فصل - مستند الشیعه فی احکام الشریعه جلد 2

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

مستند الشیعه فی احکام الشریعه - جلد 2

احمد بن محمد مهدی النراقی؛ تحقیق: مؤسسة آل البیت (ع) لاحیاء التراث

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

فصل


(عبادة الاحرار و الاجراء و العبيد)


قد ظهر مما ذكر: انه لا يحسب من عبادة الله و لا يعد من طاعة الله بحيث يترتب
عليه الاجر في الآخرة الا ما يراد التقرب الى الله و الدار الآخرة، اي يراد به
وجه الله من حيث هو، من دون غرض آخر من الاغراض الدنيوية، او يراد به التوصل
الى ثوابه، او الخلاص من عقابه، فمن اراد بعبادته محض وجه الله، و اخلصها له
لكونه اهلا للعبادة، و لمحبته له لما عرفه بجلاله و جماله و عظمته و لطف فعاله،
فاحبه و اشتاق اليه، و لا يريد سواه، و لا يبتهج بغير حبه و انسه و الاستغراق في
لجة شهوده، فيفرح بعبادته و توجيه قلبه اليه بطاعته. فجزاؤه ان يحبه الله و
يجتبيه، و يقربه الى نفسه و بدنه قربا معنويا و دنوا روحانيا، كما قال في حق بعض
من هذا صفته:

«و ان له عندنا لزلفى و حسن مآب » (1)

و الى هذه المرتبة اشار امير المؤمنين (ع) بقوله: «الهي ما عبدتك خوفا من نارك
و لا طمعا في جنتك، و لكن وجدتك اهلا للعبادة فعبدتك » .

و اما من غرضه نيل الثواب و الخلاص من العقاب، نظرا الى انه لم يعرف من الله
سوى كونه الها صانعا للعالم قادرا قاهرا عالما، و ان له جنة ينعم بها المطيعين، و
نارا يعذب بها العاصين، فعبده ليفوز بجنته او يتخلص من ناره: فجزاؤه بمقتضى
نيته ان يدخله جنته، و ينجيه من ناره، لان جزاء الاعمال على حسب النيات، كما
اخبر الله-تعالى-عنه في غير موضع من كتابه، فان لكل امرئ ما نوى، و لا تصغ الى
قول من ذهب الى بطلان العبادة اذا قصد بفعلها الثواب او الخلاص من العقاب زعما
منه ان هذا القصد مناف للاخلاص الذي هو ارادة وجه الله وحده، و ان من قصد ذلك انما
قصد جلب النفع الى نفسه، و دفع الضرر عنها، لا وجه الله-سبحانه-، فان هذا قول من لا
معرفة له بحقائق التكاليف و مراتب الناس فيها، بل و لا معرفة له بمعنى النية و
حقيقتها، فان حقيقة النية عبارة عن انبعاث النفس و ميلها و توجهها الى ما فيه
غرضها و مطلبها، اما عاجلا او آجلا، لا مجرد قول الناوى عند العبادة: افعل كذا قربة
الى الله، و مجرد تصور هذا القول بخاطره و ملاحظته بقلبه و ان لم يكن لنفسه
انبعاث الى التقرب، هيهات هيهات! انما هذا تحريك لسان و حديث نفس، و ما ذلك
الا كقول الشبعان:

اشتهى هذا الطعام، قاصدا حصول الاشتهاء، و هذا الانبعاث اذا لم يكن حاصلا
للنفس لا يمكنها اختراعه و اكتسابه بمجرد القول و التصور، و اكثر الناس تتعذر
منهم العبادة ابتغاء لوجه الله و تقربا اليه، لانهم لا يعرفون من
الله-تعالى-الا المرجو و المخوف، فغاية مرتبتهم ان يتذكروا النار و يحذروا
انفسهم عقابها، و يتذكروا الجنة و يرغبوا انفسهم ثوابها، و خصوصا من كان
ملتفتا الى الدنيا، فانه قلما تنبعث له داعية الى فعل الخيرات لينال بها ثواب
الآخرة، فضلا عن عبادته على نية اجلال الله-تعالى-لاستحقاقه الطاعة و العبودية،
فانه قل من يفهمها فضلا عمن يتعاطاها، فلو كلف بها لكان تكليفا بما لا يطاق، و
ليس معنى الاخلاص في العبادة الا عدم كونها مشوبة بشوائب الدنيا و الحظوظ العاجلة
للنفس، كمدح الناس، و نيل المال، و الخلاص من الفقة لعتق العبد و نحو ذلك، و ظاهر انه
لا تنافيه ارادة الجنة و الخلاص من النار بما وعد في الآخرة، و ان كان من جنس
المالوف في الدنيا، و لو كان مثل هذه النيات مفسدة للعبادات لكان الترغيب و
الترهيب و الوعد و الوعيد عبثا، اذ كل ما وعد به الجنة و اوعد عليه النار مما
رغب و وعد به و رهب و اوعد عليه، و ما ورد في الترغيب و الترهيب و الوعد و الوعيد
من الآيات و الاخبار اكثر من ان يحصى، قال الله-سبحانه-:

«و يدعوننا رغبا و رهبا» (2)

ثم كيف يمكن للعبد الضعيف الذليل المهين الذي لا يملك لنفسه نفعا و لا ضرا و لا
موتا و لا حياتا و لا شيئا مما ينفعه و يؤذيه، ان يستغني عن جلب النفع لنفسه او دفع
الضرر عنها من مولاه. و من تامل يجد ان القائل ببطلان العبادة باحدى النيتين
ترجع نيته الصحيحة في عبادته الى احداهما و هو لا يشعر به.

و مما يدل صريحا على ما ذكرناه قول الصادق-عليه السلام-: «العباد ثلاثة: قوم
عبدوا الله-عز و جل-خوفا، فتلك عبادة العبيد. و قوم عبدوا الله-تبارك و
تعالى-طلب الثواب، فتلك عبادة الاجراء، و قوم عبدوا الله-عز و جل-حبا له، فتلك
عبادة الاحرار، و هي افضل العبادة » (3) . و هذا يدل على ان العبادة على الوجهين
الاولين لا تخلو من فضل ايضا، فضلا عن ان تكون صحيحة. نعم، لا ريب فى ان العبادة
على الوجه الاخير لا نسبة لمنزلتها و درجتها الى درجة العبادة على الوجهين
الاولين، فان من تنعم بلقاء الله و النظر الى وجهه الكريم، يسخر ممن يلتفت الى
وجه الحور العين كما يسخر المتنعم بالنظر الى وجه الحور العين بالملتفت الى
الصور المصنوعة من الطين، و كما يسخر المتنعم بالنظر الى وجوه النساء الجميلة
بالخنفساء التي تعرض عن النظر الى وجوههن و تلتفت الى صاحبتها و تالف بها، بل
هذه امثلة اوردناها من باب الاضطرار، اذ التفاوت بين جمال الحضرة الربوبية
و جمال الحور العين او النسوان الجميلة اعظم كثيرا من التفاوت بين جمال
الحور العين و الصور المصنوعة من الطين و بين جمال النسوان الجميلة و
الخنفساء، كيف و التفاوت في الثاني متناه و في الاول غير متناه، و اي نسبة
للمتناهي الى غير المتناهي؟

فصل


(نية المؤمن خير من العمل)


لما عرفت ان النية روح العمل و حقيقته، و توقف نفع العمل عليها دون العكس، و كون
الغرض الاصلي من العمل تاثير القلب بالميل الى الله -تعالى-و توقفه على النية،
فهي خير من العمل، بمعنى ان العمل اذا حلل الى جزئيه يكون جزؤه القلبى-اعني
النية-خيرا من جزئه الجسماني- اعني ما يصدر من الجوارح-، و الثواب المترتب
عليه اكثر من الثواب المترتب عليه، و لذا قال الله-سبحانه-:

«لن ينال الله لحومها و لا دماؤها و لكن يناله التقوى منكم » (4) .

فان المقصود من اراقة دم القربان ميل القلب عن حب الدنيا، و بذلها ايثارا
لوجه الله، دون مجرد الدم و اللحم، و ميل القلب انما يحصل عند جزم النية و الهم، و
ان عاق عن العمل عائق، (فلن ينال الله لحومها و لا دماؤها و لكن يناله التقوى منكم) ،
و التقوى صفة القلب، و لذا ترى ان المجامع امراته على قصد انها غيرها اثم، بخلاف
المجامع غيرها على انها امراته، و لذا ورد: ان من هم بحسنة و لم يعملها كتبت له
حسنة، لان هم القلب هو ميله الى الخير و انصرافه عن الهوى، و هو غاية الاعمال
الحسنة، و انما الاتمام بالعمل يزيدها تاكيدا. و بما ذكر ظهر معنى الحديث
المشهور:

«نية المؤمن خير من عمله، و نية الكافر شر من عمله » . و كل عامل يعمل على نيته.

و حاصله: ان كل طاعة تتضمن نية و عملا، و كل منهما من جملة الخيرات، و له اثر في
المقصود، و تكون النية خيرا من العمل و اثرها اكثر من اثره. و الغرض: ان للمؤمن
اختيارا في النية و في العمل، فهما عملان، و النية من الجملة خيرهما، اي النية
التي هي جزء من طاعته خير من عمله الذي هو جزؤها الآخر.

فان قيل: ما ذكرت لا يفيد ازيد من ان العمل اذا كان مع النية يكون كل من العمل و
النية خيرا و ذا ثواب. و اذا كان بدونها لا يكون خيرا و لا يكون له ثواب، و
المقصود كون النية خيرا من العمل في الصورة الاولى و كون ثوابها اعظم، و لم يظهر
وجه الخيرية مما ذكرت.

