خرجا من عنده وهما غاضبان ويحتالانللخروج عن بيعته ونكثها، وفي ذلك الظرفالقاسي، وصل إليهما كتاب معاوية يدعوهماإلى نكث البيعة وأن أهلَ الشام بايعوالهما إمامين مترتبين، فاغترّا بالكتاب(1)وعزما النكث بجد.
ثم دخلا على علىّ فاستاذناه في العمرة،فقال: ما العمرة تريدان، فحلفا له باللهانّهما ما يريدان غير العمرة، فقال لهما:ماالعمرة تريدان، وانّما تريدان الغدرة،ونكث البيعة، فحلفا بالله ما الخلاف عليهولانكثَ بيعته يريدان وما رأيهما غيرالعمرة، فقال لهما: فأعيدا البيعة ليثانية، فأعاداها بأشدّ مايكون من الأيمانوالمواثيق، فأذنَ لهما فلمّا خرجا من عندهقال لمن كان حاضراً: والله لاترونهما إلاّفي فتنة يقتتلان فيها. قالوا: ياأميرالمؤمنين فمُرْ بردِّهما عليك.
قال: ليقضي الله أمراً كان مفعولا(2).
خروج عائشة إلى مكة
غادرت عائشة المدينة المنوّرة عندما حاصرالثوار بيت عثمان، ونزلت في مكة، ووصل خبرقتل الخليفة إليها وهي فيها، وكانت علىتطلُّع إلى أين انتهت الثورة وإلى من آلتإليه الخلافة، فغادرت مكة إلى المدينةفلمّا نزلت «سرف» لقيها عبد ابن اُمّ كلابفقالت له: «مهيم»؟ قال: قَتَلوا عثمانفمكثوا ثمانياً، قال: ثم صنعوا ماذا؟ قال:إجتمعوا على علىّ بن أبي طالب، فقالت: والله إنّ هذه انطبقت على هذه إن تمّ الأمرلصاحبك، رُدّوني رُدّوني، فانصرفت إلىمكّة وهي تقول: قتل والله عثمان مظلوماً،والله لأطلبنّ بدمه، فقال لها ابن اُمّكلاب: ولم؟ فوالله إنّ أوّلَ من اَمالَحرفه لأنت، ولقد كنت1. تقدم نص الكتاب.
2. ابن أبي الحديد: شرح نهج البلاغة، 1/231 ـ232.