لموسى ـ عليه السَّلام ـ :( بَصُرْتُ بِما لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ... ).(1)إلى هنا اتّضح لنا معنى البصير، وسوف نشرع بتفسير لفظ (السميع).
تفسير وصف السميع
يظهر من القرآن الكريم أنّه استعمل لفظ السميع في معنيين:الأوّل
بمعنى حضور المسموعات عنده سبحانه وتعالى، وهذا المعنى له السهم الأوفر في الاستعمال.والمعنى الثاني
(المجيب) يقول تعالى: ( ...سَمِيعُ الدُّعَاء ) .(2)والحقّ أنّه لا يوجد للسميع إلاّ معنى واحد، وهو (السمع) وأنّ اللّه سبحانه في كلّ حال يسمع دعاءعباده، ولكن تارة يقترن السمع بالإجابة، وأُخرى لا يقترن، وجملة ( سَمِيعُ الدُّعاء ) جامعة لكلا
المعنيين، وإذا فرضنا انّ المقصود من لفظ ( سَمِيعُ الدُّعاء ) أنّه مجيب الدعاء، فإنّ تلك الخصوصية
لا تستفاد من اللفظ، وإنّما نستفيدها من القرائن الخارجية.
السمع والبصر بدون أدوات طبيعية
لا يخفى على الجميع أنّ الرؤية عند الإنسان وأيّ حيوان آخر إنّما تحدث بواسطة سلسلة من العملياتالفيزياوية والطبيعية، وعلى هذا الأساس لا يمكن تصوّر السمع في حقّه سبحانه من خلال هذا الطريق،
ولذلك لا مناص من التمسّك بقاعدة «خذ الغايات،واترك المبادئ»، لأنّه لا هدف للإبصار غير العلم
بالمبصرات، وهكذا الهدف من السمع وهو العلم بالأمواج الصوتية،
فكلّما تحقّقت تلك الغاية بدون الحاجة إلى سلسلة من الأدوات والوسائل والفعّاليات الفيزياوية، ففي
مثل هذه الحالة تحصل حقيقة السامع والبصير، وأنّ الآيات القرآنية المباركة لا تثبت أكثر من ذلك،
وهو كون اللّه بصيراً وسميعاً، وأمّا أنّه سبحانه يمتلك خصوصيات الوجودات الإمكانية فلا تدلّ عليه
الآيات.
1 . طه:96.2 . آل عمران:38.