قلت: ذلك و ان ظهر اجمالا، الا انه لا بد لتوضيحه لتظهر جلية الحال، فنقول:

الوجه في كون النية خيرا من العمل و راجحة عليه في الثواب: انه لا ريب في ان
المقصود من الطاعات شفاء النفس و سعادتها في الآخرة و تنعمها بلقاء الله-سبحانه-،
و الوصول الى اللقاء موقوف على معرفة الله و حبه و انسه، و هى موقوفة على دوام
الفكر و الذكر الموجبين لانقطاع النفس من شهوات الدنيا و توجهها الى
الله-سبحانه-، فاذا حصل بمجرد المعرفة الحاصلة من الفكر ميل و توجه الى
الله-تعالى-كان ضعيفا غير راسخ، و انما يترسخ و يتاكد بالمواظبة على اعمال
الطاعات و ترك المعاصي بالجوارح، لان بين النفس و بين الجوارح علاقة يتاثر
لاجلها كل واحد منها عن الآخر، فيرى ان العضو اذا اصابته جراحة تتالم بها
النفس، و ان النفس اذا تالمت بعلمها بموت عزيز او بهجوم امر مخوف تاثرت
الاعضاء و ارتعدت الفرائض، فالطاعات التي هي فعل الجوارح انما شرعت للتوصل
بها الى صفة النفس-اعني التوجه و الميل الى الله-سبحانه-، فالنفس هو الاصل و
المتبوع و الامير، و الجوارح كالخدم و الاتباع، و صفات القلب هي المقصودة
لذاتها، و افعال الجوارح هي المطلوبة بالعرض، لكونها مؤكدة و موجبة لرسوخ النفس
-اعني الميل و النية و التوجه-و لا ريب في ان ما هو المقصود بالذات خير مما هو
مقصود بالعرض، و ثوابه اعظم من ثوابه.

و من المعاني الصحيحة للحديث: ان المؤمن بمقتضى ايمانه ينوي خيرات كثيرة لا
يوفق لعملها، اما لعدم تمكنه من الوصول الى اسبابها، او لعدم مساعدة الوقت على
عملها، او لممانعة رذيلة نفسانية عنها بعد الوصول الى اسبابها، كالذي ينوي ان
آتاه الله ما لا ينفقه في سبيله، ثم لما آتاه يمنعه البخل عن الانفاق، فهذا نيته
خير من عمله، و ايضا المؤمن ينوي دائما ان تقع عباداته على احسن الوجوه، لان
ايمانه يقتضي ذلك. ثم اذا اشتغل بها لا يتيسير له ذلك. و لا ياتي بها كما يريد،
فما ينويه دائما خير مما يعمل به في كل عبادة. و الى هذا اشار الباقر (ع) حيث قال:
«نية المؤمن خير من عمله، و ذلك لانه ينوي الخير ما لا يدركه، و نية الكافر شر من
عمله، و ذلك لان الكافر ينوي الشر و يامل من الشر ما لا يدركه » . و قيل للصادق (ع) :

سمعتك تقول: نية المؤمن خير من عمله، فكيف تكون النية خيرا من العمل؟

قال (ع) : «لان العمل انما كان رياء للمخلوقين، و النية خالصة لرب العالمين،
فيعطى-عز و جل-على النية ما لا يعطي على العمل » ثم قال: «ان العبد لينوي من نهاره ان
يصلي بالليل فتغلبه عينه فينام، فيثبت الله له صلاته و يكتب نفسه تسبيحا و
يجعل نومه صدقة » . و بعض الاخبار المتقدمة يعضد ذلك و يؤكده ايضا. و قيل: معنى الحديث:
«ان النية بمجردها خير من العمل بمجرده بلا نية » . و فيه: ان العمل بدون النية لا
يتصف بالخيرية اصلا.

فلا معنى للترجيح في الخيرية، و قيل: سبب الترجيح: «ان النية سر لا يطلع عليه الا الله،
و العمل ظاهر، و فعل السر افضل » . و هذا و ان كان في نفسه صحيحا، الا انه ليس
مرادا من الحديث، لانه لو نوى احد ان يذكر الله -تعالى-بقلبه او يتفكر في مصالح
المؤمنين، كانت نيته بمقتضى عموم الحديث خيرا من العمل الذي هو الذكر و التفكر،
مع اشتراك النية و العمل فى السرية، و بداهة كون الذكر و التفكر خيرا من نيتهما.

فصل


(النية غير اختيارية)


النية غير داخلة تحت الاختيار، و ذلك لما عرفت من انها انبعاث النفس و توجهها
و ميلها الى ملائم ظهر لها ان فيه غرضها اما عاجلا او آجلا، و هذا الميل اذا لم
يكن حاصلا للنفس لم يكن اختراعه و اكتسابه بمجرد الاخطار بالبال و الاجراء
على اللسان، بل ذلك كقول الشبعان: نويت ان اشتهي الطعام و اميل اليه، او قول
الفارغ: نويت ان اعشق فلانا و احبه، فلا طريق الى اكتساب صرف القلب الى الشي ء و
ميله اليه و توجهه نحوه، الا باكتساب اسبابه، و ذلك مما قد يقدر عليه و قد لا يقدر
عليه، و انما قد تنبعث النفس الى الفعل اجابة للغرض الباعث، الموافق المنفس
الملائم لها، و ما لم يعتقد الانسان ان غرضه منوط بفعل من الافعال فلا يتوجه قصده
نحوه، و ذلك مما لا يقدر على اعتقاد. دائما، و اذا اعتقد فانما يتوجه القلب اذا
كان فارغا غير مصروف عنه بغرض شاغل اقوى منه، و ذلك لا يمكن في كل وقت، و الدواعي و
الصوارف لها اسباب كثيرة بها، تجتمع و تختلف ذلك بالاشخاص و الاحوال و
الاعمال، فاذا غلبت شهوة النكاح و لم يعتقد غرضا صحيحا في الولد لم يمكنه ان يتزوج
على نية الولد، بل لا يمكن الا على نية قضاء الشهوة، اذ النية اجابة الباعث، و لا
باعث الا الشهوة، فكيف ينوي الولد، و لذا كان اهل السلوك من السلف كثيرا ما
يمتنعون عن جملة من الطاعات اذا لم تحضرهم النية، و كانوا يقولون: ليس تحضرني
نية، و ذلك لعلمهم بان النية روح الاعمال و قوامها، و ان العمل بغير نية صادقة رياء و
تكلف و سبب مقت لا سبب قرب. و روى: «انه اتى الصادق (ع) مولى له، فسلم عليه و جلس،
فلما انصرف (ع) انصرف معه الرجل، فلما انتهى الى باب داره دخل و ترك الرجل،
فقال له ابنه اسماعيل: يا ابه! الا كنت عرضت عليه الدخول؟ فقال: لم يكن من شانى
ادخاله، قال: فهو لم يكن يدخل، قال: يا بني! اني اكره ان يكتبني الله عراضا» .

تتميم


(الطريق في تخليص النية)


الطريق في تخليص النية في الطاعات تقوية ايمانه بالشرع، و تقوية ايمانه يعظم
ثواب الطاعات مع خلوص النية، و اذا قوى ايمانه فربما انبعث من نفسه رغبة الى
فعل الطاعة مع خلوص النية، مثلا من لم تكن له نية الولد في النكاح بل كانت نيته فيه
مجرد قضاء الشهوة، فينبغي له ان يقوى ايمانه بعظم ثواب من سعى في تكثير امة محمد
(ص) ، و يدفع عن نفسه جميع المنفرات عن الولد، كثقل المؤونة و طول المتعب و غيره، و
اذا فعل ذلك انبعثت من نفسه رغبة الى تحصيل الولد للثواب.

و منها:

الكراهة


و هي نفرة الطبع عما لا يخلو عن ايلام و اتعاب، فاذا قويت سميت مقتا، و ضدها
الحب، و هو ميل الطبع الى الشي ء الملذ، فان تاكد ذلك الميل و قوي سمي عشقا.

اعلم ان عدم الرغبة و الغفلة و الكراهة و البعد امور متناسبة مترتبة بعضها على
بعض، و كذا اضدادها-اعني الشوق و النية و الحب و الانس- امور متناسبة يترتب بعضها
على بعض، فنحن هنا نشير اجمالا الى معانيها و الفرق بينها، ثم نذكرها مفصلة على
الترتيب.

فنقول: قد عرفت ان الغفلة و النية ضدان، و هما عبارتان عن عدم انبعاث النفس و
انبعاثها الى ما فيه غرضها الملائم اما عاجلا او آجلا، و اما عدم الرغبة و
الشوق فهما ضدان و مبدآن للغفلة و النية.

بيان ذلك: ان معنى عدم الرغبة ظاهر، و الشوق عبارة عن الرغبة الى الشي ء الذي لم
يصل اليه و كان مفقودا عنه بوجه، فالشوق لا يخلو عن الم المفارقة، و لو زالت
المفارقة و حصل الوصال انتفى الشوق. ثم فرق الشوق عن النية ظاهر، فان الشوق مجرد
الرغبة الى الشي ء من دون اعتبار انبعاث النفس الى طلبه في مفهومه، و النية هي
الانبعاث المذكور، فالشوق مبدا النية، و النية مترتبة عليه، و بذلك يظهر الفرق
بين ضديهما ايضا-اعني عدم الرغبة و الغفلة.

