و الضرورة التي اعتادوها لا تتحقق فانا أمرنا أن نمنعهم من الاجتماع للعب فتندفع هذه الضرورة بمنعنا إياهم عن ذلك و لا يستحلف المدعى شهوده عندنا و كان ابن أبى ليلي يقول عليه اليمين مع شهوده على قول على بن أبى طالب رضى الله عنه و لكنا لا نأخذ به لقوله عليه السلام البينة على المدعي و اليمين علي من أنكر فهذا دليل على انه لا يمين في جانب المدعى و لان التقسيم الذي ذكره صاحب الشرع عليه السلام دليل على انهما لا يجتمعان في جانب واحد يعنى البينة و اليمين و إذا لم يكن للمدعي شهود كان اليمين على المدعى عليه فان قال المدعى عليه أنا أرد اليمين فانه لا ترد اليمين عليه عندنا و قال ابن أبى ليلي إذا اتهمت المدعى رددت اليمين عليه في دعوى الديون لانها مشروعة لدفع التهمة بها و لكنا نقول اليمين لا بقاء ما كان على ما كان لا لاثبات ما لم يكن و حاجة المدعى إلى إثبات ما لم يكن ثابتا و اليمين لا تصلح حجة في ذلك ثم هو مخالف للنص فان النبي صلى الله عليه و سلم قال للمدعى ليس لك الا هذا شاهداك أو يمينه فهو تنصيص على انه لا يمين في جانب المدعى قال و كان ابن أبى ليلي رحمه الله يستحلف علي الصلح في الميراث و غيره و نحن نقول أيضا يستحلف علي الصلح في الميراث و غيره فاما أن يكون مراده من ذلك أنه كان يستحلف المدعى فيتحقق فيه الخلاف أو مراده انه كان يستحلف في ذلك من طلب المدعى فيتحقق فيه الخلاف لان عندنا لا يستحلف في ذلك من طلب فيتحقق فيه الخلاف لان عندنا لا يستحلف الا عند طلب المدعي فان اليمين حق المدعى بدليل ما روينا فيه فانما يستحلف عند طلبه أو يكون مراده انه يستحلف على العلم في الصلح في الميراث و غيره و عندنا يستحلف على الثبات إذا كان يدعى عليه صلحا باشره لانه استحلاف على فعل نفسه فيكون على الثبات و إذا مات الرجل و ترك إمرأة و ولدا و لم يقر بحبل إمرأته فجاءت بولد بعد موته بأيام و شهدت إمرأة على ولادتهما لم يثبت نسبه فلم يرث في قول أبى حنيفة و قال ابن أبى ليلي رحمه الله يثبت نسبه و هو يرث و هو قول أبى يوسف و محمد و قد تقدم بيان المسألة في كتاب الطلاق ان عند أبى حنيفة شهادة المرأة الواحدة لا تكون حجة على الولادة في إثبات النسب الا أن يكون هناك حبل ظاهر أو فراش قائم أو اقرار من الزوج بالحبل و عند انعدام هذه المعاني لا يثبت النسب الا بشهادة رجلين أو رجل و إمرأتين و عند أبى يوسف و محمد شهادة القابلة على الولادة حجة تامة لاثبات النسب بدون هذه الشروط و قول ابن أبى ليلي رحمه الله كقولهما و إذا كان الرجل عبدان ولدا في ملكه
(155)
