بحوث فی الملل والنحل نسخه متنی
لطفا منتظر باشید ...
فسّر القرآن برأيه فليتبوّء مقعده منالنار»(1). إنّ مسألة الشفاعة ليست مسألة جديدةابتكرها الإسلام وانفرد بها، بل كانت فكرةرائجة بين اُمم العالم من قبل، وخاصّة بينالوثنيين واليهود، فلو ذكرها القرآنفإنّما يذكرها بالمفهوم الرائج عندهم، لابمفهوم مغاير، فلو أمضاها، فإنّما أمضاهابهذا المفهوم، ولو هذّبها من الخرافاتوحدّدها في اطار خاص فإنّما هذّب ذلكالمفهوم وحدّده، ومن المعلوم أنّ الشفاعةعندهم إنّما هو لغفران الذنوب لالرفعالدرجة أو سرعة التنقّل إلى الجنّة، ولأجلذلك كانوا يرجون لصلتهم بالأنبياء حطَّذنوبهم، وغفران آثامهم، وكان المتطرّفونمنهم يرتكبون الذنوب تعويلا على الشفاعة. وفي هذا الموقف وردّاً على ذلك التطرّفالباعث للجرأة، يقول سبحانه: (مَنْ ذَاالّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إلاّبِاِذْنِهِ )(2) ويقول أيضاً رفضاً لتلكالشفاعة المقترنة بالخرافة: (وَلايَشْفَعُونَ إلاّ لِمَنِ ارْتَضَى)(3). ومن تدبّر في الآيات الواردة حول الشفاعةأيجاباً وسلباً، يقف على أنّ الإسلامقَبِلَ الشفاعة بنفس المفهوم الرائج بينالاُمم، لكن حدّدها بشروط وجعل لها إطاراًخاصّاً، وعلى ضوء ذلك فتفسير الشفاعةبدخول الجنّة بسرعة، نبع من العقيدة بخلودالعصاة في النار إذا ماتوا بلاتوبة، فلأجلذلك إلتجأوا إلى تفسير الشفاعة بغيرالمعنى المعروف. نعم يجب إلفات نظر القارىء إلى أمر هامّ: إنّ بعض الذنوب الكبيرة ربّما تقطعالعلائق الإيمانية بالله سبحانه كما