الرابعة: اذا فقد التمييز للمبتداة، - مستند الشیعه فی احکام الشریعه جلد 2

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

مستند الشیعه فی احکام الشریعه - جلد 2

احمد بن محمد مهدی النراقی؛ تحقیق: مؤسسة آل البیت (ع) لاحیاء التراث

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

الرابعة: اذا فقد التمييز للمبتداة،


رجعت الى عادة نسائها بلا خلاف ظاهر، بل عليه الاجماع في كلام بعض الاكابر (279) ،
و عن المعتبر اتفاق الاعيان من فضلائنا عليه (280) ، و في اللوامع صرح باتفاق الكل
عليه، و في المدارك انه المعروف من مذهب الاصحاب (281) .

لموثقة سماعة، المتقدمة (282) التي هي حجة بنفسها، و باعتضادها بما مر، و بدعوى
الخلاف اجماع الفرقة على صحتها (283) .

و موثقة ابي بصير: في النفساء اذا ابتليت بايام كثيرة[الى ان قال: ] «ان كانت
لا تعرف ايام نفاسها فابتليت، جلست بمثل ايام امها او اختها او خالتها» (284) .

و الاخيرة شاملة للمبتداة بقسميها، فهي الحجة في المضطربة و ان احتاجت في
تتميم جميع ما يتعلق بها الى الاجماع المركب.

و لا يضر في المسالة اطلاق المرسلة-الطويلة-في رجوع المبتداة الى الايام اولا،
لكونها اعم من الموثقة الاولى مطلقا باعتبار وجود النساء و اتفاقهن و عدمهما،
فيجب تقييدها بها.مع انه قد حملها الشهيد على ما لا ينافي الموثقة (285) .و لكنه بعيد جدا.

ثم صريح الاولى-كفتاوى الجماعة-اختصاص الرجوع الى النساء بصورة اتفاقهن في
العادة.و هو كذلك، لذلك.

و لا تضرها موثقة زرارة و محمد: «المستحاضة تنظر بعض نسائها فتقتدي باقرائها ثم
تستظهر على ذلك بيوم » (286) حيث عمت صورة الاختلاف ايضا، لانها اعم مطلقا.

و توهم اختصاص الاخيرة بالاختلاف لمكان الامر بالنظر الى البعض، ضعيف، لان
مع الاتفاق ايضا يكون الاقتداء بكل بعض.مع انها اعم ايضا من حيث شمولها لغير
المبتداة ايضا.مضافا الى انها لو خصت بصورة الاختلاف خرجت عن صلاحية
المعارضة، لصيرورتها شاذة، لعدم قائل بمضمونها، كما صرح به جماعة (287) .

و منه يظهر عدم مضرة موثقة ابي بصير ايضا، مع انها شاملة لصورة الاختصاص بوجود
احدى من ذكر فيها و عدم وجود غيرها.

نعم، مقتضى موثقة سماعة: الرجوع الى الجميع مع العلم باتفاقهن، اذ حينئذ يمكن جعل
اقرائها مثل اقرائها، و الى الايام مع العلم باختلافهن و لو بعد الفحص في
الصورتين.

اما لو لم يعلم الاتفاق و لا الاختلاف و لم يتمكن من الاستعلام، كان تكون بعضهن
امواتا او في بلاد بعيدة، و كانت المعلومات حالهن متفقات حتى يصدق عدم العلم
بالاختلاف، فالظاهر الاكتفاء بهذا البعض المعلوم بمقتضى الموثقتين
الاخيرتين الخاليتين عن المعارض في المقام، بل قيل: ان المراد من الاولى
ايضا النساء الاحياء المتمكن من استعلام حالهن او الموجودات في بلدها (288) .

و تدخل في نسائها اقاربها من الابوين او احدهما اجماعا و عرفا، دون غيرهن و
ان تلبست بضرب من الملابسة و كفى ادناها في الاضافة، لان كفايته مصححة
للاضافة لا معينة لارادة كل ملابس.

و مقتضى عموم النص: عدم اشتراط الحياة في الاقارب و لا التساوي في السن و لا
الاتحاد في البلد.

خلافا لظاهر الذكرى (289) في الاخير، فاعتبره، لظهور تاثير الاختلاف في البلد في
مخالفة الامزجة.و هو اجتهاد في مقابلة النص.و لعدم تبادر غير المتحد منه.

و هو مردود بلزوم تبادر المتحد في التخصيص، و هو منتف.

و هل يختص الرجوع-حين فقد التمييز-بنسائها؟ كما عن المعتبر و المنتهى (290) و
غيرهما.

او يجوز لها الرجوع مع وجود النساء و اتفاقهن الى اقرانها و ذوات اسنانها
ايضا؟ اما مطلقا، كما في النافع (291) و عن التلخيص، او بشرط كونهن من اهل بلدها،
كما نقله في الشرائع (292) و عزاه في المدارك الى المبسوط (293) و جمع من الاصحاب.

او يجوز لها ذلك مع فقد النساء خاصة مطلقا؟ كما عن المهذب، و التحرير، و
التبصرة (294) ، و جمل الشيخ، و اقتصاده (295) ، و السرائر (296) ، او بشرط اتحاد البلد، كما
عن الوسيلة (297) ، او مع اختلافهن ايضا مطلقا، كما عن القواعد، و الارشاد، و نهاية
الاحكام (298) ، او بشرط اتحاد البلد، كما عن الاصباح.

الحق هو الاول، لعدم دليل معتد به على الرجوع اليهن مطلقا.

و دعوى الظن بمشابهتها مع الاقران في الاقراء ممنوعة.و لو سلمت فاعتباره غير
مسلم.

و الاستدلال بلفظ «نسائها» باعتبار كفاية ادنى الملابسة فاسد، كما مر.

و التمسك باستفادة توزيع ايام الاقراء على الاعمار في المرسل المصرح بان
المراة اول ما تحيض تكون كثيرة الدم و كلما كبرت نقص الدم (299) ، ضعيف، لعدم
دلالته على تساوي النساء في النقص بتساوي ازدياد السن.

الخامسة: اذا فقدت الاقارب لها او اختلفن


-و ان اتفقن منهن الاغلب على الاقرب (300) -تحيضت بالسبعة في كل شهر على الاصح،
وفاقا للمحكي عن ظاهر النهاية (301) في اللوامع، و عن الجمل و الاقتصاد (302) في كلام
بعض الاجلة، و عن غيرهم ايضا في كلام بعض آخر (303) .

لقوله عليه السلام في مرسلة يونس-الطويلة-التي هي كالصحيحة، لوجوه عديدة: «هذه سنة
التي استمر بها الدم اول ما تراه، اقصى وقتها سبع و اقصى طهرها ثلاث و عشرون » .

و قوله عليه السلام فيها: «و ان لم تكن لها ايام قبل ذلك و استحاضت اول ما
رات، فوقتها سبع و طهرها ثلاث و عشرون » .

و قوله في آخرها-في حق من اطبق عليها الدم و لم تعرف اياما و كانت فاقدة
للتمييز-: «فسنتها السبع و الثلاث و العشرون، لان قصتها قصة حمنة » (304) .

و اما التخيير الواقع فيها اولا بقوله للمبتداة: «تحيضي في كل شهر في علم الله
ستة ايام او سبعة، ثم اغتسلي و صومي ثلاثة و عشرين يوما او اربعة و عشرين يوما»
فلمنافاته مع تعيين السبع و جعل اقصى الطهر ثلاثا و عشرين ثانيا لا يصلح
للاستناد اليه في التخيير، بل يحمل اما على ترديد الراوي كما قيل (305) ، او على وجه
آخر.

و لاجل ذلك و ان لم يمكن الاستناد في التعيين الى قوله ثانيا ايضا و امكن
حمله على الاكتفاء في التفصيل باحد فردي التخيير دون الانحصار كما ذكره والدي
-رحمه الله-في اللوامع، و لكن لاتفاق الفقرتين على جواز السبع يكون جواز التحيض
بها قطعيا، و غيرها مشكوكا فيه، فينفى التعبد به بالاصل.

خلافا في المبتداة بقسميها لكثير من علماء الفرقة، فان لهم فيهما اقوالا
متكثرة تتجاوز عن العشرة، اكثرها عن الحجة خال بالمرة، و حجة ماله حجة منها
للاستناد غير صالحة:

كالقول بتحيضهما مطلقا بالثلاثة (306) ، لاصالة عدم الزيادة، و استصحاب لزوم
العبادة، و اصالة الطهارة، فان جميع تلك الاصول بما مر مندفعة، و مع ذلك
باستصحاب الحيض بعد التحيض بالثلاثة معارضة.

و بتحيضها في كل شهر بالعشرة، كما ذهب اليه بعضهم (307) ، او بالتحيض عشرة و
التطهر عشرة، كما حكي عن بعض آخر (308) ، للقاعدة التي هي على السنتهم جارية من حيضية
كل ما يمكن ان يكون حيضا، فانك قد عرفت ان تلك القاعدة غير ثابتة.

و بتحيضها بالثلاثة الى العشرة مع افضلية العشرة في الدور الاول و الثلاثة في
غيره، ثم افضلية السبعة او الستة في كل دور.

اختاره والدي العلامة-رحمه الله-استنادا في الجزء الاول الى موثقة سماعة،
المتقدمة (309) .و في الثاني الى موثقتي ابن بكير، السابقتين (310) .و في الثالث الى
التخيير المذكور اولا في المرسلة (311) ، بحمل الاولى على الجواز، و الثانية على
الافضلية، لعدم منافاتها للاولى مع دلالتها على الرجحان، و الثالثة على
التخيير بينها و بين الثانية للتعارض و عدم الترجيح، فيصار الى التخيير مع
افضلية لصراحة الامر.

فان الاولى للاحتجاج غير صالحة، لاجمالها، حيث ان كون الاكثر عشرة و الاقل
ثلاثة يتصور بوجوه مختلفة، كان تتحيض في كل شهر بما شاءت من الثلاثة، او العشرة،
او منهما و مما بينهما، او في شهر بالاولى و في آخر بالثانية مخيرة في التعيين،
او مع تعيين الاول للثلاثة و الثاني للعشرة، او بالعكس، مع عدم دلالتها على جواز
التحيض بما بين العددين، بل امكان القدح في دلالتها على الجواز بالعددين ايضا.

و الثانية شاذة، و لشهرة القدماء بل الاجماع مخالفة، اذ لم ينقل من احد من الطائفة
المصير الى مضمونها الذي هو التحيض بالعشرة في الدور الاول و بالثلاثة في
غيره مطلقا لا معينا و لا مخيرا بين ذلك و بين غيره، فهي عن اصلها ساقطة، و لمعارضة
المرسلة غير صالحة.

و الثالثة مع ما بعدها في المرسلة-كما عرفت-منافية، و مثل ذلك لا يصلح للاستناد و
الحجية.

و مع ذلك كله، فلا يشمل شي ء منها المضطربة، بل الكل مختص بالمعنى الاخص من المبتداة.

و بتحيضها بالستة او السبعة مطلقا، لما ذكر مع ما فيه.

و بالثلاثة من شهر و عشرة من آخر، للموثقتين.فانهما على ذلك غير دالتين و لا
مشعرتين.الى غير ذلك من الاقوال الخالية عن الحجة، او المحتج لها بما يظهر
ما فيه بما ذكر.