من أمته فأقر في صحته ان أحدهما ابنه ثم مات و لم يبين لم يثبت نسب واحد منهما عندنا و يسعى كل واحد منهما في نصف قيمته و كذلك الامتان و كان ابن أبى ليلي يقول يثبت نسب أحدهما و يورثهما ميراث ابن واحد و يوجب علي كل واحد منهما السعاية في نصف قيمته لان النسب مما لا يحتمل الدفع بعد ثبوته فالإِقرار به للمجهول صحيح كالعتق و الطلاق فانه لو أقر بعتق أحد عبديه أو طلاق أحد المرأتين كان ذلك صحيحا و الدليل عليه انه يعتق أحدهما في هذا الموضع باتفاق و ثبوت الحرية لا يكون الا بعد صحة الاقرار و هو انما أقر بالنسب فلو لم يصح إقراره بذلك لم تثبت الحرية لواحد منهما ثم قد يختلط ولده بولد أمته فلا يعرف ولده الذي هو ثابت النسب منه من ولد أمته فلو لم يصح إقراره مع هذه الجهالة أدى إلى إلحاق الضرر به و لكنا نقول النسب مما لا يحتمل التعليق بالشرط و ما لا يحتمل التعليق بالشرط لا يصح إيجابه في المجهول كالنكاح و البيع و هذا لان الايجاب في المجهول بمنزلة التعليق بخطر البيان و النسب لا يحتمل التعليق بسائر الاخطار فكذلك بخطر البيان بخلاف العتق و الطلاق الا أن إقراره و ان لم يعتبر في حق النسب فانه يكون معتبرا في حق العتق بمنزلة ما لو أقر لمن هو معروف النسب من الغير انه ابنه لا يقبل إقراره و ان لم يعتبر في حق النسب فانه يكون معتبرا في حق العتق بمنزلة ما لو أقر لمن هو معروف النسب من الغير انه ابنه لا يقبل إقراره و ان لم يعتبر في حق النسب فانه يكون معتبرا في حق العتق تميز أحدهما بغير عينه و هو عتق في الصحة فيسعى كل واحد منهما في نصف قيمته و عند ابن أبى ليلي لما ثبت نسب أحدهما ثبت العتق أيضا و ليس أحدهما بأولى من الآخر فيسعى كل واحد منهما في نصف قيمته و يرثان ميراث ابن واحد لثبوت نسب أحدهما و اعتبر هذا يولد جارية بين رجلين ادعياه ثم مات الولد فانهما يرثانه ميراث أب واحد الا أن نقول هناك هو ثابت النسب منهما كما قال عمر و على رضى الله عنهما و هو ابنهما يرثهما و يرثانه وهنا لا نقول بان نسبهما ثابت منه و لا يمكن إثبات نسب أحدهما بغير عينه و الميراث لا يكون قبل ثبوت النسب ( ألا تري ) ان في معروف النسب و ان ثبت العتق بإقراره لا يثبت الميراث فكذلك هنا قال و كان ابن أبى ليلي لا يورث مولى الموالاة شيأ و هو قول زيد بن ثابت و قد بينا المسألة في كتاب الفرائض و إذا اشترك الرجلان شركة مفاوضة لاحدهما و ألف درهم و للآخر أكثر من ذلك فعندنا هذه ليست بمفاوضة لكنها عنان عام و قال ابن أبى ليلي هى
(156)
مفاوضة المال بينهما نصفان فبيننا و بينه اتفاق ان من شرط المفاوضة المساواة في رأس المال و قلنا لما انعدم ما هو شرط صحة المفاوضة لم تكن الشركة مفاوضة بينهما و لكنه عنان عام فكانهما باشرا شركة العنان و لقباها بلقب فاسد و هو يقول قصدا بصحيح المعاوضة و لا وجه لتصحيحهما الا بعد أن يصير أحدهما مملكا بعض رأس ماله من صاحبه ليستوي به فيجعل كانه وهب منه بعض رأس المال حتى يحصل مقصودهما بمنزلة ما لو قال لغيره أعتق عبدك عني على ألف درهم بدرج التملك في كلامه ليحصل مقصودهما و هذا مستقيم على أصله فانه يجوز هبة المتاع فيما يحتمل القسمة من الشريك و هذا لا يجوز عندنا و الظاهر انهما لم يقصداه لان اشتراط المساواة في رأس المال في هذه الشركة من دقائق العلوم لا يعرفه الا الخواص من الناس و بين العلماء رحمهم الله فيه اختلاف