مبسوط جلد 30

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

مبسوط - جلد 30

شمس الدین السرخسی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید
(259)

سواء عند جمهور الفقهاء رحمهم الله و قال بعض الزراعة مذمومة لما روى أن النبي صلي الله عليه و سلم رأى شيأ من آلات الحرابة في دار قوم فقال ما دخل هذا بيت قوم الا دلوا و سئل النبي صلى الله عليه و سلم عن قوله عز و جل ان تطيعوا الذين كفروا يردوكم علي أعقابكم أ هو التعرب قال لا و لكنه الزراعة و التعرب سكنى البادية و ترك الهجرة و قال عبد الله بن عمر رضى الله عنهما إذا تبايعتم بالعين و اتبعتم أذناب البقر ذللتم حتى يطمع فيكم و حجتنا في ذلك ما روى أن النبي صلى الله عليه و سلم ازدرع بالجرف و قال عليه السلام أطلبوا الرزق تحت خبايا الارض يعنى الزراعة و قال عليه السلام الزراع يتاجر ربه و قد كان له فدك و سهم بخيبر فكان قوته في آخر العمر من ذلك و عمر رضى الله عنه كان له أرض بخيبر يدعى ثمغ و قد كان لا بن مسعود و الحسن بن على و أبى هريرة رضى الله عنهم مزارع بالسواد يزرعونها و يؤدون خراجها و كان لا بن عباس رضى الله عنهما أيضا مزارع بالسواد و غيرها و تأويل الآثار المروية فيما إذا اشتغل الناس كلهم بالزراعة و أعرضوا عن الجهاد حتى يطمع فيهم عدوهم و ذلك مروى في حديث ابن عمر رضى الله عنهما قال و قعدتم عن الجهاد و ذللتم حتى يطمع فيكم فيما إذا اشتغل بعضهم بالجهاد و بعضهم بالزراعة ففى عمل المزارع معاونة للجاهد و فى عمل المجاهد دفع عن الزارع و قال صلى الله عليه و سلم المؤمنون كالبنيان يشد بعضه بعضا ثم اختلف مشايخنا رحمهم الله في التجارة و الزراعة فقال بعضهم التجارة أفضل لقوله تعالى و آخرون يضربون في الارض الآية و المراد بالضرب في الارض التجارة فقدمه في الذكر على الجهاد الذي هو سنام الدين و سنة المرسلين و لهذا قال عمر رضى الله عنه لان أموت بين شعبتي رحلي أضرب في الارض أبتغي من فضل الله أحب إلى من أقتل مجاهدا في سبيل الله و قال عليه السلام التاجر الامين مع الكرام البررة يوم القيامة و أكثر مشايخنا رحمهم الله على أن الزراعة أفضل من التجارة لانها أعم نفعا فبعمل الزراعة تحصيل ما يقيم به المرء صلبه و يتقوى به على الطاعة و بالتجارة لا يحصل ذلك و لكن ينمو المال و قال عليه السلام خير الناس من هو أنفع للناس فالاشتغال بما يكون نفعه أعم يكون أفضل و لان الصدقة في الزراعة أطهر فلا بد أن يتناول مما يكتسبه الزارع الناس و الدواب و الطيور و كل ذلك صدقة له قال عليه السلام ما غرس مسلم شجرة فتناول منها إنسان أو دابة أو طير الا كانت له صدقة و فى رواية و ما أكلت العافية منها فهي له صدقة و العافية هى الطيور الطالبة لارزاقها الراجعة إلى أوكارها و إذا كان

(260)

