فکر الخالد فی بیان العقائد نسخه متنی
لطفا منتظر باشید ...
2. أن نستعين بإنسان أو عامل طبيعي مع الاعتقاد بأنّه مستقل في وجوده وغني في فعله عن اللّه بحيث يستطيع مساعدتنا من دون الاتّكاء على القدرة الإلهية ومن دون أخذ الإذن والإجازة منه، فلا شكّ أنّ هذا الاعتقاد يكون شركاً، والاستعانة في هذه الحالة تكون مخالفة للآيات التي حصرت الاستعانة بذات اللّه سبحانه.
ولقد توهم صاحب المنار في بيانه لهذه الحقيقة إذ تصوّر أنّ حدّ التوحيد هو: أن نستعين بقدرتنا في تحصيل مقاصدنا. ونتعاون فيما بيننا ـ في الدرجة الأُولى ـ ثمّ نفوّض بقية الأمر إلى اللّه القادر ونطلب منه لا من سواه.(1)
إذ صحيح أنّنا يجب أن نستفيد من قدراتنا، أو من العوامل الطبيعية المادية، ولكن يجب بالضرورة أن لا نعتقد لها بأيّة أصالة وغنى واستقلال وإلاّ خرجنا عن حدود التوحيد.
فإذا اعتقد أحد بأنّ هناك ـ مضافاً إلى العوامل والقوى الطبيعية ـ سلسلة من العلل غير الطبيعية تستطيع بإذن اللّه وإجازته تقديم العون لمن استعان بها دون أن يكون لها أيُّ استقلال لا في وجودها ولا في أثرها، فإنّ هذا الفرد لو استعان بهذه القوى غير الطبيعية مع الاعتقاد المذكور لا تكون استعانته عملاً صحيحاً فحسب، بل تكون استعانة باللّه ذاته، كما لا يكون بين هذين النوعين من الاستعانة (الاستعانة بالعوامل الطبيعية والاستعانة بعباد اللّه الأبرار) أي فرق مطلقاً، فإذا كانت الاستعانة بالعباد الصالحين شركاً، لزم أن تكون الاستعانة في صورتها الأُولى هي أيضاً معدودة في دائرة الشرك.