فكذلك سبب الارضاع لان وطء الزوج كما كان سببا لولادتها كان سببا لنزول اللبن لها و ما ينزل من ثندؤة الرجل ليس بلبن على الحقيقة لان اللبن انما يتصور ممن تتصور منه الولادة و على هذا نقول في الاخوين إذا أرضعت إمرأة أحدهما صبية فليس للاخ الآخر أن يتزوجها لانها ابنة أخيه و الاصل فيه ما روى أن عليا رضى الله عنه لما عرض ابنة حمزة على رسول الله صلى الله عليه و سلم قال انها ابنة أخى من الرضاعة و لو أرضعت امرأتا أخوين كل واحدة منهما رضيعا أحدهما صبي و الاخر صبية تجوز المناكحة بينهما لان الصغيرة ابنة عم الصغير من الرضاعة و ابنة العم من النسب حلال فكذلك من الرضاعة و لو أرضعت إمرأة صغيرين فكبرا ثم ان أحدهما تزوج ابنة صاحبه لم يجز لانها ابنة أخيه من الرضاعة و الاصل فيه انه لما عرض على رسول الله صلى الله عليه و سلم زينب بنت أبى سلمة قال لو لم تكن ربيبتي في حجري كانت تحل لي أرضعتنى و اياها ثوبيه قال و لو أن رجلا له ابن و ابنة فجاءت إمرأة أخيه فارضعت الابن و الابنة جميعا لم يكن للابن الذي أرضعته المرأة أن يتزوج أحدا من ولد تلك المرأة قبل الرضاع أو بعده من بنات العم كن أو من غيره و إمرأة الاخ و الاجنبية في هذا سواء فانهما لما اجتمعا على ثدي واحد ثبتت الاخوة بين هذا الابن و الابنة و بين جميع أولاد الرجل ما كان من هذه المرأة أو من غيرها من النساء أو السراري كان قبل الرضاع أو بعده بخلاف ما وقع عند الجهال ان الحرمة انما تثبت بينهما و بين الاولاد الذين يحدثون بعد ذلك دون ما انفصلوا قبل الارضاع و هذا لان ثبوت هذه الحرمة تثبت الاخوة و هو يجمع الكل و لم يكن لاحد من ولد الرجل و لا من ولد المرأة من يتزوج تلك الجارية و لا ولد ولدها و لا لولد ولد العم أن يتزوجوا تلك الجارية فانهم اخوة أولاد اخوة و أخوات فان كان للجارية المرضعة ولد و للغلام المرضع ولد و لاولاد المرضعة التي أرضعتها أولاد و لاولاد زوجها أولاد جازت المناكحة فيما بينهم لان الانثى منهم ابنة عم للذكر من الرضاعة قال و لو أن رجلا له ابن فارضعت إمرأة ذلك الولد لم يكن للولد أن يتزوج أحدا من ولد تلك المرأة و لا من ولد خاله ما كان قبل الرضاع أو بعده إذا كان اللبن من الخال فان كان من غيره حرم ولد المرأة عليه و لم يحرم ولد الخال من غيرها لانعدام سبب الحرمة بينه و بينها و لو أن رجلا له إمرأتان فأرضعت احداهما صبية و الاخرى صبيا لم يكن لاخي ذلك الرجل لاب وأم أو لاب أو لام أن يتزوج
(295)
تلك الصبية لانها ابنة أخيه و لا لعمه أن يتزوجها لانها ابنة ابن أخيه و لا لا بن ذلك الرجل و لا لا بن ابنه و ان سفل أن يتزوجها لانها عمته من الرضاعة و كذلك لا يجوز لخال ذلك الرجل أن يتزوجها لانها بنت ابن اخته و لا يجوز لهذا الصبي المرضع أن يتزوج أم المرضعة و لا جدتها و لا أختها و لا خالتها و لا عمتها اعتبارا للرضاع بالنسب و إذا أرضعت إمرأة صبية لم يكن لابنها و لا لا بن ابنها و لا لا بن ابنتها أن يتزوجها