فلعل المتعاقدين بنيا هذا العقد على قول من يرى جوازه مع التفاوت في رأس المال و لا يجوز إبطال شيء من الملك على أحدهما بالاحتمال قال ابن أبى ليل رحمه الله في عبد بين رجلين كاتبه أحدهما بغير اذن شريكه فالمكاتبة جائزة و ليس للشريك أن يردها لان المكاتبة توجب استحقاق الولاء و العتق فإذا نفذ من أحد الشريكين في ملكه لا يجوز للآخر أن يبطله كحقيقة الاعتاق و الكتابة بمنزلة البيع من حيث انه يعتمد الفسخ و يعتمد التراضى و لا يجوز الا بتسمية البدل فكما ان أحد الشريكين إذا باع نصيبة لم يكن للآخر أن يبطله فكذلك الكتابة و عندنا للآخر أن يرد الكتابة لان في ابقاء هذا العقد ضررا على شريكه من حيث انه يتعذر عليه التصرف في نصيبه و تتعذر عليه استدامة الملك بعد اداء بدل الكتابة و من تصرف في ملكه تصرفا يلحق الضرر بغيره فان ذلك الغير يتمكن من دفع الضرر عن نفسه ( ألا ترى ) ان للشفيع أن يأخذ الشقص بالشفعة لدفع الضرر عن نفسه و هذا العقد يحتمل الفسخ فقلنا يدفع الشريك الضرر عن نفسه بفسخه ( ألا ترى ) ان المكاتب إذا كسر نجما أو نجمين كان للمولى أن يفسخ الكتابة لدفع الضرر عن نفسه و ان المكاتب متى عجز عن اداء بدل الكتابة كان له أن يفسخ العقد لدفع الضرر عن نفسه و به فارق حقيقة العتق فانه محتمل للفسخ فدفع الضرر عنه يكون بالتضمين هناك و به فارق البيع لانه لا ضرر على الشريك في ابقاء البيع في نصيب الشريك فإذا أعتقه الشريك الآخر نفذ عتقه في نصيبه عندنا لبقاء ملكه في نصيبه بعد الكتابة على ما كان قبله و عند أبى ليلي لا ينفذ عتقه حتى ينظر ما يصنع المكاتب فان أدى بدل الكتابة عتق و على الذي كاتبه نصف قيمته و الولاء
(157)
كله له لانه استحق ولاءه بعقد الكتابة فلا يملك الشريك إبطال هذا الاستحقاق عليه بالاعتاق كما لا يملكه بفسخ الكتابة عنده و هو بناء على أصله أن الكتابة لا تجزأ فإذا أدى البدل عتق الكل من جهته فصار ضامنا نصف قيمته لشريكه اما لانه يملك نصيب شريكه أو لانه أفسد على شريكه نصيبه و ان عجز المكاتب نفذ العتق من الآخر حينئذ لان المانع قد زال و هو أن للمكاتب حق الولاء و عند أبى حنيفة الكتابة تجزأ فالمكاتب لم يصر مستحقا نصيب الشريك فلهذا نفذ العتق من الشريك في نصيبه و يسعى المكاتب في بدل الكتابة و ان شاء في نصف قيمته للشريك الآخر و هذا الخيار عنده باعتبار أن العتق يحتمل التجزى و لو أن مملوكا بين اثنين دبره أحدهما لم يكن للآخر أن يبيع حصته عندنا و له ذلك عند ابن أبى ليلي و هذا بناء علي أن استحقاق العتق يثبت بالتدبير عندنا حتى يمتنع على المدبر بيع نصيبه فيمتنع على الشريك أيضا بيع نصيبه اعتبار الحق العتق بحقيقة العتق و لا بن أبى ليلي أحد الطريقين اما أن يقال التدبير تعليق العتق بالشرط فلا يثبت به استحقاق العتق و لا يمتنع البيع في نصيب المدبر و لا في نصيب شريكه كما هو مذهب الشافعي أو يقول استحقاق العتق بالتدبير باعتبار أنه تعليق بمطل الموت و هذا المعنى وجد