مبسوط جلد 30

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

مبسوط - جلد 30

شمس الدین السرخسی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید
(203)

انه ان انتهى إلى ذلك البلد فوجد صاحبه قد مات فرفع الامر إلى القاضي فامر ببيعه أو يدفعه إلى رجل آخر ففعل ذلك بامره فلا ضمان عليه و له الاجر لان للقاضي ولاية النظر في مال الغائب و فعله بامر القاضي و فعله بامر صاحب الطعام سواء و لو فعل شيأ من ذلك بامر صاحب الطعام لم يكن ضامنا و له الاجر فكذلك إذا فعل بامر القاضي قال و لا ينبغى للقاضي أن يدخل في ذلك لانه لا يعرف صدقه فيما يقول و لانه قد التزم حفظه فيوليه القاضي ما تولى لانه انما نصب القاضي لفصل الخصومة لا لانشائها و ليس هنا خصم لمن في يده الطعام فلهذا لا ينظر القاضي في ذلك و هو أولى الوجهين له و إذا قال الرجل من جاءني بمتاعى من مكان كذا فله درهم فذهب رجل فلم يجد المتاع ثم جاء فلا أجر له اما إذا ذهب فجاء بالمتاع فله أجر مثله لا يجاوز به المسمى عندنا و على قول الشافعي له المسمى لقوله تعالى و لمن جاء به حمل بعير و أنا به زعيم و ما أخبر الله تعالى عن الامم السالفة فهو ثابت في حقنا حتى يقوم دليل النسخ و لكنا نقول هذا استئجار المجهول و استئجار المجهول باطل الا انه إذا حمله إنسان بعد ما سمع كلامه فانما جاء به على جهة تلك الاجارة و قد رضى القائل بذلك فيستوجب أجر المثل باعتبار ان جهة الشيء بمنزلة حقيقته فأما إذا ذهب فلم يجد المتاع فرجع لم يكن له الاجر بخلاف ما إذا خاطب به إنسانا بعينه فهناك يستحق أجر الذهاب لان العقد انعقد بينهما حين خاطبه بعينه فكان هو في الذهاب عاملا للمستأجر ساعيا في تحصيل مقصوده فيستحق أجر الذهاب وهنا العقد ما انعقد بين المستأجر و بين الذاهب لانه لم يخاطبه بعينه و انما يكون انعقاد العقد باعتبار مجيئه بالمتاع و إذا لم يجئ بالمتاع لم يكن عاملا له في الذهاب و المجئ بحكم العقد فلهذا لا يستوجب شيأ من الاجر و لو استأجر دابة ليحمل عليها عشرين ثوبا ربط يا فحمل عليها هرويا فعطبت الدابة لم يضمن استحسانا لان في الضرر على الدابة لافرق بين الربطي و الهروي و انما يعتبر من القيمة ما يكون مقيدا دون ما لا يقيد كما انه يعتبر من التعيين ما يكون مقيدا دون ما لا يقيد و لو استأجرها ليحمل عليها هذه الاثواب الربطية فحمل عليها مثلها من الثياب الربطبه فعطبت لم يضمن شيأ فكذلك هنا و إذا تكارى الرجل من الرجل دابة و نقده الكراء ثم أخذ منه كفيلا بالكراء ثم أفلس المكارى و لم يركب الرجل فعلى الكفيل أن يرد الكراء لانه كفيل للمستكرى عن المكارى ما وجب رده من الكراء المقبوض و حين أفلس المكارى و لم يجد المستكرى الدابة ليركبها فقد وجب على المكارى رد جميع الكراء و قد كفل الكفيل

(204)