ثم انه صرح جماعة (312) ، و حكي عن المعتبر و الاصباح و المنتهى و التحرير (313) :

بان العدد الذي تتحيض به، لها وضعه حيث شاءت من الشهر في الدور الاول، لاطلاق
الادلة و عدم الترجيح.

يعني-بعد ظهور استمرار الدم الى آخر الشهر-لها ان تجعل الحيض اي سبعة شاءت مثلا،
فان جعلت الاولى التي كان عليها ان تتحيض فيها قبل ظهور الاستمرار فهو، و
الا فتقضي ما تركته فيها من الصلاة.

و الظاهر اولوية جعل الاول حيضا بل تعينه، كما عن التذكرة، و ظاهر المبسوط، و
الجواهر (314) ، للمرسلة «عدت من اول ما رات الدم الاول و الثاني عشرة ايام ثم هي
مستحاضة » (315) .

و ايضا: فانها تتحيض قطعا في الاول باستمرار الدم الى الثلاثة سيما مع
الوصف، فالانتقال عنه و تركها العبادة و قضاؤها لما تركته من الصلاة يحتاج
الى دليل.

هذا في الدور الاول، و اما ما بعده فلا بد من اتباع النص من جعل ثلاثة و عشرين
طهرا ثم التحيض بعده، فانها اقصى طهرها، بل طهرها تلك خاصة، كما نص به في
المرسلة (316) التي هي في الباب عمدة.

القسم الثاني: ذات العادة.


و هي التي حصلت لها العادة في وقت الحيض، او قدره، او فيهما.

ثم ان عدم حصول العادة-التي قد يعبر عنها بايام الحيض ايضا-بالمرة الواحدة
عندنا مجمع عليه، و اشتقاقها من العود يرشد اليه، و الاصل يوافقه، و في ذيل
المرسلة-الطويلة، كما ياتي-تصريح به، و اكثر المخالفين يوافقنا فيه.

و ثبوتها بالمرتين مما لا خلاف فيه، و حكاية الاجماع من الاعيان متكررة
عليه (317) .

و يدل عليه اطلاق اخبار العادة بل عموم بعضها (318) ، و خصوص ما ياتي (319) من الموثقة
و المرسلة.

و في اشتراط استقرار الطهر بتكريره مرتين متساويتين في استقرار العادة
عددا و وقتا قولان، الاقوى: العدم، للاصل، و ظاهر المرسلة.وفاقا للفاضل (320) ، و الروض (321) ،
بل الاكثر، كما ذكره والدي في اللوامع.و خلافا للذكرى (322) ، فاشترطه فيهما، و
بدونه حكم باستقرار العدد دون الوقت.و لا دليل له.

و كذا لا يشترط في العددية تعدد الشهر، فتستقر برؤيته في الشهر الواحد مرارا
متساوية بينهما اقل الطهر، وفاقا للمحكي عن المبسوط، و الخلاف، و المعتبر، و
الذكرى، و الروض (323) ، لاطلاق اخبار العادة و ايام الحيض الصادق بذلك.

و ظاهر الموثقة (324) و ان اقتضى نفي الاستقرار في الشهر الواحد بالمفهوم، و لكن
لتعارضه مع اطلاق قوله في المرسلة بالعموم من وجه و تساقطهما تبقى اطلاقات
اخبار العادة و ايام الحيض خالية عن المعارض.

و منه يظهر عدم اشتراط تعدد الشهر الهلالي في استقرار الوقتية ايضا، بل يكفي تعدده
في شهر الحيض، و هو ما يمكن ان يعرض فيه حيض و طهر صحيحان و هو ثلاثة عشر يوما،
او في غير ذلك ككل اسبوعين مثلا.

و ورود الشهر في الخبرين و كونه حقيقة في الهلال لا يضر، لما عرفت.

و عدم امكان تماثل الزمانين بالنسبة الى الدمين في غير الهلالي ممنوع، فانه
يمكن في شهر الحيض او الاسبوع او كل نصف من الهلالي و نحو ذلك.

و من ذلك تظهر ايضا صحة القول باستقرار الاقل القدر المشترك من الوقت و العدد في
الاقسام الثلاثة، لصدق العادة و ايام الحيض و ان لم يصدق السواء المصرح به في
الخبرين.

و كذا يظهر وجه حصول العادة بالتمييز مع استمرار الدم.

ثم ان ذات العادة-كما اشير اليه-على انواع ثلاثة، لانها اما عديدة و وقتيه، او
عددية فقط، او وقتية كذلك.و اعتبار الثلاثة و اطلاق العادة و ايام الحيض و
ترتب احكامهما عليها مجمع عليه، و هو الحجة في ذلك.

مضافا في الاوليين الى موثقة سماعة، و فيها: «فاذا اتفق الشهران عدة ايام
سواء فتلك ايامها» (325) .

و المرسلة (326) -الطويلة-و فيها: «فان انقطع الدم لوقته من الشهر الاول سواء حتى
توالت عليها حيضتان فقد علم ان ذلك صار وقتا و خلقا معروفا، فتعمل عليه و تدع
سواه » الى ان قال: «و انما جعل الوقت ان توالى عليها حيضتان او ثلاث حيض، لقول
رسول الله صلى الله عليه و آله، للتي تعرف ايامها: دعي الصلاة ايام اقرائك،
فعلمنا انه لم يجعل القرء الواحد سنة لها فيقول[لها]: دعي الصلاة ايام قرئك، و لكن
سن لها الاقراء و ادناه حيضتان فصاعدا» .

و في الاخيرة (327) الى قوله عليه السلام في المرسلة: «و لو كانت تعرف ايامها ما
احتاجت[الى معرفة]لون الدم » الى ان قال: «فان جهلت الايام و عددها احتاجت
الى النظر حينئذ الى اقبال الدم و ادباره و تغير لونه، ثم تدع الصلاة الى قدر
ذلك » الحديث.

دلت بالمفهوم على انه اذا عرفت الايام وحدها ايضا لم يحتج الى النظر الى
لون الدم، و تمام المطلوب يثبت بالاجماع المركب.

ثم تاثير العددية انما هو في الرجوع اليها عند عبور الدم عن العشرة، و الوقتية
في الجلوس برؤية الدم.

ثم انه قيل: ان المناط في اتحاد الوقت و العدد عدم الزيادة و النقصان و التقدم
او التاخر بيوم تام، لا ببعضه ايضا، اذ التفاوت بالبعض لازم التحقق في
كل دمين غالبا، مع ان العرف لا يعتني بمثل ذلك.

اقول: لا شك في عدم اعتناء العرف بالتفاوت القليل، فلا ينافي الاستقرار، و لكن
تحديده بمطلق بعض اليوم محل نظر، فانه لو رات الدم اول الطلوع من اليوم
الاول من شهر و انقطع آخر السابع، ثم راته في آخر ساعة من الاول من الشهر
الثاني بل و لو بعد زواله مطلقا و انقطع آخر سابعه ففي صدق الاتحاد في الوقت و العدد
نظر ظاهر.و الاولى احالة ذلك الى العرف مطلقا.

ثم الكلام في كل من هذه الانواع-كما في المبتداة-اما في تحيضها او في مقدار
حيضها.

فالنوع الاول، و هي: ذات العادة العددية و الوقتية


، فيه موضعان:

الموضع الاول: في تحيضها


.و لبيانه نقول: ان ذات العادة العددية و الوقتية تتحيض و تترك العبادة برؤية
الدم مطلقا و ان لم يكن بصفة الحيض اذا كانت في وقت العادة اجماعا محققا، و
منقولا (328) مستفيضا، له، و للنصوص المستفيضة جدا، بل المتواترة معنى.

و في تحيضها برؤيته قبله مطلقا، او مع كونه بالصفة، او الحاقها حينئذ بالمبتداة
فتستظهر بالعبادة الى الثلاثة او حضور الوقت، اقوال:

الاشهر الاظهر: الاول، بل قيل (329) : انه اجماع.لا لاصالة عدم الآفة كما قيل (330) ،
لمعارضتها مع اصالة عدم الحيض كما مر.

بل لعموم المستفيضة المصرحة بتحيض المراة بمجرد رؤية الدم (331) .

و خصوص ما دل على حيضية ما تراه ذات العادة قبل العادة مطلقا، كموثقة سماعة: عن
المراة ترى الدم قبل وقت حيضها، قال: «فلتدع الصلاة، فانه ربما يعجل بها الوقت » (332) .

او الصفرة التي تراها كذلك، كرواية ابن ابي حمزة: عن المراة ترى الصفرة فقال:
«ما كان قبل الحيض فهو من الحيض، و ما كان بعد الحيض فليس منه » (333) .

و الرضوي: «و الصفرة قبل الحيض حيض، و بعد ايام الحيض ليست من الحيض » (334) .

او الثاني مقيدا بيومين، كصحيحة ابن حكيم: «الصفرة قبل الحيض بيومين فهو من
الحيض، و بعد ايام الحيض ليس من الحيض، و في ايام الحيض حيض » (335) و قريبة منها
موثقة ابي بصير (336) .

و اما ما في المرسلة-الطويلة-من الدلالة على ان ذات العادة تعمل في العادة و تدع
ما سواها-كما ياتي-فلا يضر هنا، لعدم عامل به في المورد اصلا، مع انها اعم مطلقا
من اخبار القبل فتخصص بها.

للثاني-و هو مختار صاحب المدارك (337) -: ما تقدم (338) من الاخبار الدالة على انتفاء
الحيضية بانتفاء الصفات، و على ان الصفرة في غير ايام الحيض ليست بحيض كما
في صحيحة محمد (339) .

و اجيب عنها: بكونها اعم مطلقا مما مر، فتخصص بها، مع ان في المرسلة
-الطويلة-دلالة على عدم رجوع ذات العادة الى التمييز، كما ياتي.

و للثالث-و هو مذهب المسالك (340) -: ظواهر بعض الاخبار التي لا دلالة لها، و بعض
الاعتبارات الذي لا اعتناء به.

ثم انه لا فرق فيما تراه قبلها فيما اذا كان بحيث ينتهي الدم على اول ايام
العادة، او في اثنائها اذا كان بحيث تصدق القبلية عرفا و لم يبعد عنها بحيث لا
يقال انه قبل العادة، و يصدق عليها تعجيل العادة كما علل به في الرواية (341) .

و الحاصل: ان القبل المحكوم بحيضيته هو ما يقرب العادة و كذا البعد، و اما
مطلق القبل و البعد اللغويين الصادقين على كل ما تقدم و تاخر فليس مرادا هنا
قطعا، و لذا ورد في بعض الاخبار بيوم و يومين (342) و عبر بعض الفقهاء بالقبيل و
البعيد.

و مما يثبت ذلك: انه لو اريد اللغويان، لكان كل قبل بعدا لما قبله و بالعكس،
فتتعارض الفقرتان و يلغو الحكم، و ذلك قرينة واضحة على ما ذكرنا من المراد من
القبل و البعد.

و كذا تتحيض بمجرد الرؤية مطلقا اذا راته متاخرا عن اول وقت العادة اي في
اثنائها، لصدق كونه في العادة، فتدل عليه اخبارها.

