فکر الخالد فی بیان العقائد نسخه متنی
لطفا منتظر باشید ...
نعم إذا عُدَّ التوسّل وطلب الحاجة من الأوثان نوعاً من الشرك، فإنّما ذلك بسبب أن المشركين كانوا
يعتقدون أنّ الأوثان قادرة على تلبية حاجاتهم وتوفير
متطلّباتهم، والحال أنّها في الواقع أعجز من أن تفعل شيئاً لنفسها فضلاً عن غيرها، ولذلك ذمّ
القرآن الكريم اعتقادهم هذا بقوله:
( وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ لا يَسْتَطِيعُونَ
نَصْرَكُمْ وَ لا أََنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ ).(1)وقوله سبحانه:( إنَّ الّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ عِبادٌ أَمْثالُكُمْ... ).(2)وبعبارة مختصرة: إنّ المشركين اعتقدوا أنّ الأوثان تمتلك القدرة الخارقة على الفعل، ولذلك وقفوا
أمامها بمنتهى الذلّة والخضوع، مستمدّين منها العون لقضاء حوائجهم، ومعتقدين أنّها الفاعل التام
والمتصرف المطلق في عالم الخلق.وبالطبع أنّ طلب الحاجة بهذا النحو من الاعتقاد يعدّ و بلا شكّ ولا ريب حراماً قطعاً وشركاً جليّاً
لا يمكن الفرار منه.
وأمّا الدعاء وطلب الشفاعة من شخص قد منحه اللّه ذلك المقام فلا يُعدُّ شركاً، لعدم توفر شروط الشرك
فيه.
ثالثاً: إنّ للدعاء معنىً وسيعاً وشاملاً، وأحياناً يطلق على العبادة على نحو الاستعمال المجازي،
كما في قوله تعالى:
( ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ... ).(3)وكما ورد في الحديث:«الدُّعاء مخّ العبادة».(4)
والذي استدلّ به المانع لطلب الشفاعة من البشر،
والحال أنّ مثل هذه الاستعمالات الجزئية والمجازية لا تعتبر مبرراً ودليلاً لتفسير الدعاء
بالعبادة دائماً، ورفض طلب الحاجة من غير اللّه ودعائه، واعتبار ذلك أمراً غير معقول وأنّه شرك.(5)