الاختلاف في تحديد الغلو
الاختلاف في تحديد الغلو
لا شكّ انّ الغلاة كفّار باللّه تبارك وتعالى، وانّهم شر من اليهود والنصارى
والمجوس ومن جميع أهل البدع والاَهواء المضلّة، وانّه ما صغر اللّه جلّ جلاله
تصغيرهم شيئاً وقال اللّه سبحانه:"ما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُوَْتِيَهُ اللّهُ الكِتابَ وَالْحُكْمَ
وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنّاسِ كُونُوا عِباداً لِي مِنْ دُونِ اللّهِ وَلكِن كُونُوا رَبّانِيّينَ بِما كُنْتُمْ
تُعَلِّمُونَ الكِتابَ وَبِما كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ* وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا المَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ
أَرْباباً أَيَأْمُرُكُمْ بِالكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ". (1)
وقال اللّه تعالى: "لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ" (2) (3)
ولا شكّ انّ الاِمامية تتبّرأ من الغلاة، إنّما الكلام في تحديد الغلو، فقد كان
الرأي الرائج بين القمّيين نسبة السهو إلى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - في الصلاة، وقد
انتحل به الشيخ الصدوق وأُستاذه محمد بن الحسن بن الوليد القمّي اعتماداً
على الروايات الواردة في ذلك المجال.
كما زعموا انّ نسبة علم الغيب إلى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - والاَئمّة (عليهم
السلام) لا تخلو من غلو، ولم يفرّقوا بين العلم الذاتي والعلم المكتسب.
وعلى كلّ تقدير كان هناك اختلاف بين المدرستين مدرسة قم ومدرسة
بغداد.
وكان البغداديون يشنّون حملات شعواء على هوَلاء ويصفونهم
1 . آل عمران: 79ـ 80.
2 . النساء: 171.
3 . اعتقادات الصدوق: 97.