بذلك فكان مطالبا به لانه اضافة الكفالة إلى سبب الوجوب صحيح فان رضى من الكفيل أن يحمله إلى المكان الذي تكارا اليه فحمله و أنفق أكثر من الكراء لم يرجع الكفيل على المكارى الا بالكراء الذي قبض من المستكرى لانه ما ضمن عنه الا ذلك القدر فهو في الزيادة متبرع فان قيل كان ينبغى أن لا يرجع عليه بالكراء المقبوض أيضا لانه ما نقد عنه الكراء و انما أوفى عنه ما التزام من الحمل بعقد الاجارة و المكاري ما أمره أن يكفل عنه ذلك فكان هو في إيفاء ذلك بمنزلة متبرع أو كفيل بغير الامر قلنا لا كذلك فانه بما أوفى من الحمل أسقط عن نفسه ضمان الكراء كما أنه باداء المقبوض يسقط عن نفسه ضمان الكراء و لا يكون متبرعا بل هو محتاج اليه ليسقط به الضمان عن نفسه و لما أمره بالكفالة بالكراء عنه فقد أقامه مقام نفسه في إيفاء ما التزمه فلا فرق بين أن يوفى عنه الكراء و بين أن يوفى بما التزمه من الحمل فانه يسقط به مطالبة المستكري إياه في ذلك و ان مات المكارى و لم يحمله فعلى الكفيل أن يرد الكراء لان بموت المكارى قد انفسخ العقد و لزمه رد المقبوض من الكراء فان كفل الكفيل بذلك و إذا استأجر الرجل الرجل أشهرا معلومة يؤدب ابنه و يقوم عليه في ذلك فهو جائز لانه استأجره مدة معلومة لعمل معلوم بطريق العرف و هو عمل مستحق علي المأدب أقامته دينا و لا دينا و الاستئجار على مثله صحيح ببدل معلوم بخلاف تعليم القرآن فانه عليه دينا لانه في المعنى خلافة عن رسول الله صلى الله عليه و سلم و كل مسلم مأمور به دينا و لو استأجر رجلا ليجصص له حائطا أو ليطين له سطحا و لم يبين طينا و لا جصا معلوما فهو فاسد لان جهالة ذلك تقضى إلى المنازعة المانعة من التسليم و التسلم فان عمل الناس في ذلك مختلف و كل نوع منه متعارف فكان العمل المعقود عليه مجهولا فلهذا فسد العقد و له أجر مثله ان عمل لانه أوفى العمل بحكم عقد فاسد فلا يلزمه جميع المسمى لان المستأجر يقول أنا ما رضيت بجميع المسمى بهذا القدر من العمل فان كان اشترط عليه أن يجعل غلظة من الجص أو الطين كذا فهو جائز لان المعقود عليه صار معلوما ببيان الغلظة على وجه لا يقضى إلى تمكن المنازعة بينهما و لو استأجر رجلا ينقد له الدراهم كل ألف بكذا أو استأجره علي كل شهر بكذا ينقد له فهو جائز لان في الفصل الاول استأجره على عمل معلوم ببدل معلوم و الاستئجار على ذلك متعارف بين الناس و هو الاصل في عقد الاجارة و فى الفصل الثاني عقد على منافع في مدة معلومة ببدل معلوم ليقيم بتلك المنافع عملا مقصودا

(205)

