أردنا أن نقرب الفكرة بمثال حسّي نقول: إنّ مثل الوجود والعدم كمثل الشمس والظل فعندما نقيم تحت
الشمس شاخصاً يحدث على الأرض ظل بسبب ذلك الشاخص الذي منع من وصول النور، وما الظل في الحقيقة إلاّ
عدم النور، لأنّ الظل هو الظلمة، والظلمة ليست إلاّ «عدم» النور، فلا يصحّ أن نتساءل هنا: ما هي
حقيقة الظل؟
إذ ليست للظل واقعية خارجية وحقيقة عينية تقابل حقيقة النور وجوهره إنّما الظل هو عدم
النور، ومعنى هذا أنّه ليس للظل أو الظلمة منبع ينبعان منه ومنشأ ينشآن منه، هذا ولصدور الآفات
والشرور من جانب اللّه توجيهات أُخرى نذكرها فيما يأتي.
تحليل آخر لظاهرة الشرور
إنّ هنا تحليلاً آخر لظاهرة الشرور ينطلق من أنّ الشرور هل هي أُمور حقيقية أو أُمور نسبية؟بتحليل سريع وتحقيق عاجل يمكن معرفة أنّ الشرور أُمور نسبية لا حقيقية، وأنّه لا يوجد شيء يُعدُّبذاته شراً وأنّ صفة الشر ليست جزءاً من ذوات وحقائق الأشياء الموصوفة بالشر، بل الشر حالة تنسب إلى
شيء من الأشياء عندما يقاس إلى شيء آخر، فسمّ الحية والعقرب وافتراس الذئب لا تكون شراً بالنسبة إلى
الحيّة والعقرب والذئب، بل هي إحدى وسائل كمالها الموجب لبقائها واستمرار حياتها و وجودها، نعم
إنّما هي شرٌ إذا ما قيست إلى الإنسان وتضرر البشر بها، فالمطر الغزير مثلاً لا يكون شراً في حدّ
ذاته، بل عند ما
يقاس بشيء آخر يتصف حينئذ بهذا الوصف.