و اما (الكراهة و الحب) : فقد عرفت انهما عبارتان عن نفرة الطبع عن المؤلم، و
عن ميله الى الملذ، سواء انبعثت النفس عن طلبه ام لا، و بهذا يفترق الحب عن
النية، فان النية هي انبعاث النفس، و هو مغاير لمجرد الميل، بل الميل منشا
للانبعاث، و سواء حصل الوصول الى الملذ ام لا، و بهذا يفترق عن الشوق، فان الشوق
يعتبر فى مفهومه عدم الوصول، فالشوق و النية و الارادة لا ينفكان عن الحب، و
الحب يكون مقارنا لهما البتة، فاذا حصل الوصول الى المطلوب زال الشوق و
الارادة و بقى الحب بدونهما. و بما ذكر يظهر الفرق بين الكراهة و بين عدم الرغبة
و الغفلة.

و اما (الانس) : فهو عبارة عن استبشار النفس بما يلاحظه من المطلوب المحبوب
بعد الوصول و استحكامه و رسوخه، و البعد عبارة عن عدم الوصول الى المحبوب او
الوصول الى ما لا يستبشر و لا يبتهج بملاحظته، لعدم الرغبة اليه او للتنفر عنه،
فالحب منشا الانس، و الانس يترتب عليه، و هو غاية المحبة، فلا يخلو انس عن المحبة،
و المحبة قد تكون بدونه، ثم المطلوب المحبوب قد يكون مطلوبا للقوة العاقلة، كالعلم
بحقائق الاشياء، و قد يكون مطلوبا للقوة الغضبية، كالاستيلاء و الغلبة، و قد يكون
مطلوبا للقوة الشهوية، كالمال و الازواج، و على كل تقدير تكون الامور
المذكورة-اعنى عدم الرغبة و الغفلة و الكراهة و البعد-و اضدادها-اعني الشوق و
الارادة و الحب و الانس-متعلقة بتلك القوة، معدودة من رذائلها او فضائلها. ثم
المحبوب ان كان يستحسن حبه و طلبه شرعا و عقلا، كان ما يتعلق به من الشوق و
الارادة و الحب و الانس من الفضائل و اضدادها من الرذائل، و ان كان مما يذم
حبه و طلبه شرعا و عقلا كان بالعكس.

فصل


الشوق-افضل مراتب الشوق الشوق الى الله-تعلق الحب بجميع القوى- اقسام الحب
بحسب مباديه-لا محبوب حقيقة الا الله-الشهود التام هو نهاية درجات
العشق-سريان الحب في الموجودات-رد المنكرين لحب الله -معرفة الله اقوى سائر
اللذات-تحقيق رؤية الله في الآخرة و لذة لقائه -الطريق الى الرؤية و اللقاء-تفاوت
المؤمنين في محبة الله-الواجب اظهر الموجودات-علائم محبة الله-معنى حب الله
لعبده-الحب في الله و البغض فى الله-الوفاء في الحب-الانس-الانس قد يثمر الادلال.

قد تقدم تفصيل الكلام في النية و الغفلة.

و اما الشوق، فنقول في بيانه: قد عرفت ان الشوق عبارة عن الميل و الرغبة الى
الشي ء عند غيبته، فان الحاصل الحاضر لا يشتاق اليه، اذ الشوق طلب يسوق الى نيل
امر، و الموجود لا يطلب، فالشوق لا يتصور الا الى شي ء ادرك من وجه و لم يدرك من وجه،
فما لا يدرك اصلا لا يشتاق اليه، اذ لا يتصور ان يشتاق احد الى شخص لم يره و لم يسمع
و صفه، و ما ادرك بكماله لا يشتاق اليه ايضا، اذ المداوم لمشاهدة المحبوب و
الوصل اليه من جميع الوجوه لا يتصور ان يكون له شوق، فالشوق يختص تعلقه بما ادرك
من وجه دون وجه، و هذا انما يكون باحد وجهين:

(احدهما) ان يتضح الشي ء اتضاحا ما، و لم يستكمل الوضوح، فاحتاج الى استكماله.
فيكون الشوق الى ما بقى من المطلوب مما لم يحصل. مثال ذلك:

ان من غاب عنه معشوقه، و بقى في قلبه خياله، يشتاق الى استكمال خياله بالرؤية، و
من راى معشوقه في ظلمة، بحيث لا تنكشف له حقيقة صورته، يشتاق الى استكمال رؤيته
باشراق الضوء عليه، فلو رآه بتمام الرؤية انتفى الشوق، كما انه لو انمحى عن
قلبه ذكره و خياله و معرفته حتى نسيه لم يعقل وجوده.

(ثانيهما) ان يدرك بعض كمالات المحبوب، و وصل اليه، و علم اجمالا ان له كمالات
اخر، و لم يدركها و لم يصل اليها، فيكون له شوق الى ادراك تلك الكمالات. مثال
ذلك: ان يرى وجه محبوبه، و لا يرى شعره و لا سائر اعضائه، فيشتاق الى رؤية ذلك.

فصل


(افضل مراتب الشوق الشوق الى الله)


افضل مراتب الشوق هو الشوق الى الله-سبحانه-و الى لقائه، و هي المظنة الى
الوصول اليه، و الى حبه و انسه و التقرب لديه، و هو راس مال السالكين، و مفتاح
ابواب السعادة للطالبين، و الوجهان الموجبان للشوق متصوران في حق الله، بل
هما ثابتان و ملازمان لجميع العارفين، فلا يخلو عارف من الشوق الى الله:

اما الوجه الاول، فلان ما اتضح للعارفين من الامور الالهية و ان بلغ غاية
الوضوح، فكانه من وراء ستر رقيق، فلا يكون متضحا غاية الاتضاح، بل يكون مشوبا
بشوائب التخيلات المكدرة للمعلومات و المانعة عن ظهورها اليقيني، (لا) سيما اذا
انضاف اليها شواغل الدنيا، فكمال الوضوح في الامور الالهية انما هو
بالمشاهدة و اشراق التجلي، و لا يكون ذلك في هذا العالم، بل يكون في الآخرة، فهذا
احد الموجبين لشوق العارفين الى الله -سبحانه-. و هو الشوق الى استكمال
الوضوح فيما اتضح اتضاحا ما.

و اما الثاني، فلان الامور الالهية لا نهاية لها، و انما ينكشف لكل عارف بعضها، و
تبقى امور غير متناهية خفية عنه، و العارف اجمالا وجودها، و كونها معلومة
لله-تعالى-، و يعلم ان ما غاب من علمه من المعلومات اكثر مما حضر، فلا يزال
متشوقا الى ان يحصل له من المعلومات المتعلقة بعظمة الله و جلاله و صفاته و
افعاله بما لا يعرفها اصلا، لا مع الوضوح و لا مع الابهام و الاجمال، و الشوق
الاول ربما انتهى في الاخرة اذا حصل الشهود و اللقاء المعنوي لاجل استخلاص النفس
من موانع الطبيعة و قشوراتها و حصول التجرد التام لها، و اما الشوق الثاني
فلا يمكن ان ينتهي في الدنيا و لا في الآخرة، اذ نهاية ذلك ان ينكشف للعبد في الآخرة
من عظمة الله و كبريائه و جلاله و صفاته و احكامه و افعاله ما هو معلوم
لله-تعالى-و هو محال، اذ معلومات الله المتعلقة بذاته و صفاته و افعاله غير
متناهية قوة و شدة و عدة، فتمتنع احاطة الانسان بها، فلا يزال العبد عالما بانه قد
بقى من جلال الله و عظمته و من صفته و فعله ما لم يتضح له، فلا يسكن قط شوقه، و ما
من عبد الا و يرى فوق درجته درجات كثيرة لا نهاية لها، فيشتاق اليها البتة، و
اذا كان اصل الوصال و اللذة حاصلا، فربما كان الشوق الى المراتب التي فوق
مرتبتها شوقا لذيذا لا يظهر فيه الم، و ربما كانت لطائف الكشف و البهجة و
درجاتهما متوالية الى غير النهاية، و تحصل للعبد هذه الدرجات في الآخرة على
التدريج، فلا يزال العبد يتصاعد و يترقى اليها، و لا يزال النعيم و اللذة تتزايد
له ابد الآباد من غير انقطاع له، و تكون لذة ما يتجدد من لطائف النعيم شاغلا له عن
الاحساس بالشوق الى ما لم يحصل له المه، فان امكن في الآخرة حصول الكشف فيما لم
يحصل فيه كشف فى الدنيا، لكان حصول المعارف و الابتهاجات و الانوار و تجددها
في الآخرة ممكنا، و ان لم يكتسب اصلها في الدنيا فيتجدد و يتوارد على العبد في
الآخرة على الدوام و الاستمرار من دون ان ينتهى الى حد. و ربما كان قوله-تعالى-:

«نورهم يسعى بين ايديهم و بايمانهم يقولون ربنا اتمم لنا نورنا» (5) :اشارة الى
هذا المعنى، و يكون المراد به اتمام النور في عين ما استنار في الآخرة استنارة
محتاجه الى الظهور، ثم الى زيادة الاستكمال و الاشراق، و ان اختص حصول نعم
الآخرة و انوارها و ابتهاجاتها على النعم التي تزود من اصلها و لم يحصل للعبد
ما لم يكتسب في الدنيا اصله من الانوار و الابتهاجات فيكون ترقي العبد في
الآخرة في ازدياد الابتهاج و الاشراق فيما حصل له اصله، و على هذا، فربما
انتهى الى حد و وقف هناك و لا يتضاعف، و قوله -تعالى-: «نورهم يسعى. . . الى آخر الآية »
يحتمل لهذا المعنى ايضا، بان يكون المراد طلب اتمام نور تزود من الدنيا اصله.
(قيل) : و قوله تعالى:

«انظرونا نقتبس من نوركم قيل ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا» (6) :

يدل على ان الانوار لا بد من ان يتزود اصلها في الدنيا، ثم يزداد في الآخرة اشراقا،
فاما ان يتجدد نور لم يكتسب اصله في الدنيا فلا.