في الناس و إذا كانت الورثة كبارا غيبا و ليس على الميت دين و لا وصية فللوصي أن يبيع الرقيق و المتاع استحسانا لان له ولاية الحفظ إلى أن يحضر الغائب و بيع المنقول من الحفظ فان حفظ الثمن ربما يكون أيسر من حفظ العين و انما تثبت هذه الولاية نظرا للغائب و لو انهم نهوه عن البيع فباعه بعد ذلك لم يجز بيعه لانه انما ثبتت له الولاية لاجل النظر لهم إذا لم يوجد منهم النهى عن ذلك نصا بخلاف ما إذا كان على الميت دين فهناك انما يثبت له حق التصرف نظرا للذي أقامه مقام الميت فنهى الورثة إياه عن البيع لا يصح و إذا كان الوارث صغيرا و للميت دين على رجل بصك فقال المطلوب للوصي حط عني النصف لاعطيك النصف ادفع إلى الصك و كان فيه شهود لا يشهدون الا أن يروا الصك و يعلموا انه حط لليتيم في الحال فانه لا يسع الوصي أن يفعل ذلك لان فيه اتواء ما بقي من ماله يعنى في رد الصك عليه لان حط الدين عنه باطل و إذا لم يكن الدين واجبا بعقده فلا يتوى به حق اليتيم و لكن إذا كان الشهود لا يشهدون ما لم يروا الصك ففى دفع الصك اليه اتواء مال اليتيم حتى إذا كانت الشهود يشهدون بغير صك فلا بأس بأن يفعل ذلك لانه ليس فيه اتواء ماله بل فيه نظر له من حيث انه يستوفى نصف حقه في الحال ثم يقيم البينة على ما بقي فيستوفيه و حطه باطل إذا أثبت المديون ذلك بالحجة و إذا دعى رجل في داره دعوى فرأى الوصي أن يصالحه لانه يخاف ان لم يصالحه أن يأتى ببينة فانه لا يسعه أن يصالحه لان بمجرد الدعوي ما استوجب المدعى شيأ كما قال النبي صلى الله عليه و سلم لو أعطى الناس بدعواهم و ما يخافه الوصي موهوم فليس كل مدع يكون له بينة على دعواه و لا كل شاهد يرغب في حضور مجلس القاضي لاداء الشهادة و بعد الاداء ربما تظهر عدالته و ربما لا تظهر و لو أدى شيأ من مال اليتيم باعتبار هذا الموهوم كان مخرجا ماله عن ملكه من عوض يحصل بمقابلته و لا منفعة تحصل له حقيقة و ليس للوصي هذه الولاية و ان جاء المدعي ببينة عدول يعرفهم الوصي و كان الصلح خيرا لليتيم في رأى الوصي وسعه أن يصالحه لان باعتبار الظاهر حق المدعى قد ثبت ظهوره بشهادة العدول و قد تحقق ذلك ففى هذا تحصيل المال من الوصي لليتيم أو توفير المنفعة و انما نصب الوصي لذلك قال الشيخ الامام الاجل الزاهد رحمه الله كان شيخنا الامام الاجل رضى الله عنه يقول هذا إذا علم الوصي قبل اقامة البينة من المدعى انه لو لم يجب إلى الصلح حتى يقيم البينة رغب فيه المدعى بعد ذلك فاما إذا علم انه بعد اقامة البينة لا يرغب في الصلح فلا بأس بان يصالحه قبل اقامة

(206)

