فکر الخالد فی بیان العقائد نسخه متنی
لطفا منتظر باشید ...
من هذا البيان اتّضح انّ هناك صنفين من الآيات وردا في مسألة الاستعانة: صنف يحصر الاستعانة باللّه
فقط ويعتبره الناصر والمعين الوحيد دون سواه، والصنف الآخر يدعونا إلى سلسلة من الأُمور المعينة
غير اللّه ويعتبرها ناصرة ومعينة إلى جانب اللّه، واتّضح أيضاً انّه لا تعارض بين هذين الصنفين من
هذه الآيات.إلاّ أنّ فريقاً من الذين لا يدركون معارف القرآن العقلية نجدهم يتمسّكون بالصنف الأوّل من الآيات
فيخطّئون أيّ نوع من الاستعانة بغير اللّه، ثمّ يضطرون إلى إخراج الاستعانة بالقدرة الإنسانية
والأسباب المادية من عموم تلك الآيات الحاصرة بالاستعانة باللّه بنحو التخصيص، بمعنى أنّ
الاستعانة لا تجوز إلاّ باللّه، إلاّ في الموارد التي أذن بها وأجاز أن يستعان فيها بغيره، فطبقاً
لمنطق هؤلاء تكون الاستعانة بالقدرة الإنسانية والعوامل الطبيعية ـ مع أنّها استعانة بغير اللّه ـ
جائزة ومشروعة، في حين أنّ هدف الآيات هو غير هذا تماماً.فإنّ مجموع الآيات يدعو إلى أمر واحد وهو: عدم الاستعانة بغير اللّه ، وأنّ الاستعانة بالعوامل
الأُخرى يجب أن تكون بنحو لا يتنافى مع حصر الاستعانة باللّه، بل تكون بحيث تُعدّ استعانة باللّه لا
بغيره. وبتعبير آخر: إنّ المعين والناصر الوحيد هو الذي يستمد منه كلّ معين وناصر قدرته وتأثيره،
ليس إلاّ اللّه سبحانه،
ولكنّه ـ مع ذلك ـ توجد في الكون سلسلة من العلل والأسباب تستطيع بإذنه وأمره وقدرته أن تمدّ يد
العون لمن استعان بها، ولذلك تكون الاستعانة بها كالاستعانة باللّه، وذلك لأنّ الاستعانة بالفرع
استعانة بالأصل.