إذا اتّضح ذلك ينبغي أن نتعرض لبيان كيفية دلالة تلك الآيات على عصمـة النبي ومصـونيتـه من الخطأ والاشتباه، وذلك مـن خلال الأُسلوب التالي:إنّ الناظر في الآية يجد انّها تشتمل على ثلاث جمل هي:الف: ( وَ أَنْزَلَ اللّهُ عَلَيْكَ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ ) .ب: ( وَعَلَّمَكَ ما لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ ) .ج:( وَكانَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً ) .فالجملة الأُولى ناظرة إلى بيان مباني وأُسس القضاء، وهما: الكتاب والسنّة (الحكمة)، فإنّ الاطّلاع على هذين المصدرين والمعرفة التامّة بهما سبب مهم للعصمة والمصونية في مجال الأحكام الإلهية، وبالنتيجة لا يقع النبي أبداً في مشكلة الخطأ والاشتباه في بيان الأحكام، وذلك لأنّ جميع ما تحتاج إليه البشرية إلى قيام الساعة موجود في هذين المصدرين، ولكن من الواضح أنّ العلم بالقوانين الكلّية لا يكون سبباً للعصمة والمصونية من الاشتباه في مجال الموضوعات والجزئيات وبحسب المصطلح في مجال تطبيق الكلّيات على مصاديقها، بل المصونية والعصمة في هذا المجال تحتاج إلى دليل آخر لإثباتها من خلاله.