وإذا رجعنا إلى القضايا الأخلاقيةلوجدناها من هذا القبيل، وأنها بُيِّنتبنوع من المسامحة وعدم ذكر كل القيود،وأما إذا أردنا بيان القضايا الأخلاقية معذكر كل الشروط والقيود والظروف المحيطة،فإنها ستكون كليّة ومطلقة لاتتغير أبداً;فهي إما حسنة دائماً وأما سيّئة وقبيحةدائماً، وأمّا مثال الصدق والكذب وأنهمايتغير ان فتارة يكون الصدق حسناً وطوراًقبيحاً فليس ذلك إلاّ لأننا لم نذكر كلالقيود والشروط الداخلية في القضية.
أما الوضعيون وأتباع النسبية في المسائلالقيمية، فهم يقولون بالنسبية حتى لوذكرنا جميع القيود والشرائط، ولايوجدعندهم حسن مطلق أو قبيح مطلق، بل الحَسَنوالقبيح يتغيران ويختلفان باختلاف ذوقالأشخاص وباختلاف المجتمعات، وأما دليلهمفهو أن المسائل القيميّة أساسا لاتكشف عنالواقع أبداً، كحسن اللون الأخضر والأصغروغيرهما مما لا يحكي إلا عن ذوق الشخص،وليس وراء ذلك أي حقيقة مخفية.
وفي المقام يوجد بحث مبنائي بيننا وبينالآخرين لابد من التعرض له، وهو أنه هليمكن للقيم بهذا المعنى أن تتعدد؟ وبتعبيرآخر: هل يمكن أن نقول بصحة جميع الأحكامالقيميّة المتخالفة والمتضادة المنصبّةعلى مسألة خاصة ومورد واحد؟ أو أننا إذقمنا ببيان جميع الشرائط والقيود سيكونالحكم مطلقا وثابتا في كل زمان وكل مكان؟