مشكلة السياق
من أهمّ التساؤلات التي تُثار حول الآية بعد تحديد مفهوم ومصداق «أهل البيت» هو: إنّ آية التطهيرتقع ضمن مجموعة من الآيات التي تتحدث عن نساء النبي حيث إنّ ما يسبقها وما يتلوها خطاب لنساء النبي
وحديث معهن، وحينئذ يطرح التساؤل التالي: كيف يصحّ القول بأنّها راجعة إلى غيرهن مع أنّ وحدة السياق
تقتضي أنّ الكلّ راجع إلى موضوع واحد؟والجواب:لا شكّ أنّ وحدة السياق من الأمارات التي يستدلّ بها على كشف المراد ويجعل صدر الكلام ووسطه
وذيله قرينة على المراد ووسيلة لتعيين المقصود منه، ولكن وحدة السياق إنّما تكون قرينة أو أمارة
إذا لم يقم دليل أقوى على خلافها، فلو قام ترفع اليد حينئذ عن وحدة السياق وقرينيته، ومن حسن الحظ
انّ وحدة السياق في الآية لم تكن من الأمارات والقرائن المحكمة التي لا يوجد دليل على خلافها، بل
يوجد دليل قوي على خلافها، لأنّ الأحاديث المتواترة والقطعية تشهد على أنّ آية التطهير قد نزلت
بصورة مستقلة ثمّ بعد ذلك وضعت في ذيل الآية الثالثة والثلاثين ولم تكن أبداً متمّمة لها، والذي
يشهد على استقلالية الآية ثلاثة أدلّة:
الدليل الأوّل على استقلالية الآية
أطبقت الروايات المنتهية إلى الأصحاب وأُمّهات المؤمنين والتابعين على نزولها مستقلة، سواء أقلنابنزولها بحق العترة الطاهرة أو غيرهم.