الوعي. ومن المفترض أن رواية الأصوات تعتمد في عرضها على حديث الأصوات، وهذا بالتبعية يخفي الراوي والروائي من السرد، وقد وجدنا هذا قد تحقق في بعض الروايات ولكنه لم يتحقق في روايات أخرى، وهذا يدل على مسافة ما تفصل التنظير عن التطبيق، وعلى الرغم من إسراف المنظرين في وضعية الراوي في الرواية -بصفة عامة- بداية من (هنري جيمس) ثم (فريد مان/ شتانزل/ بوث/ تودوروف/ أوسبنسكي/ جينيت / ميك بال/ … وآخرين) إلا أن المراوغة التطبيقية أثبتت تأبي النص الروائي على التنظير.

ومن أجل واقعية المفارقة بين التنظير والتطبيق فلن نرتضي بما سبق عرضه في (الخصوصية البنائية لرواية الأصوات) لأنها رؤية تنظيرية تختلف عما هو كائن بالفعل في رواية الأصوات، والواقع التطبيقي لرواية الأصوات العربية في مصر قد حفل ببناءات تنفيذية تتجاوز (الأصوات) لتفيد من آليات روائية أخرى. ومن ثم فنحن في حاجة -في هذه الدراسة التطبيقية- إلى التعرف على الشكول التي تم بها تنفيذ رواية الأصوات العربية في مصر.

ولأن النقد التطبيقي يتحرك على أرجل (وجهة النظر)، فلابد من إحصاء الشكول التنفيذية لرواية الأصوات من خلال تحديد موقع الراوي، لأن تحديد موقع الراوي هو الذي سيقود إلى خصوصية البنية الروائية لكل تجربة من تجارب (الأصوات).

ومن المعروف أن هناك روايات يعلن فيها الراوي الأوحد عن نفسه كصورة الراوي الشعبي أو المسجل لمذكرات..، وهناك روايات يفهم منها أننا نتعاطى المادة الروائية من الراوي بشكل ضمني، وقد يكون الراوي والروائي في حالة التباس وترهين، وفي الحالتين نحن مع الراوي. أما الروايات التي تسند مهمة العرض الروائي إلى الأصوات فقط وبشكل مباشر فهنا يختفي الراوي ونصبح أمام رواة (أصوات) وهم يقومون بالمهمة الروائية وتنفيذها عبر وجهات نظر داخلية أو تبئير داخلي متعدد على حد تعبير (جيرار جينيت). ولقد وجدنا النوعين في روايات الأصوات العربية في مصر التي نطبق عليها، ومع النموذجين نتوقف وقفة تفصيلية تقودنا لإحصاء الشكول الروائية التي جاءت عليها رواية الأصوات.

/ 102