عن أبي معاوية يزيد بن عبد الملك بن شريك النميري قال: زعم عائذ بن ربيعة بن قيس وكان قد لقي الوفد الذي قدموا على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من بني نمير قال: لما أرادت بنو نمير أن تسلم قال لهم مضرس بن جناب: يا بني نمير لا تسلموا حتى أصيب مالاً فأسلم عليه. قال: وإنه انطلق زيد بن معاويه القريعي ـ قريع نمر ـ وبنو أخيه قرة بن دعموص والحجاج بن نبيرة حتى قدموا على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). وقد رووا أنه جاء شريح وصديق له حتى قدما على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال له جلساؤه: وهذان الرجلان النميريان، قال: وأدركا خالداً؟ قالوا: نعم، قال: (أبى الله لبني نمير إلا خيراً) ثم دعا شريحاً واستعمله على قومه، وأمره أن يصدقهم ويزكيهم، ويعمل فيهم بكتاب الله وسنة نبيهم.فلما انصرفوا قالوا: يا رسول الله، ما تأمرنا أن نعمل؟ قال(صلى الله عليه وآله وسلم): آمركم أن لا تشركوا بالله شيئاً، وأن تحجوا البيت، وتصوموا رمضان فإن فيه ليلة قيامها وصيامها خير من ألف شهر.قالوا: يا رسول الله متى نبتغيها؟ قال: ابتغوها في الليالي البيض. ثم انصرفوا.فلما كان بعد ذلك أتوه فصادفوه في المسجد الذي بين مكة والمدينة، وإذا هو يخطب الناس ويقول في كلامه: المسلم أخو المسلم، يرد عليه من السلام ماحيّاه أو أحسن من ذلك، فإذا استنعت قصد البسيل نعت له ويسره، وإذا استنصره على العدو نصره، وإذا استعاره المسلم الحد على المسلم لم يعره، وإذا استعاره المسلم الحد على العدو أعاره، ولم يمنعه الماعون.قيل: يا رسول الله وما الماعون؟ قال: الماعون في الماء والحجارة والحديد.قيل: أي الحديد؟ قال: قدر النحاس، وجديد الناس الذين يمتهنون به، قال: ولم يزل شريح عامل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على قومه، وعامل أبي بكر، فلما قام عمر أتاه بكتاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فأخذه فوضعه تحت قدمه وقال: لا، ما هو إلا ملك، انصرف.
وفد بني كلاب
حدثنا محمد بن إسحاق، عن مشيخة بني عامر: أنه قدم على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من بني كلاب خمسة وعشرون رجلاً من بني جعفر وبني أبي بكر وغيرهم من بطون بني كلاب، فيهم: عامر بن مالك بن جعفر، وأنه نظر إليهم فقال: قد استعملت عليكم هذا وأشار إلى الضحاك بن سفيان، فقال له عامر بن مالك: أفتخرجني من الأمر؟ قال: فأنت على بني جعفر. ثم أوصى به الضحاك.قال: وكان الضحاك فاضلاً شريفاً، ثم أقبل عليهم فقال: يا بني عامر إياكم والخيلاء، فإنه من اختال أذله الله، يا بني عامر أسلموا تسلموا، وأعلموا أن الله لا ينسى من ذكره، ولا يخذل من نصره، قال: فلم يزل الضحاك عليهم إلى زمن عمر بن الخطاب.وعن سعيد بن المسيب: أتت امرأة عمر بن الخطاب تطلب ميراثها من زوجها، فقال عمر: ما أعلم لك شيئاً، إنما الدية للعصب الذين يعقلون عنه، فقال الضحاك بن سفيان: كتب إليّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن أورث امرأة أشم الضبابي من عقل زوجها أشيم، فورثها عمر.
وفد اليمامة
عن قيس بن طلق، عن أبيه طلق بن علي قال: خرجنا وفداً إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فبايعناه وصلينا معه، وأخبرناه أن بأرضنا بيعة لنا، واستوهبناه من فضل طهوره، فدعا بماء فتوضأ منه وتمضمض، ثم صب لنا في إداوة، ثم قال (صلى الله عليه وآله وسلم): عليكم بهذا الماء فإذا قدمتم بلدكم فاكسروا بيعتكم، وانضحوا مكانها من هذا الماء، واتخذوا مكانها مسجداً.قلنا: يا نبي الله، البلد بعيد والماء ينشف. قال: فمدوه من الماء فإنه لا يزيده إلا طيباً ، قال: فخرجنا وتشاححنا على حمل الإداوة أينا يحملها، فجعلها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بيننا