في حق المدبر خاصة فلا يظهر الاستحقاق في حق الشريك و لكن يجعل في حق الشريك هذا كالتعليق بسائر الشروط فلا يمتنع البيع و على هذا قال إذا دبره أحدهما ثم أعتقه الآخر فالعتق جائز و التدبير باطل لان في حق المعتق التدبير بمنزلة التعليق بشرط آخر و العتق عنده لا يتجزأ فينفذ العتق في جميعه و من ضرورة نفوذ العتق بطلان التدبير فيضمن المعتق نصف قيمته لشريكه ان كان موسرا كما لو أعتقه قبل التدبير و لكن ثبت لنا أن بالتدبير يثبت استحقاق العتق كما يثبت بالاستيلاد و قد قررنا هذا في العتق كما أنه إذا نفذ الاستيلاد من أحدهما في نصيبه لم يبطل ذلك بإعتاق الاخر فكذلك إذا نفذ التدبير و هذا لان الولاء بالتدبير صار مستحقا له حتى إذا عتق بعد موته يكون ولاؤه له فلا يتمكن الآخر من إبطال هذا الولاء عليه و إذا ورث أحد المتفاوضين ما لا فهو له دون شريكه عندنا و قال ابن أبى ليلي هو بينهما نصفين لان مقتضى عقد المفاوضة الشركة بينهما في الملك الذي يحدث لاحدهما بعده كما لو ملك أحدهما شيأ بسبب التجارة و لكنا نقول عقد المفاوضة انما يوجب الشركة بينهما فيما يحصل بطريق التجارة لان كل واحد منهما يكون وكيلا لصاحبه في ذلك التصرف و هذا في الارث لا يتحقق ثم الملك
(158)
بالميراث ليس بحادث فان الوراثة خلافة فيبقى للوارث الملك الذي كان ثابتا للمورث و سبب هذه الخلافة لم يوجد في حق الشريك و لو قلنا بأن المفاوضة توجب الشركة بينهما في الموهوب و الموروث لبطلت في نفسها لانها تصير في معنى القمار و المحاظرة و ذلك باطل شرعا و إذا كان الموروث للوارث خاصة فان كان ذلك من النقود التي تصلح أن تكون رأس مال الشركة بطلت المفاوضة لوجود التفاوت في رأس المال و الطارئ بعد العتق قبل حصول المقصود به كالمقترن بالسبب و إذا كاتب الرجل عبدا و للعبد مال فماله لمولاه الا أن يشترطه المكاتب عندنا و قال ابن أبى ليلي المال للمكاتب لان المولى يعقد الكتابة بقصد تمكينه من التصرف ليؤدى بدل الكتابة من الكسب الحاصل بتصرفه و لا يتمكن من التصرف الا برأس المال فباعتبار هذا المعنى يجعل كأنه شرط له ما في يده من المال بخلاف بيعه من غيره فالمقصود هناك تمليك العين و ذلك حاصل و ان لم يدخل ماله في العقد و هو نظير الشرب و الطريق يدخل في الاجارة من ذكر لتحصيل مقصوده و هو الانتفاع و ان كان لا يدخل في البيع الا بالذكر و قيل في تأويل قوله تعالى و آتوهم من مال الله الذي اتاكم ان المراد هذا و هو أن يترك له ما في يده من الكسب ليتصرف فيه لكنا نقول ما اكتسبه قبل عقد الكتابة ملك المولى فهو بمنزلة مال آخر للمولى في يده فلا يستحقه المكاتب بمطلق الكتابة و هذا لان الاستحقاق بالعقد انما يثبت فيما يضاف اليه العقد و انما أضيف العقد هنا إلى رقبته دون ماله فلا يستحق به المال كما في البيع و نحن نسلم أنه بعقد الكتابة يمكنه من التصرف و لكن يمكنه من ذلك لمنافعه لا لماله و بعقد الكتابة يصير هو أحق بمنافع نفسه عندنا ثم يجوز فسخ الكتابة