عليه لاشخاص ثلاثة اثنان منهم حيان و الثالث و هو الاب ميت فيكون لهن الثلثان بالاختية و الثلث الباقى يقسم أثلاثا لكل واحدة من التين اشتريا الاخ ثلث هذا الباقى بولاء نفسها و ثلث هذا الثلث بين المشتريتين للاب نصفين بولاء الاب فتصح القسمة من ستة و ثلاثين أيضا لهن الثلثان و الباقي و هو اثنا عشر بينهن أثلاثا فقلت الذي هو نصيب الاب بين المشتريتين له لكل واحدة سهمان فان اشترى الابنتان أباهما ثم أب الاب مع أحديهما و الاخرى التي لم تشتر الاب اشتروا أخا لهما ثم أربعتهن جميعا مع الاب و الاخ اشتروا أمهم و هي إمرأة الاب ثم مات الابن فانما مات عن ابن و ثلاث بنات فيكون الميراث بينهم للذكر مثل حظ الانثيين ( فان قيل ) فقد مات عن إمرأة أيضا قلت لا كذلك فالنكاح قد فسد حين ملك الاب جزء أمها فان مات الاخ بعد ذلك فانما مات عن أم و ثلاث أخوات و ولاء ثابت عليه لثلاثة نفر اثنان منهم حيان و واحد ميت فيكون للام السدس و للاخوات الثلثان و الباقى و هو السدس يكون بالولاء أثلاثا لكل ابنة ثلثا ذلك بين المشتريتين للاخ و الثلث الآخر حصة ولاء الاب من المشتريتين و تستقيم المسألة من ستة و ثلاثين أيضا لان الباقي يقسم أثلاثا و ثلثه ينقسم نصفين فيستقيم التخريج منه فان ماتت الام بعد ذلك فانما ماتت عن ثلاث بنات و عن ولاء ثابت عليها لخمسة نفر ثلاثة منهم أحياء و اثنان ميتان الاب و الا بن فيكون للبنات الثلثان و ما بقي ينقسم بالولاء أخماسا فانكسر بالاثلاث و الاخماس فالسبيل أن تضرب خمسة في ثلاثة فتكون خمسة عشر ثم خمس الثلث الذي هو نصيب الابن ينكسر أثلاثا بالولاء الذي عليه فتضرب خمسة عشر في ثلاثة فتكون خمسة و أربعين منه تصح المسألة للبنات الثلثان ثلاثون و ما بقى و هو خمسة عشر ينقسم بالولاء أخماسا لكل بنت ثلاثة باعتبار ولاء نفسهما و ثلاثة باعتبار ولاء الابن فيكون مقسوما أثلاثا للمشتريتين للابن مع الاب لكل واحدة سهم و سهم للاب بولاء الابن و ثلاثة أسهم له بولاء الام ثم هذه الاربعة بين المشتريتين للاب نصفين بولائهما عليه لكل واحدة سهمان فحصل لكل واحدة من هاتين مرة عشرة و مرة ثلاثة و مر سهمان فذلك خمسة عشر و للتي اشترت الابن مع هذا سهم آخر فذلك ستة عشر و للتي لم تشتر الاب عشرة بالنسب و ثلاثة بولاء نفسها و سهم بولاء الابن فذلك أربعة عشر فإذا جمعت بين هذه السهام كانت خمسة و أربعين فاستقام التخريج و الله أعلم
(43)
فصل في ولاء الموالاة ( قال رضى الله عنه ) أعلم ان عقد الموالاة جائز يستحق به الميراث إذا لم يكن هناك أحد من القرابا ت و لا مولى العتاقة عندنا و هو مذهب عمر و علي و ابن مسعود و ابن عباس و ابن عمر رضوان الله عليهم أجمعين و على قول الشافعي هو باطل لا يستحق به الميراث و هو مذهب زيد و زعم بعضهم انه قول علي رضى الله عنه أيضا فان رجلا أتاه يسأله ان يعاقده عقد الموالاة فاؤه الرجل ابن عباس و والاه و لكن إيتاء لا يدل على انه لا يرى جواز