في عادة الناس ذم الكسب الذي ينعدم فيه التصدق كعمل الحياكة مع انه من التعاون على اقامة الصلاة عرفنا ان ما يكون التصدق فيه أكثر من الكسب فهو أفضل فأما تأويل ما تعلقوا به فقد روى مكحول و مجاهد رحمهما الله قالا المراد الضرب في الارض لطلب العلم و به نقول ان ذلك أفضل فقد أشار محمد رحمه الله إلى ذلك في قوله طلب الكسب فريضة كما أن طلب العلم فريضة فتشبيه هذا بذاك دليل على أن طلب العلم أعلي درجة من غيره و بيان فرضية طلب العلم في قوله عليه السلام طلب العلم فريضة على كل مسلم و المراد علم الحلال على ما قيل أفضل العلم علم الحلال و أفضل العمل حفظ الحال و بيان هذا أن ما يحتاج المرء في الحال لاداء ما لزمه يفترض عليه عينا علمه كالطهارة لاداء الصلاة فان أراد التجارة يفترض عليه تعلم ما يتحرز به عن الربا و العقود الفاسدة و ان كان له مال يفترض عليه تعلم زكاة جنس ماله ليتمكن به من الاداء و ان لزمه الحج يفترض عليه تعلم ما يؤدى به الحج هذا معنى علم الحال و هذا علم لآن الله تعالى حكم ببقاء الشريعة إلى يوم القيامة و البقاء بين الناس يكون بالتعلم و التعليم فيفترض التعليم و التعلم جميعا و قد قررنا هذا المعنى في بيان فريضة الكسب و الدليل عليه ما روى أن النبي صلى الله عليه و سلم لعن الذين لا يعلمون و لا يتعلمون ليرتفع العلم بهم و قال ان الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من القلوب و لكن بقبض العلماء فإذا قبض العلماء اتخذ الناس رؤسا جهالا فأفتوا بغير علم فضلوا و أضلوا و الذى يؤيد هذا كله قوله تعالى و ان أحد من المشركين استجارك الآية و فى هذا اشارة إلى أنه يفترض تعليم الكافر إذا طلب ذلك فتعليم المؤمن أولى و بيان قولنا انه من آكد الفرائض ان الانسان لو شغل جميع عمره بالتعلم و التعليم كان مفترضا في الكل و لو شغل جميع عمره بالصوم و الصلاة كان مشتغلا في البعض و لا شك ان اقامة الفرض أعلى درجة من اداء النفل قال و كما أن طلب العلم فريضة فاداء العلم إلى الناس فريضة لان اشتغال صاحب العلم بالعمل معروف و العمل بخلافه منكر فالتعليم يكون أمرا بالمعروف و نهيا عن المنكر و هو فرض على هذه الامة قال الله تعالى كنتم خير أمة الآية و يختلفون في فصل و هو ان من يعلم حكما أو حكمين هل يفترض عليه أن يبين ذلك لمن لا يعلمه أم لا فعلى قول بعض مشايخنا رحمهم الله يلزمه ذلك و أكثرهم على انه لا يلزمه ذلك و انما يجب ذلك على الذين اشتهروا بالعلم ممن يعتمد الناس قولهم و قد أشار في هذا الكتاب إلى القولين و اللفظ المذكور هنا

(261)

