قصة العضباء - تاريخ المدينه نسخه متنی
لطفا منتظر باشید ...
فسألنا في الدار حتى لم يشك أنهم أصحابها، فقال لي عمي: يا ابن أخي لو أتيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فذكرت له ذلك؟ قال قتادة: فأتيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فذكرت ذلك فقلت: يا رسول الله، إن أهل بيت منا أهل جفاء عمدوا إلى عمي رفاعة بن زيد، فنقبوا مشربة له فأخذوا سلاحه وطعامه، فليردوا علينا سلاحنا، فأما الطعام فلا حاجة لنا به، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): سأنظر في ذلك.
فلما سمع ذلك بنو أبيرق أتوا رجلاً منهم يقال له أسيد بن عروة، فكلموه في ذلك، واجتمع إليه أناس من أهل الدار، فأتوا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقالوا: يا رسول الله، إن قتادة بن النعمان وعمه عمدوا إلى أهل بيت منا أهل إسلام وصلاح يرمونهم بالسرقة من غير بينة ولا ثبت، قال قتادة: فأتيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: (عمدت إلى أهل بيت ذكر منهم إسلام وصلاح ترميهم بالسرقة عن غير ثبت ولا بينة) قال: فرجعت ولوددت أني خرجت من بعض ما لي ولم أكلم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في ذلك.
فأتاني عمي فقال: يا ابن أخي ما صنعت؟ فأخبرته بما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقال: الله المستعان.
قال: فلم يلبث أن نزل القرآن: ( إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولاتكن للخائنين خصيماً) (15) بني أبيرق .[ وإستغفر الله] أي: مما قلت لقتادة [ إن الله كان غفوراً رحيماً _ ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم] أي: بني أبيرق( إن الله لا يحب من كان خواناً أثيماً_ يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم إذ يبيتون ما لا يرضى من القول وكان الله بما يعملون محيطاً _ ها أنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة أم من يكون عليهم وكيلاً _ ومن يعمل سوءًا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفوراً رحيماً) (16) أي: لو أنهم استغفروا الله لغفر لهم [ ومن يكسب إثماً فإنما يكسبه على نفسه وكان الله عليماً حكيماً _ ومن يكسب خطيئة أو إثماً ثم يرم به بريئا ] قولهم للبيد [ فقد احتمل بهتاناً وإثماً مبيناً _ ولولا فضل الله عليك ورحمته لهمت طائفة منهم أن يضلوك] يعني أسيدا وأصحابه( وما يضلون إلا أنفسهم وما يضرونك من شيء وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيماً _ لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله فسوف نؤتيه أجراً عظيماً) (17).
قال: فلما نزل القرآن أتى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بالسلاح فرده إلى رفاعة، قال قتادة: فلما أتيت عمي بالسلاح ـ وكان شيخا قد عسا في الجاهلية، وكنت أرى أن إسلامه مدخولاً ـ قال: يا ابن أخي هو في سبيل الله، فعرفت أن إسلامه كان صحيحاً.
قال: فلما نزل القرآن لحق بشير بالمشركين فنزل على سلافة بنت سعد بن شهيد، فأنزل الله فيه:( ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيراً _ إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالاً بعيداً) (18).
فلما نزل على سلافة رماها حسان بأبيات شعر، فأخذت رحله فوضعته على رأسها ثم خرجت فرمت به في الأبطح، ثم قالت: أهديت إلي شعر حسان، قالت: والله لا يثبت في صدري، قد علمت أنك لم تأتني بخير ـ أو قالت ـ : أهديت إلي هجاء حسان، فأخذت رحله فألقته في البطحاء، فخرج يسير إلى الطائف فذهب ينقب بيتاً فانهدم عليه فمات، فقال أهل مكة: ما كان ليفارق محمداً رجل من أصحابه فيه خير.
قصة العضباء
عن عمران بن حصين قال: كانت العضباء لرجل من عقيل، وكانت من سوابق الحاج فأسر الرجل وأخذت العضباء منه، فمر به رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو في وثاق ـ ورسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على حمار عليه قطيفة ـ فقال: يا محمد، علامَ تأخذونني وتأخذون سابقة الحاج؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (نأخذك بجريرة قومك وحلفائك ثقيف) ـ قال: وكانت ثقيف قد أسروا رجلين من أصحـاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وقال فيما قال: إني مسلم، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (ولو قلتها وأنت تملك أمرك أفلحت كل الفلاح).