البينة إذا علم ان له شهودا يشهدون على ذلك بهذا التأخير ينعدم تمكنه من توفير المنفعة عليه و علي الوصي أن لا يؤخر ذلك إلى وقت يفوته و إذا كاتب الرجل عبده على نفسه و ماله دخل فيه رقيقه و دوره و كل عين و دين هو من كسبه لان ذلك ماله فالمال يصير مضافا إلى العبد باعتبار أنه كسبه قال عليه السلام من باع عبدا و ماله الحديث و الاضافة اليه تبقي ما بقي المال في يده فاما بعد أخذ المولى المال منه لا يبقى مضافا اليه شرعا و عرفا فلا يكون المقبوض منه فيما سمى من ماله و ان كانت له أمة قد زوجها إياه مولاه لم يدخل في كتابته لان المولى بتصرفه صار قابضا الامة منه فالتحقت بغيرها مما قبضته منه ( فان قيل ) أ ليس أن المشتري إذا زوج الامة المبيعة قبل القبض لا يصير قابضا لها بتصرفه فكيف يصير المولى هنا قابضا و فى الاستحسان انما لم يجعله قابضا هناك لان اليد للبائع فيها يد مستحقة و المشترى ممنوع من قبضها ما لم يؤد الثمن و ان تعيبت بالنكاح و لكن لما لم يؤثر هذا العيب في عينها لم يجعل قابضا به وهنا ما كان للعبد في هذه الامة يد مستحقة و لا كان المولى ممنوعا من قبضها و التصرف فيها فجعلناه قابضا لها بالتزويج لان بالتزويج التزام تسليمها إلى الزوج فلا يتمكن من ذلك الا بيده فيها و إذا أنفق المفاوض على نفسه أفضل من نفقة صاحبه و كانت تطيب نفس صاحبه بذلك و كان لصاحبه دين على الذي أنفق لم تفسد المفاوضة استحسانا حتى يؤدى اليه و هذا بناء على الاصل الذي بينا في كتاب الشركة انه متى فضل أحدهما بمال يصلح أن يكون رأس المال في الشركة تفسد بها المفاوضة و ان فضل بمال لا يصلح أن يكون رأس المال في الشركة لا تصلح بها المفاوضة استحسانا و الدين الذي وجب لاحدهما لا يصلح أن يكون رأس المال في الشركة فإذا قبضه فقد صار نقدا صالحا أن يكون رأس مال في الشركة و على هذا لو ورث أحد المتفاوضين دارا أو رقيقا في القياس تفسد المفاوضة و فى الاستحسان لا تفسد حتى يبيع شيأ من ذلك فيصير ما لا يعنى حتى يقبض الثمن نقدا و قد بينا هذه المسألة في اختلاف أبى حنيفة و ابن أبى ليلي رحمهما الله فان ما ورث أحدهما يكون مشتركا بينهما عنده و عندنا لا يكون مشتركا و لكن الدار و الرقيق لا يصلح أن يكون رأس مال في الشركة فلا تفسد المفاوضة حتى يصير ثمنه نقدا في يده فحينئذ تفسد المفاوضة لانعدام شرط الصحة و هو المساواة بينهما في المال الذي يصلح أن يكون رأس مال في الشركة و إذا خلع إمرأته التي لم تبلغ و قبل خلعها أبوها بالمهر و ضمن للزوج ما أدركه فيه جاز ذلك علي الاب و تؤاخذ الابنه الزوج بنصف الصداق

(207)

فيرجع به الزوج على الاب لان وقوع الطلاق بالخلع يفيد وجود القبول من الضامن للدرك و قد وجد ذلك و قد وقع الطلاق قبل الدخول فيقرر نصف مالها على الزوج لانه ليس للاب ولاية على إسقاط حقها من عوض يقابله فترجع على الزوج بنصف المهر و يرجع به الزوج على الاب لانه ضمن له ما أدركه فيه من الدرك في حقها و اضافة الكفالة إلى سبب الوجوب بهذا الطريق صحيح و بعض المتأخرين من أصحابنا رحمهم الله يقول الخلع لا يقع الا بالمهر لان ذلك حقها و ليس للاب أن يخلعها من زوجها على مالها بل هو في ذلك كاجنبي آخر فانما يجعلها على مال يلزمه في ذمته فكأنه خلعها على مثل ذلك المهر دينا في ذمته و جعل ذلك قصاصا بالمهر ففيما لم يحصل مقصود الزوج و هو النصف الذي رجعت الابنة به على الزوج كان له أن يرجع على الاب فيطالبه بذلك بسبب الخلع مع الضمان لان المقاصة لم تقع في ذلك القدر و لم يستفد الزوج البراءة الا باداء المال فيرجع به على الاب بهذا الطريق و إذا قال الرجل لامرأته قد بارأتك بمالك على من المهر فقبلت فهو جائز لان الخلع و المبارأة يستعملان استعمالا واحدا و بينهما تفاوت في المعنى و الحكم و لو قال خالعتك بمالك على من المهر فقبلت جاز فكذلك إذا قال بارئتك و لو خلعها علي حكمه ثم حكى بشيء لم ترض به المرأة فله الاقل من حكمه و من المهر الذي أعطاها لان المسمى مجهول و هو ما يحكم به فانه مجهول الجنس و القدر و الخلع على بدل مجهول يوجب عليها رد المقبوض من المهر كما لو خلعها علي ثوب بغير عينه الا أن يحكم بأقل من ذلك فانما حكم على نفسه باسقاط بعض حقه و ذلك نافذ منه فان حكم بأكثر من ذلك فانما حكم عليها بالزيادة و ليس له عليها هذه الولاية فلهذا كان له الاقل و لو خلعها على أن له عليها أقل مهر يتزوج عليه فالخلع جائز و له عليها المهر الذي أخذت منه لانه سمى في الخلع ما لا مجهول الجنس و القدر فلم تصح التسمية و لكن ثبت حكم الغرور به و ذلك يوجب عليها رد المقبوض و الدليل على فساد هذه التسمية أن المهر لا يجب ما لم تزوج نفسها و لا يلزمها بهذه التسمية أن تزوج نفسها و ربما لا يرغب أو لا يبقي إلى أوانه بعد انقضاء العدة و إذا أقام رجل البينة في حق له على رجل في بلد آخر فسأل القاضي أن يكتب بشهادة الشهود و عدالتهم و بتوكيله وكيلا بالقيام مقامه بالمطالبه و القبض إلى قاضى ذلك البلد فله فعله بعد ما يستخلف بالله ما أخذ من ماله هذا شيأ و لا يعلم وكيلا و لا رسولا له أخذ منه شيأ لانه انما يكتب له بذلك نظرا منه للمدعى و القاضي مأمور بالنظر من الجانبين ففى الاستحلاف

