اللّه و السلطة التشريعية، في حين أنّ العمل الثاني مأذون به من قبل اللّه وانّه موافق لرأي السلطة
التشريعية المتمثلة فيه سبحانه. وعلى هذا فإنّ عامل القبح في «الزنا» هو صفة اللامشروعية التي هي
أمرٌ عدمي وسلبي مائة بالمائة، والذي تتعلّق به القدرة إنّما هو الجانب الوجودي للشيء وليس الجانب
العدمي السلبي، لأنّ الأُمور العدمية والجوانب السلبية أحقر من أن تتعلّق بها القدرة الإلهية،بل
يستحيل تعلّق عملية الخلق بها.وإنّك بالإمعان في هذا المثال بإمكانك أن تتناول بالتحليل بقية الأفعال القبيحة كالظلم والخداع
والخيانة والجناية، فالظلم مثلاً إنّما يكون قبيحاً، لأنّه يؤدي إلى ضياع حقّ المظلوم،ويؤدي إلى
توقّف نمو المجتمع وتقدمه، ثمّ إنّ نفس التساؤل السابق يطرح نفسه في مسألة البلايا والشرور
كالزلزلة والسيول وأمثال ذلك، ولتوضيح تلك التساؤلات والاستفهامات لابدّ من تحليل تلك الظواهر.
تحليل ظاهرة البلايا والشرور (1)
لو تناولنا بالتحليل أي ظاهرة من الظواهر التي تتصف بالشر لتبيّن لنا أنّ تلك الصفة ناشئة من كونالشيء مصحوباً بالعدم.فالمرض ـ على سبيل المثال ـ إنّما يكون شراً غير مرغوب فيه، لأنّ المريض حال مرضه يكون فاقداً
للصحّة والعافية، وهكذا بالنسبة إلى الأعمى والأصم فإنّما يُعدّ العمى والصمم شراً لفقدان وصفي
السمع والبصر وعدمهما
ليس غير، وذلك لأنّ الإنسان المفكّر والمتحلي بالفضائل يرى أنّ نعمتي السمع والبصر من أهم الأُمور
الأساسية لكماله، والنقطة الجديرة بالذكر أنّ صفتي العمى والصمم ليس لهما واقعية حقيقية في العين
أو الأُذن، فما العمى أو الصمم ـ في الواقع ـ سوى حالة الفقدان والعدمية.
1 . لمزيد الاطّلاع والتعمّق في البحث حول البلايا والشرور وعدم انسجامها ـ ظاهراً ـ مع الحكمة
والعدل الإلهي يراجع كتاب الإلهيات:1/273ـ286 لآية اللّه الشيخ جعفر السبحاني.