ج. تذكير الضمائر
حينما تحدّث القرآن الكريم مخاطباً زوجات النبي في سورة الأحزاب منالآية 29 إلى الآية 34نجده يخاطبهنّ وحسب قواعد اللغة العربية بضمائر التأنيث حيث تكرر ذلك أكثر من
20مرة، وهي:( كُنْتُنَّ فَتَعالِينَ أُمَتِعْكُنَّ أُسَرِّحْكُنَّ تُرِدْنَ لَسْتُنَّ اتَّقَيْتُنَّ
فَلا تَخْضَعْنَ قلنَ قَرْنَ في بُيُوتِكُنَّ تَبَرّجْنَ اتِينَ أَطِعْنَ وَاذْكُرْنَ و...) .ولكنّه عندما يصل إلى الحديث عن قوله: ( إِنّما يُريدُ اللّه... ) يغيّر صيغة الخطاب من التأنيث وينتقل
إلى الإتيان بصيغة التذكير كما في قوله: ( عَنْكُمُ الرِّجْسَ ) و ( يُطَهِّرَكُمْ ) ، وحينئذ فلابدّ
من إمعان النظر في ذلك الانتقال والتدقيق لبيان السرّ في هذا التحول وما هو الهدف من هذا الانتقال
من التأنيث إلى التذكير؟إنّ هذا التحوّل لا يمكن أن يصحّ إذا قلنا: إنّه انتقال للحديث عن مجموعة أُخرى مغايرة للمجموعة
السابقة وإن كان السياق واحداً، وحينئذ يطرح التساؤل التالي نفسه: ما هو السرّ في هذا التداخل؟ولماذا جاء الحديث عن أهل البيت في ضمن الحديث عن نساء النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ بحيث
نجد انقلاب الخطاب من الحديث مع نساء النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ ثمّ إلى الحديث عن غيرهن
ثمّ العودة مرّة أُخرى للحديث عن النساء؟ونحن لا نريد الحديث عن هذا النقطة فعلاً، ولكن الذين حاولوا وبإصرار أن يفسّروا الآية بأنّها
تتعلّق بنساء النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ قد وقعوا في حالة من التكلّف والحيرة في توجيه
وتفسير مسألة تغاير الضمائر، فلا حاجة لبذل الوقت في نقل تلك الكلمات التي لا طائل من نقلها.