و اما لو راته متاخرا عن آخر وقت العادة فلا شك في التحيض به مع كونه
بالوصف، للاجماع، و لاخبار التمييز، الخالية عما يصلح للمعارضة في المقام.و اما
قوله لذات العادة في المرسلة (343) : «تعمل فيه-اي في وقتها-و تدع ما سواه » فانما
يجري فيما اذا رات في العادة ايضا حتى يصدق قوله: «تعمل فيه » و ليس كذلك
المقام.

و اما ما في آخر مرسلة يونس-القصيرة-: ما راته بعد ايام حيضها فليس من الحيض » (344)
فلا ينافيها، لجواز ان يراد بايام حيضها هنا ايام العادة اذا كانت فيها
حائضا دون ما اذا خلت ايام العادة عن الدم، كما هو مورد المسالة.

و اما بدونه (345) فادعى بعض الاجلة الاتفاق على التحيض مطلقا الشامل لهذه
الصورة ايضا (346) .

و ظاهر المدارك عدمه (347) .و الاصل معه و ان كان مظنة الاجماع على التحيض في صورة
الاستمرار الى الثلاثة.

و في حكم المتاخر كل ما بعد زمان العادة و لو بكثير اذا لم تر في زمان العادة، و
الدليل الدليل.

و لو رات في العادة و انقطع عليها ثم رات قبل مضي اقل الطهر، لم تتحيض به
اجماعا.و كذا بعده على الاصح، لعدم كون ذلك حيضا-كما ياتي-الا اذا كان ذلك
ايضا عادة لها.

الموضع الثاني: في قدر حيضها


و وقته في كل موضع حكم بتحيضها.

و بيانه: انها اما ترى اقل من العادة، او مساويا له، او ازيد منه، و الاخير
اما لا يتجاوز من العشرة، او يتجاوزها، فهنا مسائل.

المسالة الاولى: اذا انقطع دمها على العدد او اقل منه ما لم ينقص عن الثلاثة،


فالكل حيض اجماعا، له، و للاستصحاب، و النصوص، و كذا النقاء المتخلل بين ايامها.
و لا استظهار حينئذ، وفاقا للمعظم، لمرسلة داود (348) و غيرها.

خلافا لشاذ (349) لا يعبا به، لبعض اطلاقات الاستظهار الواجب تقييده بما مر.

الثانية: لو لم ينقطع دمها على العدد، فان كان عددها عشرة،


استحاضت في الزائد، و لم يكن عليها استظهار اجماعا، و تدل عليه مرسلتا ابن
المغيرة (350) .

و ان كان ما دون العشرة، تستظهر و تحتاط بترك العبادة اجماعا، للنصوص
المستفيضة جدا، كالصحاح الاربع لمحمد (351) ، و البزنطي (352) ، و زرارة (353) ، و ابن عمرو (354) ،
و الموثقات السبع لسماعة (355) ، و سعيد (356) و ابن جرير (357) ، و يونس (358) ، و زرارة (359) ، و
المراسيل الثلاث لابن المغيرة، و داود.و خبر زرارة (360) .

بيوم واحد ان كانت عادتها تسعة ايام اجماعا، لعدم امكان الزائد.

و مخيرة بين يوم او يومين ان كانت ثمانية، للتصريح بالتخيير بينهما لمن
تجاوز دمه العادة مطلقا في الصحيحتين الاوليين، و الموثقة الاخيرة، و الخبر
الاخير.

و لا ينافي ذلك ما دل على الاستظهار بثلاثة ايام، لاختصاصه بما عدا ذلك قطعا،
لعدم امكانه.و لا ما اقتصر فيه على واحد، لوجوب حمله على احد افراد المخير، فان
الاصل في الحكم وجوبا كان او استحبابا و ان كان التعيين، الا انه يجب
الخروج عنه مع الدليل على التخيير كما في المورد.

و بينه و بينهما و بين ثلاثة ايام ان كانت سبعة، للصحيحة الثانية.و لا ينافيها
ما اقتصر على احد الثلاثة، لما مر.

و بين كل من هذه الثلاثة و تمام العشرة ان كانت ستة فما دون، لدلالة الصحيحة
الثانية على التخيير بين الثلاثة مطلقا، و دلالة مرسلتي ابن المغيرة، و موثقة
يونس على تعيين تمام العشرة، و اذ لا ترجيح فالحكم التخيير، كما نطقت به
الاخبار العلاجية في التعارض.

وفاقا في الجميع للذكرى (361) ، و اكثر الثالثة (362) .

، و الشيخين (364) ، و الوسيلة، و الشرائع، و النافع (365) ، فحكموا
بالتخيير بين الاولين خاصة.و ظاهر انه في غير الاولى.

و لصاحب المدارك (366) فبين الثلاثة الاولى.و ظاهر انه في غير الاولين.

و للسيد، و عن الاسكافي (367) ، و المقنعة، و الجمل (368) ، فحكموا بتعين تمام العشرة
مطلقا.

و حجة الجميع مع الجواب ظاهرة.

ثم ذلك الاستظهار هل هو على الوجوب؟ كما عن ظاهر الاكثر، و السيد (369) ، و
الاستبصار، و النهاية، و الجمل، و السرائر (370) ، عملا بظاهر الاوامر، و احتياطا
في العبادة حيث ان تركها على الحائض عزيمة، و استصحابا للحالة السابقة.

او على الاستحباب؟ كما عن التذكرة (371) و عامة المتاخرين (372) ، بل الاكثر كما
في اللوامع، التفاتا الى اخبار الرجوع الى العادة مطلقا و العمل فيما عداها
بالاستحاضة، كالصحاح الثلاث لابناء عمار (373) ، و سنان (374) ، و اعين (375) ، و موثقتي ابن
سنان (376) ، و سماعة (377) ، و مرسلة يونس (378) ، و خبر ابن ابي يعفور (379) ، و اخذا بظن الانقطاع
على العادة.

و هو الحق.لا لما ذكر، لعدم التمامية.بل لانتفاء الوجوب بالاصل، و عدم دليل عليه،
لخلو جميع اخبار الاستظهار-سوى اثنين منها-عن اللفظ الدال على الوجوب، و انما
وردت بلفظ الاخبار الغير المفيد سوى الرجحان.و اما هما فمخرجان عن حقيقتهما
التي هي الوجوب المعين قطعا، لما عرفت من ثبوت التخيير.

و ليس الحمل على الوجوب التخييري اولى من الاستحباب كذلك، حيث انهما من
المعاني المجازية.

و كون الوجوب التخييري اقرب الى الحقيقة لا يفيد، لعدم دليل على وجوب الحمل على مثل
ذلك الاقرب، و ثبوت مطلق الرجحان الموجب-لدفع الاصل- للاستحباب بما مر.

و لا تضر معارضة اخبار الرجوع الى العادة الواردة جميعا ايضا بلفظ الاخبار
المفيد للرجحان.لا لما قيل (380) من انها لا تفيد سوى الجواز الغير المنافي
للاستحباب حيث وردت في مقام توهم الحظر، لمنع حمل الامر على الجواز في مثل
ذلك المقام.

بل لسقوطها بموافقتها العامة (381) التي هي من موجبات المرجوحية المنصوصة،
فتبقى مرجحات الاستظهار خالية عن المعارض.

مع انه لو تعارض الفريقان، لوجب تقديم الاولى، لكونها اخص مطلقا.

و لو سلم انهما تعارضا و تساقطا، لكفت الشهرة العظيمة بل ظاهر الاجماع لاثبات
الاستحباب، للتسامح في ادلته.

و منه يظهر سقوط القول بالجواز الخالي عن قيدي الوجوب و الاستحباب راسا و ان
سقطت ادلة الطرفين بالتعارض (382) .

فروع:


ا: مقتضى اطلاقات الاستظهار ثبوته مع رؤية الدم مطلقا سواء كان بصفة الحيض
ام لا.

و ربما يقيد بالاول، جمعا بينها و بين اطلاقات سقوط الاستظهار بشهادة اخبار
التمييز (383) .

و فيه-مع ان الاستشهاد لا يوافق التخيير في ايام الاستظهار و لا استحبابه-:
ان اخبار التمييز معارضة مع حسنة ابن مسلم و موثقته (384) الدالتين على حيضية كل
ما راته قبل العشرة و ساقطة في المقام، فيبقى ذلك الجمع بلا شاهد فلا اعتبار
به.

و قد يجمع (385) ايضا بحمل اطلاقات السقوط على مستقيمة الحيض بلا اختلاف بالزيادة
و النقصان و التقدم و التاخر، و المثبتات له على غيرها، بشهادة صحيحتي البصري (386)
و ابن اعين (387) .

و هو كان حسنا لو لا شذوذهما، اذ لا قائل بهما كما في اللوامع، و لا اقل من ندرته
الكافية لاخراج الرواية عن حيز الحجية، مع ان تنزيلهما على ما لا ينافي المشهور
ممكن.

ب: اذا تمت ايام الاستظهار قبل العاشر و لم ينقطع الدم تفعل فعل المستحاضة
اجماعا، و تدل عليه موثقة سماعة، و فيها: «فاذا كان اكثر من ايامها التي
كانت تحيض فيهن فلتتربص ثلاثة ايام بعد ما تمضي ايامها، و اذا تربصت ثلاثة
ايام و لم ينقطع عنها الدم فلتصنع كما تصنع المستحاضة » (388) .

و اختصاصها باستظهار الثلاثة غير ضائر، لعدم الفصل.

ج: صرح الاكثر-بل قيل: انه المعروف منهم-بان بعد الاستظهار فاما يتجاوز دمها
العاشر، او لا بل ينقطع عليه او على ما دونه.

فعلى الاول يتبين كون ما سوى العادة استحاضة و يلزمه وجوب قضاء ما تركته في
ايام الاستظهار من الصلاة و الصوم.

و على الثاني يتبين كون الجميع حيضا، فتقضي الصوم حتى الذي اتي به.

بعد ايام الاستظهار.

و قيل: تكون ايام الاستظهار حيضا في اليقين، و انما التفاوت بالحيضية و
الاستحاضة انما هو فيما بعدها و قبل انقضاء العشرة لو كان، حكي عن مصباح السيد (389) ،
و ظاهر القواعد، و النهاية (390) ، و اختاره في النافع، و نقله في المعتبر عن جماعة من
علمائنا المحققين (391) .

و مال بعض مشايخنا المتاخرين (392) -مضافا الى حيضية ايام الاستظهار-الى كون
ما بعد ايام الاستظهار استحاضة مطلقا، و اليه يميل كلام المدارك (393) .

و من هذا ظهر ان ايام الاستظهار مع عدم التجاوز حيض اجماعا، و ما بعدها
الى العشرة مع التجاوز طهر كذلك.و انما الخلاف في الاول (394) مع الثاني و
الثاني (395) مع الاول، ففي كل من الموضعين قولان: الطهرية و الحيضية، و فيهما معا
احتمالات اربعة: طهرية الاول و حيضية الثاني و هو المشهور، و عكسه و هو لصاحب
المدارك و بعض المشايخ، و حيضيتهما معا و هو للسيد و تابعيه، و طهريتهما كذلك، و
لم اعثر على قائل به.