عند القاضي عندنا كما يجوز عقد الكتابة و عند ابن أبى ليلي لا يكون رد المكاتب في الرق الا عند القاضي لانه ينبنى على العجز عنده اداء بدل الكتابة و لا يتحقق العجز الا بقضاء القاضي و قد بينا هذا في كتاب المكاتب و قول ابن أبى ليلي كقول أبى يوسف انه لا يرد إلى الرق حتى يجتمع عليه نجمان و قال ابن أبى ليلي كفالة المكاتب و نكاحه باطلان لان النكاح يعتمد الولاية و الرق يبقى الولاية و عندنا لا يملك أن يزوج نفسه و لا عبده و لكن يملك أن يزوج أمته لما فيه من اكتساب المال و بطلان كفالته عنده ليس بطريق أنه ينزع و لكن بطريق انعدام المحلية لان الكفالة التزام المال في الذمة عنده و لهذا يوجب براءة الاصل و قيام الرق فيه يخرجه من أن يكون أهلا لالتزام المال في ذمته عنده فلهذا قال لا تنفذ
(159)
كفالته بعد ما عتق بخلاف الاعتاق و الهبة فان ذلك منه موقوف عنده فان عتق باداء بدل الكتابة نفذ ذلك كله و ان عجز فرد رقيقا بطل ذلك كله لانه قد ثبت له في كسبه حكم ملك و حقيقة الملك فيه موقوفة فان عتق تم له الملك بذلك السبب الذي باشره فنفذ تصرفه فان عجز تم الملك للمولى فتبين ان تصرفه لافي ملك الغير فاما عندنا عتقه وهبته باطلان عجز أو عتق لان نفوذ هذا التصرف باعتبار حقيقة الملك و الرق ينافى الاهلية لذلك و أما كفالته فلا تكون صحيحة ما لم يعتق فإذا عتق نفذ بمنزلة كفالة العبد فان ذمته خالص حقه و لكن الدين لا يجب في ذمة الرقيق الا شاغلا مالية رقبته و ذلك حق المولى فباعتبار أن تصرفه لاقى محلا هو حقه كان صحيحا في حقه و باعتبار أنه معلق بمالية المولى قلنا ثانية تؤخر المطالبة عنه إلى حالة العتق و لو كفل إنسان عنه ببدل الكتابة لمولاه لم يجز عندنا لان الكفالة تستدعى دينا صحيحا و قيام الرق يمنع وجوب دين صحيح للمولى على مملوكه لانه التزام للمطالبة و المطالبة يبدل الكتابة لا تقوى في حق المكاتب و لهذا يملك أن يعجز نفسه و عند ابن أبى ليلي الكفالة صحيحة بمنزلة التبرع بالاداء لان عنده الكفالة توجب أصل المال في ذمة الكفيل فكما يجوز أن يكون المتبرع مؤديا بدل الكتابة عن المكاتب من مال نفسه يجوز أن يكون ملتزما بد الكتابة في ذمة نفسه للمولى رجل قال لعبده ان بعتك فأنت حر فباعه لم يعتق عندنا و قال ابن أبى ليلي يعتق من مال البائع و هذا بناء على أصل مختلف فيه بيننا و بينه و أن في اليمين بالطلاق و العتاق عندنا يشترط قيام الملك عند وجود الشرط لحصول الجزاء و عنده لا يشترط و يعتبر قيام الملك في المحل بالاهلية في المتصرف و ذلك لا يشترط عند وجود الشرط حتى ان من قال لعبده ان دخلت الدار فأنت حر ثم جن الحالف ثم وجد الشرط يقع الطلاق و العتاق و معلوم أن تأثير الاهلية أكثر من تأثير الملك في المحل فاما إذا كان يسقط اعتبار الاهلية عند وجود الشرط فلانه يسقط اعتبار الملك في المحل أولى و لكنا نقول المتعلق بالشرط عند وجود الشرط كالمنجز فكما أن تنجيز العتق لا يصح الا عند قيام الملك في المحل فكذلك بزوال الجزاء عند وجود الشرط الا أنه يصير كالمنجز بذلك الكلام السابق و ذلك الكلام صح منه في حال أقامته و الجنون انما ينافى الاهلية للتكلم بالطلاق و العتاق على وجه يكون إيقاعا في حقه و هذا معتبر عند وجود الشرط إذا عرفنا هذا فنقول إذا قال ان بعتك فأنت حر فهذا التعليق عنده صحيح لان الملك عند التعليق موجود و لا يشترط
