مبسوط جلد 28
لطفا منتظر باشید ...
إلى المعاملات فكما أن الوصية فيما زاد على الوصية و الوصية لبعض الورثة لا تجوز من المسلم مراعاة لحق ورثته فكذلك لا تجوز من الذمي و ان أوصى لغير أهل ملته فهو جائز لانهم أهل ملة واحدة في حكم الارث فكذلك في حكم الوصية و ان أوصى لحربي في دار الحرب لم تجز لتباين الدارين بينهما حقيقة و حكما و لهذا لا يجرى التوارث بينهما و ان أوصى الذمي للبيعة أو للكنيسة أن ينفق عليها في إصلاحها أو أوصى أن يبنى بماله بيعة أو كنيسة أو بيت نار أو أوصى بأن يذبح لعيدهم أو للبيعة أو لبيت نارهم ذبيحة جاز في قول أبى حنيفة و لم يجز شيء منه في قول أبى يوسف و محمد ( و وصايا أهل الذمة على ثلاثة أوجه ) منها أن يوصى بما هو قربة عندنا و عندهم كالوصية بالصدقة و العتق و الاسراج في البيت المقدس فهذا يجب تنفيذه من ثلثه بالاتفاق كما يجب تنفيذه إذا كان الموصى مسلما فانهم يتقربون إلى الله تعالى بذلك بزعمهم و ان كانوا لا يثابون على ذلك و وجه منها أن يوصى بما هو قربة عندنا معصية عندهم كالوصية بالحج و الغزو إلى الروم إذا كان الموصى منهم فهذه الوصية تبطل لانه لا يعتقد القربة فيه و انما أمرنا أن نبنى الاحكام على ما يعتقدون الا أن يوصى بشيء من ماله لاقوام معينين يصرفونه إلى هذه الجهة فحينئذ تنفذ الوصية لا عيانهم لا لمعنى القربة و هو نظير المسلم يوصى بشيء من ماله للمغنيات أو للنائحات فان كانوا أقواما بعينهم يحصون جازت الوصية لهم و الا بطلت و وجه منها أو يوصى بما هو قربة عندهم معصية عندنا و هذا عند أبى حنيفة رحمه الله بمنزلة الوجه الاول يجب تنفيذها و عندهما بمنزلة الوجه الثاني لانه ليس في هذه الوصية معنى القربة حتى يقال انها وقعت لله تعالى فإذا لم يكن لقوم معينين كان كان الموصى له مجهولا جهالة مستبهمة فلا تصح الوصية و ان كان لاقوام معينين فهذه وصية منه لهم فيجب تنفيذها كما في الوجه الثاني و أبو حنيفة يقول الموصى في هذه الوصية قصد التقرب إلى ربه فيجب تنفيذ وصيته و ان كان لا يثاب عليه أو كان معصية في الحقيقة كما في الوجه الاول فان إصراره على الكفر و اشتغاله بالوصية معصية منه و هو مثاب على ما يوصى به من الصدقة و مع ذلك يجب تنفيذ وصيته و هذا لانا أمرنا بان نبنى احكامهم على ما يعتقدون ( ألا ترى ) انا نجوز التصرف منهم في الخمر و الخنزير بناء على اعتقادهم و انما نعتبر ما يظهرون من أن نعتبر حقيقة ما يضمرون في ذلك و لهذا يحلفون بالله في الخصومات و الدليل عليه ان فيما تبطل الوصية بغير اعتقادهم لا اعتقاد المسلمين فكذلك فيما تصح الوصية و ان بني في حياته بيعة أو كنيسة أو بيت نار ثم