تاريخ المدينه نسخه متنی
لطفا منتظر باشید ...
قال: ومضى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: يا محمد، إني جائع فأطعمني، وإني ظمآن فاسقني، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (هذه حاجتك)(19) ففدى بالرجلين، وحبس رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) العضباء لرحله، قال: ثم إن المشركين أغاروا على سرح المدينة فذهبوا به، وكانت العضباء فيه، وأسروا امرأة من المسلمين، فكانوا إذا نزلوا أراحوا إبلهم بأفنيتهم، فقامت المرأة ليلاً بعد ما ناموا، فجعلت كلما أتت على بعير رغا حتى أتت على العضباء فأتت على ناقة ذلول مجربة فركبتها، ثم وجهتها قِبَل المدينة، ونذرت إنِ الله أنجاها عليها لتنحرنها، فلما قدمت المدينة عرفت الناقة وقيل: ناقة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وأخبر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بنذرها، وأتته فأخبرته، فقال: (بئس ما جَزَتها ـ أو بئس ما جزيتيها ـ نذرت إن الله أنجاها عليها لتنحرنها)، ثم قال: (لا وفاء لنذر في معصية الله، ولا فيما لا يملك ابن آدم) قال عفان: وقال لي: وهيب: كانت ثقيف حلفاء بني عقيل، وقال عفان: وزاد حماد بن سلمة قال: وكانت العضباء إذا جاءت لا تمنع من حوض ولا نبت.ويقال: إن نهيكا ركب إلى ثقيف فكلمهم، وإنه قال هذه الأبيات لأخيه أبي بن مالك و من معهما: وكانوا هم المولى فنادوا بحملهم عليك وقد كادت بك النفس تيأس قدوم عروة بن مسعود وإسلامه عن ابن شهاب قال: لما صدر أبوبكر ـ وقد أقام الناس حجهم ـ فقدم عروة بن مسعود الثقفي على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فأسلم، ثم استأذن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يرجع إلى قومه، فقال: (إني أخاف أن يقتلوك) فقال: لو وجدوني نائماً ما أيقظوني.فأذن له فرجع إلى الطائف، فقدم عشاء فجاءته ثقيف فحيوه فدعاهم إلى الإسلام، ونصح لهم، فعصوه واتهموه من الأذى ما لم يكن يخشاهم عليه، وخرجوا من عنده، حتى إذا أسحر وطلع الفجر قام على غرفة له في داره فأذن بالصلاة وتشهد، فرماه رجل من ثقيف بسهم فقتله، فزعموا أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال حين بلغه قتله: مثل عروة مثل صاحب ياسين؛ دعا قومه إلى الله فقتلوه،وكان صاحبهم رجلاً يقال له: حبيب ـ وكان نجاراً ـ فقال: [ يا قوم اتبعوا المرسلين_ اتبعوا من لا يسألكم أجراً وهم مهتدون] (20) وقال: [ وما لي لا أعبد الذي فطرني وإليه ترجعون _ أ أتخذ من دونه آلهة إن يردن الرحمن بضر لا تغن عني شفاعتهم شيئاً ولا ينقذون _ إني إذاً لفي ضلال مبين_ إني آمنت بربكم فاسمعون ] (21).فقاموا إليه فأخذوا قدومه من قفّته فضربوه به على دماغه فقتلوه، فقيل له: (أدخل الجنة) فلما دخلها ذكر قومه قال: [ يا ليت قومي يعلمون _ بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين] .(22) ممن عذبوا في الله عن سعيد بن المسيب قال: خرج صهيب مهاجراً إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فأتبعه نفر من المشركين فنثر كنانته وقال لهم: يا معشر قريش قد تعلمون أني من أرماكم، والله لا تصلون إليّ حتى أرميكم بكل سهم معي، ثم أضربكم بسيفي ما بقي منه في يدي شيء، فإن كنتم تريدون مالي دللتكم عليه.قالوا فدلنا على مالك ونخلي عنك. فتعاهدوا على ذلك، فدلهم ولحق برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ربح البيع أبا يحيى.وعن عمر مولى غفرة: أنه بلغه أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لما خرج مهاجراً إلى المدينة أخذ المشركون عمار بن ياسر وعبد الله بن سعد، فشرح بالكفر صدراً.وأما عمار فلم يزالوا يعذبونه حتى كادوا يقتلونه، فلما رأوا أنه يأبى عليهم أن يكفر، قالوا: تسب النبي ونخلي سبيلك، فلما فعل فعلوا.فخرج حتى قدم على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فلما رآه قال: ( أفلح وجه أبا اليقظان؟) قال: ما أفلح وجهه ولا أنجح، قال: (ما لك أبا اليقظان؟) قال: بدروني حتى سببتك، قال: ( فكيف تجد قلبك؟) قال: يحبك ويؤمن بك، قال: (فإن استزادوك من ذلك فزد).وحدثنا عبد الله بن فاروق، عن أبيه، عن صفوان بن أمية أنه قيل له: إن الجنة لا يدخلها إلا من هاجر، قال: فقلت: لا أدخل منزلي حتى آتي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فأسأله، قال: فأتيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وقلت: يا رسول الله، إنهم يقولون لا يدخل الجنة إلا من هاجر، فقال رسول