ثم لا يخفى ان تعيين الاصل و الفرع للانوار و الابتهاجات و مراتب الآخرة عندنا
مشكل، و ليس لنا طريق الى القطع بان اي شي ء اصل لاي نور و بهجة، و ربما كان المظنون
عندنا: ان اصل كل نور و سعادة و بهجة هو اليقين القطعي الاجمالي بان
الواجب-سبحانه-في غاية العظمة و الجلال و القدرة و الكمال، و انه تام فوق
التمام، و كل ما سواه من المهيات الموجودة صادرة عنه على اشرف انحاء الصدور
و اقواها و ادلها على العظمة، و انه لا موجود و لا شى ء الا الواجب و صفاته و
افعاله، و ان ذاته الاقدس ذات لا يمكن ان يكون لذهن من الاذهان العالية، و لا
لمدرك من المدارك المتعالية عقلا كان او نفسا او غيرهما، لو امكن ان يكون مدركا،
ان يدرك في لحاظ التعقل ذاتا يمكن ان تكون فوقه او مثله، بل كلما تصور اجمالا
فهو فوقه، و كذا صفاته الكمالية و افعاله، و ان صفاته الكمالية: من عظمته، و
جلاله، و قدرته، و جماله، و علمه، و حكمته، و غير ذلك غير متناهية، و ليس لها حد و غاية،
و ما تعلق به علمه من مخلوقاته لا نهاية له كثرة و قوة و كمالا، و ان له من المراتب
الغير المتناهية من العظمة و الجلال ما لا يطيق اشرف الموجودات و اقواها
لادراك اولها، فمن عرف ذلك و تيقن به، و علم ان هذا العالم و ما فيه لا نسبة له
الى عالم الآخرة و ما فيه، و ان الطافه و مزاياه الى عباده الذين عرفوا
نسبتهم اليه، و تيقنوا بان لاشرافة و لا كمال للنفوس و العقول فوق معرفة ربهم و
التقرب اليه و الوصول الى حبه و انسه، فقد وصل الى اصل كل سعادة و نور و بهجة، لا
سيما اذا دفع عن نفسه ذمائم الاخلاق و اتصف بفضائلها. و قد ظهر مما ذكر: انه لا
ريب في ثبوت الشوق للعباد الى الله-سبحانه-. و العجب ممن انكر حقيقة الشوق الى
الله -سبحانه-لانكاره المحبة له-كما ياتى-، اذ لا يتصور الشوق الا الى محبوب، و
قد عرفت ثبوته من حيث النظر و الاعتبار. و لا ريب في ثبوته -ايضا-من الآيات و
الاخبار: قال الله-سبحانه-:

«فمن كان يرجو لقاء ربه. . . » الى آخر آية (7)

فان الرجاء لا ينفك عن الشوق. و قال رسول الله (ص) في دعائه:

«اللهم انى اسالك الرضاء بعد القضاء، و برد العيش بعد الموت، و لذة النظر الى وجهك
الكريم، و شوقا الى لقائك » . و في بعض الكتب السماوية:

«طال شوق الابرار الى لقائى. و انا الى لقائهم لاشد شوقا» . و في اخبار داود (ع) :
«انى خلقت قلوب المشتاقين من نورى، و نعمتها بجلالى » .

و فيها ايضا: «انه تعالى اوحى الى داود: يا داود! الى كم تذكر الجنة و لا
تسالني الشوق الى؟ قال: يا رب! من المشتاقون اليك؟ قال: ان المشتاقين الي
الذين صفيتهم من كل كدر، و نبهتهم بالحذر، و خرقت من قلوبهم الى خرقا ينظرون الى،
و انى لاحمل قلوبهم بيدى فاضعها على سمائى، ثم ادعو بملائكتي، فاذا اجتمعوا
سجدوني، فاقول: انى لم اجمعكم لتسجدونى، و لكن دعوتكم لا عرض عليكم قلوب المشتاقين
الى، و اباهى بهم اياكم، فان قلوبهم لتضى ء في سمائى لملائكتى كما تضى ء الشمس لاهل
الارض، يا داود!

انى خلقت قلوب المشتاقين من رضوانى، و نعمتها بنور وجهى، فاتخذتهم لنفسى
محدثين، و جعلت ابدانهم موضع نظرى الى الارض، و قطعت من قلوبهم طريقا ينظرون به الى،
يزدادون في كل يوم شوقا» . و اوحى الله اليه ايضا: «يا داود! لو يعلم المدبرون عنى
كيف انتظارى لهم و رفقي بهم و شوقي الى ترك معاصيهم، لماتوا شوقا الى، و تقطعت
اوصالهم عن محبتى » .

و في بعض الاخبار القدسية: «ان لى عبادا يحبوننى و احبهم، و يشتاقون الى و
اشتاق اليهم، و يذكرونني و اذكرهم، و اول ما اعطيتهم ان اقذف من نورى في
قلوبهم، فيخبرون عني كما اخبر عنهم، و لو كانت السماوات و الارض و ما فيهما في
موازينهم لاستعد بها لهم، و اقبل بوجهى عليهم، لا يعلم احد ما اريد ان اعطيه » . و قال
الصادق (ع) : «المشتاق لا يشتهى طعاما، و لا يلتذ شرابا، و لا يستطيب رقادا، و لا
يانس حميما، و لا ياوى دارا، و لا يسكن عمرانا، و لا يلبس ثيابا، و لا يقر قرارا، و
يعبد الله ليلا و نهارا، و راجيا بان يصل الى ما يشتاق اليه، و يناجيه بلسان
الشوق معبرا عما في سريرته، كما اخبر الله-تعالى-عن موسى بن عمران في ميعاد
ربه بقوله: (و عجلت اليك رب لترضى) ، و فسر النبي (ص) عن حاله: (انه ما اكل و لا
شرب و لا نام، و لا اشتهى شيئا من ذلك في ذهابه و مجيئه اربعين يوما شوقا الى
ربه) ، فاذا دخلت ميدان الشوق، فكبر على نفسك و مرادك من الدنيا، و ودع جميع
المالوفات، و اصرفه عن سوى مشوقك، و لب بين حياتك و موتك: لبيك اللهم لبيك!
اعظم الله اجرك، و مثل المشتاق مثل الغريق، ليس له همة الا خلاصه، و قد نسى كل شى ء
دونه » (8) ، و ما ورد في الادعية المعصومية من طلب الشوق اكثر من ان يحصى، و الظواهر
الآتية المثبتة للمحبة و الانس تثبت الشوق ايضا.

و اما (الكراهة و البغض و ضدهما-اعنى الحب-) فنقول: قد عرفت ان الكراهة و البغض
عبارة عن نفرة الطبع عن المؤلم المتعب، و الحب الذى هو ضدهما عبارة عن ميل
الطبع الى الملائم الملذ.

و توضيح ذلك: انه لا يتصور حب الا بعد معرفة و ادراك، و كذلك لا يتصف بالحب جماد
و لا يحب الانسان ما لا يعرفه و لم يدركه، فالحب من خاصية الحي الدراك، بعد حصول
الادراك بالفعل.

ثم لما كانت المدركات منقسمة الى ما يوافق طبع المدارك و يلذه، و الى ما يخالفه
و يؤلمه، و الى ما لا يؤثر فيه بالذاذ و ايلام، فالقسم الاول يكون مرغوبا عند
المدرك، و يسمى رغبة، و ميله اليه حبا، و القسم الثاني يكون منفورا عنده، و تسمى
نفرته عنه كراهة و بغضا، و الثالث لا يوصف بميل و كراهة، فلا يوصف بكونه محبوبا،
و لا مكروها. ثم اللذة لما كانت عبارة عن ادراك الملائم اللذ و نيله، فالحب
الذى هو الميل و الرغبة اليه لا يخلو عن لذة محققة او خيالية، و على هذا فيمكن ان
تعرف المحبة بانها ابتهاج النفس بادراك الملائم و نيله، هذا فانك قد عرفت ان
المدارك ان كان مما يستحسن حبه شرعا و عقلا، كان كراهته و بغضه من الرذائل و
حبه من الفضائل، و ان كان مما يذم حبه، كان بالعكس من ذلك.

فصل


(تعلق الحب بجميع القوى)


الحب و الكراهة لما كانا تابعين للادراك، فينقسمان بحسب انقسام القوة
المدركة، التى هى الحواس الظاهرة، و الحواس الباطنة، و القوة العاقلة.

