فقلت : ان ابى و أمي على النصرانية واهل بيتي ، و أمي مكفوفة البصر فأكون معهم و آكل في آنيتهم ؟ فقال يأكلون لحم الخنزير ؟ فقلت : لا و لا يمسونه ، فقال : لا بأس فانظر امك فبرها ، فإذا ماتت فلا تكلها إلى غيرك ، كن أنت الذي تقوم بشأنها و لا تخبرن احدا انك اتيتنى حتى تأتيني بمنى ان شاء الله قال : فاتيته بمنى و الناس حوله كانه معلم صبيان هذا يسأله و هذا يسأله فلما قدمت الكوفة الطفت لا مى و كنت أطعمها و افلى ثوبها و رأسها و اخدمها فقالت لي : يا بني ما كنت تصنع بي هذا و أنت على ديني فما الذي ارى منك منذ هاجرت فدخلت في الحنيفية ؟ فقلت : رجل من ولد نبينا أمرني بهذا فقالت : هذا الرجل هو نبى ؟ فقلت : لا و لكنه ابن نبى فقالت : با بني هذا نبى ان هذه وصايا الانبياء ، فقلت : يا امه انه ليس يكون بعد نبينا نبى و لكنه ابنه فقالت : با بني دينك خير دين ، أعرضه على فعرضته عليها فدخلت في الاسلام و علمتها فصلت الظهر و العصر و المغرب و العشاء الآخرة ، ثم عرض لها عارض في الليل ، فقالت : يا بني أعد على ما علمتني فاعدته عليها ، فأقرت به و ماتت ، فلما اصبحت كان المسلمون الذين غسلوها و كنت انا الذي صليت عليها و نزلت في قبرها .1 .و سائل الشيعة ج 2 ب 14 من أبواب النجاسات ح 1 .
1 .و سائل الشيعة ج 2 ب 14 من أبواب النجاسات ح 9 .
1 .أقول : و قد حمله كذلك شيخنا البهائي قدس سره في الحبل المتين ص 99 فانه بعد ان اعترف بان جواز الوضوء بسؤر هم إذا اضطر اليه دليل على طهارتهم قال : و ظني انه لا يبعد ان يقال ان الاضطرار يجوز ان يكون كناية عن التقية فان المخالفين من العامة على طهارتهم انتهى و قال في مشرق الشمسين في ذيل الخبر : قوله عليه السلام في آخر الحديث : الا ان يضطر اليه مما يتأيد به القول بعدم نجاسة اليهود و النصارى و بعض الاصحاب حمل الوضوء في الحديث على ازالة الوسخ .و لا يخفى ان ذكر الصلاة ينافيه و بعضهم حمل على تسويغ الاستعمال عند الضرورة على الاستعمال في الطهارة فالمعنى الا ان يضطر اليه في الطهارة و هو بعيد .ثم قال : و الاولى حمل الاضطرار على ما إذا دعت التقية إلى استعماله و عدم التحرز عنه كما يقع كثيرا لا صحابنا الامامية في بلاد المخالفين فانهم قائلون بطهارة أهل الكتاب انتهى كلامه .