هذا العقد و انما تنبني هذه المسألة على مسئلتين احداهما الوصية بجميع المال ممن لا وارث له صحيح عندنا خلافا له و وجه البناء أن من لا وارث له فانما يصرف ماله إلى بيت مال المسلمين و الموصى له ساواهم في الاسلام و ترجح بإيجاب الموصى له فكان هو أولى عندنا فكذلك الذي عاقده عقد الموالاة و عند الشافعي وارث من لا وارث له جماعة المسلمين فكما لا يملك إبطال حق الورثة بالوصية بجميع المال لا يملك إبطال حق جماعة المسلمين و الثاني أن أهل الديوان يتعاقلون بينهم عندنا خلافا له فلما كان إثبات الاسم في الديوان سببا لتحمل العقل فكذلك عقد الموالاة يكون سببا لتحمل العقل و إذا كان يتحمل به العقل يورث به أيضا لان الغرم مقابل بالغنم و على سبيل الابتداء الشافعي احتج فقال ان الملك بطريق الوراثة ليس يثبت ابتداء و انما يثبت على سبيل الخلافة فيبقى للوارث ما كان ثابتا للمورث و لهذا يرد الوارث بالعيب و يصير مغرورا فيما اشتراه مورثه و بالعقد يثبت الملك ابتداء بسبب مقصودا لا ان يبقى ما كان من الملك الاول فلا يمكن إثبات ملكه بطريق الخلافة هنا بعقد الموالاة لانه عقد باشراه ابتداء و لا يمكن إثبات الملك ابتداء لان ذلك لا يكون وراثة و هذا بخلاف الوصية فان ملك الموصى له لا يكون خلفا عن ملك الموصى بل هو ملك ثبت ابتداء و لهذا لا يرد بالعيب و لا يصير مغرورا فيما اشتراه الموصى و لان أسباب الارث معلومة شرعا و عقد الموالاة ليس من تلك الاسباب و حجتنا في ذلك قوله تعالى و الذين عاقدت ايمانكم فآتوهم نصيبهم يعنى نصيبهم من الميراث و المراد عقد الموالاة بدليل ما سبق من قوله عز و جل و لكل جعلنا موالى مما ترك الوالدان و الاقربون فكما ان المراد من ذلك بيان النصيب على سبيل الاستحقاق ارثا على سبيل البر و المعونة ابتداء فكذلك المراد بما جعله معطوفا عليه لان حكم المعطوف حكم المعطوف عليه و ليس المراد بقوله تعالى عاقدت أيمانكم القسم بل المراد الصفقة باليمين فان العادة
(44)
أن المتعاقدين يأخذ كل واحد منهما يمين صاحبه إذا عاقده و يسمى العقد صفقة لهذا و فى حديث تميم الداري رضي الله عنه انه سأل رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال ان الرجل ليأتيني فيسلم على يدى و يوالينى فقال عليه السلام هو أخوك و مولاك فانت أحق به محياه و مماته يعنى محياه في تحمل عقل الجناية عنه و مماته في الارث عنه و المعنى في المسألة ان خلافة الوارث الموروث في ملكه انما كانت على سبيل النظر للمالك فان الظاهر ان الانسان يؤثر قرابته على الاجانب في هذه الخلافة و لهذا قدمنا الاقرب على الابعد لانه يؤثر الاقرب علي الابعد عادة فما دام هناك أحد من قرابته فقد وجد النظر من الشرع له فوقع الاستغناء عن نظره لنفسه و إذا لم يكن هناك أحد من القرابة فقد وقعت الحاجة إلى نظره لنفسه فإذا فعل ذلك و عقد عقد الموالاة مع إنسان كان ذلك منه تصرفا في خالص حقه علي سبيل النظر منه لنفسه فيكون