لانها أخته و عمته و لو أن إمرأة أرضعت صبيا فكبر ذلك الصبي و تزوج إمرأة ثم فارقها قبل الدخول أو بعده لم يكن لزوج المرضعة أن يتزوج تلك المرأة لانها حليلة ابنه من الرضاعة و قد بينا انه يحرم حليلة الابن من الرضاعة كما يحرم من النسب و قد قال بعض أهل العلم انها لم تحرم لان النبي صلى الله عليه و سلم قال يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب قال و ليس بينه ربين إمرأة ابنه نسب و انما حرمت على الاب بسبب النسب و ليس في الحديث يحرم من الرضاع ما يحرم بسب النسب و لكن نقول معنى الحديث ان الحرمة بسبب الرضاع تعتبر بحرمة النسب و هذه الحرمة تثبت بالنسب فكذلك بالرضاع قال و أكثر أهل العلم على هذا و التنزه عنها أفضل و بمثل هذا الكلام يستدل على أن الكتاب ليس من تصنيف محمد رضى الله عنه قال و إذا نزل للبكر لبن فارضعت صبيا فانها تكون أمه من الرضاعة لان السبب و هو الارضاع قد تحقق فان قيل كيف يتصور أن تكون اما و هي بكر و كما لا تتصور الامية من حيث النسب مع بقاء صفة البكارة فكذلك لا تتصور الامية من الرضاعة مع بقاء صفة البكارة قلنا هذا تلبيس فان الحكم مبني على السبب و الامية من النسب سببية الولادة و لا تتصور الولادة مع بقاء صفة البكارة و تتصوره الامية من الرضاع مع بقاء صفة البكارة و ثبوت الحكم يتقرر بسببه و لو أن إمرأة طلقها زوجها أو مات عنها فارضعت صبيا بعد انقضاء عدتها فاتها تثبت حرمة الرضاع بين هذا الصبي و بين زوجها بمنزلة ما لو كان الارضاع في حال قيام النكاح بينهما لان سبب نزول اللبن لها كان وطء ذلك الزوج فما بقي ذلك اللبن يكون مضافا إلى ذلك السبب فان تزوجت بعد ذلك ثم أرضعت صبيا فكذلك الجواب ما لم تحبل من الثاني لان التزوج ليس سببا لنزول اللبن لها فوجوده كعدمه فان حبلت من الثاني ثم أرضعت صبيا فكذلك الجواب عند أبى حنيفة رضي الله عنه أنه تثبت الحرمة بين الصبي و الزوج الاول ما لم تلد من الثاني فان ولدت من الثاني ثم أرضعت فحينئذ يكون حكم الرضاع للثاني و عند أبى يوسف رضى
(296)
الله عنه إذا ازداد لبنها بسبب الحبل فهو و ما لو ولدت سواء في أنه تثبت الحرمة من الثاني و ينقطع حكم الاول و عند محمد رضى الله عنه تثبت الحرمة منهما جميعا استحسانا لان الاحتياط في باب الحرمة واجب و قد علمنا ان أصل الابن من الاول و ازداد سبب الحبل من الثاني فيجعل بمنزلة ما لو خلط إمرأتان اللبن بان حلبتا لبنهما و أوجرتا صبيا و أبو يوسف رحمه الله يقول لما حبلت من الثاني و نزل لها اللبن كان هذا ناسخا للسبب الذي كان من الزوج الاول لانه اعترض عليه ما هو مثله أو أقوى منه و أبو حنيفة رحمه الله يقول نزول اللبن في العادة انما يكون بعد الولادة فما لم تلد من الثاني لا ينسخ السبب الاول و هذا لان كون اللبن من الاول متيقن به و هذه الزيادة يحتمل أن تكون بسبب الحبل من الثاني و يحتمل أن تكون بقوة طبعها و اليقين لا يزول بالشك و لو أخذ لبن إمرأة في قارورة ثم ماتت