(208)

بهذه الصفة نظر منه للغائب و هو عاجز عن المطالبة بهذا النظر لغيبته فعليه أن ينظر له و فيه نظر للمدعى أيضا فربما يدعى الخصم عند القاضي المكتوب اليه أنه قد أوفاه المال و يطلب يمينه و من رأى ذلك القاضي أن لا يقضى بالمال ما لم يحلف على قياس مسألة الغيب فيتعذر على وكيله استيفاء حقه فلهذا يستحلفه على ذلك و يكتب ذلك الاستحلاف في كتابه لان تمام النظر فيه و لا يستحلف الطالب لقد شهدت شهودك بحق لان الخصم لو كان حاضرا و طلب استحلافه على ذلك لم يجبه إلى ذلك بخلاف الاول فان الخصم لو كان حاضرا و طلب يمينه ما أخذ من ماله شيأ أجابه القاضي إلى ذلك فان كان قاضيا لا يجيز الكتاب الا على ذلك يعنى ان كان يرى رأى ابن أبى ليلي في استحلاف الطالب لقد شهدت شهودك بحق فقال الطالب استحلفنى و اكتب لي بيميني استحلفه بالله لقد شهدك شهودك بحق فان المال له على فلان ثم يكتب له و انما يريد بهذا إذا كان القاضي المكتوب اليه يرى ذلك فان في هذا الاستحلاف نظرا للطالب لان الطالب يريد أن يبعث وكيلا و لا يحضر مجلس ذلك القاضي ليستحلفه فلا يحصل مقصوده الا بهذا و القاضي مأمور بالنظر له فإذا طلب منه ما فيه نظر له أجابه القاضي إلى ذلك و لو أقام شاهدا واحدا و سأله أن يكتب شهادته و حاله فعل ذلك لان فيه نظرا للطاب فربما يكون شاهده الآخر في البلد الذي فيه القاضي المكتوب اليه فلا يتمكن من الجمع بين شهادة الشاهدين في مجلسه الا بهذا الطريق فيجيبه القاضي إلى ذلك حتى إذا ثبت الكتاب عنده و جاء بشاهده الآخر فشهد له قضى بحقه لتمام الحجة و إذا أسلمت مدبرة الذمي فاستسعت في قيمتها فعجزت عن السعاية فان كان القاضي هو الذي قومها و استسعاها لم يردها و اجبرها على السعاية لان السبب الموجب للقضاء قائم و هو اسلامها مع كفر المولى فلا يعتبر عجزها بمنزلة معتق البعض إذا استسعاه القاضي فيما بقي من قيمة الشريك الساكت فعجز عن ذلك و كذلك ان كان المولى هو الذي صالحها على ذلك الا أن يكون فيه فضل على القيمة فيبطل القاضي الفضل و يجبرها على السعاية في القيمة و الحاصل أن القاضي لا يشتغل بما لا يفيد و لا بنقض شيأ ليعيد مثله في الحال و إذا كان الصلح على مقدار القيمة فليس في نفس هذا الصلح فائدة لها فلا يشتغل القاضي به و ان كان فيه فضل على القيمة ففى نقضه فائدة لها و هو سقوط الزيادة عنها و عجزها يسقط عنها ما التزمت لمولاها باختيارها لعجز المكاتبة عن اداء بدل الكتابة فلهذا