صحيحا بمنزلة الوصية بثلث ماله ( ألا ترى ) ان مثل هذا النظر منه لنفسه في حال حياته صحيح بتمليك المال من غيره بعوض و بغير عوض فكذلك في إثبات الخلافة لغيره بعد موته و الحاصل ان كلام الخصم يرجع كله إلى عدم الدليل فان إثبات هذه الخلافة بطريق العقد قصدا مشروع بالاتفاق و هو عقد النكاح فكانه يقول لم يقم الدليل على أن بعقد الموالاة تثبت الوراثة و نحن نقول يجعل هذا العقد قائم مقام ما ورد به الشرع من الاسباب لاثبات الخلافة بالدليل الذي قلنا ثم بمجرد الاسلام على يدى غيره لا يصير مولى له ما لم يعاقده عقد الموالاة عندنا و قال بعضهم يصير مولى له و ان لم يعاقده لقوله عليه السلام من أسلم على يد غيره فهو أخوه و مولاه و فى رواية فهو أحق به في حياته و مماته و لان في الاسلام معنى الحياة حكما كما في العتق فكما ان المعتق يثبت له الولاء علي المعتق باكتساب سبب احيائه فكذلك الذي دعاه إلى الاسلام تثبت له الولاية عليه باكتساب سبب احيائه و لكنا نقول في الحديث المروي زيادة فانه قال عليه السلام من أسلم على يد غيره و والاه فهذه الزياة تبين أن بمجرد الاسلام على يده لا يصير مولى له و الدليل عليه حديث تميم الداري فانه قال ان الرجل ليأتيني فيسلم على يدى و يوالينى فدل انه كان معروفا بينهم ان بمجرد الاسلام على يده لا تثبت الولاية عليه و هذا بخلاف ولاء العتق فان سببه الاعتاق و انما وجد ذلك من المعتق وهنا سبب حياته الاسلام و هو الذي أسلم بنفسه فلم يكن هذا الذي عرض عليه الاسلام هو المكسب سبب الحياة له فلا يثبت له عليه الولاء ما لم يعاقده إذا عرفنا هذا فنقول ولاء
(45)
الموالاة يخالف ولاء العتق في فصول أحدها ان فيولاء العتاقة يرث الاعلى من الاسفل و لا يرث الاسفل من الاعلى و ولاء الموالاة انما يكون على ما يتفقان عليه حتى إذا اتفقا على توريث كل واحد منهما من صاحبه يثبت الحكم من الجانبين و الفرق ان ولاء العتاقة سبب الاحياء و ذلك انما يوجد من الاعلى في حق الاسفل و لم يوجد من الاسفل في حق الاعلى وهنا السبب العقد و الشرط فعلى الوجه الذي وجد الشرط يثبت الحكم و الثاني ان ولاء العتق لا يحتمل النقض و الفسخ و ولاء الموالاة يحتمل ذلك لان السبب هناك الاعتاق و الاعتاق لا يحتمل النقض بعذ ثبوته و ثبوت الحكم على وفق السبب وهنا السبب الايجاب بطريق التبرع و هو محتمل للنقض الا انه ينفرد بالفسخ ما لم يعقل عنه و بعد ما عقل عنه الجناية لا تنفرد بالفسخ لانه ما لم يعقل جنايته فالعقد تبرع و المتبرع يملك الفسخ قبل حصول المقصود بغير رضاء الآخر فاما إذا تحمل عنه جنايته صار العقد معاوضة واحد المتعاوضين لا ينفرد يفسخ المعاوضة من رضا الآخر و كما يملك أن يفسخ العقد يملك أن يتحول بولاية إلى غيره بأن يعاقد غيره عقد الولاء فيفسخ العقد بينه و بين الاول و بعد ما عقل جنايته لا يملك ذلك و كذلك الذي لم يوال أحدا إذا جنى جناية و عقل بيت المال جنايته فانه لا يملك