و لو كان الغسل واجبا على بني آدم لم يكتف رسول الله صلى الله عليه و سلم بغسل الملائكة إياه و حيث اكتفى دل أنه لم يكن واجبا و لابي حنيفة رضى الله عنه حديث حنظلة فانه لما استشهد يوم احد غسلته الملائكة فسأل رسول الله صلى الله عليه و سلم أهله عن حاله فقالت زوجته أصاب منى فسمع الهيعة فاعجله ذلك عن الاغتسال فاستشهد و هو جنب فقال عليه الصلاة و السلام هو ذاك .و لما مات سعد بن معاذ رحمه الله تعالى قال عليه الصلاة و السلام بادروا بغسل سعد لا تبادرنا به الملائكة كما بادرونا بغسل حنظلة فهو دليل على ان حنظلة لو لم تغسله الملائكة حتى علم رسول الله صلى الله عليه و سلم حاله لغسله و انما لم يعد لان الواجب تأدى بفعل الملائكة فانهم غسلوا آدم ثم قالوا هذه سنة موتاكم و لم يعد أولاده غسله ثم صفة الشهادة تمنع وجوب الغسل بالموت و لا تسقط ما كان واجبا ألا ترى أنه لو كان في ثوب الشهيد نجاسة تغسل تلك النجاسة و لا يغسل الدم عنه فكذلك ههنا في حق الطاهر الغسل يجب بالموت فصفة الشهادة تمنع منه و فى حق الجنب الغسل كان واجبا قبل الموت فلا يسقط بصفة الشهادة و على هذا الاختلاف إذا انقطع دم الحيض ثم استشهدت فان استشهدت قبل انقطاع الدم فيه روايتان عن أبى حنيفة رضى الله تعالى عنه .احداهما انها لا تغسل لان الاغتسال ما كان واجبا عليها قبل الانقطاع .و الاخرى أنها تغسل لان الانقطاع قد حصل بالموت و الدم السائل موجب للاغتسال عند الانقطاع و الله سبحانه و تعالى أعلم ( باب غسل الميت ) أعلم بان غسل الميت واجب و هو من حق المسلم على المسلم قال عليه الصلاة و السلام للمسلم على المسلم ستة حقوق و فى جملته ان يغسله بعد موته و لكن إذا قام به بعض المسلمين سقط عن الباقين لحصول المقصود ثم ذكر أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم رضى الله عنهما قال يجرد الميت إذا أريد غسله لانه في حالة الحياة كان يتجرد عن ثيابه عند الاغتسال فكذلك بعد الموت يجرد عن ثيابه و قد كان مشهورا في الصحابة حتى انهم لما أرادوا ان يفعلوه برسول الله صلى الله عليه و سلم نودوا من ناحية البيت اغسلوا نبيكم صلى الله عليه و سلم و عليه قميصه فدل أنه كان مخصوصا بذلك ( قال ) و يوضع على تخت و لم يبين كيفية وضع