و التحقيق في المقام، بعد ملاحظة انه لا دلالة لاخبار الاستظهار على حيضية ايامه
و لا طهريته اصلا، اذ لا ملازمة بين استحباب ترك العبادة في ايام الاستظهار
او وجوبه و بين احد الامرين قطعا، كما انه يجب تركها برؤية الدم مع انه قد لا
يستمر الى الثلاثة، و يجب فعلها في الانقطاع المتخلل في الاثناء، مع انه قد يعود
الدم قبل العشرة او تمام العادة.و لا لمثل قوله في تلك الاخبار بعد الاستظهار:
«ثم هي مستحاضة » على الحيضية قبله: ان ها هنا اقساما خمسة من الاخبار: الدالة على
ان كل ما تراه بعد ايام حيضها فليس بحيض (396) ، و قوله في المرسلة: «فقد علم الآن ان
ذلك قد صار لها وقتا و خلقا تعمل عليه و تدع ما سواه » (397) و المصرحة بان ما بعد ايام
الاستظهار استحاضة (398) ، و المشتملة على ان كل ما بصفة الحيض حيض (399) ، و المتضمنة
لان ما تراه المراة قبل العشرة فهو من الحيضة الاولى (400) .

و مقتضى اطلاق الاولين طهرية الموضعين، كما ان مقتضى الثالث طهرية الثاني
ايضا، و مقتضى اطلاق الثانيين حيضية الموضعين، فيتعارض الفريقان بالعموم
من وجه، و يرجع الى الاصل، و هو يقتضي حيضية الموضعين لاستصحاب الحدث.و لا تعارضه
في الموضع الاول اصالة بقاء العادة على حالها، لمنعها البتة.

فالحق هو القول الثاني.

و اباء العقل عن الحكم بكون ما تراه من الدم طهرا في آن و ما تراه في آن متصل
به حيضا مع اتصالهما، و عن صيرورة دم واحد حيضا و طهرا باختيارها لتخييرها
في الاستظهار-كما هو اللازم في الموضع الاول-ممنوع جدا.

د: لو رات ذات العادتين الدم قبيل (401) العادة و انتهت ايام العادة في
اثنائها ففي الاستظهار حينئذ لاخباره، او عدمه بل التحيض، لقوله عليه السلام في
المرسلة الطويلة: «فتعمل فيه و تدع ما سواه » (402) اشكال.

ه: لو اختارت عدم الاستظهار تغتسل و تعمل عمل المستحاضة، فان تجاوز الدم
العشرة فلا شي ء عليها اجماعا، و الا فتتحيض في جميع ايام الدم و تقضي الصوم،
و وجهه ظاهر مما سبق.و الظاهر عدم الفرق في ثبوت الاستظهار بين ما اذا
استمر الدم الى العادة و تجاوز عنها او انقطع قبلها ثم عاد قبل العشرة بما
يمكن فيه الاستظهار، لاطلاق بعض اخباره.و حينئذ فان تجاوز عن العشرة، فالظاهر
عدم الخلاف في كونه استحاضة و ايام النقاء طهرا، و الا فمقتضى الاستصحاب
حيضيته مع ايام النقاء.

الثالثة: لو تجاوز دمها العاشر،


تجعل عادتها عددا و وقتا او مع ايام الاستظهار-على اختلاف القولين-حيضا، و
ما سواها استحاضة ان لم يبلغ المجموع حدا يصلح لحيضتين مستقلتين بان يتضمن
الزائد على العادة لاقل طهر و حيض-توافقت العادة و الزائد الصالح للحيضية في
الصفات او اختلفتا-مع كون ايام العادة بالصفة اجماعا.

و كذا مع كون غير العادة بالصفة دون العادة، فيرجح العادة على الاصح الاشهر، كما
صرح به جماعة، و هو مختار المفيد، و السيد (403) ، و الشيخ في الجمل و المبسوط (404) ، و
المعتبر، و النافع، و الشرائع (405) ، و الجامع، و الكافي، و الاقتصاد، و السرائر (406) ،
و غيرها (407) .

لعموم اخبار العادة، و ان الصفرة في ايام الحيض حيض، و اطلاقات كون الدم
استحاضة بعد الاستظهار.

و خصوص قوله عليه السلام في المرسلة الطويلة: «و لو كانت تعرف ايامها ما
احتاجت الى معرفة لون الدم » .

و قوله فيها: «فاذا جهلت الايام و عددها احتاجت الى النظر حينئذ الى اقبال
الدم و ادباره و تغير لونه » .

و قوله فيها ايضا: «فقد علم الآن ان ذلك قد صار لها وقتا و خلقا معروفا تعمل عليه و
تدع ما سواه » .

خلافا للمحكي عن النهاية (408) ، و الاصباح (409) ، و موضع من المبسوط (410) ، فرجحوا
التمييز، لاخباره، الواجب تقييدها بغير ذات العادة، لما ذكر.

و للمنقول عن ابن حمزة (411) ، فقال بالتخيير، جمعا بين اخبار العادة و التمييز.

و ضعفه ظاهر بعد ما مر.

و للكركي (412) ، فرجح العادة مع استفادتها من الاخذ و الانقطاع، و التمييز مع
استفادتها من التمييز، لئلا تلزم زيادة الفرع على الاصل.

و يرد بعدم محذور في لزومه، مع انه ليس زيادة.

و لو بلغ المجموع حدا صالحا لحيضتين بان يتخلل بينهما زمان اقل الطهر، فمع
اختلاف الدمين بالتمييز و عدمه و ثبوت التمييز لغير العادة، ففي الرجوع
اليها، او اليه، او جعل كل منهما حيضا منفردا، احتمالات بل اقوال.اظهرها:

الاول، وفاقا لبعض الثالثة (413) ، للمرسلة المشترطة في الرجوع الى التمييز فقد
العادة، و قوله فيها: «و تدع ما سواه » .مع انه لو قلنا بتعارض الامر بدعة ما سواه، و
الامر باعتبار التمييز يرجع الى اصالة عدم الحيضية.

خلافا لمحتمل النهاية (414) فالثاني، و للمحكي عن الاكثر (415) فالثالث، لادلة ظاهرة
مع ردها.الا ان يكون التحيض بكل منهما مقتضى عادتها بان تعتاد التحيض في كل
شهر مرتين مثلا.

و كذا (416) مع عدم اختلافهما بالطريق الاولى.و لعل القائل بالحيضتين في الصورة
السابقة يقول بهما هنا ايضا، و دليله مع جوابه واضح، هذا.

ثم ان مقتضى ما ذكرنا من جعلها عادتها عددا و وقتا حيضا انه لو تقدمت الرؤية
على الوقت و تجاوز عن العشرة و انقطع على آخر وقت العادة، تجعل الزائد عن العادة
الذي هو استحاضة من قبل العادة.و هو كذلك، لقوله في المرسلة:

«و تدع ما سواه » .و اما روايات حيضية ما قبل العادة (417) فتسقط بمعارضة اخبار
حيضية ما في العادة (418) .

و لو تجاوز مع ذلك عن آخر العادة ايضا تجعل الزائد من القبل و البعد، و تتحيض
بالعادة، لما ذكر.

و لو انقطع في اثناء العادة تاخذ العدد من الوقت و من قبله و تجعل الزائد من القبل.

و لو لم يدخل شي ء من الدم في وقت العادة كما اذا لم تر فيه و ترى بعده فتاخذ
العدد و لا تعتني بالوقت لخلوه عن الدم.

الرابعة: لو رات في العادة و انقطع عليها او على غيرها و طهرت اقل الطهر،


ثم رات في ذلك الشهر بعدد العادة ايضا، فان كان ذلك لها عادة تحيضت بهما و
كان كل حيضا، و ان لم يكن عادة لها فالمشهور فيه ذلك ايضا.

و الحق التحيض بايام العادة خاصة و ان كان التمييز لغيرها، لما مر.

النوع الثاني: ذات العادة العددية خاصة


.

و الكلام فيها ايضا اما في تحيضها، او في قدره، او وقته.

اما في الاول: فكالمبتداة اجماعا، فالقائل بتحيضها بمجرد الرؤية يقول به
هنا، و القائل بتحيضها بالوصف او الاستمرار الى الثلاثة يقول به ها هنا ايضا.

و لما عرفت ان الحق فيها التحيض بالوصف فكذا في ذات العددية مع احتمال
التحيض بالاستمرار الى الثلاثة ايضا، لمظنة الاجماع.

فان قيل: تحيض المبتداة بالوصف انما كان لاخباره، و لا تجري ها هنا، لدلالة
مفهوم المرسلة على عدم الرجوع الى الوصف مع عدم الجهل بالوقت او العدد.

قلنا: المتبادر منه عدم الاحتياج الى الوصف فيما لم يجهل خاصة لا فيما جهله
ايضا، فلو علمت العدد خاصة لم يحتج فيه الى الوصف و ذلك لا ينافي احتياجها في
الوقت اليه، بل في آخر موثقة اسحاق بن جرير (419) دلالة واضحة على اختصاص عدم الرجوع
الى التمييز بالمعلوم حيث حكم برجوع المختلفة في الوقت خاصة اليه.

سلمنا و لكن بعد رجوعها اليه في المبتداة يرجع اليه هنا ايضا بالاجماع المركب.

فان قيل: يمكن العكس بان يسقط الوصف في العددية، لمفهوم المرسلة، و يحكم بتحيضها
بالرؤية و يتعدى الى المبتداة بالاجماع المركب.

قلنا: فيتساقطان و يرجع الى المجمع عليه و هو التحيض بالوصف، او مع
الاستمرار ايضا ان ثبت فيه الاجماع.

و اما في الثاني: فكذات العادة العددية و الوقتية في العدد، لان ما هو المناط في
اثبات العادة و اعتبارها من موثقة سماعة و المرسلة المتقدمتين (420) يعم اعتبار
العادة بالاقسام الثلاثة.بل في الموثقة تصريح بان بعد اعتياد العدد يكون هو
ايام الحيض المصرح في الاخبار باعتبارها، و ايضا في الاخبار المتقدمة في
الاستظهار، كصحيحتي ابن عمرو و زرارة (421) دلالة على اعتبار العادة العددية.

و على هذا، فهذه ترجع الى عددها، و تسقط غيره، و تقدمه على التمييز لو اختلفا عددا،
لما مر في ذات العادتين (422) .و تستظهر كاستظهارها.

و اما في الثالث: فمع عدم التجاوز عن العشرة ظاهر.و معه فمع فقد التمييز
المساوي للعدد تتخير في وضعه حيث شاءت عند جماعة (423) ، لعدم المرجح.

و تجعل الاول حيضا على الاقرب عندنا، لما مر في المبتداة (424) .

و كذا مع التمييز المساوي للعدد في الدور الاول، و وجهه ظاهر.بل و كذا لو قلنا
بدلالة مفهوم المرسلة على عدم رجوع ذات العادة مطلقا الى الوصف.بل و لو قلنا بعدم
دلالته عليه ايضا و اختصاص دلالتها على عدم الرجوع فيما لم تجهله -كما هو
الظاهر-و بقاء اخبار التمييز مطلقا خالية عن المعارض، اذ قد عرفت ان تحيضها
ابتداء متوقف على الوصف، فلا يخلو الاول عن الوصف ايضا و هو كاف في جريان
اخبار الوصف فيه ايضا.

ثم انها لو رات العدد ثم راته ايضا بعد تخلل اقل الطهر بينه و بين الاول خاليا
عن الدم او معه، فتتحيض بالثاني ايضا مع الوصف او الاستمرار الى الثلاثة
لو قلنا به في الاول، و دليله دليله.

النوع الثالث: ذات العادة الوقتية


.

