قال ابن لهيعة: قدم وائل بن حجر على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فبايعه وهو بمكة يومئذ، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لمعاوية: ( أخرج معه) قال: وذلك في يوم حار فركب وائل راحلته ومعاوية يمشي، فقال له معاوية: اردفني خلفك، فإن الحر شديد، قال: أنك لست من أرداف الملوك، قال: فاعطني نعليك ألبسهما، قال: ليس لمثلك لبس نعلي.
وفد نجران
عن الليث بن سعد، عمن حدثه قال: جاء راهبا نجران إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يعرض عليهما الإسلام فقالا: إنا قد أسلمنا قبلك. فقال: كذبتما، إنه يمنعكما الإسلام ثلاث: عبادتكما الصليب، وأكلكما الخنزير، وقولكما لله ولد.فقال أحدهما: من أبو عيسى؟ فسكت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وكان لا يعجل حتى يكون ربه هو يأمره، فأنزل الله عليه: ] إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب [ (6) حتى بلغ: ] فلا تكن من الممترين [ (7).ثم قال تعالى فيما قال الفاسقان: ] فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع ابناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وانفسنا وانفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين[ (8) قال: فدعاهما النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى المباهلة وأخذ بيد علي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام)، فقال أحدهما للآخر: قد أنصفك الرجل، فقالا: لا نباهلك، وأقرا بالجزية وكرها الإسلام.وعن أبي الفتح: أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) صالح أهل نجران، وكتب لهم كتاباً: ( بسم الله الرحمن الرحيم، هذا كتاب محمد النبي رسول الله لأهل نجران إذا كان حكمه عليهم، أن في كل سوداء أو بيضاء وصفراء وتمرة ورقيق، وأفضل عليهم وترك ذلك لهم على ألفي حلة، في كل صفر ألف حلة، وفي كل رجب ألف حلة، مع كل حلة أوقية، ما زادت على الخراج أو نقصت على الأواقي فبحساب، وما قضوا من دروع أو خيل أو ركاب أو عرض أخذ منهم بحساب، وعلى نجران مثواة رسلي ومتعتهم بها عشرين فدونه، ولا يحبس رسول فوق شهر، وعليهم عارية ثلاثين درعاً، وثلاثين فرساً، وثلاثين بعيراً، إذا كان كيد باليمن ومعذرة، وما هلك مما أعاروا رسولي من دروع أو خيل أو ركاب فهو ضمان على رسولي حتى يؤديه إليهم، ولنجران وحسبها جوار الله وذمة محمد النبي على أنفسهم وملتهم وأرضهم وأموالهم وغائبهم وشاهدهم وعشيرتهم وتبعهم، وألا يغيروا مما كانوا عليه، ولا يغير حق من حقوقهم ولا ملتهم، ولا يغير أسقف من أسقفيته، ولا راهب من رهبانيته، ولا واقه من وقهيته، وكل ما تحت أيديهم من قليل أو كثير، وليس عليهم ريبة ولا دم جاهلية، ولا يحشرون ولا يعشرون، ولا يطأ أرضهم جيش، ومن سأل منهم حقاً فبينهم النصف غير ظالمين ولا مظلومين، ومن أكل ربا من ذي قبل فذمتي منه بريئة، ولا يؤخذ رجل منهم بظلم آخر، وعلى ما في هذه الصحيفة جوار الله وذمة محمد النبي رسول الله حتى يأتي الله بأمره ما نصحوا وأصلحوا فيما عليهم غير منقلبين بظلم).
وفد عبد القيس
عن شهاب بن عباد: أنه سمع من بعض وفد عبد القيس وهم يقولون: قدمنا على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فاشتد فرحهم بنا، فلما انتهينا إلى القوم أوسعوا لنا فقعدنا، فرحب بنا النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لنا، ثم نظر إلينا فقال: من سيدكم وزعيمكم؟ فأشرنا بأجمعنا إلى المنذر بن عائذ، فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): أهذا الأشج، فكان أول يوم وضع عليه هذا الاسم بضربة لوجهه بحافر حمار، فقلنا: نعم يا رسول الله، فتخلف بعد القوم فعقل رواحلهم، وضم متاعهم، ثم أخرج عيبته فألقى عنه ثياب السفر ولبس من صالح ثيابه ثم أقبل إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وقد بسط النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) رجله واتكأ، فلما دنا منه الأشج أوسع القوم له وقالوا: ها هنا يا أشج، فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، واستوى قاعداً وقبض رجله: ها هنا يا أشج، فقعد عن يمين النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فرحب به وألطفه وعرف فضله عليهم، فأقبل القوم على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يسألونه ويخبرهم.وعن عبد الرحمن بن أبي بكرة قال: حدثني أشج عبد القيس قال: قال لي رسول الله (صلى الله عليه وآله