يوجب التعميم و قال بعد هذه فعلى البصراء من العلماء أن يبينوا للناس طريق الفقة فهذا يدل على أن الفرضية على الذين اشتهروا بالعلم خاصة وجه القول الاول قوله تعالى ان الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات و قوله تعالى و اذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب الآية فتبين بالآيتين أن الكتمان حرام و ان ضده و هو الاظهار لازم فيتناول ذلك كل من بلغه علم فانه يتصور منه الكتمان فيما بلغه فيفترض عليه الاظهار و قال صلى الله عليه و سلم إذا رأيتم آخر هذه الامة طعن على أولها فمن كان عنده علم فليظهره فان كاتم العلم يومئذ ككاتم ما أنزل على محمد و لان تعليم العلم بمنزلة اداء الزكاة و على كل أحد اداء الزكاة من نصابه و صاحب النصاب و صاحب المنصب في ذلك سواء وجه القول الآخر ان العلماء في كل زمان خلفاء الرسل عليهم السلام كما قال صلى الله عليه و سلم العلماء هم ورثة الانبياء و معلوم ان في زمن الرسول صلى الله عليه و سلم كان هو المبين للناس ما يحتاجون اليه من أمر دينهم فان الله تعالي وصفه بذلك و قال لتبين للناس ما نزل إليهم و لا يجب على أحد سواه شيء من ذلك بحضرته فكذا في كل حين و مكان انما يفترض الاداء علي المشهورين بالعلم دون غيرهم لان الناس في العداة انما يعتمدون قول من اشتهر بالعم و قلما يعتمدون قول غيرهم و ربما يستخف بعضهم بما يسعه ممن لم يشتهر بالعلم فلهذا كان البيان على المشهورين خاصة و قد نقل عن الحسن رضى الله عنه أدركت سبعين بدريا كلهم قد انزووا و لم يشتغلوا بتعليم الناس لانه كان لا يحتاج إليهم و كذا علماء التابعين رحمهم الله فمنهم من تصدي للفتوى و التعليم و منهم من امتنع من ذلك و انزوى لعلمه انه لا يتمكن الخلل بامتناعه و ان المقصود حاصل بغيره و هذا لان للعلم ثمرتين العمل به و التعليم و منهم من لا يتمكن منهما جميعا فيكتفى بثمرة العمل به فعرفنا أن ذلك واسع و ان المقصود بالمشهورين من أهل العلم حاصل ( قال و لو لم يكن طلب العلم فريضة لم يكن للناس مخرج من الاثم ) يعنى ان التحرز عن ارتكاب الاثم فرض قال الله تعالى قل انما حرم ربي الفواحش الآية و لا يتوصل إلى هذا التحرز الا بالعلم قال و لو ترك الناس العلم لما تميز الحق من الباطل و الصواب من الخطأ و البين من الخفى يعنى أن التمييز بين الحق و الباطل أصل الدين و لا يتوصل اليه الا بالعلم قال الله تعالى و يمحو الله الباطل و يحق الحق و قال في آية أخرى ليحق الحق و يبطل الباطل و لا شك انه يفترض على كل مخاطب التمييز بين ما أحقه الله تعالى بين ما محاه الله من الباطل و كذا يجب على كل أحد التمسك بما هو

(262)