المرأة فأوجر بعد موتها صبيا تثبت الحرمة بين هذا الصبي و بينها عندنا و للشافعي رضى الله عنه قول أن حرمة الرضاع لا تثبت بالايجار أصلا و هذا باطل فان ثبوت الحرمة بشبهة البعضية و فى هذا لافرق بين الابحار و بين الارتضاع من الثدي و علي القول الظاهر إذا حلب لبنها و هي حية في قارورة ثبت حرمة الرضاع بإيجار هذا اللبن صبيا سواء أوجر قبل موتها أو بعد موتها فأما إذا ماتت المرأة و فى ثديها لبن فارتضع صبي منها أو حلب اللبن بعد موتها فأوجر به صبي عندنا ثبتت الحرمة أيضا و عنده لا تثبت لاصلين له أحدهما أن اللبن يتنجس بالموت عنده لان فيه حياة فيحيله الموت و الثاني ان الحرام عنده لا يحرم الحلال و عندنا لاحياة في اللبن ( ألا ترى ) انه يحلب من الحى فلا يتنجس به و ما فيه حياة إذا بان من الحى فهو ميت و الثاني أن الحرمة لا تمنع حكم الرضاع بمنزلة لبن وقع فيه قطرة خمر فأوجره صبي و هذا لان الحرمة باعتبار شبهة البعضية و بالموت لا تنعدم لان اللبن و ان تنجس بالموت فهو غذاء يحصل به إنبات اللحم و انتشار العظم كما أن اللحم بالموت لا يخرج من أن يكون غذاء و ان تنجس و السعوط nو الوحور موجب للحرمة بمنزلة الارتضاع من الثدي عندنا خلافا للشافعي و هذا بناء على الاصل الذي بينا في كتاب النكاح ان عنده يعتبر العدد في الرضعات ليحصل به إنبات اللحم و انتشار العظم و هذا بالسعوط و الوجور لا يحصل و عندنا لا يعتبر العدد و انما يعتبر وصول اللبن إلى باطنه على وجه تحصل به التربية و ذلك بالسعوط و الوجور يحصل فانه يصل إلى الدماغ و الدماغ أحد الجوفين و لو صب اللبن في أذن صبي أو صبية فانه لا تثبت به الحرمة
(297)
و كذلك لو احتقن صبي بلبن إمرأة عند محمد رحمه الله انه تثبت الحرمة في الموضعين جميعا لانه يصل اللبن إلى أحد الجوفين ( ألا ترى ) أن الصوم يفسد بهذا و فى ظاهر الرواية يقول معنى إنبات اللحم انما يصل بما يصل إلى جوفه من الجانب الاعلى لامن الجانب الاسفل و ثبوت الحرمة باعتبار هذا المعنى ثم ذكر ما إذا جعل لبن إمرأة في دواء أو طعام و ما يكون من الارضاع بعد مضى الحولين و قد بينا هذه الفصول في كتاب النكاح و لو أن صبيين شربا من لبن شاة أو بقرة لم تثبت به حرمة الرضاع لان الرضاع معتبر بالنسب و كما لا يتحقق النسب بين آدمى و بين البهائم فكذلك لا تثبت حرمة الرضاع بشرب لبن البهائم و كان محمد ابن اسماعيل البخاري صاحب التاريخ رضى الله عنه يقول تثبت الحرمة و هذه المسألة كانت سبب إخراجه من بخارا فانه قدم بخارا في زمن أبى حفص الكبير رحمه الله و جعل يفتى فنهاه أبو حفص رحمه الله و قال لست بأهل له فلم بنته حتى سئل عن هذه المسألة فا فى بالحرمة فاجتمع الناس و أخرجوه ( قال و الرضاع في دار الاسلام و دار الحرب سواء في ثبوت الحرمة على قياس النسب فان الانساب تثبت في دار الحرب فكذلك حكم الرضاع ) و لو أن رجلا تزوج صبية فارضعت الصبية أم الرجل من النسب أو من الرضاع أو أخته فهذه المسألة