3 - بعث الشخصيات لإرجاعهم عن غيّهم
قام الإمام بإرسال أكابر أصحابه رجاءهداية بعضهم، فبعث عبدالله بن عبّاس الىمعسكرهم فجرى بينه و بينهم مفاوضات ذكرهاالمؤرّخون، قال المبرّد: إنّأميرالمؤمنين لمّا وجّه إليهم عبدالله بنعبّاس ليناظرهم قال لهم: ما الذي نقمتم علىأميرالمؤمنين، قالوا له: قد كان للمؤمنينأمير، فلمّا حكم في دين الله خرج منالإيمان، فليتب بعد اقراره بالكفر نَعُدْإليه، قال ابن عباس: ما ينبغي لمؤمن لم يشبإيمانه بشك ان يقر على نفسه بالكفر، قالوا:إنّه حكّم، قال: إنّ الله أمر بالتحكيم فيقتل صيد فقال: (يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدَلمِنْكُمْ)(1) فكيف في إمامة قد أشكلت علىالمسلمين؟ فقالوا إنّه حكم عليه فلم يرض،فقال: إنّ الحكومة كالإمامة، متى فسقالإمام وجبت معصيته، و كذلك الحكمان لمّاخالفا نبذت أقاويلهما، فقال بعضهم لبعض:اجعلوا احتجاج قريش حجّة عليهم، فإنّ هذامن الذين قال الله فيهم (بَلْ هُمْ قَومٌخَصِمُونَ)(2) وقال جلّ ثناءه: (وَلتُنْذِرَبِهِ قَوْماً لُدّاً)(3).إنّ حوار ابن عباس معهم كان حجّة دامغةفقد احتجّ عليهم بالقرآن فما أجابوه بشيء.
والعجب انّهم كانوا يرون التحكيم علىخلاف الكتاب و السنّة وانّ الرضا بهبمنزلة الكفر، و مع ذلك كانوا يصرّون علىانّه يجب على الإمام أن يخضع لنتيجةالتحكيم، فإنّ الحكمين لمّا عزلاه عن مقامالحكومة يجب عليه التنازل. فما هذاالتناقض بين المبدأ والنتيجة، والتحكيمعندهم كفر وزندقة ولكن
1. المائدة: 95.
2. الزخرف: 58.
3. مريم: 97.