فکر الخالد فی بیان العقائد نسخه متنی
لطفا منتظر باشید ...
وليست هذه هي الحالة الأُولى أو الفريدة من نوعها، بل انّ تاريخ القرآن يشهد على وجود الكثير من الحالات التي هي نظيرة لهذه الآية، أي أنّ الآية تنزل بصورة مستقلة ثمّ توضع وبأمر من النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ ضمن آيات معينة.(1)
ولا ريب أنّ هذا الأمر لا يؤثر على بلاغة القرآن وفصاحته، لأنّ ذلك من فنون البلاغة وأساليبها، يقول الطبرسي: من عادة فصحاء العرب في كلامهم انّهم يذهبون من خطاب إلى غيره ويعودون إليه. والقرآن من ذلك مملوء، وكذلك كلام العرب وأشعارهم.(2)
ونشير إلى إحدى الشواهد القرآنية التي تؤيد هذه النظرية وتثبت صحّة ما قاله المفسّرون، وذلك الشاهد هو ما ورد في قصة يوسف ـ عليه السَّلام ـ فإنّه حينما انكشفت خيانة زوجة العزيز وعلم العزيز بمكرها التفت إليها مخاطباً لها:
( قالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظيمٌ ).(3)
نرى أنّ العزيز يخاطب أوّلاً امرأته بقوله:( إِنّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ ) وقبل أن يفرغ من كلامه معها يلتفت إلى يوسف ويخاطبه بقوله:( يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هذا ) ثمّ يرجع إلى الموضوع الأوّل ويخاطب زوجته بقوله: ( وَاسْتَغْفِري لِذَنْبِكِ )(4)، فقوله:( يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هذا ) جملة معترضة وقعت بين المخاطبين والمسوغ لوقوعها بينهما كون المخاطب الثاني أحد المتخاصمين وكانت له صلة تامة في الواقعة التي حدثت.