تشتمل على أحكام أربعة حكم الحرمة و حكم وجوب الصداق و ثبوت الرجوع على المرضعة و حرمة التزوج أما حرمة الفرقة فنقول وقعت الفرقة بينهما بسبب الرضاع لانها صارت أخت الزوج و إذا ثبتت له اختيته يغرم لها نصف الصداق لان فعل الصبي معتبر شرعا في بناء الحكم عليه و انما وقعت الفرقة من جهتها قبل الدخول فيكون لها نصف الصداق و يرجع به على التي أرضعتها ان كانت تعمدت الفساد و ان لم تتعمد الفساد فلا شئ عليها الا في رواية عند محمد انه يرجع عليها على كل حال لانها تسببت في تقرير نصف الصداق عليه و كان بعرض السقوط فكأنها ألزمته ذلك و مجرد التسبب عند محمد سبب لوجوب الضمان كما قال فيمن فتح باب القفص فطار الطير و عندنا التسبب انما يكون موجبا للضمان إذا كان المسبب متعديا في التسبب و لم يطرأ عليه مباشرة فاما إذا لم يكن متعديا أو طرأ عليه مباشرة من مختار لم يكن موجبا للضمان وهنا إذا تعمدت الفساد فهي متعدية في التسبب لانه إذا كان يخاف الهلاك على الرضيع فارضاعه مندوب اليه أو مأمورة فلا يكون تعديا و لا طريق لمعرفة تعمدها الفساد الا بالرجوع إليها فيقبل قولها في ذلك لان ما يكون في باطن المرء لا يوقف عليه الا من جهته فيقبل قوله
(298)
في ذلك فان قالت تعمدت الفساد ضمنت و الا فلا شئ عليها ثم لا يحل له أن يتزوجها أبدا لانها صارت أخته أو ابنة أخته و لو كانت أرضعت هذه الصبية خالة الرجل أو عمته لم يحرم عليها لانها صارت ابنة خالته أو ابنة عمته و ابتداء المناكحة بينهما يجوز فالبقاء أولى و ان أرضعتها إمرأة أبيه فان كان لبنها من أبيه حرمت عليه لانها صارت أخته لابيه و ان كان لبنها من أبيه لم تحرم عليه و كذلك لو أرضعتها إمرأة أخيه أو إمرأة ابنه ( قال و لو أن رجلا له إمرأتان صغيرة و كبيرة فارضعت أم الكبيرة الصغيرة بانتا جميعا لانهما صارتا أختين من الرضاعة ثم يكون للكبيرة جميع الصداق ان كان دخل بها و ان كان لم يدخل بها فلها نصف الصداق ) لان الفرقة وقعت لا بسبب من جهتها و للصغيرة أيضا نصف الصداق لما بينا و يرجع بما غرم لها قبل الدخول على المرضعة ان تعمدت الفساد و ان لم تتعمد لم يرجع عليها بشيء كما في الفصل الاول و ان كان قد دخل بالكبيرة لم يرجع عليها بشيء من مهرها على كل حال ثم ان كان لم يدخل بالكبيرة فله أن يتزوج من ساعته أيتهما شاء و لا يجمع بينهما و ليس له أن يتزوج المرضعة لانها أم إمرأته و ان كان قد دخل بالكبيرة فليس له أن يتزوج بالصغيرة ما لم تنقض عدة الكبيرة لانها أخت معتدته و له أن يتزوج الكبيرة في الحال لان الصغيرة ليست في عدته و الكبيرة تعتد منه وعدته لا تمنع نكاحه و بعد انقضاء عدة الكبيرة له أن يتزوج أيتهما شاء و ليس له أن يتزوج أم الكبيرة و لا واحدة من حذائها من قبل الام أو من قبل الاب و ان كانت ابنة الكبيرة أرضعت الصغيرة فان كان قد دخل بالكبيرة فقد حرمتا عليه لان الصغيرة صارت ابنة بنت الكبيرة و الجمع بين الجدة و النافلة في النكاح حرام ثم