صواب و التحرز عن الخطأ بجهده و طريق التوصل إلى ذلك العلم ( قال فعلى العلماء إذا ما وصل إليهم ممن قلهم مما فيه منفعة للناس ) يعنى أن بيان المسموع من الآثار واجب على العلماء فان النبي صلى الله عليه و سلم قال نضر الله أمرأ سمع منا مقالة فوعاها كما سمعها ثم أداها إلى من سمعها فرب حامل فقه إلى فقيه و رب حامل فقه الي من هو أفقه من و قال صلي الله عليه و سلم تسمعون و يسمع منكم و يسمع من لم يسمع منكم و قال صلى الله عليه و سلم ألا فليبلغ الشاهد الغائب ثم انما يفترض بيان ما فيه منفعة الناس و هو الناسخ من الآثار الصحيحة المشهورة فاما المنسوخ فيجب روايته و كذا الشاذ فيما تعم به البلوى فانه ليس في روايته منفعة للناس و ربما يؤدى إلى الفتنة و التحرز عن الفتنة أولى و الاصل فيه ما روى عن أبى هريرة رضى الله عنه لو حدثتكم بكل ما سمعت لرميتمونى بالحجارة و ان معاذا رضى الله عنه كان عنده حديث في الشهادة و كان لا يرويه إلى ان احتضر ثم قال لاصحابه سمعته من رسول الله صلى الله عليه و سلم لو لا ما حضرنى من أمر الله ما رويته لكم سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول من شهد أن لا اله الا الله مخلصا من قلبه دخل الجنة فكان يمتنع من روايته في صحته لكي لا يتكل الناس ثم لما خاف الفوت بموته رواه لاصحابه فهذا أصل لما بينا ( قال ألا ترى انه لو لم يفترض الاداء علينا لم يفترض على من قبلنا حتى ينتهى ذلك إلى الصحابة و التابعين رضى الله عنهم ) يعنى ان الناس في نقل العلم سواء قال صلى الله عليه و سلم ينقل هذا الدين عن كل خلف عدوله ينفون عنه تحريف المبطلين و تأويل الجاهلين فلو جوزنا للمتأخرين ترك النقل لجوزنا مثل ذلك للمتقدمين فيؤدى هذا الي القول بما ذهب اليه الروافض ان الله تعالى أنزل آيات في شأن على رضى الله عنه و ذكر رسول الله صلى الله عليه و سلم أحاديث في فضله و التنصيص على امامته ان الصحابة رضى الله عنهم كتموا ذلك حسدا منهم له و عند أهل السنة رحمهم الله هذا كذب و زور لا يجوز أن يظن بأحد من الصحابة رضى الله عنهم فكيف بجماعتهم و لو كان شيأ من ذلك لاشتهر و لكن ما يذهب اليه الروافض مبنى على الكذب و البهتان فمحمد رضى الله عنه بهذا الاستشهاد أشار إلى أن الصحابة رضى الله عنهم أجمعين ما تركوا نقل شيء من أمور الدين فعلى من بعدهم الاقتداء بهم في ذلك ثم الفرض نوعان فرض عين و فرض كفاية ففرض العين على كل أحد أقامته نحو أركان الدين و فرض الكفاية ما إذا قام به البعض سقط عن الباقين لحصول المقصود و ان اجتمع الناس على تركه

(263)

كانوا مشتركين في المأثم كالجهاد فان المقصود به اعلاء كلمة الله تعالى و إعزاز الدين فإذا حصل هذا المقصود من بعض المسلمين سقط عن الباقين و إذا قعد الكل عن الجهاد حتى استولى الكفار على بعض الثغور اشترك المسلمون في المأثم بذلك و كذا غسل الميت و الصلاة عليه و الدفن كل ذلك فرض كفاية إذا قام به البعض سقط عن الباقين و ان امتنعوا من ذلك حتى ضاع ميت بين قوم مع علمهم بحاله كانوا مشتركين في المأثم فاداء العلم إلى الناس فرض كفاية إذا قام به البعض سقط عن الباقين لحصول المقصود و هو احياء الشريعة و كون العلم محفوظا بين الناس باداء البعض و ان امتنعوا من ذلك حتى اندرس بشيء بسبب ذلك كانوا مشتركين في المأثم ( قال و ما رغب فيه رسول الله صلى الله عليه و سلم من الفضائل فاداؤه إلى الناس فريضة ) و معنى هذا الكلام ان مباشرة فعل التطوعات و ما ندب اليه رسول الله صلى الله عليه و سلم ليس بفرض و لا اثم على من امتنع من ذلك و لكن اداء ذلك إلى الناس فريضة حتى إذا اجتمع أهل زمان على ترك نفل كانوا تاركين لفريضة مشتركين في المأثم لان بترك النفل يندرس شيء ء من الشريعة و ليس في ترك الاداء معنى الاندراس و نظير هذا ان من امتنع من صلاة التطوع فلا اثم عليه في ذلك و لو صلى التطوع بغير طهارة كان آثما معاتبا لان في الاداء بغير طهارة تغيير حكم الشرع و ليس في ترك الاداء تغيير حكم الشرع فان المقصود بالتطوعات أحد شيئين قطع طمع الشيطان عن وسوسته بان يقول إذا كان هذا العبد يؤدى ما ليس عليه كيف يترك أداء ما هو عليه فينقطع طمعه عن وسوسته بهذا و هو جبر لنقصان الفرائض على ما قال صلى الله عليه و سلم إذا تمكن في فريضة العبد نقصان يقول الله تعالى لملائكته اجعلوا نوافل عبدي جبرا لنقصان فريضته و إذا كان في التطوع هذا المقصود فلا يجوز ترك البيان فيه حتى يندرس فيفوت هذا المقصود أصلا فعرفنا ان أداءه إلى الناس فريضة و ان لم يكن مباشرة فعله فريضة ( قال و ليس يجب على الفقية أن يحدث بكل ما سمع الا لغائب حضر خروجه ممن يعلم انه لم يشتهر في أهل مصره ) يعنى بهذا ان أصل البيان واجب و لكن الوقت موسع و انما يتضيق عند خوف الفوت كما بينا في حديث معاذ رضى الله عنه و الذي أتاه كان قصده أن يتعلم منه ما لم يشتهر في مصره مما فيه منفعة للناس حتى يفتيهم بذلك إذا رجع إليهم قال الله تعالى فلو لا نفر من كل فرقة الآية فما لم يعزم على الرجوع كان الوقت في التعليم واسعا على المعلم و إذا عزم على الخروج فقد