فمن الحب ما يتعلق بالحواس الظاهرة، بمعنى ان المحبوب مما هو مدرك و ملذ عندها،
كالصور الجميلة المرئية، و النغمات الموزونة، و الروائح الطيبة، و المطاعم
النفيسة، و الملبوسات اللينة بالنظر الى الخمس الظاهرة. و منه ما يتعلق بالحواس
الباطنة، بمعنى ان المحبوب مما هو مدرك و ملذ عندها، كالصور الملائمة الخيالية، و
المعانى الجزئية الملائمة بالنسبة الى المتخيلة و الواهمة. و منه ما يتعلق بالعاقلة،
بمعنى ان المحبوب مما هو مدرك و ملذ عندها، كالمعانى الكلية، و الذوات المجردة. و
لا ريب في ان العقلى من الحب و اللذات اقوى اللذات و ابلغها، اذا البصيرة
الباطنة اقوى من البصيرة الظاهرة و العقل اقوى ادراكا و اشد غوصا و نفوذا في
حقائق الاشياء و بواطنها من الحس، و جمال المعانى المدركة بالعقل اعظم من جمال
الصور الظاهرة الحسنة، فتكون لذة العقل و حبه بما يدركه من الامور الشريفة
الالهية التي جلت عن ادراك الحواس اتم و ابلغ، و لذا جعل رسول الله (ص) الصلاة
ابلغ المحبوبات عنده في الدنيا، حيث قال: «حبب الى من دنياكم ثلاث: الطيب، و
النساء، و جعلت قرة عيني في الصلاة » ، فان الالتذاذ بالصلاة لذة عقلية، كما ان
الالتذاذ بالطيب لذة شمية، و بالنساء نظرية و لمسية.

فان قيل: حقيقة الانسان نفسه الناطقة، و لها ثلاث قوى، و هي:

العاقلة، و الشهوية، و الغضبية، و قوى اخرى هى: الحواس الظاهرة و الحواس الباطنة،
و شان العاقلة-كما ذكرت-ادراك المعاني الكلية، و الحقائق المجردة، و شان الحواس
الظاهرة ادراك المبصرات و المسموعات و المشمومات و المذوقات و الملموسات،
و شان الحواس الباطنة ادراك المعاني الجزئية، و الصور المدركة بالحواس الظاهرة
و ضبطها، و من جملة ما يدرك بالحواس ما يتعلق بقوتى الغضب و الشهوة، من الغلبة و
الاستيلاء و الوصول الى المناكح و المطاعم و ضدهما، فالمحب لهذه المدركات و
الملتذ بها ماذا من النفس و قواها المذكورة، و هل المحب و الملتذ هو المدرك
بعينه او غيره؟

قلنا: المحب و الملتذ اولا في كل من هذه المدركات هو المدرك، و ثانيا و بالواسطة
هو النفس، اذ كل ادراك يتعلق باحدى القوى ليصل بالآخرة الى النفس، فيحدث فيها ما
يقتضيه من اللذة و الالم، الا ان ما يدرك بالحواس مما يتعلق بقوتي الشهوة و
الغضب لا بد ان يصل اليهما ايضا، فيحصل لهما اللذة او الالم، و بواسطتهما يصل
الى النفس، فالمدرك اولا للغلبة او العجز هو الوهم، فيلتذ او يتالم، ثم يصل منه
اثر الادراك و الالتذاذ و الالم الى القوة الغضبية، و يصل منها الاثر الى النفس
فيلتذ او يتالم، و المدرك للطعم و الريح و اللين و النعومة هي الذائقة و الشامة و
اللامسة، فالالتذاذ و التالم لها اولا و بواسطتها للقوة الشهوية، و هذا ان
كانت الشهوية قوة على حدة سوى الذائقة و الشامة و اللامسة و سائر الحواس الظاهرة، و
ان كانت معنى جنسيا شاملا لجميعها فالامر ظاهر. و بما ذكر ظهر وجه تعلق الحب
بجميع القوى.

فصل


(اقسام الحب بحسب مباديه)


اعلم ان اسباب الحب و مباديها لما كانت متعددة مختلفة فينقسم الحب لاجلها على
اقسام:

الاول-حب الانسان وجود نفسه و بقاءه و كماله، و هو اشد اقسام الحب و اقواها، لان
المحبة انما تكون بقدر الملاءمة و المعرفة، و لا شى ء اشد ملاءمة لاحد من نفسه، و لا هو
بشى ء اقوى معرفة منه بنفسه، و لهذا جعلت معرفة نفسه مفتاحا لمعرفة ربه (9) . و كيف لا
يكون حب الشى ء لذاته اقوى المراتب، مع ان الحب كلما صار اشد جعل الاتحاد بين
المحب و المحبوب اوكد و ابلغ؟ و اى اتحاد اشد من الوحدة و رفع الاثنينية
بالمرة، كما بين الشى ء و نفسه، فالمحب و المحبوب واحد، و سبب الحب غريزة في
الطباع بحكم سنة الله:

«و لن تجد لسنة الله تبديلا» (10) .

و معنى حبه لنفسه كونه محبا لدوام وجوده، و مكرها لعدمه و هلاكه، فالبقاء و دوام
الوجود محبوب، و العدم ممقوت، و لذا يبغض كل احد الموت، لا بمجرد ما يخافه بعده،
او لمجرد ما يلزمه من سكراته، بل لظنه انه يوجب انعدام كله او بعضه، و لذا لو
اختطف من غير الم و تعب، و اميت من غير ثواب و عقاب، كان كارها لذلك، و كما
ان دوام الوجود محبوب فكذلك كمال الوجود محبوب، لان فاقد الكمال ناقص، و
النقص عدم بالاضافة الى القدر المفقود، فالوجود محبوب فى اصل الذات و بقائه و في
صفات كماله، و العدم ممقوت فيها جميعا.

و التحقيق: ان المحبوب ليس الا الوجود، و المبغوض ليس الا العدم، و جميع
الصفات الكمالية راجعة الى الوجود، و جميع النقائص راجعة الى العدم، الا ان كل فرد
من الموجود لما كان له نحو خاص من الوجود، و كانت تمامية نحو وجوده بوجود
بعض الصفات الكمالية التي هي من مراتب الموجودات، فكان وجوده مركب من
وجودات متعددة، فاذا فقد بعضها فكانه فاقد لبعض اجزاء وجوده، و بذلك يظهر: ان
الموجود كلما كان اقوى و كان نحو وجوده اتم، كان اجمع لمراتب الوجودات في
القوة و الشدة و العدة، و كانت صفاته الكمالية اقوى و اكثر، لكونها من مراتب
الوجودات، فالوجود الواجبى الذي هو التام فوق التمام و القائم بنفسه
المقوم لغيره ينطوى فيه جميع الوجودات، و يكون محيطا بالكل، ثم محبة الاولاد
من التحقيق يرجع الى هذا القسم، لان الرجل انما يحب ولده و يتحمل المشاق لاجله، و
ان لم يصل منه اليه نفع و حظ، لعلمه بانه خليفته في الوجود بعد عدمه، فكان بقاءه نوع
بقاء له، فلفرط حبه لبقاء نفسه يحب بقاء من هو قائم مقامه و بمنزلة جزء منه، لما عجز من
الطمع في بقاء نفسه، و لعدم كون بقائه هو بقاؤه بعينه يكون بقاء نفسه احب اليه من
بقاء ولده لو كان طبعه باقيا على اعتداله، و كذلك حبه لاقاربه و عشيرته يرجع الى
حبه لكمال نفسه، فانه يرى نفسه كبيرا قويا لاجلهم، متجملا بسببهم، اذ العشيرة
كالجناح المكمل للانسان (11) .

الثانى-حبه لغيره لاجل انه يلتذ منه لذة حيوانية. كحب كل من الرجل و المراة
للآخر لاجل الجماع، و حب الانسان الماكولات و الملبوسات، و السبب الجامع في
هذا القسم هو اللذة، و هو سريع الحصول و سريع الزوال و اضعف المراتب، لخساسة
سببه و سرعة زواله.

الثالث-حبه للغير لاجل نفعه و احسانه، فان الانسان عبد الاحسان، و قد جبلت
النفوس على حب من احسن اليها و بغض من اساء اليها، و لذا قال رسول الله (ص) :
«اللهم لا تجعل لفاجر على يدا فيحبه قلبي » .

فالسبب الجامع في هذا القسم هو النفع و الاحسان، و هذان القسمان عند التحقيق
يرجعان الى القسم الاول، لان المحسن من امد بالمال و المعونة و سائر الاسباب
الموصولة الى دوام الوجود و كمال الوجود، و سبب اللذة باعث لحصول الحظوظ
التى بها يتهيا الوجود.

و الفرق ان الاعضاء، و الصحة، و العلم، و الطعام، و الشراب، و الجماع محبوبة لان
بها كمال وجوده و هى عين الكمال، و اما الطبيب الذى هو سبب الصحة، و العالم
الذى هو سبب العلم، و معطى الطعام و الشراب، و المراة التي هى آلة الوقاع:
محبوبة لا لذواتها، بل من حيث انها وسائل الى ما هو محبوب لذاته، فاذن يرجع
الفرق الى تفاوت الرتبة، و الكل يرجع الى محبة الانسان نفسه، فمن احب المحسن
لاحسانه فما احب ذاته تحقيقا، بل احب احسانه، و لو زال احسانه زال حبه مع
بقاء ذاته، و لو نقص نقص الحب، و لو زاد زاد. و بالجملة: يتطرق الى حبه الزيادة و
النقصان بحسب زيادة الاحسان و نقصانه.