(160)
وجود الملك عند وجود الشرط على مذهبه و قد وجد الشرط هنا بالبيع فيترك العتق بالسبب الذي صح منه قبل البيع و يصير به معلقا رقبته فيبطل البيع و يعتق من مال البائع و عندنا يشترط قيام الملك في المحل عند نزول الجزاء لان الايجاب انما يتصل بالمحل بعد وجود الشرط و الشرط هنا البيع فإذا زال ملكه بالبيع فقد انعدم الملك في المحل عند وجود الشرط فينحل اليمين و لا يعتق العبد بل يبقى على ملك المشترى و على هذا الاصل لو قال لعبده ان كلمت فلان فأنت حر ثم باعه ثم كلم فلانا أو قال لامرأته أنت طالق ثلاثا ان كلمت فلانا ثم طلقها واحدة بائنة و انقضت عدتها ثم كلمت فلانا عندنا لا يقع الثلاث و عند ابن أبى ليلي يقع و إذا استأجر دابة إلى مكان فجاوز بها المكان ثم عطبت بعد ضمن قيمتها عندنا و لم يسقط عنه الاجر و على قول ابن أبى ليلي ليس عليه شيء من الاجر لان الاجر و الضمان لا يجتمعان و قد تقرر عليه الضمان و لانه بالضمان ملك المضمون و لا يوجب عليه الاجر بسبب الانتفاع بملك نفسه و لكنا نقول لما انتهى إلى ذلك المكان فقد انتهى العقد نهايته و تقرر الاجل دينا في ذمته ثم بالمجاوزة صار غاصبا ضامنا فلا يسقط عنه الاجر بذلك بمنزلة ما لو ردها على صاحبها ثم غصبها منه و هذا لان الملك بالضمان انما يثبت له من وقته وجوب الضمان عليه و ذلك بعد المجاوزة و الاجر انما لزمه بمقابلة منافع استوفاها قبل ذلك و إذا أدرك الرجل الامام و هو راكع فكبر معه و لم يركع حتى رفع رأسه فعندنا يسجد معه و لا يعتد بتلك الركعة و عند ابن أبى ليلي يركع و يسجد و يعتد بها لان حالة الركوع بمنزلة حالة القيام فان القائم انما يفارق القاعد في استواء النصف الاسفل منه دون النصف الاعلى و الراكع في هذا و المنتصف سواء و لهذا لو ركع معه كان مدركا للركعة فكان إدراكه إياه في حالة الركوع و إدراكه في حالة القيام سواء و لو أدركه قائما ثم سبقه الامام بالركوع و السجود فانه يتابعه يركع و يسجد و يكون مدركا للركعة فكذلك هنا و لكنا نقول شرط إدراك الركعة أن يشارك الامام في حقيقة القيام أو فيما هو مشبه بالقيام و هو الركوع حتى يكون مدركا للركعة فإذا رفع الامام رأسه قبل أن يركع هو فقد انعدمت المشاركة بينهما في القيام أو فيما هو مشبه بالقيام و هو الركوع فإذا أدركه قائما فقد شاركه في حقيقة القيام و كان مدركا للركعة و أما إذا أدركه راكعا فهو لم يشاركه في حقيقة القيام فلا بد من أن يشركه فيما هو مشبه بالقيام و هو الركوع حتى يكون مدركا للركعة فإذا رفع الامام رأسه قبل أن يركع فقد انعدمت المشاركة بينهما في