(264)

تضيق الوقت فلا يسعة تأخير البيان بعد ذلك بمنزلة الصلاة بعد دخول الوقت فرض و لكن الوقت واسع فإذا بلغ آخر الوقت تضيق فلا يسعه التأخير بعد ذلك و هذا فيما لم يشتهر في أهل مصر فاما فيما اشتهر فيهم فلا حاجة و لا ضرورة لان الراجع يتمكن من تحصيل ذلك لنفسه من علماء أهل مصر و أهل مصر يتوصلون الي ذلك من جهة علمائهم دون هذا الراجع إليهم و المؤمنون كنفس واحدة يعنى إذا تألم بعض الجسد تألم الكل و إذا نال الراحة بعض الجسد اشترك في ذلك سائر الاعضاء فإذا كان مشهورا في أهل مصر لا يندرس بامتناع هذا العالم من البيان له و إذا لم يكن مشهورا فيهم فترك البيان يؤدى إلى الاندراس في حقهم فكما لا يحل له أن يترك البيان لاهل مصر حتى يندرس فكذا لا يحل ترك البيان للذي ارتحل اليه من موضع آخر لهذا المقصود و هو مشهور في أهل مصر ثم ان الله تعالى خلق أولاد آدم عليه السلام خلقا لا تقوم أبدانهم الا بأربعة أشياء الطعام و الشراب و اللباس و الكن أما الطعام فقال الله تعالى و ما جعلناهم جسدا الآية و قال عز و جل كلوا من طيبات ما رزقناكم و أما الشراب فقال الله تعالى و جعلنا من الماء كل شيء حي و قال جل و علا وكلوا و اشربوا و أما اللباس فقال الله تعالى يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يوارى سوآتكم و ريشا و قال الله تعالى خذوا زينتكم عند كل مسجد الآية و أما لكن فلانهم خلقوا خلقطا لا تطيق أبدانهم معه أذى الحر و البرد و لا تبقى على شدتهما قال الله تعالى و خلق الانسان ضعيفا فيحتاج إلى دفع أذى الحر و البرد عن نفسه لتبقي نفسه فيؤدى بها ما تحمل من أمانة الله تعالى و لا يتمكن من ذلك الا بكن فصار الكن لهذا بمعنى الطعام و الشراب ( قال و قد دلهم المعاش بأسباب فيها حكمة بالغة ) يعني ان كل أحد لا يتمكن من تعلم جميع ما يحتاج اليه في عمره فلو اشتغل بذلك فنى عمره قبل أن يتعلم و ما لم يتعلم لا يمكنه أن يحصل لنفسه و قد تعلقت به مصالح المعيشة فيسر الله تعالى على كل واحد منهم تعلم نوع من ذلك حتى يتوصل إلى ما يحتاج اليه من ذلك النوع بعلمه فيتوصل غيره إلى ما يحتاج اليه من ذلك بعلمه أيضا و اليه أشار رسول الله صلى الله عليه و سلم في قوله المؤمنون كالبنيان يشد بعضه بعضا و بيان هذا في قوله تعالى و رفعنا بعضهم فوق بعض درجات الآية يعنى ان الفقير محتاج إلى مال الغنى و الغني يحتاج إلى عمل الفقير فهنا أيضا الزارع يحتاج إلى عمل النساج ليحصل اللباس لنفسه و النساج يحتاج إلى عمل الزارع ليحصل الطعام و القطن الذي يكون منه اللباس لنفسه ثم