عقد الموالاة مع أحد بعد ذلك لانه صار ولاؤه لبيت المال و تأكد ذلك بعقل الجناية فلا يملك ابطاله بخلاف ما قبل أن يعقل بيت المال جنايته و من وجه آخر الفرق بين هذا و بين ولاء العتاقة أن مولى العتاقة آخر العصبات مقدم على ذوى الارحام و مولى الموالاة مؤخر عن ذوى الارحام لان الشرع أثبت العصوبة لمولى العتاقة بقوله عليه السلام كنت أنت عصبته و العصبة مقدمة على ذوي الارحام وهنا الموت هو الذي أوجب هذه الصلة له بعقده فيكون بمنزلة الوصية بجميع ماله و ذلك يمتنع لحق ذوى الارحام كما يمتنع لحق العصبات فكذلك الميراث تهذا الولاء فقلنا ما دام هناك احد من ذوى الارحام فلا شئ لمولى الموالاة و لو أنه و إلى رجلا و عاقده ثم أقر بأخ أو ابن عم ثم مات فميراثه لمولى الموالاة لان إقراره بالاخوة و العمومة باطل فانه يحمل به النسب علي غيره و إقراره ليس بحجة على غيره و أما عقد الموالاة تصرف منه في حق نفسه و هو من أهل التصرف في حق نفسه ابتداء و السبب الباطل لا يزاحم السبب الصحيح و حكم الولد بين رجلين في ميراثه من كل واحد منهما حكم ولد كامل له خاصة يعنى أن الجارية بين رجلين إذا جاءت بولد فادعياه حتى ثبت النسب منهما فانه يرث من كل واحد
(46)
منهما ميراث ابن كامل و يزاحم سائر أولاد كل واحد منهما لانه ابن كامل له لقول عمر و على رضى الله عنهما هو ابنهما يرثهما و يرثانه و لان النبوة لا تحتمل التجزى فاما أن يمتنع ثبوته عند المعارضة أو يتكامل و لم يمتنع ثبوته هنا فعرفنا أنه تكامل في حق كل واحد منهما و لو مات هذا الولد فلهما منه جميعا ميراث أب واحد عندنا بينهما نصفان و قال زفر لكل واحد منهما ميراث أب كامل لان الابوة لا تحتمل التجزى كالبنوة و من ضرورته كونه ابنا كاملا لكل واحد منهما أن يكون كل واحد منهما أبا كاملا و لكنا نستدل بقوله تعالى و لابويه لكل واحد منهما السدس و المراد ههنا الاب و الام فهذا تنصيص على أنه يستحق السدس بالابوة مع الابن فالقول باستحقاق السدس بالابوة مع الابن فيكون بخلاف هذا النص و لان الاب في الحقيقة أحدهما و هو المخلوق من مائة منهما فانا نتيقن أنه مخلوق من الماءين و لكن لاجل المعارضة و المساواة جعلناه منسوبا إليهما و إذا علمنا أن الاب أحدهما قلنا لا يستحق من ماله بالابوة الا ميراث أب واحد و هذا بخلاف الابن لان المعارضة في جانبه لا تتحقق و انما تتحقق في جانبهما حتى إذا انعدمت المعارضة في جانبهما بأن مات أحدهما ثم مات الابن كان الباقى منه ميراث أب كامل و هو معنى قول عمر و على رضى الله عنهما و هو للباقي منهما و هذا لان المزاحمة لم تبق بعد موته أحدهما فيرثه الآخر ميراث ابن كامل رجل و عم له ادعيا ابنة جارية بينهما ثم مات العم و ترك أباه فللابنة النصف و الباقى للاب بالفرض و العصوبة و ان مات الابن و ترك هذه الابنة فلها النصف و الباقى للجد في قول أبى حنيفة و ان مات الجد و ترك هذه المدعاة و عصبته فلها النصف و الباقى