و هي لا تكون على ما اخترناه-من حصول العادة في العدد بالقدر المشترك ايضا-الا في
ناسية العدد، اذ بدون النسيان تكون ذات العادتين البتة، و على هذا فيكون ذلك
النوع من افراد الناسية و ياتي حكمها.

القسم الثالث: الناسية.


و هي على ثلاثة انواع: ناسية الوقت و العدد، و يطلق عليها المتحيرة، و ناسية
لوقت خاصة، و العدد كذلك.

و الكلام فيها ايضا اما في التحيض، او القدر، او الوقت.

اما الاول: فتحيض الاوليين كالمبتداة، فتتحيض كل منهما برؤية الدم
المتصف، مع احتمال التحيض بغيره مع الاستمرار الى الثلاثة ايضا.و تحيض
الثالثة كذات العادتين، فتتحيض برؤية الدم مطلقا في الوقت او قبله، و في
غيرهما بالصفة اذا لم تر في الوقت.

و اما الثاني و الثالث فجميع ايام الدم حيض مع انقطاعه على العشرة في
الاولى و الثالثة، و على العادة في الثانية، و تستظهر كما مر في الثانية مع
التجاوز عن العادة.

و اذا تجاوز العشرة في الثلاثة فاما يوجد التمييز او لا، فان وجد فرجوع
الاولى اليه اجماعي، و نقل الاجماع عليه متكرر (425) ، و صريح مواضع من المرسلة
الطويلة (426) ، و مرسلة جميل المتقدمة (427) في مسالة اوصاف الحيض، و عمومات (428) اعتبار
التمييز بلا معارض يدل عليه.و مثلها الناسية عددا و المبتداة وقتا، و عكسها.

و اما الاخريان فالحق فيهما-وفاقا لاهل التحقيق-تقديم العادة على التمييز
فيما تتذكره مع تعارضهما، لعمومات اعتبار كل من العادتين و بناء الحيض عليه،
و عموم ما دل على اعتبار خصوص العدد، كصحيحتي ابن عمرو و زرارة المتقدمتين (429)
في الاستظهار، و ما دل على ان الصفرة و الكدرة في ايام الحيض حيض (430) ، و خصوص
المرسلة (431) المشترطة لاعتبار التمييز بالجهل بالايام و العدد.

و منه يظهر عدم تمامية القول بالجمع في صورة تذكر العدد و زيادة التمييز عليه (432) .

و هل تعملان هاتان في الطرف المنسي بالتمييز ام لا؟

الظاهر ذلك في ناسية العدد، فتجعل الوقت زمان التمييز و تاخذ العدد منه،
لاخبار التمييز الخالية عن المعارض سوى المرسلة المشترطة، و قد علمت اختصاص
الاشتراط بما لم تجهله.

اما ناسية الوقت فلا، بل تجعل الوقت العدد الاول، و قد ظهر وجهه في ذات العادة
العددية.

و ان لم يوجد التمييز فاما متحيرة، او ذاكرة العدد خاصة، او الوقت كذلك.

اما الاولى فتتحيض في كل شهر بسبعة ايام على الاظهر، وفاقا للشيخ في الجمل (433)
، و اختاره غير واحد من مشايخنا (435) ، لآخر المرسلة-الطويلة- الشاملة
للمتحيرة قطعا.و تخصيصه بالمبتداة لا وجه له كما ياتي في الثالثة.

خلافا لكثير من علمائنا فان لهم فيها اقوالا متكثرة:

كالقول بتحيضها بالثلاثة و العمل في بقية الشهر عمل الاستحاضة، اختاره المحقق في
المعتبر (436) ، و والدي العلامة رحمه الله، و استوجهه في المدارك (437) ، عملا بالاصل، و
لزوم العبادة، و استضعافا للرواية او استنكارا لها في الدلالة.

و الضعف مردود بما مر، و قصور الدلالة بما ياتي، فالاخذ بها متعين، و الاصل بها
مندفع.

او بتحيضها في كل شهر بستة ايام او سبعة او من شهر بعشرة، و من آخر بثلاثة، ذهب
اليه جماعة (438) بل نسب الى الشهرة (439) ، و عن الخلاف الاجماع عليه (440) ، للموثقات
الثلاث لابن بكير و سماعة، المتقدمة (441) .

و هي مختصة بالمبتداة فالاستدلال بها للمتحيرة غفلة.

او بتحيضها كلما رات الدم، و طهرها كلما انقطع، حكي عن الصدوق و الشيخ في
النهاية (442) ، لموثقتي يونس و ابي بصير، المتقدمتين (443) في مسالة اقل الطهر، بحملهما
على من اختلط عليها دمها.

و فيهما-مع اخصيتهما عن المدعى لاختصاصهما بشهر واحد، و اعميتهما من المرسلة،
لان موردهما مطلق المراة فالمرسلة لهما مخصصة-: ان ظاهرهما مخالف للاجماع على
كون اقل الطهر عشرة، و مع ذلك فلا يوجد عامل بهما غيرهما من الطائفة، مع ان
الثاني رجع عنها في غير النهاية (444) ، فهما شاذتان غير صالحتين للحجية، مع ان
الفاضل (445) صرف كلامهما ايضا عن ظاهره المطابق للموثقتين ايضا.

او بتحيضها في الشهر الاول بثلاثة و في الثاني بعشرة، او بتحيضها بعكس ذلك، او
بستة ايام مطلقا، او بعشرة كذلك، كما قال بكل منهما قائل بنقل الحلي (446) ، لبعض ما
فساده ظاهر البتة.

او بوجوب الاحتياط عليها و الاخذ باسوا الحالات و الجمع بين التكاليف،
بان تعمل في الزمان كله عمل المستحاضة و تغتسل للحيض كل وقت يحتمل انقطاع الدم
لكل صلاة و هو ما بعد الثلاثة، اذ ما من زمان بعدها الا و يحتمل الحيض و انقطاعه، و
تقضي صوم العشرة او احد عشر يوما، و تجتنب كل ما تجتنبه الحائض، كما اختاره
و مال اليه في القواعد (448) ، لفقد الدليل على حكمها، و حصول الشك في
زمان الحيض المقتضي لعدم يقين البراءة بدون الاحتياط.

و يدفعه-مضافا الى لزوم العسر و الحرج المنفيين في الكتاب و السنة-: ان الدليل
على حكمها موجود، و هو ما مر ذكره.و لو لاه ايضا لكان مقتضى الاصل البراءة عن
الزائد عن الثلاثة، لاصالة عدم حدوث حدث الحيض في غيرها، و اصالة عدم التكليف
بالزائد.

هذا، مع انه قال في البيان: ان الاحتياط هنا بالرد الى اسوا الاحتمالات ليس
مذهبا لنا (449) .و هو مشعر بدعوى الاجماع على نفيه و انه مذهب العامة، كما يظهر من
الفاضل ايضا (450) حيث نسبه الى الشافعي (451) .و مع ذلك فهو يخالف ما ادعاه الشيخ
نفسه في الخلاف من الاجماع على الرجوع الى الروايات (452) ، هذا.

ثم ان الظاهر ان القائلين بالسبعة او بعدد آخر يقولون بتخيرها في وضعه حيث ما
شاءت من الشهر كما في المبتداة مع اولوية وضعه اول الدور، و قد عرفت (453) ان المصير
الى تعين ذلك اولى، فهو المتعين عليها.

و اما الثانية-اي ذاكرة العدد ناسية الوقت-فتتحيض بالعدد، لما مر من ادلة
اعتباره الخالية عن المعارض.

و اما ما في آخر المرسلة من رجوع فاقدة التمييز الى السبع فلا يشمل ذاكرة العدد،
لقوله: «و ان اختلط عليها ايامها[و زادت]و نقصت حتى لا تقف منها على حد» و معتادة
العدد واقفة على الحد مخيرة في وضعه فيما شاءت من الشهر مطلقا عند الاكثر-كما في
المدارك (454) -لعدم الترجيح.

و في اللوامع نسب الى الاكثر انه ان حفظت مع العدد قدر الدور و ابتداءه تضعه
فيما شاءت من الدور ان ضل في مجموعه و من الاقل منه ان ضل في الاقل، لما مر.و ان
لم تعرف وقت الدور و ابتداءه او احدهما تضع العدد فيما شاءت من ايام الشهر، اذ
الغالب في النساء التحيض في كل شهر، و اختار-رحمه الله-ذلك ايضا.

و في الحدائق (455) نسب الى الاكثر التحيض بالعدد، و وضعه فيما شاءت من الشهر في
القسم الاول و الرجوع الى الروايات، كالمتحيرة في القسم الثاني، اذ ليس لها
دور معلوم و وقت مضبوط حتى تضع فيه عددها المحفوظ، لان كل وقت عندها يحتمل الحيض
و الطهر و الانقطاع، فاللازم ان ترجع الى الروايات، بمعنى ان تاخذ العدد
المروي في كل شهر و تضعه فيما شاءت من ايامه.

و يضعف: بان بعد حفظ العدد لا تكون موردا للروايات، فلا وجه لرجوعها اليها في
العدد.

و عن المبسوط (456) و القواعد (457) و الارشاد (458) العمل بالاحتياط المتقدم، فتغتسل
للحيض في اول وقت امكان الانقطاع، و هو بعد انقضاء العدد من اول الدور في القسم
الاول، و لكل عبادة مشروطة بالطهارة بعد ذلك الى آخر الدور تعمل في كل وقت من
اوقات الاضلال ما تعمله المستحاضة، و تترك تروك الحائض، و تقضي صوم عددها ان
علمت[عدم الكسر] (459) ، و الا زادت عليها يوما، و نسبه في الشرائع (460) الى قيل، و في
المعتبر الى الشيخ، و اقتصر عليه، و فيه نوع اشعار باختياره، و مستندهم ما مر مع
جوابه.

و قد يقال: انها تخصص ايامها بالاجتهاد، و مع فقد الامارة تتخير، لحجية ظنها
حينئذ (461) .و صريح بعضهم اولوية اول الرؤية (462) ، بل ذهب بعضهم الى تعينه (463) .و هو
الاظهر، لما مر في المبتداة.

هذا في الدور الاول، و اما بعده فمقتضى القاعدة التي جرينا عليها انها في القسم
الاول لما علمت ان قدر العدد من الدور المعين وقت عادتها قطعا و ان لم تعلمه بعينه،
و ان الدم مطلقا في وقت الحيض حيض، فقد علمت حيضية قدر العدد من الدور الثاني ايضا،
و لعدم تعين وقته عندها و بطلان الترجيح بلا مرجح تكون مخيرة في وضعه حيث شاءت منه و
ان كان الاولى جعله موافقا لوقت الدور الاول.

و اما في القسم الثاني فان علمت الدور دون ابتدائه تاخذ بالعدد و تتخير في
الدور.و ان لم تعلم الدور اصلا فان رات بصفة الحيض بعد مضي زمان اقل الطهر او
اكثر من العدد الاول تتحيض به اي وقت كان، و هكذا بعد العدد الثاني و الثالث.و
ان لم تر لم تتحيض.

و ظن التحيض في كل شهر لغلبة ذلك في النساء لم تثبت حجيته، و الاحتياط و
الالحاق بالمتحيرة لا دليل عليه.