بمجرد العقد على الصغيرة تحرم جدتها عليه على التأبيد كما تحرم أمها و الدخول بالجدة يحرم ابنة الابنة عليه على التأبيد فليس له أن يتزوج واحدة منهما قط و لا للمرضعة أيضا لانها من وجه أم إمرأته و من وجه ابنة المرأة التي دخل بها و لو لم يكن دخل بالكبيرة فان المرضعة لا تحل له قط لانها أم إمرأته و لا تحل له الكبيرة قط لانها أم أم إمرأته و تحل له الصغيرة لانها ابنة ابنة إمرأته و لم يدخل بها و كما أن ابنة المرأة لا تحرم الا بالدخول فكذلك ابنة الابنة فان كانت أرضعتها أخت الكبيرة بانتا أيضا لان الكبيرة صارت خالة للصغيرة و الجمع بين الخالة و ابنة الاخت حرام كالجمع بين الاختين فان كان لم يدخل بالكبيرة فله أن يتزوج أيتهما شاء و الحكم في هذا كالحكم في الاختين و لو أرضعتهما خالة الكبيرة أو عمتها لم تحرم
(299)
عليه لان الجمع بين المرأة و ابنة عمتها و ابنة خالتها حلال و لو كان له إمرأتان صغيرتان فجاءت أم احداهما فارضعت الاخرى بانتا جميعا لانهما صارتا أختين و لكل واحدة منهما نصف الصداق و حكم الرجوع كما بينا و لو جاءت أختيه فأرضعتهما معها أو احداهما بعد الاخرى بانتا جميعا لان الاختية انما تثبت بينهما بعد ارضاعهما فلا فرق بين أن ترضعهما معا أو على التعاقب و حكم الصداق و الرجوع و الحرمة كما بينا و كذلك لو جاءت الصبيتان إلى إمرأة و هي نائمة فشربتا من لبنها لان فعل الصغيرة لا يعتبر في بناء الحكم عليه فيكون لكل واحدة منهما نصف الصداق و لكن لا رجوع على المرأة بشيء هنا لانه لم يوجد منها جناية تسبيبا و لا مباشرة و لو كانت إمرأتان صغيرة و كبيرة فارضعت الكبيرة الصغيرة بانتا جميعا لانهما صارتا أما و بنتا و للصغيرة نصف الصداق و لا شيء للكبيرة ان لم يدخل بها تعمدت الفساد أو لم تتعمد لان الفرقة جاءت من قبلها و الفرقة من جهتها قبل الدخول تسقط جميع الصداق على كل حال سواء كانت متعدية في التسبيب أو لم تكن متعدية كالمعتقة إذا اختارت نفسها الا أن الزوج يرجع عليها بما غرم للصغيرة ان كانت تعمدت الفساد لكونها متعدية في التسبيب و له أن يتزوج الصغيرة إذا لم يدخل بالكبيرة و ليس له أن يتزوج الكبيرة لان بمجرد العقد على الابنه تحرم الام على التأبيد و العقد على الام لا يحرم الابنة قبل الدخول و ان كان قد دخل بالكبيرة لم يتزوج واحدة منهما قط لوجود العقد الصحيح على الابنة و الدخول بالام و لو كان تحته صغيرتان و كبيرة فارضعت الكبيرة الصغيرتين واحدة بعد أخرى و لم يكن دخل بالكبيرة فانما تبين الكبيرة و الصغيرة التي أرضعتها أولا لانهما صارتا أما و ابنتين و لا تبين التي أرضعتها أخيرا لانه حين أرضعتها لم يكن في نكاحه غيرها و انما وجد مجرد العقد على أمها و لو كانت أرضعتهما معا بن جميعا منه لانها صارت اما و بنتين له أن يتزوج الكبيرة و له أن يتزوج احدى الصغيرتين شاء و من العلماء من يقول في هذه الفصول له أن يتزوج الكبيرة أيضا ان شاء لانه حين عقد على الصغيرتين لم تكن الكبيرة أما لها و النص انما أوجب حرمة أمهات النساء و بعد ثبوت الامية بالرضاع لم يبق النكاح على واحدة من الصغيرتين و لكنا نقول هذه الحرمة تثبت بسببين النكاح و الامية و لا فرق بين أن تثبت الامية أولا ثم النكاح أو النكاح ثم الامية لان الحكم الثابت بعلة ذات و صفين انما ثبتت عند ثبوت الوصفين جميعا و قد وجدا سواء تقدم النكاح أو الامية
