بحوث فی الملل والنحل نسخه متنی
لطفا منتظر باشید ...
والخروج عن الدين، ولو استعمل في كفرالنعمة فانّما استعمل مورد أو موردين، هذامن جانب، ومن جانب آخر انّ لفظ الكفروالكافر يعطيان مفهوماً خاصّاً يهزّالقلوب ويروّعها، إذ لايقصد منه إلاّالخروج عن الدين فاستعمال ذلك في كلّمعصية كبيرة، يقلّل من شدّة خطره ويُصغّرأمره العظيم. والأثر الخاص الذي ادّعاهلكلمة النفاق، موجود في كلمة الكفر بوجهأشدّ. فلو عدلوا عن إعماله، فليعدلوا عناطلاق كلمة الكفر لأجله والكلمتانمشتركتان في أثر السيّىء. أوليس الأولى للاباضية أن ينتهجوا نهججميع المسلمين فيختاروا لفظاً غيره فيمورد ركوب الكبيرة؟ وقد تنبّه لما ذكرناه الكاتب الاباضي حيثعلّق على ماينسب إلى الاباضية: «المخالفونكفّار نعمة لا كفّار في الاعتقاد» قوله: لاشكّ انّ أيّ مسلم إذا قيل له: «إنّالاباضية يعتبرونك غير مسلم، ويرونككافراً» يتملّكه الغضب ويعتبرهم فرقةضالّة ظالمة تستحقّ اللعن، ولن ينتظر منكأن تشرح له الفرق بين معاني الكفر(1). ولكن اللوم متوجّه عليه وعلى أسلافه لالأصحاب المقالات فإنّهم استعملوا لفظالكفر في حق المخالفين غير أنّ المتطرّفينفسّروه بالكفر في الاعتقاد وغيرهم فسّروهبكفر النعمة مستشهدين بأنّه ورد لفظ الكفرفي مورد المرتكبين للكبائر، ونقلوا عنالرسول الأعظم أنّه قال: الرشوة في الحكمكفر، وقوله من أتى كاهناً أو عرّافاًفصدّقه فيما يقال فقد كفر بما اُنزل علىمحمّد(2).