و لكن يقرب ان يكون ذلك في القسم الثاني مخالفا للاجماع، اذ الظاهر فتوى الكل
بتحيضها في كل شهر، بل يمكن ان يستدل له ايضا برواية زرارة و فيها: «و اذا
كانت تحيض حيضا مستقيما فهو في كل شهر حيضة » (464) الحديث.

فلو قلنا به للاجماع و تخيرها في الوضع في الدور الثاني مع اولوية موافقة الدور
الاول كما في القسم الاول لم يكن بعيدا.

هذا كله اذا لم يحصل لها وقت معلوم في الجملة بان تضل العدد في وقت يزيد نصفه على
العدد المعتاد او يساويه، فان كل يوم من الوقت حينئذ يحتمل الطهر و الحيض.و
اما اذا حصل لها ذلك بان يزيد العدد على نصف زمان الاضلال، فان ضعف الزائد حيض
بيقين، و يبقى من العدد تمام الضعف اليه، فعلى التخيير تضمها الى الضعف
متقدمة او متاخرة او بالتفريق، و على الاحتياط تجمع فيما تقدم من الدور على
القدر المتيقن بين اعمال المستحاضة و تروك الحائض، و فيما تاخر عنه تزيد
عليهما غسل الانقطاع لكل مشروط بالطهارة.

و اما الثالثة-اي ذاكرة الوقت ناسية العدد-فاما تتذكر اول الوقت، او آخره،
او وسطه-اي ما بين الطرفين-او وقتا في الجملة كان تعلم تحيضها بيوم معين
او اكثر من الشهر من دون علم بالاولية او الآخرية او الوسطية.

فعلى التقادير تكمل المعلوم ثلاثة يقينا، لانه اقل الحيض على حسب مقتضاه، فتجعل
المعلوم اول الثلاثة على الاول، و آخرها على الثاني، و وسطها على الثالث لو
كان المعلوم يوما محتملا كونه محفوفا بمتساويين.

و اما لو كان المعلوم يومين محفوفين بمتساويين فالاقل اربعة تجعل
اليومين وسطها، و لو كانت ثلاثة فالاقل خمسة، او اربعة فالستة، و هكذا.

و لو علمت الاحتفاف بغير متساويين، فلو كان المعلوم واحدا فالاقل اربعة، و
ان كان اثنين فخمسة و هكذا.

و في الاكتفاء في التكميل بالثلاثة، او الاخذ باسوا الاحتمالات فتحتاط (باقي
العشرة) (465) كما مر، او رجوعها الى الروايات اقوال: الاول للمعتبر، و البيان (466)
(و اللوامع) (467) ، و المعتمد، لتيقن الثلاثة و فقد الدلالة في الباقي فيستصحب
التعبد فيه.

و الثاني للشيخ (468) و الفاضل (469) ، لما مر.

و الثالث عن الاكثر (470) ، لصدق النسيان و الاختلاط الموجب للحكم في المرسلة.و هو
الاظهر، لذلك، فان قوله في آخر المرسلة: «و ان اختلطت عليها -اي على
المستحاضة-ايامها و زادت و نقصت حتى لا تقف منها على حد» يصدق على هذه ايضا، لكون
عددها ايامها ايضا، كما صرح به في موثقة سماعة (471) و دل عليه قوله: «و زادت و نقصت » و
قوله: «و ان لم يكن الامر كذلك » يعني لم يكن بحيث لا تقف من الدم على لون كما بينه
بقوله: «و لكن الدم اطبق عليها» ، فيكون بيانا لحال الناسية غير ذات التمييز،
او ان لم تكن ممن ذكر فتشمل المبتداة و الناسية غير ذاتي التمييز، و على
التقديرين يثبت المطلوب، و هذا اوفق بعموم اللفظ.

و يؤكده بل يدل عليه: قوله في صدر الرواية: «بين فيها كل مشكل لمن سمعها و فهمها حتى
لم يدع لاحد مقالا فيه بالراي » و قوله في وسطها: «فجميع حالات المستحاضة يدور على
هذه السنن الثلاث لا تكاد ابدا تخلو عن واحدة منهن » ثم شرع في تفسير الثلاث.

و التخصيص بالمبتداة-بان يكون المعنى: و ان لم يكن امر المبتداة كذلك اي لم
يختلط ايامها لعدم كون ايام لها-خلاف الظاهر جدا، بل خلاف مقتضى عموم اللفظ.

و بالجملة لا شك في شمول مقتضى اللفظ لما ذكر، و من يقول بالتخصيص بواحدة فعليه
البيان.

و على هذا فهذه المراة تكمل عددها المعلوم بالسبعة، و تجعل تتمة الشهر استحاضة
و ان علمت ان طهرها ازيد من ذلك، كما اذا علمت ان دورها ازيد من الشهر، لعموم
المرسلة.

نعم، لو كان العدد المعلوم مما لا يمكن تكميله بالسبعة، كان تعلم يومين محفوفين
بمتساويين، فالظاهر حينئذ الخروج من المرسلة.و تكليفها الاخذ بالمتيقن، لما
مر، لعدم مخرج عن الاصل فيما اذا كان المعلوم الآخر، لاصالة عدم التحيض.و
التخيير بين الاقل و الاكثر في غيره لتعارض الاستصحابين الموجب للتخير، بخلاف
ما لو امكن فان المرسلة مخرجة عنه.

و منه يظهر جواب دليل الاول، مع ان هذا انما يتم فيما اذا علمت الآخر و اكملته
في القبل.و اما في غيره فلا يتم، لان استصحاب التعبد في الباقي و اصالة عدم
التحيض معارض باستصحاب الحيضية.

و بما مر (472) في المتحيرة يظهر دليل الثاني و جوابه.

البحث الثاني: في احكام الحائض


و هي امور نذكرها في مسائل:

المسالة الاولى: الحائض مطلقا اذا انقطع دمها لما دون العشرة


استبرات بادخالها القطنة اجماعا، وجوبا على الاظهر الاشهر، بل قيل: لا خلاف
فيه بين الاصحاب (473) ، للامر به في صحيحة ابن مسلم: «اذا ارادت الحائض ان
تغتسل فلتستدخل قطنة، فان خرج منها شي ء من الدم فلا تغتسل، و ان لم تر شيئا
فلتغتسل » (474) .

و الرضوي: «فاذا رات الصفرة او شيئا من الدم فعليها ان تلصق بطنها بالحائط و
ترفع رجلها اليسرى، كما ترى الكلب اذا بال، و تدخل قطنة، فان خرج فيها دم فهي
حائض، و ان لم يخرج فليست بحائض » (475) .

و ضعفه في المقام بما مر منجبر.

و استحبابا على ما هو ظاهر الاقتصاد (476) .و هو بعيد عن السداد.

و الاولى ان ترفع رجليها الى حائط كالكلب يبول، مخيرا بين اليمنى، كما في
مرسلة يونس، و اليسرى كما في خبر الكندي (477) و الرضوي.

و لا يجب ذلك، لوروده في تلك الروايات بلفظ الاخبار الغير الصريح في الوجوب.

نعم، لا باس بالقول بوجوب القيام و الصاق البطن على الحائط، للامر بهما في
موثقة سماعة (478) .

الثانية: اذا استبرات الحائض مطلقا و علمت انقطاع دمها لدون العشرة ظاهرا،


وجب عليها الغسل لمشروط الطهارة اجماعا، للنصوص المعتبرة، كمرسلة يونس،
القصيرة (479) ، و موثقة يونس بن يعقوب المتقدمة (480) ، و مرسلة العجلي (481) ، و غيرها.

و لا فرق في ذلك بين معتادة الانقطاع و العود قبل العشرة او غيرها، لاطلاق
الروايات.

و قد يقال بعدم الوجوب على معتادة العود، لان المظنون حينئذ كونها حائضا.

و هو باطل، لعدم ثبوت حجية ذلك الظن، و صلاحيته لتقييد الاطلاقات.

نعم، لو اعتادت الفترات بحيث يحصل لها اليقين بالعود عادة لم يجب، و الوجه
ظاهر.

الثالثة: لا يصح منها صلاة و لا طواف و لا صوم،


بالاجماع و المستفيضة من النصوص.فتحرم عليها، لانها شان العبادة الغير
الصحيحة.كما تحرم عليها ايضا امور اخر:

منها: مس كتابة المصحف على الاشهر الاظهر، كما في بحث الجنابة مع فروعه قد مر (482) .

و منها: اللبث في المساجد وفاقا للاكثر، و نسبه في المنتهى (483) الى عامة اهل
العلم، و في التذكرة (484) الى علمائنا، مؤذنا بدعوى الاجماع عليه، بل في صريح
المعتبرة و التحرير و المدارك: الاجماع عليه (485) .و هو كذلك، حيث لا ينافيه خلاف
نادر ياتي ذكره.فهو دليله.

مضافا الى عدم الفصل بينها و بين الجنب المحرم عليه ذلك قطعا، و صحيحة ابي
حمزة، المتقدمة (486) في الجنب.

و يؤيده النبوي المروي في المعتبر، و المنتهى، و التذكرة: «لا احل المسجد لحائض و
لا جنب » (487) .

و صحيحة العلل، و رواية محمد، المتقدمتان (488) .

و الرضوي: «و لا تدخل المسجد و انت جنب و لا الحائض الا مجتازين » (489) .

بل استدل بها الاكثر.و فيه نظر كما مر.

نعم، في الصحيحة دلالة على الحرمة على الجنب من جهة اخرى، و هي الاستشهاد بالآية، و
هو لا يفيد في المقام.

خلافا للمحكي عن الديلمي (490) ، للاصل.و هو مدفوع بما ذكر.

و اما الجواز فيها فجائز على الاشهر الاظهر، بل في المعتبر اتفاقهم عليه (491) ،
للتصريح به في الاخبار المذكورة.

و عن المقنع، و الفقيه، و الجمل و العقود، و الوسيلة (492) : اطلاق المنع من الدخول.و
يدفعه ما ذكر.

عدا المسجدين، فيحرم الجواز فيهما ايضا على الاقوى، وفاقا لصريح السرائر،
و النافع، و المنتهى، و التذكرة، و الدروس، و البيان (493) ، و عن الجامع، و
التحرير، و التلخيص، و التبصرة (494) ، بل عن الغنية (495) .و في اللوامع: الاجماع عليه، و
نسبه في المدارك الى الاصحاب (496) مؤذنا بدعواه.

لمفهوم قوله في صحيحة ابي حمزة: «و لا باس ان يمرا في سائر المساجد» (497) و تؤيده حسنة
محمد (498) .و به يقيد بعض الاطلاقات.

خلافا لظاهر الهداية، و المقنعة، و المبسوط، و النهاية، و الاقتصاد، و المصباح، و
مختصره، و الاصباح، و الخلاف (499) ، و الشرائع، و الارشاد، و القواعد، و نهاية
الاحكام (500) ، و نسب الى التذكرة ايضا-و هو غفلة (501) -فاطلقوا جواز الجواز في
المساجد، لبعض المطلقات المقيد بما مر.و ظاهر المعتبر و المدارك التوقف (502) ، و
ليس في موقعه.

و هل يتصف الجواز في غيرهما بالكراهة كما في الخمسة الاخيرة، او لا؟

الظاهر نعم، لفتوى هؤلاء الاجلة، بل دعوى الاجماع عليها عن الخلاف (503) ، و المروي في
الدعائم عن مولانا الباقر عليه السلام: «انا نامر نساءنا الحيض ان يتوضان »
الى ان قال: «و لا يقربن مسجدا و لا يقران قرآنا» (504) .