(300)
و لو كان دخل بالكبيرة و المسألة بحالها بن جميعا منه سواء أرضعتهما معا أو على التعاقب اما إذا أرضعتهما معا فغير مشكل و كذلك ان أرضعتهما على التعاقب لانه حين أرضعت الثانية فقد صارت ابنة للمرضعة و قد دخل هو بها و لو كان تحته ثلاث نسوة صغيرتان و كبيرة لم يدخل بها فارضعت الكبيرة الصغيرتين على التعاقب فانما تقع الفرقة بينه و بين الكبيرة و الصغيرة الاولى و التى أرضعتها آخرا لا تبين منه لانه ليس في نكاحه أختها فان الصغيرة الاخرى لم ترضعها الكبيرة الا و الاولى قد بانت فلهذا لا تقع الفرقة بينه و بين التي أرضعت آخرا و ان كانت أرضعتهما معا بن جميعا و لا تبين التي لم ترضع لانه لم يوجد في حقها سبب يوجب الفرقة و حكم الصداق و الرجوع و الحرمة على قياس ما بينا فيما سبق من الفرق بينهما إذا كان دخل بالكبيرة أو لم يدخل و ان كانت أرضعت الثلاث على التعاقب و لم يدخل بالكبيرة بن جميعا لانها حين أرضعت الاولي فقد صار أما و بنتا ثم بإرضاع الثانية لا تقع الفرقة بينه و بينها و لكن حين أرضعت الثالثة صارتا أختين فتقع الفرقة بينه و بينها أيضا و حكم الصداق و الرجوع كما بينا و لو كانت أرضعت اثنتين معا ثم الثالثة بانت الكبيرة و التى أرضعتها معا و لا تبين الثالثة لانه حين أرضعتها لم يكن في نكاحه غيرها و مجرد العقد على الام لا يحرمها قبل الدخول و لو أرضعت احدى الصغار على الانفراد ثم الاخرتين معا فقد صارتا أختين و لو كان تحته صغيرة و ثلاث نسوة كبار و لم يدخل بهن فارضعت احدى الكبار الصغيرة بانتا لانهما صارتا أما و بنتا و الباقيتان تحته على حالهما فان أرضعتهما احدى الباقيتين أيضا بانت هى منه لانها صارت أم الصغيرة و قد كانت الصغيرة في نكاحه و مجرد العقد على الابنة يحرم الام على التأييد فان أرضعتها الكبيرة الثالثة بانت هى أيضا لما بينا و له أن يتزوج الصغيرة و ليس له أن يتزوج واحدة من المرضعات بحال و لو كان دخل بالكبار لم يكن له أن يتزوج الصغيرة أيضا لوجود الدخول بالام و لو كان تحته صغيرة و كبيرة و طلق الكبيرة قبل الدخول ثم جاءت فارضعت الصغيرة فنكاح الصغيرة على حاله لانهما حين صارتا أما و بنتا فليست الام في نكاحه و مجرد العقد عليها لا يوجب حرمة الابنة و لو كان دخول بالكبيرة حرمت الصغيرة سواء أرضعتها قبل انقضاء العدة أو بعده لوجود الدخول بالام و لو كان طلق الصغيرة دون الكبيرة ثم أرضعت الكبيرة الصغيرة بانت الكبيرة دخل بها أو لم يدخل بها لان الصغيرة قد كانت في نكاحه و العقد على الابنة يحرم الام و لو كان طلقهما جميعا ثم