فتلاقوا في هذه المسائل مع المعتزلة بلتأثّروا بهم كما هو الحال في المسألةالتالية، فقد تأثرت الاباضية فيها عنالمعتزلة وخالفوا الشيعة وغيرهم منالطوائف الإسلامية.
4 ـ الشفاعة: دخول الجنّة بسرعة
إنّ مرتكبي الكبيرة عند الاباضية إذاماتوا بلا توبة، محكومون بالخلود فيالنار، فلأجل هذا الموقف المسبَّق في هذهالمسألة فسّروا الشفاعة بدخول المؤمنينالجنّة بسرعة، وفي الحقيقة خَصُّوها بغيرالمذنبين من الاُمّة، وهذا التفسير يوافقما عليه المعتزلة من أنّ الغاية منالشفاعة هو رفع الدرجة لامغفرة الذنوب.إنّ الشفاعة أمر مسلّم عند جميع المسلمينغير أنّهم اختلفوا في تفسيرها، وهؤلاءكالمعتزلة ذهبوا إلى أنّ شفاعة النبيّ بلشفاعة جميع الشفعاء لاتنال أهل الكبائرمتمسّكاً بقوله (صلّى الله عليه وآلهوسلّم): «ليست الشفاعة لأهل الكبائر مناُمّتي».
يقول السالبي في كتابه شرح أنوار العقول:«فإن قيل: المؤمنون مستوجبون للجنّةبأعمالهم فلا معنى للشفاعة، فالجواب أنّالشفاعة لهم هي طلب تنقلهم من المحشر،ودخولهم الجنّة بسرعة»(1).
يلاحظ عليه: أنّ الشفاعة مسألة قرآنية،وفي الوقت نفسه مسألة روائية وحديثية، فلايجوز لمسلم الإدلاء برأي إلاّ بعد الرجوعإلى المصدرين الرئيسيّين مجرّداً عن كلرأي، وأمّا تفسيرها على ضوء الرأي المسبقفهو من قبيل التفسير بالرأي الذي حذَّرعنه النبي في الحديث المتواتر عنه و قال:«من
1. صالح بن أحمد الصوافي: الإمام جابر بنزيد العماني: 256، نقلا عن مشارق أنوارالعقول: 294.