عن كشد بن مالك الجهني قال: نزل طلحة بن عبيد الله وسعيد ابن زيد عليّ بالمنحار ـ وهو موضع بين حوزة السفلى وبين منحويـن، على طريق التجار في الشام ـ حين بعثهما رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يترقبان له عن عير أبي سفيان، فنزلا على كشد فأجارهما.فلما أخذ رسول الله ينبع، قطعها لكشد، فقال: يا رسول الله، إني كبير، ولكن اقطعها لابن أخي. فقطعها له، فابتاعها منه عبد الرحمن ابن سعد بن زرارة الأنصاري بثلاثين ألف درهم، فخرج عبد الرحمن إليها فرمى بها وأصابه سافيها وريحها، فقدرها، وأقبل راجعاً، فلحق علي بن أبى طالب عليه السلام بمنزل وهي بلية دون ينبع فقال: من أين جئت؟ فقال: من ينبع، وقد شنفتها، فهل لك أن تبتاعها؟ قال علي عليه السلام : قد أخذتها بالثمن، قال هي لك. فخرج إليها علي عليه السلام فكان أول شيء عمله فيها البغيبغة وأنفذها.قال أبوغسان: وأخبرني عبد العزيز بن عمران، عن سليمان بن بلال، عن جعفر بن محمد، عن أبيه قال: بشر علي عليه السلام بالبغيبغة حين ظهرت، فقال عليه السلام : تسر الوارث.ثم قال عليه السلام : هي صدقة على المساكين وابن السبيل وذي الحاجة الأقرب.وحدثنا القعنبي قال: حدثنا سليمان بن بلال، عن جعفر، عن أبيه: أن عمر قطع لعلي عليه السلام ينبع، ثم اشترى علي عليه السلام إلى قطيعة عمر أشياء فحفر فيها عيناً، فبينما هم يعملون فيها إذا انفجر عليهم مثل عنق الجزور من الماء، فأتي علي عليه السلام عنه فبشر بذلك، فقال: يسر الوارث. ثم تصدق بها على الفقراء والمساكين، وفي سبيل الله، وأبناء السبيل القريب والبعيد، في السلم والحرب، ليوم تبيضّ فيه وجوه وتسودّ فيه وجوه، ليصرف الله بها وجهي عن النار، ويصرف النار عن وجهي.وعمل علي عليه السلام أيضاً بينبع(البغيبغات) وهي عيون، منها عين يقال لها:(خيف الأراك) ومنها عين يقال لها:(خيف ليلى) ومنها عين يقال لها:(خيف بسطاس)، فيها خليج من النخل مع العين. وكانت البغيبغات مما عمل علي عليه السلام وتصدق به، فلم تزل في صدقاته حتى أعطاها حسينُ بن علي عبدَ الله بن جعفر بن أبي طالب، يأكل ثمرها، ويستعين بها على دينه ومؤونته على ألا يزوج ابنته يزيد بن معاوية ابن أبي سفيان، فباع عبد الله تلك العيون من معاوية، ثم قبضت حتى ملك بنو هاشم الصوافي، فكلم فيها عبد الله بن حسن بن حسن بن أبي العباس، وهو خليفة، فردها في صدقة علي عليه السلام عنه، فأقامت في صدقته حتى قبضها أبو جعفر في خلافته، وكلم فيها الحسن بن زيد المهدي، حين استخلف وأخبره خبرها، فكتب إلى زفر بن عاصم الهلالي، وهو والي المدينة، فردها مع صدقات علي عليه السلام .ولعلي عليه السلام أيضاً ساقي على عين يقال لها:(عين الحدث) بينبع، وأشرك على عين يقال لها:(العصيبة) موات بينبع.وكان له أيضاً صدقات بالمدينة:(الفقيرين) بالعالية، و(بئر الملك) بقناة، و(الأدبية) بالأضم.ولعليعليه السلام في صدقاته(عين ناقة) بوادي القرى يقال لها: (عين حسن) بالبيرة من العلا. كانت حديثاً من الدهر بيد عبد الرحمن ابن يعقوب بن إبراهيم بن محمد بن طلحة التميمي، فخاصمه فيها حمزة بن حسن بن عبيد الله بن العباس بن علي ـ بولاية أخيه العباس بن حسن ـ الصدقة حتى قضى لحمزة بها، وصارت في الصدقة.