و هي كافية في المقام، للتسامح.و لاجله لا يضر ضعف الاخير.

و الظاهر جواز التردد في جوانب المسجد، و الدخول من باب و الخروج عنه من غير
عبور و ان منعناهما في الجنب، لعدم ثبوت الزيادة عن المنع عن الجلوس، و عدم
تحقق الاجماع المركب، حيث ذكر الحكم في الشرائع و القواعد بلفظ الجلوس الغير
الصادق على التردد، و صرح في المدارك بجوازه.

و من ذلك يظهر قرب التخصيص بالجلوس فلا يحرم القيام، الا ان الظاهر عدم
الخلاف في ذلك.

و ظاهر ان الحكم مختص بغير حال الاضطرار، اذ رفع عن امة نبينا صلى الله عليه و
آله و سلم ما اضطروا اليه فيجوز معه.و لا يجوز التيمم له، للاصل.

و منها: وضع شي ء في المسجد، وفاقا للاكثر، و نسبه في المعتبر و المنتهى الى
اصحابنا (505) المؤذن بدعوى الاجماع، و في الحدائق (506) : من غير خلاف لغير الديلمي (507) ،
لما مر في الجنب مع سائر ما يتعلق بذلك.

خلافا لمن ذكر حيث كرهه.و جوابه ظاهر.و هو الظاهر من الشرائع، و القواعد (508) ، حيث
لم يذكراه.

و منها: قراءة العزائم اجماعا، كما في المعتبر و المنتهى (509) ، لما مر ثمة مع ما
يتعلق به.

الرابعة: يجب عليها قضاء الصوم دون الصلاة بالاجماعين (510) و المستفيضة.


و تتدارك ما لزمها منهما بالنذر المطلق، لعدم تعين وقته.و اما المعين الواقع في
الحيض فقد يحتاط بقضائهما (511) .

و قال جماعة (512) منهم والدي-رحمه الله-بعدم القضاء، للتعيين و تعذر الاتيان، فيسقط
تكليفها به.

و كذا غير اليومية من الصلوات حتى الزلزلة.و كون وقت الاخير تمام العمر لا
يصحح القضاء.و ياتي تحقيق كل منها في موضعه.

الخامسة: لو تلت آية السجدة او سمعتها او استمعت سجدت وجوبا،


وفاقا لجماعة (513) صريحا او ظاهرا.

لعموم اوامر السجود، و خصوص صحيحة الحذاء: عن الطامث تسمع السجدة، فقال:
«ان كان من العزائم فلتسجد اذا سمعتها» (514) .

و موثقة ابي بصير: «و الحائض تسجد اذا سمعت السجدة » (515) .

و خبر آخر له موقوفا عليه في الكافي، و التهذيب، و مستندا الى الصادق عليه
السلام في السرائر، و المعتبر، و المختلف، و المنتهى، و التذكرة (516) : «اذا قرئ شي ء
من العزائم الاربع فسمعتها فاسجد، و ان كنت على غير وضوء، و ان كنت جنبا، و ان
كانت المراة لا تصلي » .

لا جوازا كما عن المبسوط، و الجامع (517) ، جمعا بين ما ذكر و بين صحيحة البصري:
عن الحائض هل تقرا القرآن و تسجد سجدة اذا سمعت السجدة؟

قال: «تقرا و لا تسجد» (518) .

و المروي في كتاب ابن محبوب، عن غياث، عن الصادق عليه السلام، عن امير
المؤمنين عليه السلام: «لا تقضي الحائض الصلاة، و لا تسجد اذا سمعت السجدة » (519) .

لان الاولى اخص، لاختصاصها بالعزائم، فالتخصيص متعين.و لان الجمع فرع
المقاومة، و هي منتفية، لموافقتهما لفقهائهم الاربعة (520) كما هو في التذكرة (521) و
غيرها.فتقديم الاولى و حمل الاخيرة على التقية متحتم.

و يؤكده كون راوي الثاني عاميا و اسناد الامام الحكم الى امير المؤمنين عليه
السلام.

مع انه لو فرض التقاوم لوجب الرجوع الى العمومات و الاستصحاب.

و منه ظهر ضعف القول بالحرمة عليها مطلقا، كما عن المقنعة، و الانتصار، و التهذيب،
و الوسيلة (522) ، و هو مذهب اكثر العامة.

و قد يستدل لها باشتراط الطهارة.و هو ممنوع.

او اذا سمعت خاصة دون ما اذا استمعت كما عن المهذب (523) .او الفرق بينهما في
الجواز و الوجوب، فالاول في الاول و الثاني في الثاني، كما في المعتبر، و
غيره (524) ، حيث ان الاخبار الناهية مختصة بالسماع.

و يرده ان الآمرة ايضا كذلك.

نعم، كان لذلك وجه لو خصصنا وجوب السجدة مطلقا بصورة التلاوة او الاستماع كما
في المعتبر (525) ، و اللوامع، و عن الخلاف (526) مدعيا عليه الاجماع، و عن التذكرة، و
المنتهى (527) .و لتحقيقه محل آخر، بل ينتفي التعارض حينئذ بين الاخبار.

السادسة: تتوضا الحائض ناوية به التقرب دون الاستباحة وقت كل صلاة من الفرائض اليومية،


و تذكر الله تعالى اجماعا، له، و للمستفيضة، كصحيحة زرارة: «و عليها ان تتوضا
وضوء الصلاة عند وقت كل صلاة، ثم تقعد في موضع طاهر فتذكر الله تعالى و تسبحه و تهلله
و تحمده كمقدار صلاتها، ثم تفرغ لحاجتها» (528) .

و الرضوي: «و يجب عليها عند حضور كل صلاة ان تتوضا وضوء الصلاة و تجلس مستقبل
القبلة و تذكر الله مقدار صلاتها كل يوم » (529) .

و مثله المرسل المروي في الهداية (530) .

و حسنة زرارة: «و لكنها تتوضا في وقت الصلاة ثم تستقبل القبلة و تذكر الله » (531) .

و قريبة منها صحيحة ابن عمار (532) و مرسلة الفقيه (533) ، الا ان في الاولى زادت على
الذكر التهليل و التكبير و قراءة القرآن، و في الثانية الجلوس قريبا من
المسجد.

و حسنة الشحام: «ينبغي للحائض ان تتوضا عند وقت كل صلاة و تذكر الله مقدار ما كانت
تصلي » (534) .

ثم انه هل ذلك على الوجوب؟ كما عن الصدوقين (535) ، و ظاهر الحلبي (536) ، و هو ظاهر
الشيخ في النهاية (537) ، و اختاره بعض مشايخنا الاخباريين (538) ، لصريح الثلاثة
الاولى، و ظاهر الثلاثة المتعقبة لها.

او الاستحباب؟ كما هو المشهور بتصريح غير واحد من الاصحاب، بل نسب في شرح
القواعد القول بالوجوب الى الندور (539) ، بل يظهر من بعض مشايخنا المحققين (540)
الاجماع على عدمه، للاخيرة الظاهرة في الاستحباب-لمكان لفظ «ينبغي » -المعارضة لما
تقدم عليها، الراجحة عليها من جهة الشهرة العظيمة.

مضافا الى عدم دلالة الثلاثة السابقة عليها على الوجوب، و ضعف الاثنتين
المتقدمتين عليها الخاليتين عن الجابر، فلم يبق الا الاولى المتعين حملها
على الاستحباب، لما مر.

الحق هو الثاني.لا لما ذكر، لعدم صراحه لفظ «ينبغي » في الاستحباب و ان لم تكن
مفيدة للوجوب ايضا كما قيل (541) ، بل مفادها الرجحان الغير المنافي لشي ء منهما.

بل للمروي في الدعائم، عن مولانا الباقر عليه السلام، المنجبر ضعفه بما ذكر:
«انا نامر نساءنا الحيض ان يتوضان عند كل صلاة فيسبغن الوضوء و يحتشين بخرق،
ثم يستقبلن القبلة من غير ان يفرضن صلاة، فيسبحن و يكبرن و يهللن، و انما يؤمرن
بذكر الله ترغيبا في الفضل و استحبابا له » (542) .

و به تعارض الحسنة (543) ، و يرجع الى اصل نفي الوجوب.

و اختصاص الاستحباب بالذكر لا يضر، لعدم الفصل، الا ان يمنع احد ثبوت الحقيقة
الشرعية في لفظ الاستحباب، و حينئذ تكون تلك الرواية ايضا دالة على الوجوب.و لا
ينبغي ترك الاحتياط.

ثم ظاهر الاكثر تادي الواجب او المستحب بمطلق الذكر، لاطلاق كثير من
الاخبار.

و عن المقنعة: انها تحمد الله و تهلله و تسبحه و تكبره (544) .

و في البيان: و ليكن الذكر تسبيحا و تهليلا و تحميدا و ما اشبهه (545) .و هو
مقتضى حمل المطلقات على مقيداتها، فالعمل به اولى.

و عن المراسم الاقتصار على التسبيحة (546) .كما عن النفلية زيادة الصلاة على النبي
مع الاستغفار على التسبيحات الاربع (547) .

و لم اعثر على دليل لها.

و لا بد ان تكون جالسة مستقبلة القبلة بمقدار صلاتها المعتاد لها، كما هو صريح
الاخبار.حيث شاءت، كما في الشرائع (548) ، و الذكرى، و المعتبر، و المنتهى (549) ، بل
نسبه في الاخيرين الى غير الشيخين من الاصحاب، لاطلاق الاخبار.

و لو جلست قريبة من مسجدها اي مصلاها، كان اولى، للصحيحة (550) .

و اما في مصلاها كما عن المبسوط، و الخلاف، و المهذب، و الوسيلة (551) ، و الاصباح،
و الجامع، و نهاية الاحكام، و النافع (552) ، او في محرابها كما عن المراسم، و في
السرائر (553) ، او ناحية من مصلاها كما عن المقنعة (554) ، فلا دليل عليه الا الاخير،
فانه معنى القريب من مسجدها.

و يستحب استحشاؤها بخرقة كما في بعض الاخبار (555) .

السابعة: يكره لها قراءة ما عدا سور العزائم مطلقا


حتى السبع او السبعين المستثناة في الجنب عند جماعة (556) ، وفاقا لاطلاق
السرائر، و النافع، و الشرائع، و المعتبر، و القواعد، و البيان (557) ، و عن المبسوط،
و الجمل و العقود، و الوسيلة، و الاصباح، و الروض (558) .و في الرابع و عن الاخير
الاجماع عليه.

للمروي في الدعائم، المتقدم (559) في المسالة الثالثة، المؤيد بما مر في الجنب (560) .

ثم ظاهره و ان كان الحرمة-كما هو المحكي عن القاضي (561) و ظاهر المفيد (562) -الا ان
ضعفها و مخالفتها الاصل، و موافقتها العامة (563) و دعوى جماعة (564) الاجماع على
الجواز منع عن اثباتها به مضافا الى صحيحة البصري، المتقدمة (565) .

كما ان المسامحة في ادلة الكراهة وسع في اثباتها مع ما ذكر، من غير تخصيص
بالزائد عن السبع او السبعين كما في المنتهى، و عن التحرير (566) ، و بعض آخر، و
ان ظن ذلك، الحاقا لها بالجنب، مع ان في التخصيص فيه كلاما قد مر.