الرابع-ان يحب الشى ء لذاته، لا لحظ يناله منه وراء ذاته، بل تكون ذاته عين حظه، و
هذا هو الحب الحقيقى البالغ الذى يوثق به، و ذلك كحب الجمال و الحسن، فان
كل جمال محبوب عند مدركه، و ذلك لعين الجمال، لان ادراك الجمال عن اللذة، و
اللذة محبوبة لذاتها لا لغيرها. و لا تظنن ان حب الصورة الجميلة لا يتصور الا
لاجل قضاء الشهوة، فان قضاء الشهوة لذة حيوانية قد يحب الانسان الصور الجميلة
لاجلها، و ادراك نفس الجمال لذة اخرى روحانية يكون محبوبا لذاتها. و لا ريب في
ان حب الصور الجميلة بالجهة الاولى مذموم، و بالجهة الثانية ممدوح، و العشق
الذي يقع لبعض الناس من استحسان الصور الجميلة يكون مذموما ان كان سببه
اللذة الشهوية الحيوانية، و يكون ممدوحا ان كان سببه الابتهاج بمجرد ادراك
الجمال، و لاجل التباس السبب في هذا العشق اختلف العقلاء في مدحه و ذمه، و كيف
ينكر حب الصور الجميلة لنفس جمالها من دون قصد حظ آخر، مع ان الخضرة و الماء
الجاري محبوبان لا لتؤكل الخضرة و يشرب الماء، او ينال منهما حظ سوى نفس الرؤية، و
قد كان رسول الله (ص) تعجبه الخضرة و الماء الجاري. و الطباع الصافية السليمة
قاضية باستلذاذ النظر الى الانوار و الازهار و الاطيار المليحة الالوان
الحسنة النفس المناسبة الشكل، حتى الانسان لتنفرج عنه الغموم بمجرد النظر اليها
من دون قصد حظ آخر منها. و بما ذكرناه ظهر ضعف ظن بعض ضعفاء العقول، حيث زعموا انه لا
يتصور ان يحب الانسان غيره لذاته، ما لم يرجع منه حظ الى المحب سوى ادراك ذاته،
و لم يعلموا ان الحسن و الجمال ليس مقصورا على مدركات البصر، و لا على تناسب
الخلقة، اذ يقال: هذا صوت حسن، و هذا طعم حسن، و هذا ريح طيب، و ليس شي ء من هذه
الصفات مدركة بالبصر، و كذا ليس الحسن و الجمال مقصورا على مدركات الحواس،
لوجودهما في غيرها، فان اكثر خصال الخير يدرك بالعقل بنور البصيرة الباطنة، اذ
يقال:

هذا خلق حسن، و هذا علم حسن، و هذه سيرة حسنة، و لا يدرك شي ء من هذه الصفات بالحواس،
بل يدرك بالبصيرة الباطنة، و كل هذه الخصال المدركة حسنها بالعقل محبوبة بالطبع، و
الموصوف بها ايضا محبوب عند من عرف صفاته.

و مما يدل على تحقق الجمال المدرك بالعقل و كونه محبوبا: ان الطباع السليمة
مجبولة على حب الانبياء و الائمة-عليهم السلام-مع انهم لم يشاهدوهم، حتى ان
الرجل قد تجاوز حبه لصاحب مذهبه حد العشق، فيحمله ذلك على ان ينفق جميع امواله
في نصرة مذهبه و الذب عنه، و يخاطر بروحه في قتال من يطعن في امامه او متبوعه،
مع انه لم يشاهد قط صورته و لم يسمع كلامه، فما حمله على الحب هو استحسانه
بصفاته الباطنة: من الورع، و التقوى، و التوكل، و الرضا، و غزارة العلم، و الاحاطة
لمدارك الدين، و انتهاضه لافاضة علم الشرع، و نشره هذه الخيرات في العالم، و جملتها
ترجع الى العلم و القدرة، اذ جميع الفضائل لا تخرج عن معرفة حقائق الامور و القدرة
على حمل نفسه عليها بقهر الشهوات، و هما-اعني العلم و القدرة- غير مدركين بالحواس،
مع انهما محبوبان بالطبع. و من الشواهد على المطلوب:

ان الناس لما و صفوا (حاتما) بالسخاء و (انو شيروان) بالعدالة، احبهما القلوب
حبا ضروريا، من دون نظرهم الى صورهما المحسوسة، و من غير حظ ينالونه منهما، بل كل
من حكى عنه بعض خصال الخير و صفات الكمال غلب على القلوب حبه، مع عدم مشاهدته و
ياس المحبين من انتشار خيره و احسانه اليهم، و من كانت بصيرته الباطنة اقوى
من حواسه الظاهرة، و نور العقل اغلب عليه من آثار الحواس الحيوانية، كان حبه
للمعاني الباطنة اكثر من حبه للمعاني الظاهرة، فشتان بين من يحب نقشا على
الحائط لجمال صورته الظاهرة، و بين من يحب سيد الرسل (ص) لجمال صورته الباطنة.

الخامس-محبته لمن بينه و بينه مناسبة خفية، او مجانسة معنوية، فرب شخصين تتاكد
المحبة بينهما عن غير ملاحظة جمال، و لا طمع في جاه و مال، بل بمجرد تناسب
الارواح، كما قال النبي (ص) : «الارواح جنود مجندة، فما تعارف منها ائتلف، و ما
تناكر منها اختلف » .

السادس-محبته لمن حصل بينه و بينه الالف و الاجتماع في بعض المواضع، لا سيما
اذا كان من المواضع الغريبة، كالسفن و الاسفار البعيدة.

و السبب فيه: كون افراد الانسان مجبولة على المؤانسة مع التلاقي و الاجتماع،
و لكون المؤانسة مركوزة في طبيعة الانسان سمي انسانا، فهو مشتق من الانس دون
النسيان-كما ظن-، و المؤانسة لا تنفك عن المحبة، و ربما كان حصول المؤانسة و
الحب بين اهل البلد، او بينهم و بين اهل القرى، او بين اهل البلاد المتباعدة و
المواضع المختلفة، من جملة اسرار الامر بالجمعة و الجماعة و صلاة العيدين، و
الحج الباعث لاجتماع عموم الخلائق في موقف واحد.

السابع-محبته لمن يشاركه فى وصف ظاهر، كميل الصبى الى الصبى لصباه، و الشيخ
الى الشيخ لشيخوخته، و التاجر الى التاجر لتجارته، و هكذا. . . فان كل شخص مائل
الى من يشاركه فى وصفه و صنعته و شغله و حرفته، و السبب الجامع فيه هو
الاشتراك في الوصف و الصنعة.

الثامن-حب كل سبب و علة لمسببه و معلوله و بالعكس، فان المعلول لما كان مثالا
من العلة، و مترشحا عنها و منبجسا منها، و مناسبا لها لكونه من سنخها، فالعلة
تحبه لانه فرعها و بمنزلة بعض اجزائها التي كانت منطوية فيها، و المعلول يحبها
لانها اصله و بمنزلة كله الذي كان محتويا عليه، فكان كلا منهما في حبه للآخر يحب
نفسه.

ثم السبب ان كان علة حقيقية موجدة، تكون سببية اقوى فى حصول المحبة و الاتحاد
مما اذا كان علة معدة. فاقوى اقسام المحبة ما يكون للواجب-سبحانه-بالنسبة الى
عباده، و بعد ذلك لا محبة اقوى من محبة العباد العارفين بالنسبة اليه-سبحانه-،
فان محبتهم له من حيث كونه موجدا مخرجا لهم من العدم الصرف الى الوجود، و
معطيا لهم ما احتاجوا اليه في النشاتين، و من حيث انه-تعالى-تام فوق
التمام في الذات و الصفات الكمالية، و النفس بذاتها مشتاقة الى الكمال
المطلق، و هذا المحبة فرع المحبة و لا تحصل بدونها، و لذا قال سيد الرسل (ص) : «ما
اتخذ الله وليا جاهلا قط » . و حب الاب لابنه و بالعكس نسبة هذا القسم، من حيث ان
الاب سبب ظاهر لوجود الابن، و ان لم يكن سببا حقيقيا، بل علة معدة له، فيحبه
لانه يراه بمنزلة نفسه، و يظنه مثالا من ذاته، و نسخة نقلتها الطبيعة من صورته، و
يعد وجوده بمنزلة البقاء الثاني لنفسه، فيظنه انه جزؤه و في الخلق و الخلق مثله، و كذا
كل ما يريد لنفسه من الكمالات يريد افضله له، و يفرح بترجيحه عليه، و تفضيله عليه
عنده بمثابة ان يقال: انه في الآن افضل من السابق، و مما يؤكد محبته له: انه يرجو
منه انجاح مقاصده و مط البه في حياته و مماته، و ليست محبة الابن للاب كمحبة
الاب للابن، بل هو اضعف، لفقد بعض الاسباب الباعثة له، و لذا امر الاولاد في
الشريعة بحب الآباء دون العكس، و كذا المحبة التي بين المعلم و المتعلم من هذا
القسم، لان المعلم كالسبب القريب للحياة الروحاني للمتعلم و افاضة الصورة
الانسانية عليه، كما ان الاب كالسبب لحياته الجسمانية و رتبته الصورية،
فهو والد روحانى له، و بقدر شرافة الروح على الجسم يكون المعلم اشرف من الاب، و
على هذا ينبغي ان تكون محبة المعلم ادون من محبة الموجود الحقيقي و اكثر من محبة
الاب، و قد ورد في الحديث: «ان آباءك ثلاثة:

من ولدك، و من علمك، و من زوجك، و خير الاباء من علمك » . و سئل من ذي القرنين: ان
اباك احب اليك ام معلمك؟ قال: «معلمي احب الي، لانه سبب لحياتي الباقية، و ابي
سبب لحياتي الفانية » . و قال امير المؤمنين (ع) :

«من علمني حرفا فقد صيرني عبدا» . و على هذا ينبغي ان يكون حب النبي (ص) و اوصيائه
الراشدين-عليهم السلام-اوكد من جميع اقسام الحب بعد محبة الله-سبحانه-، لانه
المعلم الحقيقى و المكمل الاول، و لذا قال (ص) :

«لا يؤمن احدكم حتى اكون احب اليه من نفسه و اهله و ولده » .