للعصبة لانها ابنة ابنة من وجه و ابنة ابن ابنة من وجه و لكن الثابت أحد الامرين لا كلاهما فاما أن نقول بنت الاقرب أو نقول هى لا تستحق الا النصف سواء كان الثابت أقرب الجهتين أو أبعدهما و انما أوردنا هذا لبيان أنها ليست تثبت لكل واحد منهما بكماله فانها لو كانت كذلك لا استحقت الثلثين النصف بكونها ابنة و ابن و السدس بكونها ابنة ابن ابنة فقد بينا فيما سبق أن عند اجتماع السببين في شخص يستحق الميراث بكل واحد منهما وهنا لا يكون لها الا النصف فعرفنا أن الثابت في الحقيقة أحد السببين و ان الاب أحدهما و الله أعلم بالصواب باب ميراث القاتل ( قال رضى الله عنه ) أعلم بأن القاتل بغير حق لا يرث من المقتول شيأ عندنا سواء قتله
(47)
عمدا أو خطأ و قال مالك ان قتله خطأ فله الميراث لا من الدية و أما في العمد لا ميراث له لما روى أن النبي صلى الله عليه و سلم قضى بأن لا ميراث للقاتل و عن عمر رضى الله عنه قال لا ميراث لقاتل و عن عبيدة السلمانى رضى الله عنه لا ميراث لقاتل بعد صاحب البقرة يعنى بقرة بني إسرائيل و هو الاشارة إلى المعنى فذلك القاتل قصد استعجال الميارث فصار أصلا ان كل قاتل قصد استعجال الميراث و لو توهم في القتل العمد ذلك منه فانه يحرم الميراث عقوبة له أورد القصده عليه فهذا المعنى موجود في القاتل العمد فأما في الخطأ قال مالك لم يوجد منه القصد إلى قتل مورثه و استعجال الميراث ينبنى على ذلك ثم الخاطئ معذور فلا يستحق العقوبة و الخطأ موضوع رحمة من الشرع فلا يثبت به حرمان الميراث الا أنه لا يرث من الدية لان عاقلته يتحملون عنه الدية فلو ورث من ذلك لتحملوا عنه و ذلك لا يجوز و حجتنا في ذلك أن الحرمان جزاء القتل المحظور شرعا و القتل من الخاطئ محظور لان ضد المحظور المباح و المحل قابل للقتل المباح الاجزاء على جريمة و كما لا يتصور الفعل في محل لا يتصور المباح في محل الاباحة فقلنا ان هذا القتل محظور و لهذا تتعلق به الكفارة و هي ساترة للذنب و مع كونه موضوعا شرعا لما جاز أن يؤاخذ بالكفارة فكذلك جاز أن يؤاخذ بحرمان الميراث و هذا لان تهمة القصد إلى الاستعجال قائمة فمن الجائز أنه كان قاصدا إلى ذلك و أظهر الخطأ من نفسه فيجعل هذا التوهم كالمتحقق قى حرمان الميراث و كذلك كل قاتل هو في معنى الخاطئ كالنائم إذا انقلب على مورثه لتوهم أنه كان يتناوم و قصد استعجال الميراث و كذلك ان سقط من سطح على مورثه فقتله أو وطأ بدابته مورثه و هو راكبها لانه مباشر للقتل فانما مات المقتول بفعله و بتوهم قصده إلى الاستعجال فكان القاضي الجليل رحمه الله يقول الدابة في يد راكبها يسيرها كيف يشاء فهي بمنزلة حجر في يده و خرجه على مورثه فقتله فأما القتل بسبب كحافر البئر و واضح الحجر في الطريق و من أخرج ظلة أو جناحا فسقط على مورثه فقتله فانه لا يحرم من الميراث عندنا و على قول الشافعي يحرم الميراث لانه قاتل بغير حق و دليل كونه قاتلا وجوب الدية على عاقلته بمنزلة الخاطئ و لكنا نقول ليس هنا يوهم القصد إلى الاستعجال لانه بما أحدث من السبب لم يقصد قتل مورثه و لا يدرى أن مورثه يمر في ذلك الموضع و يقع في البئر أو يسقط عليه الجناح ثم حرمان الميراث جزاء مباشرة القتل المحظور و هذا السبب ليس بقاتل ( ألا ترى ) أنه لو فعل هذا في ملكه لم يكن مؤاخذا