كلمة حول الرأى المختار
الاضطرار فلا يلزم الاجتناب عنه ، إلى ذلك من الروايات .1 كلمة حول الرأي المختار قد علمت ان الاخبار التي استدل بها على طهارة أهل الكتاب حملناها اما على التقية ، و اما على الاضطرار ، و اما على ذلك ، و السبب في ذلك الذي هو حجة لي بيني و بين الله و قد حملنى على ان ادع هذه الروايات و اتركها هو انها مع صحة اسناد قسم منها معمول بها ، فترى انها اما صحيحة و اما موثقة ، و قد رواها الفحول و جهابذة العلماء الاكابر مثل الكليني و الصدوق و الشيخ الطوسى رضوان الله عليهم أجمعين الذين هم في الحقيقة حلقات الترابط بين لاحق الامة الاسلامية و سابقها و الوسائط بين الشيعة و ائمتهم المعصومين عليه السلام و قد او دعوا هذه الاخبار في كتبهم و وصلت إلينا بواسطتهم ، و مع تمام هذه الجهات و شدة اهتمامهم بالتعبد بما وصل إليهم ، و وقع بأيديهم ، من الائمة الطاهرين ، فهم1 .أقول : كرواية عيص بن القاسم عن الصادق عليه السلام قال : سألت ابا عبد الله عليه السلام عن مؤاكلة اليهودي و النصراني فقال : لا بأس إذا كان من طعامك .و سألته عن مؤاكلة المجوسي فقال : إذا توضأ فلا بأس .التهذيب ج 9 ص 88 قال الفاضل المقداد رضوان الله عليه : و ليس فيها حجة على الطهارة و الا لم يحتج إلى قوله : ( إذا كان من طعامك ) و يمكن حملها على طعام جامد .و المراد بالتوضؤ كما قال هو ايضا هو غسل يده راجع التقيح الرائح الرائع ج 4 ص 53 و قال المحقق في المختصر النافع : و فى رواية إذا اضطر إلى مواكلته - اى الذمي - امره بغسل يده ، و هي متروكة انتهى .و قال الفاضل السيوري في شرحه : لم نقف على رواية بطهارة الذمي ، فان وجد شيء فهو محمول على التقية ، و اما روايات النجاسة فكثيرة و لذلك جعلها هى الاشهر خصوصا مع موافقتها للكتاب في قوله تعالى : ( انما المشركون نجس ) واهل الذمة مشركون لما تقدم في النكاح انتهى راجع التنقيح ج 4 ص 53 .
كلمة من بعض الاجلاء
بأنفسهم تركوا هذه الرويات ، و اعرضوا عنها ، و لم يعملوا بها ، و هذا بنفسه إمارة اجمالية كاشفة عن خلل فيها ، و هو العلة الوحيدة في ضعف تلك الاخبار و أقوى حجة عليه ، فان الخبر كلما كان صريحا من حيث الدلالة و صحيح من حيث السند فهو يضعف و يسقط بسبب الاعراض عنه ، لا سيما هذا الاعراض ، اى اعراض ناقليه و رواته عنه ، فانه يوجب الوهن فيه جدا ، و ما نحن فيه كذلك ، فانها مع كونها صريحة الدلالة ، صحيحة السند ، لم يعمل ناقلوها بها و نحن نفهم ان عدم اعتنائهم بها و افتاءهم بالطهارة كان لا جل نكتة ثابتة وجهة محققة عندهم ، حملتهم على الافتاء بخلافها كعلمهم بصدورها تقية ، أو وجود قرينة في مقام الدلالة أو ذلك من الامور و النكات .و الحاصل : انها صدرت عنهم عليهم السلام لمصلحة من المصالح فهي ساقطة عن الحجية و حينئذ تبقي اخبار النجاسة سالمة بلا معارض ، فيعمل بها ، و قد ثبت ان ادلة القائل بالطهارة أصلا و آية و رواية لم تنفع شيئا و لا دلالة أصلا و ان كل هذه الآثار لا تثبت المقصود الذي يحاوله هذا القائل .كلمة من بعض الاجلاء بقي الكلام هنا في ما أورده بعض المعاصرين - عند التعرض للروايات التي يستظهر منها الطهارة و الا يراد عليها - بقوله : نعم تشكل موثقة عمار المتضمنة تغسيل النصراني للمسلم إذا لم يوجد مسلم أو مسلمة ذات رحم و تغسيل النصرانية للمسلمة كذلك فان البناء على وجوب التغسيل بالماء النجس بعيد جدا لانه يزيد الميت نجاسة ، و حمله على التغسيل بالكثير أبعد ، و لا جل ذلك رد الموثقة المذكورة بعضهم لمخالفتها للقواعد لكن المشهور بين القدماء1 .مستمسك العروة الوثقى ج 1 ص 374 ، و اما موثقة عمار فراجع الوسائل ج 2 ب 19 من أبواب غسل المبت ح 1 و جامع أحاديث الشيعة ب 18 من أبواب التغسيل ح 49 2 .هكذا افاد دام ظله هنا لكنه قد ذكر في بحث غسل الاموات وجوها اخر كما قررناها في كتابنا : مناهل الحياة في أحكام الاموات و لعله يطبع انشاء الله تعالى .3 .مستمسك العروة الوثقى ج 1 ص 377