(209)

يبطل هذا الصلح عند عجزها و يجبرها على السعاية في القيمة لا سلامها مع إصرار مولاها على الكفر و الله أعلم بالصواب كتاب الجليل قال الشيخ الامام الاجل الزاهد شمس الائمة و فخر الاسلام أبو بكر محمد بن أبى سهل السرخسي رحمه الله املاء اختلف الناس في كتاب الحيل أنه من تصنيف محمد رحمه الله أم لا كان أبو سليمان الجوزجاني ينكر ذلك و يقول من قال ان محمدا رحمه الله صنف كتابا سماه الحيل فلا تصدقه و ما في أيدي الناس فانما جمعه و راقو بغداد و قال ان الجهال ينسبون علماءنا رحمهم الله إلى ذلك على سبيل التعيير فكيف يظن بمحمد رحمه الله أنها سمى شيأ من تصانيفه بهذا الاسم ليكون ذلك عونا للجهال على ما يتقولون و أما أبو حفص رحمه الله كان يقول هو من تصنيف محمد رحمه الله و كان يروى عنه ذلك و هو الاصح فان الحيل في الاحكام المخرجة عن الامام جائزة عند جمهور العلماء و انما كره ذلك بعض المتعسفين لجهلهم و قلة تأملهم في الكتاب و السنة و الدليل على جوازه من الكتاب قوله تعالى و خذ بيدك ضغثا فاضرب به و لا تحنث هذا تعليم المخرج لايوب عليه السلام عن يمينه التي حلف ليضربن زوجته مائة فانه حين قالت له لو ذبحت عناقا بإسم الشيطان في قصة طويلة أوردها أهل التفسير رحمهم الله و قال تعالى و لما جهزهم بجهازهم جعل السقاية في رحل أخيه إلى قوله ثم استخرجها من وعاء أخيه كذلك كدنا ليوسف و ذلك منه حيلة و كان هذا حيلة لامساك أخيه عنده حينئذ ليوقف إخوته على مقصوده و قال جلا جلاله حكاية عن موسى عليه السلام ستجدني ان شاء الله صابرا و لم يقل على ذلك لانه قيد سلامته بالاستثناء و هو مخرج صحيح قال الله تعالى و لا تقولن لشيء انى فاعل ذلك غدا الا أن يشاء الله و أما السنة فما روى أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال يوم الاحزاب لعروة بن مسعود في شأن بني قريضة فلعلنا أمرناهم بذلك فلما قال له عمر رضى الله عنه في ذلك قال عليه السلام الحرب خدعة و كان ذلك منه اكتساب حيلة و مخرج من الاثم بتقييد الكلام بلعل و لما أتاه رجل و أخبره انه حلف بطلاق إمرأته ثلاثا أن لا يكلم أخاه قال له طلقها واحدة فإذا انقضت عدتها فكلم أخاك ثم تزوجها و هذا تعليم الحيلة و الآثار فيه كثيره من تأمل أحكام الشرع وجد المعاملات كلها




/ 46