التاسع-محبة المتشاركين في سبب واحد بعضهم لبعض، كمحبة الاخوان و الاقارب. و
كلما كان السبب اقرب كانت المحبة اوكد، و لذا تكون محبة الاخوين اشد من محبة
ابناء الاعمام مثلا، و من عرف الله و انتساب الكل اليه، و بلغ مقام التوحيد، و
عرف النسبة و الربط الخاص الذي بين الله و بين مخلوقاته، يحب جميع الموجودات
من حيث اشتراكه معها في الموجد الحقيقي. ثم قد يجتمع بعض اسباب المحبة اكثرها
في شخص واحد، فيتضاعف الحب، كما لو كان لرجل ولد جميل الصورة، حسن الخلق، كامل
العلم، حسن التدبير، محسن الى والده و الى الخلق، كان حب والده له في غاية الشدة،
لاجتماع اكثر اسباب الحب فيه، و ربما احب شخصا آخر لوجود بعض اسباب الحب
فيه من دون عكس، لعدم تحقق سبب من اسباب الحب فيه، و قد تختلف فيهما اسباب
الحب، فيحب كل منهما الآخر من جهة، و تكون قوة الحب بقدر قوة السبب، فكلما كان
السبب اكثر و اقوى كان الحب اشد و اوكد.

فصل


(لا محبوب حقيقة الا الله)


اعلم انه لا مستحق للحب غير الله-سبحانه-، و لا محبوب بالحقيقة عند ذوي البصائر
الا هو، و لو كان غيره-تعالى-قابلا للحب و موضعا له فانما هو من حيث نسبته
اليه-تعالى-، فمن احب غيره-تعالى-لا من حيث نسبته اليه، فذلك لجهله و قصوره
في معرفة الله، و كيف يكون غيره-سبحانه- من حيث هو، لا من جهة انتسابه اليه،
مستحقا للحب، و هو في نفسه مع قطع النظر عنه-تعالى-و عن انتسابه اليه ليس الا
العدم، و العدم كيف يصلح للحب، فينبغي ان يكون حبه لعموم الخلق بعموم النسبة، اي
من حيث انها منه-تعالى-، و آثاره، و معلولاته، و اضوائه و اظلاله، و لخصوص بعض
الخواص الذين لهم خصوصية نسبة اليه-تعالى-، كالحب، و الانس، و المعرفة، و الاطاعة
لخصوص النسبة ايضا.

و مما يوضح المطلوب: ان جميع اسباب الحب مجتمعة في حق الله-تعالى-، و لا توجد في
غيره حقيقة، و وجودها في حق غيره و هم و تخيل و مجاز محض لا حقيقة له.

اما السبب الاول-اعني محبة النفس: فمعلوم ان وجود كل احد فرع لوجود ربه و ظل له،
و لا وجود له من ذاته، بل هو من حيث ذاته ليس محض و عدم صرف، فوجوده و دوام
وجوده و كمال وجوده من الله و بالله و الى الله، فهو الموجد المخترع له، و هو
المبقى له، و هو المكمل لوجوده بايجاد صفات الكمال فيه، فهو صرف العدم لولا
فضل الله عليه بالايجاد، و هالك بعد وجوده لو لا فضله عليه بالابقاء، و ناقص بعد
بقائه لولا فضله عليه بالتكميل، فليس في الوجود شي ء له قوام بنفسه الا القيوم
المطلق الذى هو قائم بذاته و مقوم لغيره. و حينئذ، فمحبة كل شي ء لنفسه ترجع الى محبة
ربه، و ان لم يشعر المحب به، و كيف يتصور ان يحب الانسان نفسه و لا يحب ربه الذي
به قوام نفسه؟ مع ان من احب الظل احب بالضرورة الاشجار التي بها قوام الظل،
و من احب النور احب لا محالة الشمس التي بها قوام النور، و كل ما في الوجود
بالاضافة الى قدرة الله-تعالى- كالظل بالاضافة الى الشجر و النور بالاضافة الى
الشمس، اذ الكل من آثار قدرته، و وجوده تابع لوجوده، كما ان وجود الظل تابع
لوجود الشخص، و وجود النور تابع لوجود الشمس، بل هذا المثال انما هو للتفهم، و
بالاضافة الى اوهام العوام، حيث يتوهمون ان الظل و النور تابعان للشخص و الشمس
و فايضان عنهما، و عند التحقيق ليس الظل و النور اثرين للشخص و الشمس و موجودين
بهما، بل هما فايضان من الله-تعالى-، موجودان به بعد حصول الشرائط، كما ان اصل
الشخص و الشمس و شكلهما و صورتهما و سائر صفاتهما منه-تعالى- و اما السبب الثاني،
و الثالث-اعني الالتذاذ و الاحسان، سواء كان متعديا الى المحب ام لا: فمعلوم
انه لا لذة و لا احسان الا من الله-تعالى-، و لا محسن سوى الله، فانه خالق
الاحسان و ذويه، و فاعل اسبابه و دواعيه، و كل محسن فهو حسنة من حسنات قدرته و
حسن فعاله، و قدرة من بحار كماله و افضاله.

و اما الرابع-اعني الحسن و الجمال و الكمال: فلا ريب في انه-تعالى- هو
الجميل بذاته و الكامل بذاته، و هو الجمال الخالص، و الكمال المطلق، و
حقيقتهما منحصرة به-تعالى-، و ما يوجد في غيره-تعالى-من الجمال و الكمال لا يخلو
عن شوائب الخلل و النقصان، اذ النقص شامل لجميع الممكنات و انما تتفاوت في
درجات النقص. و قد عرفت ان الجمال المعنوي اقوى من الجمال الصوري، و من كان من
اهل البصيرة و الكمال يكون حبه للجمال الباطن المعنوي اكثر و اقوى من حبه
للجمال الصوري، و حقيقة الجمال المعنوي الذي هو وجوب الوجود، و كمال العلم و
القدرة، و الاستيلاء على الكل، و استناد الجميع اليه، منحصر بالله-تعالى-، فاذا
كان الجمال المشوب بالنقص محبوبا، فكيف لا يكون الجمال الخالص البحت الذي لا
يتصور جمال فوقه محبوبا، بل المحبوب حقيقة ليس الا هو.

باده خاك آلودتان مجنون كند
صاف اگر باشد ندانم چون كند (12)

على ان كل جميل بالجمال الظاهر الصوري، او بالجمال الباطن المعنوي، رشحة من
رشحات جماله، و كل كامل فكماله فرع كماله، فكل من احب جميلا احب خالقه و ما
احب احدا غير الله-تعالى-، لكنه احتجب عنه تحت وجوه الاحباب و استار الاسباب،
هذا مع ان عمدة جمال المخلوقين انما هو علمهم بالله و بصفاته و افعاله، و قدرتهم
على الصلاح نفوسهم بازالة الرذائل و الخبائث الشهوية المانعة عن التقرب الى
الله-تعالى-، و باتصافهم بمعالي الصفات و شرائفها المقربة الى الله، و على اصلاح
عباد الله بالارشاد و السياسة، و معلوم ان هذه الامور اضافات الى
الله-سبحانه-، فحبها يرجع الى حبه-تعالى-.

و اما الخامس-اعني المناسبة الخفية و المجانسة المعنوية: فلا ريب في ان للنفس
الناطقة الانسانية مناسبة مجهولة خفية مع باريها و موجدها، اذ هي شعلة من شعلات
جلاله، و بارقة من بوارق جماله، و لذا قال الله-سبحانه-:

«قل الروح من امر ربي » (13) . و قال: «اني جاعل فى الارض خليفة » (14) .

اذ لم يستحق آدم خلافة الله لا بتلك المناسبة، و بهذه المناسبة ينقطع العبد الى
ربه، و يعرفه عند ابتلائه بمصيبة و بلية، و هذه المناسبة لا تظهر ظهورا تاما الا
بالمواظبة على النوافل بعد احكام الفرائض، كما قال الله -تعالى-: «لا يزال العبد
يتقرب الي بالنوافل حتى احبه، فاذا احببته كنت سمعه الذي يسمع به، و بصره الذي
يبصر به، و لسانه الذي ينطق به » . و هذا موضع تزل فيه الاقدام، حتى وقع قوم في
التشبيه الظاهر، و آخرون في الحلول و الاتحاد، و اهل الحق الذين انكشفت لهم
استحالة التشبيه و الاتحاد، و فساد طرفي التفريط و الافراط، و اتضحت لهم
حقيقة السر، و عرفوا تلك المناسبة و استقاموا عليها: هم الاقلون. ثم من المناسبة
الظاهرة التي بين العبد و بين ربه هو قرب العبد من الله في الصفات الربوبية و
الاخلاق الالهية:

كالعلم، و البر، و الاحسان، و اللطف، و افاضة الخير و الحرمة على الخلق، و ارشادهم
الى الحق. . . الى غير ذلك من الصفات الالهية، و لذا قيل:

تخلقوا باخلاق الله. و لا ريب في ان ذلك يقرب العبد الى الله، و يصيره مناسبا له. و
اما العلية و المعلولية فالامر فيه ظاهر، و باقي الاسباب اسباب ضعيفة نادرة،
اعتبارها في حق الله نقص.