(48)
بشيء و القاتل مؤاخذ بفعله سواء كان في ملكه أو في ملكه كالرامى و لان القتل لا يتم الا بمقتول و قد انعدم المقتول عند الحفر فلا يصير هو بالحفر قاتلا و لا يجوز أن يصير قاتلا عند الوقوع لان الحافر قد يكون ميتا عند وقوع الواقع في البئر فكيف يكون الميت قاتلا و إذا ثبت أنه ليس بقاتل لم يكن عليه جزاء القتل من حرمان الميراث و الكفارة و وجوب الدية عليه لصيانة دم المقتول عن الهدر و ذلك لا يدل على أنه قاتل كما أن الدية تجب على العاقلة و لا تدل على أن العاقلة قاتلون و أما الصبي و المجنون إذا قتل مورثه لم يحرم الميراث عندنا و عند الشافعي يحرم الميراث لوجود القتل بغير حق و أكثر ما في الباب أن يكون فعلهما كفعل الخاطئ و الخاطئ يحرم الميراث فكذلك الصبي و المجنون و لكنا نقول هذا جزاء القتل المحظور و فعلهما لا يوصف بالحظر شرعا لان الفعل المحظور ما يجب الامتناع عنه بخطاب الشرع و ذلك لا يثبت في حقهما ثم حرمان الميراث باعتبار توهم القصد إلى الاستعجال و لا يعتبر بقصد الصبي و المجنون شرعا اذ حرمان الميراث انما يكون باعتبار تقصير منه في التحرز و ذلك يتحقق من الخاطئ لانه من أهل أن ينسب إلى التقصير و لا يتحقق من الصبي و المجنون فانهما لا ينسبان إلى التقصير شرعا فاما الاب إذا ختن ولده أو حجمهخ أو بط قرحه به فمات من ذلك لم يحرم الميراث لان هذا فعل مباح له شرعا و حرمان الميراث جزاء القتل المحظور فهو و ما لو قتل مورثه بحق سواء و لو أدب ولده بالضرب فمات من ذلك فعلى قول أبى حنيفة يضمن ديته و يحرم الميراث و على قول أبى يوسف و محمد لا يضمن شيأ و لا يحرم عن الميراث و لو ان المعلم هو الذي ضربه باذن الاب فمات لم يضمن شيأ بالاتفاق قال رحمه الله و هذا عند أبى حنيفة ترك لقوله قبل هذا من دوى المناقضة على قول أبى حنيفة و قيل بل هو استدلال على رجوعه عن جوابه في الفصل الاول و هذا هو الاصح قان المعلم لو أدبه بغير اذن أبيه فمات كان ضامنا فإذا أدبه باذنه لم يضمن فلما كان لامره تأثير في إسقاط الضمان عن المعلم عرفنا انه لا يجب عليه الضمان إذا ضربه بنفسه و هذا لان التأديب يباح له شرعا كالختان و الحجامة و من حمل المسألة على الاختلاف فوجه قولهما هذا و وجه قول أبى حنيفة لان الاب انما يؤدب ولده لمنفعة نفسه و ما يباح للمرء شرعا لمتفعة نفسه بتقيد بشرط السلامة كتعزير الزوج زوجته و الرمى إلى الصيد و المشي في الطريق و بيان الوصف أن الاب لا يعزر بسوء أدب ولده و انما يزجره عن ذلك لدفع العار و اللوم عن نفسه و به فارق المعلم فانه لا يؤدب الصبي لمنفعة نفسه فإذا