و منه يظهر عدم اتجاه القول بعدم الكراهة مطلقا كما في المدارك (567) .

و يكره لها ايضا حمل المصحف مع العلاقة و بدونها، و لمس هامشه و بين سطوره، لما مر
في بحث الجنب (568) .

و الخضاب اتفاقا كما صرح به جماعة (569) ، و هو الحجة فيه.

مضافا الى المستفيضة (570) الكاشفة عن مرجوحيته دون تحريمه، لعدم اشتمالها على
ما يفيده.

مع ان بازائها مستفيضة اخرى دالة على نفي الباس عنه و جوازه التي هي كالقرينة على
ارادة الكراهة من الاولى.

مضافا الى الاصل و الاجماع المستقلين في نفي الحرمة لو تعارضتا.

و لا تضر فتوى الصدوق بانه لا يجوز (571) ، في ثبوت الاجماع، مع ان استعماله في
كلامه في شدة الكراهة كثير.

و الظاهر اختصاص الكراهة بما يتعارف من المخضوب و ما يختضب به، لانصراف
المطلق اليه.فلا كراهة في خضاب غير اليد و الرجلين و الشعور، وفاقا للمفيد (572) .و لا
في غير الحناء طباقا للديلمي (573) ، و ان كان الظاهر الحاق الوسمة به ايضا.و قد يقال
بالتعميم فيهما (574) .و ليس بجيد.

الثامنة: في توقف جواز صومها و صحته بعد انقطاع الدم على الغسل


قولان:

الاول للاكثر، و هو الاظهر.

لا لصدق الحائض عليها، لعدم اشتراط بقاء المبدا في صدق المشتق، لاشتراطه في مثل
ذلك كما بين في موضعه، مع امكان المعارضة لو لاه بصدق الطاهر.

و لا لعدم صحته من المستحاضة فمن الحائض اولى، لكونها اغلظ حدثا منها، لكونه
قياسا.

و لا لاستصحاب ما ثبت بالحيض، لمعارضته مع استصحاب صحته الثابتة قبل الحيض،
حيث لم يثبت المنع زائدا على حال الدم.مع ان المسلم عدم صحة الصوم من الحائض،
و هذه ليست بحائض، فلا يستصحب، لتغير الموضوع.

بل لموثقة ابي بصير المنجبر ضعفها-لو كان-بالشهرة: «ان طهرت بليل من حيضها ثم
توانت ان تغتسل في رمضان حتى اصبحت كان عليها قضاء ذلك اليوم » (575) و يتعدى
الى غير رمضان بعدم الفصل.

و الثاني عن العماني (576) ، و نهاية الاحكام (577) ، و استقواه في المدارك (578) ، و تردد
في المعتبر (579) ، للاصل، و عموم اوامر الصوم، و ضعف الرواية.

و جوابه ظاهر مما مر.

و هل تجب الكفارة بالترك ام لا؟ يجي ء تحقيقه في بحث الصيام.

التاسع: صرح في المعتبر، و المنتهى، و السرائر، و التحرير (580)


و اللوامع بجواز الاغسال المسنونة التي لا ترفع الحدث عن الحائض و
استحبابها لها.و هو كذلك عملا بعمومات استحبابها الخالية عن المخصص.

و اما حسنة ابن مسلم: عن الحائض تتطهر يوم الجمعة و تذكر الله؟ قال:

«اما الطهر فلا» (581) الحديث، فلا تدل على عدم صحة غسل الجمعة عنها، اذ لا دليل على
كون الطهر غسل الجمعة، و لو دل لما دل على عدم الجواز.

و لا شك في عدم وجوب غسل الجنابة عليها لو كانت جنبا، للاجماع، و النصوص.و لا في
انها لو اغتسلت للجنابة حال الحيض لم يرتفع حدثها، و في المعتبر عليه الاجماع (582) ،
و تؤيده الحسنة المتقدمة.

و هل يجوز لها غسل الجنابة حينئذ و يكفي عنها لو اغتسلت، فلا يجب عليها غسل
الجنابة ثانيا، و لا تتعلق بها الاحكام المختصة بالجنب، ام لا؟

صرح في المنتهى و التذكرة بعدم الجواز (583) ، و استدل عليه بما دل على الامر
بجعل غسلهما واحدا، كموثقتي ابي بصير و الخشاب (584) ، و بما صرح بانها لا تغتسل
كصحيحة الكاهلي (585) .

يضعف: بان الجميع خال عن الامر و النهي الدالين على الوجوب و الحرمة، بل
غايتهما الاخبار المفيد للجواز او الرجحان.مع ان جعلهما واحدا ليس بواجب
قطعا.

مضافا الى انه في موثقة عمار: عن المراة يواقعها زوجها ثم تحيض قبل ان
تغتسل، قال: «ان شاءت ان تغتسل فعلت، و ان لم تفعل ليس عليها شي ء، فاذا طهرت غسلت
غسلا واحدا للحيض و الجنابة » (586) .

و عن كلام الشيخ في كتابي الحديث انه يلوح بالجواز (587) .فالقول به ليس ببعيد، و
الاجماع على خلافه غير معلوم، كيف و لم يصرح بعدم الجواز الا شاذ من
المتاخرين (588) ، و امر الاحتياط واضح.

العاشرة: لو طرا الحيض بعد دخول الوقت، فان مضى منه ما تمكنت فيه


من فعل صلاة تامة و لو مخففة مشتملة على الواجبات خاصة و لم تصلها، وجب عليها
قضاؤها اجماعا-كما صرح به بعض الاجلة (589) -لموثقة يونس: في امراة اذا دخل وقت
الصلاة و هي طاهرة فاخرت الصلاة حتى حاضت قال: «تقضي اذا طهرت » (590) .

و مضمرة البجلي: عن المراة تطمث بعد ما تزول الشمس و لم تصل الظهر، هل عليها قضاء
تلك الصلاة؟ قال: «نعم » (591) .

و موثقة الفضل بن يونس، و فيها: «و اذا رات المراة الدم بعد ما يمضي من زوال
الشمس اربعة اقدام فلتمسك عن الصلاة، فاذا طهرت من الدم فلتقض صلاة الظهر،
لان وقت الظهر دخل عليها و هي طاهر، و خرج عنها وقت الظهر و هي طاهر، فضيعت صلاة
الظهر، فوجب عليها قضاؤها» (592) .

و التعليل فيها بخروج الوقت ايضا لا يفيد الاختصاص بعد الاطلاقات المتقدمة، مع
انه مذهب ابي حنيفة (593) ، فالتقية فيها محتملة.

و لا ينافي وجوب القضاء اطلاق خبر ابي الورد: في المراة تكون في صلاة الظهر و قد
صلت ركعتين ثم ترى الدم، قال: «تقوم من مسجدها و لا تقضي الركعتين » (594) .

و موثقة سماعة: عن امراة صلت من الظهر ركعتين ثم انها طمثت و هي جالسة، قال:
«تقوم من مسجدها و لا تقضي تلك الركعتين » (595) .

حيث دلتا بضميمة الاجماع المركب على عدم القضاء مطلقا و ان كانت متمكنة من
اتمام الصلاة طاهرا، لانهما مقيدتان بما اذا لم تكن كذلك اجماعا.

مع انه لو سلم التعارض فغايته التساقط، و تبقى عمومات موجبات قضاء
لفوائت خالية عن المعارض.

نعم، تتعارضان فيما اذا لم تتمكن من اتمام الصلاة في الوقت و تمكنت من
نصفها او الاقل، فمقتضى الاطلاقات الاولى القضاء، و مقتضى الثانية العدم.

و يجب تقديم الثانية، لاخصيتها بل موافقتها ظاهر الاجماع، و ان اطلق في
النهاية، و الوسيلة (596) وجوب القضاء اذا دخل الوقت.

و احتمال ارادة مطلق الفعل من القضاء دون مقابل الاداء في الثانية، حيث لم
تتحقق فيه الحقيقة الشرعية في المعنى الاخير، فيمكن ان يكون المراد عدم فعل
الركعتين الباقيتين حينئذ، فلا يفيد في نفي القضاء في النصف فما دونه، مردود
ببعده في خبر ابي الورد، لمكان تعريف الركعتين بعد ذكرهما بالتنكير، فان الظاهر
المتبادر حينئذ هو الركعتان الاوليان، و لا شك ان القضاء فيهما بالمعنى
المصطلح.

و يؤكده كونه بذلك المعنى قطعا فيما بعده في الركعة الاخيرة من المغرب.بل و كذلك
في الموثقة، لمكان لفظ «تلك » فان الظاهر انه اشارة الى الركعتين اللتين فعلهما
و عدم قضائهما بالمعنى المصطلح قطعا.

و على هذا، فلا شك في عدم وجوب القضاء مع عدم التمكن من اكثر الصلاة، بل و كذلك
مع التمكن من الاكثر ما لم تتمكن من الاتمام على الاشهر، بل عن الخلاف
الاجماع عليه، للاصل، و تبعية وجوب القضاء لوجوب الاداء، كما استدل به بعضهم (597) ،
و توقف القضاء على امر جديد، كما استدل به آخر (598) .

و يضعف الاول: باطلاق المضمرة (599) .و الثاني: بالمنع.و الثالث: بوجود الامر
الجديد في المضمرة، و مقتضاها وجوب القضاء مطلقا، خرج ما لم تتمكن من الاكثر
بما مر، فيبقى الباقي، كما هو المحكي عن السيد (600) ، و الاسكافي (601) ، و في المدارك (602)
عن الصدوق ايضا.و هو الاحوط بل الاقوى.

و لا تعارضها عمومات سقوط الصلاة عن الحائض، لاعميتها، مع ان في شمولها للمورد
تاملا.

نعم، يعارضها اطلاق خبر ابي الورد، و موثقة سماعة.و لكنه لا يفيد، لوجوب الرجوع الى
موجبات القضاء حينئذ.

مع انه يؤيده خبر ابي الورد: «و ان رات الدم و هي في صلاة المغرب و قد صلت ركعتين
فلتقم من مسجدها، فاذا طهرت فلتقض الركعة التي فاتتها من المغرب » (603) يحمل
قضاء الركعة على قضاء الصلاة مجازا، او المراد بالركعة التي فاتتها مجموع
الركعات حيث انها فاتت بفوات ركعة.

و تظهر مما ذكرنا: قوة القول بوجوب القضاء مع عدم مضي زمان الطهارة ايضا،
لامكان التقديم على الوقت، كما احتمله الفاضل في النهاية (604) ، و ان خالف فيه
الاكثر اذا لم يات بها قبل الوقت، بناء على عدم جواز الامر بالصلاة مع عدم مضي
زمان الطهارة، لاستلزامه التكليف بالمحال.

و يضعف: بعدم التابعية بين الاداء و القضاء.

و اما مع الاتيان بها قبل الوقت فعدم الاشتراط اظهر، لامكان التكليف حينئذ.

الحادية عشرة: لو طهرت في آخر الوقت بقدر الصلاتين،


وجبتا اداء، و بقدر احداهما وجبت كذلك، و كذا يجب فعل ما يدرك بقدر ركعة منها في
الوقت.

و ياتي تفصيل المسالة في باب المواقيت.

/ 32