بحوث فی الملل والنحل نسخه متنی
لطفا منتظر باشید ...
وأنّ المغيرة بن شعبة قد كان أشار عليّ أناستعمل معاوية على الشام وأنا بالمدينة،فأبيت ذلك عليه ولم يكن الله يراني أتّخذالمضلّين عضداً، فإن بايعك الرجل، وإلاّفاقبل (1). كتب معاوية إلى علي مرة اُخرى قبل ليلةالهرير بيومين أو ثلاثة يسأله اقراره علىالشام، وذلك انّ عليّاً قال: لاُناجزنَّهممصبحاً، و تناقل الناس كلمته، ففزع أهلُالشام لذلك، فقال معاوية: قد رأيت أناعاوِدَ عليّاً وأسأله اقراري على الشام،فقد كنت كتبت إليه ذلك، فلم يجب إليهولاُكْتُبنّ ثانية، فألقي في نفسه الشك والرقّة، فكتب إليه: «أمّا بعد....وقد كنت سألتك الشام على الاّتلزمني لك بيعة و طاعة، فأبيت ذلك عليّفأعطاني الله مامنعت وأنا أدعوك اليوم إلىما دعوتك إليه أمس...». فكتب في جوابه: «...وأمّا طلبك إليّ الشامفإنّي لم أكن لاُعطيك اليوم مامنعتكأمس»(2). هذه الكتب وغيرهما من القرائن والشواهد،تعرب عن أنّ الغاية الوحيدة لابن أبيسفيان، هو الولاية على الشام وبقاؤه فيالحكم، مادام عليّ على قيد الحياة، ثمالسيطرة على جميع البلاد الاسلامية،وأمّا طلب ثأر عثمان، والقصاص من قتلته،فكلّها كانت واجهة لما كان يضمره ويخفيه،ولأجل ذلك نرى أنّه لمّا تمّ الأمرلصالحه، تناسى قتلة عثمان وتناسى الأخذبثأره، وليس هذا ببعيد من الساسة الذين لايتحلون بالمبدئية في سلوكهم، ويرفعونعقيرتهم بشعارات خادعة من أجل تحقيقأطماعهم الشخصية.