و قد ظهر مما ذكر: ان اسباب الحب بجملتها متظاهرة في حق الله-تعالى- تحقيقا لا
مجازا، و في اعلى الدرجات لا ادناها. ثم كل من يحب احدا من الخلق بسبب من هذه
الاسباب يتصور ان يحب غيره لمشاركته اياه في السبب.

و الشركة نقصان في الحب، لا يتصف احد بوصف محبوب الا و يوجد شريك له فيه، و
الله-سبحانه-هو الذي لا يشاركه غيره في اوصاف الكمال و الجمال، لا وجودا و لا
امكانا، فلا جرم لا يكون في حبه شركة، فلا يتطرق اليه نقصان، كما لا تتطرق الشركة
و النقصان الى اوصاف كماله، فهو المستحق لاصل المحبة و كمالها، و لا متعلق
للمحبة الا هو، الا انه لا يعرف ذلك الا العارفون من اوليائه و احبائه، كما قال
سيد الشهداء (عليه السلام) في دعاء عرفة بقوله: «و انت الذي ازلت الاغيار عن قلوب
احبائك، حتى لم يحبوا سواك، و لم يلجاوا الى غيرك » .

تكميل


(الشهود التام هو نهاية درجات العشق)


قد صرح اساطين الحكمة: «ان الاشياء المختلفة لا يمكن ان يحصل بينها تشاكل و تآلف
تام حتى يحصل بينها الاتحاد و المحبة، و اما الاشياء المتماثلة المتشاكلة
فيشتاق بعضها الى بعض و يسر بعضها ببعض، و يحصل بينها التآلف و الحب و الوحدة
و الاتحاد» .

و التوضيح: ان الجواهر البسيطة لتشاكلها و تماثلها يحن بعضها الى بعض
فيحصل بينها التآلف التام، و التوحد الحقيقي في الذوات و الحقائق، بحيث يرتفع
عنها التغاير و الاختلاف، اذ التغاير من لوازم المادية. و اما الماديات
فلا يمكن ان يحصل بينها هذا التآلف و التوحد، و لو حصل بينهما تآلف و شوق،
فانما هو بتلاقي السطوح و النهايات دون الحقائق و الذوات، و ليس يمكن ان يبلغ
مثل هذه الملاقاة الى درجة الاتحاد و الاتصال فيحصل بينها الانفصال. فالجوهر
البسيط المودع في الانسان-اعني النفس الناطقة-اذا صفى عن الكدورات الطبيعية، و
تطهر عن الاخباث الجسمانية، و تخلى عن حب الشهوات و العلائق الدنيوية، انجذب
بحكم المناسبة الى عالم القدس، و حدث فيه شوق تام الى اشباهه من الجواهر
المجردة، و يرتفع منها الى ما هو فوق الكل و منبع جميع الخيرات، فيستغرق فى
مشاهدة الجمال الحقيقى، و مطالعة جمال الخير المحض، و ينمحي في انوار تجلياته
القاهرة، و يصل الى مقام التوحيد الذي هو نهاية المقامات، فيفيض عليه من
انواره ما لا عين رات، و لا اذن سمعت، و لا خطر على خاطر، فيحصل له من البهجة و
اللذة ما يضمحل عنده كل بهجة و لذة، و النفس التي بلغت هذا المقام لا يتفاوت
حالها كثيرا في حالتي التعليق بالبدن و التجرد عنه، اذ استعمال القوى
البدنية لا يصدها عن ملاحظة الجمال المطلق، و ما يحصل لغيرها من السعادة في
الآخرة يحصل لها في هذه النشاة:

امروز در آن كوش كه بينا باشى
حيران جمال آن دلارا باشى
شرمت بادا چو كودكان در شب عيد
تا چند در انتظار فردا باشى؟ (15)

نعم، الشهود التام، و الابتهاج الصافي عن الشوب، يتوقف على تجردها الكلي عن
البدن، فانها و ان لا حظت بنور البصيرة في هذه النشاة جمال الوحدة الصرفة، الا
ان ملاحظتها لا تخلو عن شوائب الكدرة الناشية من الطبيعة، فالصفاء التام يتوقف
على التجرد الكلي، و لذا تشتاق ابدا الى رفع هذا الحجاب، و يقول:

حجاب چهره جان ميشود غبار تنم
خوشا دمي كه از اين چهره پرده برفكنم
چنين قفس نه سراي چو من خوش الحاني است
روم بروضه رضوان كه مرغ آن چمنم (16)

و هذه المحبة نهاية درجات العشق، و غاية الكمال المتصورة لنوع الانسان، و ذروة
مقامات الواصلين، و غاية مراتب الكاملين، فما بعدها مقام الا و هو ثمرة من
ثمراتها، كالانس و الرضا و التوحيد، و لا قبلها مقام الا و هو مقدمة من مقدماتها،
كالصبر و الزهد و سائر المقامات، و هذا العشق هو الذي افرط العرفاء و ارباب
الذوق فى مدحه، و بالغوا في الثناء عليه نثرا و نظما.

و صرحوا بانه غاية الاتحاد و الكمال المطلق، و لا كمال الا هو، و لا سعادة الا به،
كما قيل:

عشق است هر چه هست بگفتيم و گفته اند
عشقت بوصل دوست رساند بضرب دست

و قيل:

جز محبت هر چه بردم سود در محشر نداشت
دين و دانش عرض كردم كس بچيزي بر نداشت

فصل


(سريان الحب في الموجودات)


اكثر اقسام المحبة فطرية طبيعية، كمحبة المتناسبين و المتجانسين، و العلة
و المعلول، و محبة الجمال و غير ذلك، و الارادي الكسبي منها قليل، كمحبة المتعلم
للمعلم، و ربما امكن ارجاعه ايضا الى الطبيعي. و اذا كان الحب طبيعا
فالاتحاد الذى من مقتضياته يكون ايضا طبيعيا، فيكون لذلك افضل من العدالة
التي تقتضي الاتحاد الصناعي. ثم مع وجود المحبة لا حاجة الى العدالة اذ هي فرع
الكثرة المحوجة الى الاتحاد القشري، فمع وجود الاتحاد الطبيعي لا يقع الاحتياج
اليه، و قد صرح قدماء الحكمة بان قوام الموجودات و انتظامها بالمحبة، و المحبة
الفطرية ثابتة بينها، و ليس شي ء من الموجودات خاليا عنها كما انه ليس شي ء منها
خاليا عن الوجود و الوحدة، و قد صرحوا بانه كل الوحدة، فهو سار في جميع الكائنات:
من الافلاك و العناصر و المركبات، اذ الحب و الشوق الى التشبه بالفاعل رقص
الافلاك و ادار رحاها، (بسم الله مجراها و مرساها) و الحب هو سبب ميل العناصر
الى اجسادها الطبيعية، و ميل المركبات بعضها الى بعض:

سر حب ازلي بر همه اشيا ساريست
ورنه بر گل نزدي بلبل بيدل فرياد

ثم لما كانت المحبة التي هي ظل الوحدة مقتضية للبقاء و الكمال، و ضدها موجبا
للفساد و الاختلال، و لكل منهما مراتب و درجات، فتختلف الموجودات بحسبها في
درجات الكمال و النقصان. و المتاخرون خصصوا الحب بذوي العقول، فلا يطلقون اسم
الحب على ميل العناصر الى مراكزها و ميل المركبات بعضها الى بعض، كميل الحديد
الى المغناطيس، و لا اسم الكراهة و البغض على المنافرة التي بينها، كمنافرة
الحجر الباغض الحل من الحل، بل يسمونها بالميل و الهرب، و كذا الموافقة و
المعاداة اللتين بين العجم من الحيوانات، لا يطلقون عليها اسم الحب و
البغض، بل يسمونها بالالف و النفرة.

1) ص، الآية: 25، 40.

2) الانبياء، الآية: 90.

3) صححنا الرواية على اصول الكافي: الجزء الثاني، باب العبادة.

4) الحج، الآية: 37.

5) التحريم، الآية: 8.

6) الحديد، الآية: 13.

7) الكهف، الآية: 111.

8) صححنا الحديث على مصباح الشريعة: باب 99، ص 193-194.

9) كما قال امير المؤمنين عليه الصلاة و السلام: «من عرف نفسه فقد عرف ربه » .

10) الاحزاب، الآية: 62. الفتح، الآية: 23.

11) كما قال امير المؤمنين-عليه الصلاة و السلام-في جملة ما اوصى به ولده
الامام المجتبى-عليهما الصلاة و السلام-: «و اكرم عشيرتك، فانهم جناحك
الذى به تطير، و اصلك الذي اليه تصير، و يدك التي بها تصول » نهج البلاغة: 3 63،
مطبعة الاستقامة، القاهرة.

12) ان خمركم الملوث بالغبار يجنني
فلست ادري ما هو مفعوله ان كان صافيا؟

13) بني اسرائيل، الآية: 85.

14) البقرة: الآية: 30.

15) جاهد اليوم لكي تمسي بصير
و لكي يسحرك الحسن المثير
افلا تخجل و العمر قصير
في مساء العيد كالطفل الغرير
ترقب الصبح بقلب مستطير؟ !

16) درن الابدان قد مد على القلب الغطاءا
ما احيلى ساعة انفض عن روحي الغشاءا
لم يكن مالف مثلى قفص. . فلانتفض
عنه للرضوان اذ كنت له اشد و غناءا

/ 32