(265)

كل واحد منهما فيما يقيم من العمل يكون معينا لغيره فيما هو قربة و طاعة فان التمكن من اقامة القربة بهذا يحصل فيدخل تحت قوله تعالى و تعاونوا على البر و التقوى و قال صلى الله عليه و سلم ان الله تعالى في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه المسلم و سواء أقام ذلك العمل بعوض شرطه عليه أو بغير عوض فإذا كان قصده ما بينا كان في عمله معنى الطاعة لقوله صلى الله عليه و سلم انما الاعمال بالنيات و انما لكل امرئ ما نوى فإذا نوى العامل بعمله التمكن من اقامة الطاعة أو تمكين أخيه من ذلك كان مثابا على عمله باعتبار نيته بمنزلة المتناكحين إذا قصدا بفعلهما ابتغاء الولد و تكثير عباد الله تعالى و أمة الرسول صلى الله عليه و سلم كان لهما الثواب علي عملهما و ان و ان كان ذلك الفعل لقضاء الشهوة في الاصل و لكن بالنية يصير معنى القربة أصلا و يصير قضأ الشهوة تبعا فهذا مثله ( قال فان تركوا الاكل و الشرب فقد عصوا لان فيه تلفا ) يعنى ان النفس لما كانت لا تبقى عادة بدون الاكل و الشرب فالممتنع من ذلك قاتل نفسه قال الله تعالى و لا تقتلوا أنفسكم و هو معرض نفسه للهلاك و قال الله تعالى و لا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة و بعد التناول فقد ما يسد به رمقه يندب إلى ان يتناول مقدار ما يتقوى به على الطاعة لانه ان لم يتناول يضعف و ربما يعجز عن الطاعة و قال صلى الله عليه و سلم المؤمن القوي أحب إلى الله من المؤمن الضعيف و فى كل خير و لان اكتساب ما يتقوى به على الطاعة يكون طاعة و هو مندوب إلى الاتيان بما هو طاعة و اليه أشار أبو ذر رضى الله عنه حين سئل عن أفضل الاعمال فقال الصلوات و أكل الخبز قال و قد نقل عن مسروق رضي الله عنه و غيره ان من اضطر فلم يأكل فمات دخل النار و المراد تناول الميتة لان عند الضرورة الحرمة تنكشف فيلحق بالمباح و إذا كان الحكم في الميتة هذا مع حرمتها في حالة الضرورة فما ظنك في الطعام الحلال ( قال و ستر العورة فريضة لقوله تعالى خدوا زينتكم الآية ) و المراد ستر العورة لاجل الصلاة ألا ترى انه خص المساجد بالذكر و الناس في الاسواق أكثر منهم في المساجد فلا فائدة لتخصيص المساجد بالذكر سوى ان يكون المراد ستر العورة لاجل الصلاة فهذا يدل على انه من شرائط الصلاة فيكون فرضا و لئن كان المراد ستر العورة لاجل الصلاة فالأَمر حقيقة للوجوب فان كان خاليا في بيته فهو مندوب إلى الستر لما روى ان النبي صلى الله عليه و سلم لما ذكروا عنده كشف العورة قيل له أ رأيت لو كان أخذنا خاليا فقال صلى الله عليه و سلم الله أحق ان يستحى منه ( قال و على الناس اتخاذ




/ 46